سلاح الفصائل يهدّد فرص الاستثمار في العراق
تم نشره منذُ 3 اسبوع،
بتاريخ: 05-10-2025 م الساعة 05:01:03 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-2353100.html في :
اخبار سياسية بواسطة المصدر :
العربي الجديد
في الوقت الذي تضع فيه حكومة العراق ملف الاستثمار في صدارة أولوياتها لجذب رؤوس الأموال وتحريك عجلة الاقتصاد، يبرز تحد أمني لا يقل أهمية يتمثل في استمرار وجود السلاح خارج إطار الدولة. هذا الواقع يثير قلق المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، وسط مخاوف من أن يشكل نفوذ بعض الفصائل المسلحة عائقاً أمام بيئة آمنة وشفافة للاستثمار. وفي المقابل، تكثف الحكومة جهودها لطمأنة المستثمرين المحليين والأجانب عبر سلسلة إجراءات تهدف إلى ضبط السلاح وحصره بيد المؤسسات الرسمية، في خطوة تسعى من خلالها إلى تعزيز الاستقرار وبناء صورة أوضح عن التزامها بتهيئة بيئة استثمارية مستقرة.
والأحد الفائت، أكد المستشار الاقتصادي في السفارة الأميركية ببغداد إيريك كاموس أن الفصائل المسلحة بالعراق ما زالت تشكل تهديداً للمستثمرين وتبعدهم عن البلاد. وخلال جلسة حوارية في ملتقى العراق للاستثمار، قال إن "هناك اهتماماً بالعراق، كما يوجد استثمار واعد، وهذا يشجع على الاستثمار الأميركي فيه، وأن هناك الكثير من الوفود أتت إلى بغداد للبحث عن فرص استثمارية". لكن النائب في الإطار التنسيقي محمد الزيادي، نفى ذلك، وقال لـ"العربي الجديد"، ان "العراق يشهد في المرحلة الحالية إقبالاً متزايداً من الشركات والمؤسسات الاستثمارية الأجنبية الراغبة بالعمل في مختلف القطاعات الاقتصادية، وهذا الإقبال يعكس حجم الثقة بالبيئة الاستثمارية العراقية والإجراءات الحكومية المتخذة لتسهيل دخول رؤوس الأموال الأجنبية".
أما كاموس فقد بيّن أن "البيئة الأمنية في العراق أكثر أماناً حاليا وأفضل مما كانت عليه قبل 15 عاماً، لكن الفصائل والمجاميع المسلحة لا تزال موجودة وهي تهدد وتخطف رجال الأعمال والمستثمرين وتبعدهم عن الاستثمار في الأراضي العراقية". وأضاف المستشار الاقتصادي في السفارة الأميركية ببغداد: "إننا ملتزمون بدعم العراق وتوفير الدعم الدولي للفرص الاستثمارية للشركات الاجنبية وحماية رجال الأعمال والمستثمرين لنجاح عملهم في العراق".
من جهته، قال الخبير في الشؤون الاستراتيجية غازي فيصل، لـ"العربي الجديد"، ان "التهديدات المتكررة التي تصدر عن بعض الفصائل المسلحة ضد المشاريع الاستثمارية في العراق تمثل تحدياً خطيراً لمستقبل التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي، فالمستثمر الأجنبي قبل المحلي يبحث دائماً عن بيئة آمنة وشفافة تضمن حقوقه وتوفر له حماية قانونية ومؤسسية، وأي تهديدات خارج إطار الدولة تعني خسائر مباشرة في ثقة الشركاء الدوليين، وانكماش فرص العمل، وتراجع معدلات النمو".
وبيّن فيصل أن "العراق يمتلك إمكانات هائلة في قطاعات الطاقة، والزراعة، والصناعة، والسياحة، لكن هذه المقومات مهددة بفعل التدخلات المسلحة التي تحاول فرض إرادتها خارج القانون، والتجارب الإقليمية والعالمية أثبتت أن رأس المال يهرب فوراً من البيئات غير المستقرة، وهذا ما يجعل الوضع الحالي مقلقاً للغاية". وأضاف ان "الحكومة مطالبة بإجراءات عاجلة وحاسمة لتعزيز سيادة الدولة وحماية المشاريع، من خلال فرض القانون، وتفعيل الأجهزة القضائية والأمنية، وإرسال رسائل واضحة للمستثمرين بأن العراق ملتزم بضمان أمن الاستثمارات، وإن استمرار هذه التهديدات يعني خسارة فرص استراتيجية تاريخية لبناء اقتصاد متنوع ومستدام، وهذا لا يخدم سوى دوائر ضيقة على حساب المصلحة الوطنية العليا".
وأكد أن "وجود السلاح خارج سيطرة الدولة وامتلاك بعض الفصائل المسلحة القدرة على فرض شروطها وابتزاز المستثمرين يمثل أكبر تهديد للاستثمار الأجنبي في العراق، والمستثمر الأجنبي يقيّم أي بيئة استثمارية بحسب الاستقرار القانوني والأمني". واعتبر أن "أي تدخل خارجي غير مشروع يعني ارتفاع مخاطر خسارة الأموال، وتعطل المشاريع، وحتى تهديد حياة الموظفين". وحذر فيصل من أن "هذه الفصائل، من خلال السيطرة على مناطق معينة أو فرض أجندتها بالقوة، تستطيع أن تفرض رسوماً غير قانونية أو شروطاً تعسفية على المشاريع، ما يجعل من الصعب جذب شركات عالمية لإقامة استثمارات كبيرة أو طويلة الأمد، كما أن استمرار هذه الظاهرة يؤدي إلى تراجع التصنيف الائتماني للعراق وزيادة كلفة التأمين على الاستثمارات، وهو ما يقلل جاذبية البلاد أمام رؤوس الأموال الأجنبية".
وختم الخبير في الشؤون الاستراتيجية بقوله إن "استمرار وجود السلاح خارج الدولة وفرض الابتزاز لا يضر فقط بالاقتصاد الوطني، بل يقوض كل جهود الدولة في بناء بيئة استثمارية آمنة، ويهدد فرص التنمية المستدامة، وهو ما يفرض على الحكومة اتخاذ إجراءات حازمة وحقيقية لحماية الاستثمارات، واستعادة سيادة القانون في جميع المناطق". وبيّن النائب الزيادي أن "الحكومة وضعت في أولوياتها تعزيز الأمن والاستقرار وتوفير مظلة حماية قانونية وأمنية شاملة للمستثمرين، الأمر الذي بدد المخاوف السابقة وخلق مناخاً مطمئناً وجاذباً للاستثمار، وظاهرة السلاح المنفلت لم تعد تمثل عائقاً أمام المستثمرين بعد الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الدولة لضبط السلاح خارج إطار القانون وفرض سيادة الدولة بشكل كامل".
وأضاف الزيادي أن "المشاريع الاستثمارية القائمة في مجالات الطاقة والإعمار والإسكان والاتصالات، وما يتم ال عنه من فرص جديدة، كلها شواهد عملية على أن العراق بات اليوم وجهة اقتصادية واعدة على مستوى المنطقة، والتوجه الحكومي نحو الشراكات الدولية وتوفير التسهيلات الإدارية والفنية يعزز ثقة الشركات العالمية ويفتح آفاقاً أوسع لنهضة اقتصادية شاملة". وأكد النائب في الإطار التنسيقي أن "مجلس النواب، من خلال دوره الرقابي والتشريعي، سيواصل دعمه الكامل لخطط الحكومة في هذا المجال، وبما يضمن حماية حقوق المستثمرين وتطوير بيئة الأعمال، خدمة للاقتصاد الوطني وتلبية لتطلعات الشعب العراقي في التنمية والازدهار".
مشاركة الخبر: سلاح الفصائل يهدّد فرص الاستثمار في العراق على وسائل التواصل من نيوز فور مي