
هكذا "يُهندس" نتنياهو التمويل الباهظ لحماية عائلته
في بداية يوليو/تموز المقبل تنتهي الموافقة التي منحتها اللجنة الوزارية لشؤون "الشاباك"، لتمويل حماية زوجة رئيس حكومة الاحتلال، سارة نتنياهو، وولديهما. وبحسب التقديرات التي نقلتها صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الأحد، "سيُعمَل على إيجاد طريقة لتمديد عمل وحدة الشاباك 730 المخصصة لحمايتهم، والتي تُكلّف مبالغ طائلة".
اللجنة الوزارية لشؤون "الشاباك"، هي التي تتخذ القرار بخصوص تأمين عائلة نتنياهو وحمايتها، وهي لجنة يقف على رأسها رئيس الحكومة نفسه، بنيامين نتنياهو، الذي امتنع سابقاً عن المشاركة في المناقشات حول تأمين حماية عائلته. أمّا من يدير هذه اللجنة، فهو وزير القضاء، ياريف ليفين، وأعضاؤها وزير التربية والتعليم، يوآف كيش، ووزير الأمن القومي، حاييم كاتس. وقد كان خلفه، إيتمار بن غفير، شريكاً في القرار بتمديد فترة حماية العائلة.
وفي محاولة لإظهار قرار اللجنة على أنه مهني، وليس سياسيًا، أقيمت في بداية 2023 لجنة استشارية لتأمين الشخصيات، ترأسها موطي شافيرا، وهو مسؤول سابق في "الشاباك"، بالإضافة إلى ممثلين اثنين عن الجمهور. وكانت الحكومة هي التي قررت إقامتها انطلاقاً من أنه مع كل حكومة جديدة، ينبغي تغيير أعضاء اللجنة الاستشارية في غضون 120 يوماً، لإتاحة المجال أمام الحكومة لتعيين لجنة جديدة.
اللجنة المذكورة تعمل من خلال مجلس الأمن القومي، برئاسة تساحي هنغبي، الذي عيّنه نتنياهو نفسه، وهي تعقد اجتماعاتها وتتخذ قراراتها بالتنسيق مع المجلس. وفي الواقع، فإن اللجنة الاستشارية عموماً مجرد "ديكور"، فاللجنة الوزارية لشؤون "الشاباك" لا تأخذ بتوصياتها عادة. وفي السياق، تنقل الصحيفة عن مصادر مطلعة على الموضوع قولها إن اللجنة الوزارية لم تأخذ، ولو لمرة واحدة بتوصيات اللجنة الاستشارية، وهو ما أفضى إلى استقالة رئيسها شافيرا قبل عدّة أسابيع. وحتّى الآن لم يشغل المنصب الفارغ أي شخص، غير أنه وفق الصحيفة من المتوقع أن يُعيّن مسؤول سابق في "الشاباك"، لدعم طلب عائلة نتنياهو بتمديد تمويل الحماية.
وفي مثال بارز على عدم تأثير اللجنة الاستشارية برئاسة شافيرا إطلاقاً بقرارات اللجنة الوزارية لشؤون "الشاباك"، أوصت الأولى في العام الماضي بأن يتحمل الوزراء تكاليف أمن جميع الوزراء في رحلاتهم الخاصة إلى الخارج، حتى يكونوا على دراية بالتكاليف قبل صعودهم إلى الطائرة. ونظراً لارتفاع تكاليف أمن الوزراء، وخصوصاً في الخارج، كانت هذه التوصية التي قدمتها اللجنة الاستشارية مهمة وفي مكانها.
وفقاً لهذه التوصية، فإن كل وزير سيتمكن قبل اتخاذ قرار بشأن رغبته في السفر إلى الخارج من تحميل الدولة تكاليف أمنية باهظة من عدمه، إلا أن اللجنة الوزارية برئاسة ليفين رفضت الموافقة على توصية اللجنة الاستشارية. وبحسب الصحيفة، فإن "الوزراء على ما يبدو لم يرغبوا في وضع زملائهم في دوامة السفر من عدمه، حيث من الأسهل دائماً الادعاء أن قرار أمنهم يعود إلى الشاباك".
توصية أخرى جوهرية قدمتها اللجنة الاستشارية ورُفضت كانت بشأن تمديد فترة حماية أفراد عائلة نتنياهو. ففي نهاية يونيو/حزيران 2024، أوصت اللجنة الاستشارية بتمديد حماية أفراد العائلة لمدة ستة أشهر (حتى نهاية ذلك العام) أو حتى نهاية الحرب - أيهما يأتي أولاً. ومَثُل أمام اللجنة الاستشارية ممثلون عن "الشاباك" و"الموساد" والشرطة ومجلس الأمن القومي وجهات أخرى. وأوصت اللجنة أيضاً، بعدما تلقت موقف الأجهزة الأمنية، بحماية أفراد عائلة نتنياهو بواسطة حراس أمن من وحدة 730 في جهاز "الشاباك".
وطلب "الشاباك"، الذي يعاني من الأعباء بسبب الحرب، نقل مسؤولية تأمين عائلة نتنياهو إلى وحدة "ماغين" التابعة لمكتب رئيس الحكومة. وكان قرار تأمين أفراد عائلة نتنياهو عبر "الشاباك" وليس وحدة "ماغين" قد اتخذ في عام 2023 في أعقاب "حادثة صالون الحلاقة"، حيث احتج المتظاهرون حول صالون الحلاقة في تل أبيب، بينما كانت سارة تصفف شعرها في الداخل، حيث حاصروها واضطر عناصر "الشاباك" إلى إخراجها من هناك.
وفي حينه، لم تقبل اللجنة الوزارية لشؤون "الشاباك" توصية اللجنة الاستشارية بتمديد فترة الحماية ستة أشهر، بل قررت تمديدها عاماً كاملاً حتى بداية يوليو/تموز المقبل. وحضر اجتماع اللجنة المذكور الوزراء ليفين وكيش وبن غفير، بالإضافة إلى شافيرا. ومنذ صدور القرار، حدثت عدة أمور: أولاً، استقال شافيرا من منصبه. ثانياً، طالب نتنياهو رئيس "الشاباك" رونين بار بالاستقالة. ورفض بار الاستقالة، لكن نتنياهو يعمل على تعيين مرشح خاص به لهذا المنصب، حتى يتمكن "الشاباك" من تقديم "موقف مهني" في قضية تأمين عائلته.
وتعليقاً على ما تقدّم، نقلت الصحيفة عن المحامي هايدي نيغيف، الرئيس التنفيذي للحركة "من أجل حرية المعلومات"، قوله إن "حقيقة أن اللجنة الوزارية لشؤون الشاباك تضم أقرب أصدقاء رئيس الحكومة وزوجته تشكل دليلاً على وجود خلل، ولا سيما عندما يتخذون قراراتٍ تُخالف تماماً موقف الهيئات المهنية". ولفت إلى أن "إخفاء مضامين مداولات اللجنة وقراراتها عن الرأي العام لا يسمح لنا باستثناء تضارب المصالح والعيوب التي تشوب العملية برمتها".
وبحسب المحامي، فإن "استمرار إخفاء المعلومات لا يُؤدّي إلا إلى إثارة الشكوك حول زيادةٍ هائلة في تكاليف الأمن. يُفضّل أن ينشر مكتب نتنياهو جميع التكاليف للجمهور ليبدّد الشكوك". وطالب نيجيف بالكشف عن الجهة التي موّلت إقامة زوجة نتنياهو في الولايات المتحدة، باعتبار أن "قانون الهدايا يحظر قبول أي هدية أو منفعة، سواء في إسرائيل أو في الخارج؛ حيث يُحظر على زوجة رئيس الحكومة وابنها تلقي هدايا أو خدمات خلال إقامتهما في ميامي، سواء كانت دعوةً إلى وجبة فاخرة أو فستاناً أو مجوهرات".
ورداً على ما سبق، أصدر مكتب نتنياهو اليوم بياناً قال فيه إن "جميع النفقات الشخصية لزوجة رئيس الحكومة، بما في ذلك الإقامة والطعام وغيرها من النفقات ذات الصلة، موّلت بالكامل من نفقتها الخاصة، على الرغم من أنها عقدت خلال زيارتها العديد من الاجتماعات وشاركت في مؤتمرات لدعم إعادة المختطفين ولم تتحمل الدولة هذه التكاليف".
مشاركة الخبر: هكذا "يُهندس" نتنياهو التمويل الباهظ لحماية عائلته على وسائل التواصل من نيوز فور مي