الكوفية الفلسطينية من غطاء رأس إلى رمز وطني يتوشحه الأحرار

الكوفية الفلسطينية من غطاء رأس إلى رمز وطني يتوشحه الأحرار

تم نشره منذُ 3 سنة،بتاريخ: 11-02-2021 م الساعة 03:59:13 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-494850.html في : اخبار سياسية    بواسطة المصدر : عربي21

لم تكن الكوفية الفلسطينية قبل ثورة عام 1936م ضد الانتداب البريطاني معروفة في العالم حتى ارتداها الثوار الذين كانوا يغطون بها وجوههم للتخفي من الاحتلال وأعوانه، لتصبح فيما بعد رمزا وطنيا ليس في فلسطين أو في الوطن العربي فحسب بل في العالم كله.

وباتت هذه الكوفية والتي تعرف لدى الفلسطينيين بعدة أسماء منها: "الحَطة" أو "الشماغ" أو "غطاء الرأس" أو "الوشاح"؛ رمزا وطنيا معروفا ومطلوبا في كل العالم وموضة لا تبلى يحرص أحرار العالم على ارتدائها للتعبير عن حبهم وتضامنهم مع الشعب الفلسطيني.

 



وفي المقابل فان الاحتلال البريطاني ومن بعده الإسرائيلي حاول بكل السبل القضاء على هذا الرمز من خلال محاربته بالقوة تارة وبالتشويه تارة أخرى لعلمه مدى تأثيرها في الغرب، حتى تغنى بها الشعراء والمنشدين وباتت تزين أعناق الكثير من الوطنين الأحرار في العالم.

والكوفية الفلسطينية هي وشاح أبيض مطرز عليه بعدة ألوان أغلبها اللون الأسود ترمز رسومه إلى البحر وطائر فلسطين يتم ارتدائه عادة حول الرقبة أو فوق الرأس. 

ويعود تاريخ الكوفية الفلسطينية بحسب الدكتور أدهم حسونة أستاذ الإعلام في جامعة غزة إلى ثورة عام 1936م حيث أصبحت لباس الثوار آنذاك.

 



وقال حسونة لـ "عربي21": "لأسباب سياسية وتكتيكية قرر زعماء الثورة الفلسطينية عام 1936م توحيد لباس الرأس عند الفلسطينيين فقرروا لبس الكوفية والعقال لرجال فلسطين حتى يتعذر على سلطات الانتداب تمييز الثوار واعتقالهم، وفي هذه المرحلة".

وأضاف: "كانت الكوفية وعليها العقال الأسود هي لباس المزارعين الفلسطينيين والبدو وكان هذا تقليدي فلسطيني بحت تعزز بعد ثورة 1936م وأصبح اللباس الرسمي بعدما ارتداها الثوار وعززها إصرار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات على ارتدائها وإلقاء خطابه الشهير في الأمم المتحدة عام 1973م".

وتابع: "لازمت الكوفية الفلسطينية الرئيس عرفات حتى آخر يوم في حياته؛ فكانت رمزا للثورة الفلسطينية المعاصرة، وخلال انتفاضة الحجارة وانتفاضة الأقصى ظهرت الكوفية بزخم من جديد، إذ ارتداها المشاركون بالفعاليات؛ وتجاوزت بذلك كل الحدود الجغرافية لتصبح رمزاً لقضية فلسطين العادلة في كل أنحاء العالم".

وارتبطت الكوفية بعدد من قادة الثورة الفلسطينية أمثال عبد القادر الحسيني في أربعينات القرن الماضي، وليلى خالد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية والتي اشتهرت بخطف الطائرات في سبعينات القرن الماضي.

 



كما ارتدها الثائر الايطالي "فرانكو فونتال" الذي انضم إلى صفوف الثورة الفلسطينية في عام 1975 وقاتل في صفوفه 22 عاما.

 

 


وفي تسعينيات القرن الماضي دوخ شاب صغير يدعى عماد عقل والذي قاد حرب العصابات في حركة "حماس"؛ جيش الاحتلال دون أن يعرفه احد إلى أن ظهر في صورة له وزعتها وكالات الأنباء العالمية وهو ملثم بالكوفية الحمراء ويشهر مسدسه.

 



وحينما كان جيش الاحتلال يبحث عن المهندس يحيى عياش صانع المتفجرات في كتائب القسام الذراع العسكري لحركة "حماس" عام 1995م، لم يعثر له على أي صور حتى وجد له صورة وحيدة وهو يرتدي الكوفية الحمراء ووزعها على كل نقاط التفتيش من اجل القبض عليه لتصبح هذه الصورة واحد من أشهر صور الفدائيين الفلسطينيين.

 



كما ظهر محمد ضيف القائد العام لكتائب القسام عام 1994 ملثما بالكوفية حينما أعلن عن خطف الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان.

وكان ظهور "أبو عبيد" الناطق العسكري باسم "كتائب القسام" بكوفيته الحمراء يثلج صدور الفلسطينيين وهو يعلن عن انجازات المقاومة الفلسطينية لا سيما خلال الحرب التي تعرض لها قطاع غزة.

 



وقتل الجيش الإسرائيلي رشيل كوروي الناشطة الأمريكية المدافعة عن الفلسطينيين عام 2003 وهي  تتوشح بهذه الكوفية وتحاول منع جرافات الاحتلال من هدم منازل الفلسطينيين في رفح جنوبي قطاع غزة.

 



وفي عام 2006 ألقى رئيس الوزراء الإسباني الأسبق "خوسيه لويس ثباتيرو" خطابا انتقد فيه دولة الاحتلال بشدة ثم قبل كوفية أحد الجمهور وأخذت له صورة وهو مرتديها.

وأكد الباحث الفلسطيني إبراهيم المدهون على أن كل مجتمع وكل شعب له هوية ورمز معين، مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني تراكمت لديه الهوية البارزة والعنوان البارز وهي الكوفية الفلسطينية.

وقال المدهون لـ "عربي21" :"الكوفية الفلسطينية كانت لبس الفلاح الفلسطيني في القديم ولكنها في ثورة عام 1936م ارتداها الثوار الفلسطينيين وقادة الثوار ومنفذي العمليات ضد الانتداب البريطاني وقطعان المستوطنين الصهاينة ولهذا أخذت من هذا  الرداء ومن هذه الثورة مسحة تقليدية ومسحة اعتزاز وفخر توارثها عبر الأجيال الفلسطينيين جيلا بعد جيل".

 

وشدد على أن الكوفية الفلسطينية لم تعتبر رمزا للفلسطينيين فحسب ولكنها رمز للثورة، ورمز لرفض الاستعمار ورفض الاحتلال ومقاومته في كل مكان.

وأكد المدهون على أن أهمية الكوفية اليوم أنها باتت تحمل صورة للفدائي، وصورة للثائر والمضحي من أجل قضيته.

وقال: "كثير من الشهداء الذين سقطوا في الثورات والانتفاضات المتعاقبة كانوا يرتدون هذه الكوفية وهي تميزت عن الكوفيات الأخرى باللون الأسود والأبيض".

وأضاف: "هذه الكوفية أعطت مسحة فلسطينية خالصة في العالم، وباتت من التراث العالمي لأنها ترمز إلى النضال والثورة والى فلسطين."

واعتبر المدهون أن ارتداء الرئيس عرفات هذه الكوفية عززها كرمز فلسطيني، واعتبرت كركتر خاص به.

 



وقال الباحث لفلسطيني: "اليوم وحتى اللحظة ما زال الفدائي الفلسطيني يرتدي هذه الكوفية، ويتصور بها أيضا، ويتلثم بها ليخفي وجهه عن الاحتلال والملاحقة، ولكن الأكثر من كل ذلك انه يعتز ويبرزها كحالة وهوية نضالية ولهذا هي تستفز الاحتلال الإسرائيلي".

وأضاف: "هذه الكوفية تغلغلت في الثقافة العالمية، فهي بدأت تدخل في الأزياء وفي الرمزية الكفاحية في كل العالم".

وأكد على أن الفلسطينيين نجحوا في تعزيز هذه الكوفية، مشيرا إلى أن كل من يتعاطف الآن مع فلسطين يحرص على ارتداء هذه الكوفية والسير في المظاهرات وهو يتوشح بها، معتبرا انه مجرد التقاط صور ونشر الصور بالكوفية هو تضامن مع الشعب الفلسطيني.

 



ويحيي الشعب الفلسطيني ومؤسساته التربوية في الوطن والشتات في السادس عشر من تشرين ثاني/ نوفمبر من كل عام يوم الكوفية الفلسطيني؛ وذلك بناء على قرار اتخذته وزارة التربية والتعليم الفلسطينية عام 2015 باعتبار هذا اليوم يوما وطنيًا يتوشح فيه الطلبة كافة ومديرو المدارس والمعلمون والموظفون بالكوفية، ويرفعون الأعلام الفلسطينية، وينشدون الأغاني الوطنية والشعبية؛ وتنظم فيه العديد من الأنشطة الكشفية والرياضية؛ كي تبقى أجيالنا الناشئة أينما وُجدت متصلة برموز الهوية الوطنية الفلسطينية؛ ليكون يوماً للشعور بالحرية، ولربط الطلبة بالماضي والحاضر والمستقبل، ولتعزيز وعيهم الوطني الأصيل.

وقال الكاتب والصحفي الفلسطيني حسن جبر لـ "عربي21": "لعبت الكوفية دورا مهما في مراحل النضال الوطني منذ بداية انطلاقة الثورة وحتى الآن، وتحولت من كوفية لإخفاء معالم وجه المناضلين إلى رمز للاتجاهات السياسية المختلفة بألوانها المخالفة".

 



وأضاف: "أصبحت الكوفية مصدر عزة وفخر لكل من يرتديها، لهذا طاردها الاحتلال وصار يضرب من يلبسها وأحيانا يعتقله ويحاكمه تحت أي تهمة".

وتابع: "طار عقل جنود الاحتلال بعد أن بدأ المتضامنون الأجانب في ارتداء الكوفية ليعبروا عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني لتنتقل الكوفية إلى العالمية وتنتشر بين الطلبة اليساريين المؤيدين للشعب الفلسطيني".

وأكد جبر أنه يعرف أصدقاء أجانب يحتفظوا بالكوفية منذ سنوات طويلة بعد أن ارتدوها في الجامعة لأول مرة.

وأشار إلى أن جهات تجارية حاولت ترويج قطع قماش تشبه الكوفية لكنها لم تنجح وبقيت منبوذة لصالح الكوفية الفلسطينية التي لا يخلو بيت فلسطيني منها.

وتحتضن مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة المصنع الوحيد في فلسطين والذي ينتج الكوفية الفلسطينية والذي أسسه الحاج ياسر الحرباوي عام 1961م خصيصا لصناعة الكوفية لإدراكه لأهميتها كرمز من الرموز الفلسطينية.

 



وأكد أحد أبناء مؤسس المصنع جودة الحرباوي لـ "عربي21" أن مصنعهم ينتج شهريا قرابة 3000 كوفية وان 85 في المائة من إنتاج مصنعه يتم تصديره إلى أوروبا وأمريكا ودول أخرى.

وأشار إلى انه يعمل في المصنع 10 عمال وهو من المكنات المتطورة جدا، منوها إلى أنهم لا يزالون يحتفظون بالمكنات ن القديم الذي قام عليه المصنع قبل 60 عاما.

وأوضح أن مصنعهم ينتج كل أنواع الكوفية وبكل ألوانها، مشيرا إلى أنهم ينتجون الحجم المعروف 125سم في 125سم، مؤكدا على أنهم سيواصلون العمل في إنتاجها مهما كانت العوائق والتحديدات في ظل تراجع الوضع الاقتصادي.

وعن رسالتهم من إنتاج الكوفية قال الحرباي: "هذه صنعة الوالد الله يرحمه وهو الذي أسس هذا المصنع وبدأ العمل فيه عام 1961م وهو الحاج ياسر الحربايي، ومن منطلق اعتزازنا به وإصرارنا على مواصلة السير على دربه لإيصال رسالته الوطنية".

وأضاف: "صنع الكوفية الفلسطينية يعبر عن تمسكنا بالتراث والهوية الفلسطينية، ويدلل على التمسك بالأرض بعدما أصبحت الكوفية رمز لكل الوطنين وأحرار العالم".


مشاركة الخبر: الكوفية الفلسطينية من غطاء رأس إلى رمز وطني يتوشحه الأحرار على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

مادورو القرار الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لـإسرائيل وأوكرانيا وتايوان غير أخلاقي

مادورو القرار الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لـإسرائيل وأوكرانيا وتايو...

منذُ 18 دقائق

اعتبر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أن قرار الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم المزيد من المساعدات العسكرية لكيان...

حولت الجميع إلى فقراء كيف دمرت الحرب غزة اقتصاديا وصناعيا

حولت الجميع إلى فقراء كيف دمرت الحرب غزة اقتصاديا وصناعيا

منذُ 18 دقائق

أشار الخبير الاقتصادي الفلسطيني محمد أبو جياب إلى أن جميع أفراد المجتمع أصبحوا فقراء ويحتاجون إلى المساعدة بعد أن قضت...

مصرع طاقميهما العشرة اصطدام مروحيتين عسكريتين في ماليزيا شاهد

مصرع طاقميهما العشرة اصطدام مروحيتين عسكريتين في ماليزيا شاهد

منذُ 18 دقائق

قتل عشرة أشخاص كانوا على متن مروحيتين عسكريتين اصطدمتا ببعضهما البعض أثناء تدريبات في...

مستوطنون يقتحمون الأقصى هكذا حاولوا تهريب القرابين شاهد

مستوطنون يقتحمون الأقصى هكذا حاولوا تهريب القرابين شاهد

منذُ 18 دقائق

اقتحم المستوطنون باحات المسجد الأقصى فيما حاولوا دون نجاح إدخال القرابين لذبحها في...

مسؤول عسكري يهدد الحوثي في حال هاجمت مطار المخا نفي لـقصة الموساد
مسؤول عسكري يهدد الحوثي في حال هاجمت مطار المخا نفي لـقصة الموساد
منذُ 18 دقائق

قال المتحدث باسم القوات المشتركة اليمنية في الساحل الغربي وضاح الدبيش إن التهديدات الحوثية لن تكون غريبة عليهم وهي...

أسعار السجائر اليوم الثلاثاء 23 إبريل هتدفع كام في العلبة بعد الزيادة الجديدة
أسعار السجائر اليوم الثلاثاء 23 إبريل هتدفع كام في العلبة بعد الزيادة ...
منذُ 19 دقائق

أسعار السجائر اليوم تطبق شركة فيليب موريس اعتبارا من اليوم زيادة جديدة على أسعار أنواع من السجائر وفقا لبيان أصدرته أمس...

widgets إقراء أيضاً من عربي21

مستوطنون يقتحمون الأقصى هكذا حاولوا تهريب القرابين شاهد
حولت الجميع إلى فقراء كيف دمرت الحرب غزة اقتصاديا وصناعيا
غوغل ترفع عدد الموظفين المطرودين بسبب الاحتجاج على صفقة مع الاحتلال
مصرع طاقميهما العشرة اصطدام مروحيتين عسكريتين في ماليزيا شاهد