عيد الحب يراك المحب يجعلك موجودا كيف

عيد الحب: "يراك المحب يجعلك موجودا"... كيف؟

تم نشره منذُ 3 سنة،بتاريخ: 13-02-2021 م الساعة 06:14:47 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-498126.html في : أخرى ومتنوعة    المصدر : نيوز فور مي

عام 1943 أصدر الفيسلوف الفرنسي جان بول سارتر (1905 - 1980) كتاب "الوجود والعدم" الذي يُعتبر "إنجيل الوجودية" حتى يومنا.

قارب سارتر في هذا الكتاب مواضيع عدة مرتبطة بالوعي الوجودي، ومن بينها أساليب العلاقة بين الذات والآخر.

وفي مقدمة هذه العلاقة الثنائية التي تتأرجح عند سارتر بين المازوخية والسادية، يأتي الحب ليكون أشبه باستراحة محارب لوعي الإنسان الذي يحيا في صراع دائم مع وعي الآخرين.

فكيف تناول سارتر الحب ولماذا رأى أنه في معظم الحالات آيلٌ للفشل؟

الحب كملاذ عرضي

يقول الشاعر اللبناني الراحل بسام حجار في كتاب "معجم الأشواق": "يراك المحب يجعلك موجوداً". إذا أردنا تفسير هذه الجملة من منطلق معالجة سارتر لمسألة الحب، علينا أن نرجع لمفهوم مهم جداً في فكره وهو مفهوم "العرضية". بالنسبة للفيلسوف الفرنسي، إن وجودنا في هذه الحياة، عرضي، أي أننا موجودون بالصدفة ولا معنى أو قيمة أساسية لهذا الوجود. لذا يقضي الإنسان حياته وهو يبحث عن معنى ووجهة لوجوده.

ثم يأتي الحب ليغيّر هذا الشرط، ليجعل الإنسان يشعر بوجوه أخيراً كضرورة. نظرة المحب للحبيب تضفي عليه قيمة شبه مطلقة، فيصبح الإنسان بمأمن، ولو لوقت محدود، من العرضية التي تهدد كيانه في كل لحظة. يشعر أخيراً أن وجوده مبرّر.

وكما يشرح الكاتبان أود لانسولان وماري لاومونييه في كتاب "الفلاسفة والحب"، الحب "يحمي الإنسان من أي نوع من إنعدام القيمة العارض، فيجعله يصبح غاية في ذاتها، وقيمة مطلقة، وليس نسخة تقبع وسط آلاف النسخ، بل فرادة استثنائية".

يكفي إذاً أن يحبني أحد، أن يراني بعينيه، حتى أتخلص لبرهة من الشرط الإنساني العام القائل بعرضيتي.

إذاً، نظرة الآخر، كما يكتب سارتر، لن تمر بعد الآن عبر محدوديتي، لم تعد هذه النظرة تجمد وجودي في ما أنا عليه ببساطة، هذه النظرة لا تراني قبيحاً، أو قصيراً أو جباناً، لكن الحب يجعل الآخر يراني كغاية بحد ذاتها، كقيمة مطلقة غير محدودة بالصفات الموضوعية.

من هنا تجنب العلاقة مع الحبيب، لمرة نادرة، الحرب بين وعيي ووعي الآخر. فالآخر، بحسب سارتر، هو من يسلبني ذاتي، هو الذي يبقيني تحت نظره ويقيّمني ويصادرني ويضع لي حدودي.

أما الحب فيحميني من أن أكون معرضاً للنظرة الصارمة للآخر، التي تهددني بالسقوط في التشييء، أي حين تحكم عليّ كشيء. لذلك، يكون الحب ملاذا لحريتي ويجعلني أبدو كفاعل واعٍ وحرّ وليس كموضوع مشيّأ.

امتلاك حرية الآخر

في هذا السياق، يقول الأستاذ المحاضر في قسم الفلسفة في جامعة القديس يوسف في بيروت، جاد حاتم، في حديثٍ لبي بي سي عربي، إن الحب عند سارتر هو محاولة للهروب من النظرة التشييئية للآخر.

ويضيف: "في حين أن الرغبة تخنق حرية الآخرين في أجسادهم، يسعى الفرد بواسطة الحب إلى أن يكون محبوبا بطريقة تجعل الآخر يبدو وكأنه علة وجودي، أي أن يعتبرني الآخر قيمة عليا. لكن هاتين المحاولتين، بحسب سارتر، مصيرهما الفشل".

إذ أن الرغبة في الحب ليست مجرد رغبة في الامتلاك الجسدي، ولكنها في الواقع الرغبة في امتلاك حرية الآخر.

وهذه الرغبة لا تتعلق بـ"إرادة القوة" أي بالرغبة التي يشعر بها الطاغية تجاه الشعب مثلا. لأن الطاغية يريد أن يمتلك حرية الفرد بإلغائها، لكن العاشق يريد أن يمتلك حرية المحبوب من دون أن يلغيها.

على العكس من ذلك، من يريد أن يُحَب لا يرغب في استعباد من يُحِّب. إنه لا يريد أن يصبح موضوعاً لعاطفة ميكانيكية، هو لا يريد أن يمتلك آلة.

ويوضح سارتر في هذا الإطار: "هكذا لا يرغب الحبيب في امتلاك المحبوب كما يمتلك المرء شيئاً؛ بل هو يدعو إلى نوع خاص من المصادرة. إنه يريد الحرية كحرية".

يريد المحب من الحبيب حريته الكاملة لكن التي يختارها هو دوناً عن الآخرين. وكأنه يريد حرية تلعب دور الحتمية. يريد من هذه الحرية أن تقدم نفسها من تلقاء ذاتها له، وهنا تحديدا تكمن الصعوبة في حالات الحب ومآلات الفشل.

وعند هذه النقطة، يتأرجح الحب بين نقيصتين محتملتين: المازوخية والسادية.

وفي فلسفة سارتر، ليست السادو-مازوخية انحرافاً ولكنه الإطار الأصيل للعلاقات بين إنسان والآخر.

في حالة المازوخية أتخلى عن حريتي بمحض إرادتي وأمنحها للآخر بشكل تام. أما حالة السادية فهي عندما أمتلك حرية الآخر تماما فأتعامل معه كشيء أو وعاء لمتعتي الخاصة.

ولعلّ هذه الخلاصة هي التي تنبئ باحتمال فشل الحب في معظم الأحيان، تجعلنا نفهم الاتفاق بين سارتر وشريكته على مدى 50 عاماً الفيلسوفة الفرنسية سيمون دوبوفوار والذي جعل علاقتهما غير تقليدية وقائمة على حريتهما المطلقة.

المصدر: بي بي سي

مشاركة الخبر: عيد الحب: "يراك المحب يجعلك موجودا"... كيف؟ على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

شهيد بانفجار قنبلة من مخلفات العدوان في صرواح بمأرب

شهيد بانفجار قنبلة من مخلفات العدوان في صرواح بمأرب

منذُ 37 دقائق

شهيد بانفجار مخلفات العدوان في...

تعيش على أنقاض منزلها تفاصيل حياة عائلة غزية فقدت 3 أبناء

تعيش على أنقاض منزلها تفاصيل حياة عائلة غزية فقدت 3 أبناء

منذُ 38 دقائق

يأمل المسن الغزاوي أن تنتهي الحرب في أقرب وقت حيث يقول إنه بات يعاني من الوهن وبات الشعور بالتعب والإرهاق ملازما له إثر...

وزير خارجية الاحتلال يهاجم أردوغان بشدة بعد استضافة قادة حماس

وزير خارجية الاحتلال يهاجم أردوغان بشدة بعد استضافة قادة حماس

منذُ 38 دقائق

وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي فتح النار على أردوغان بسبب استضافته قادة حركة المقاومة...

رغم العلاقات القوية مجريون يطلقون عريضة لوقف تصدير الأسلحة للاحتلال

رغم العلاقات القوية مجريون يطلقون عريضة لوقف تصدير الأسلحة للاحتلال

منذُ 38 دقائق

تعتبر العلاقات المجرية الإسرائيلية هي الأقوى أوروبيا٬ حيث تمنع بودابست التظاهر ضد الاحتلال٬ ولكن ذلك لم يمنع عدد من...

الأهلي يعود بالتعادل من أرض مازيمبي قبل الحسم في القاهرة
الأهلي يعود بالتعادل من أرض مازيمبي قبل الحسم في القاهرة
منذُ 38 دقائق

عاد فريق الأهلي المصري حامل اللقب بنتيجة التعادل دون أهداف من أرض مضيفه مازيمبي الكونغولي اليوم السبت في المباراة التي...

إخلاء مستوطنة في شمال الأراضي المحتلة بسبب هجمات حزب الله شاهد
إخلاء مستوطنة في شمال الأراضي المحتلة بسبب هجمات حزب الله شاهد
منذُ 38 دقائق

أخلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مستوطنة شلومي شمال الأراضي المحتلة بسبب التوتر المتزايد بين حزب الله وقوات...

widgets إقراء أيضاً من نيوز فور مي

ملكة جمال أوكرانيا تنضم إلى المقاومة للدفاع عن وطنها  صورة
هيئة أوروبية تعتمد الحشرات كغذاء للبشر
شاب عاش تحت سرير فتاة قاصر لأسابيع وهذا ماحدث بينهما