هدية بايدن الثمينة لطالبان والقاعدة!
النتيجة المنطقية الوحيدة التي يمكن الخروج بها من القرار غير الحكيم للرئيس الأميركي جو بايدن، بسحب القوات الأميركية الباقية من أفغانستان، هي أنه سيؤدي إلى سيطرة حركة طالبان وحلفائها مثل تنظيم القاعدة على البلاد مرة أخرى.
وقال الكاتب البريطاني كون كوفلن في تقرير نشره معهد جيتستون الأميركي، إن هذا هو بالتأكيد ما خرجت به قيادة طالبان من قرار إدارة بايدن، حيث إنه في غضون ساعات من ظهور بايدن على التلفاز ليعلن الانسحاب، أعلنت طالبان انتصارها في الحرب الأهلية التي دارت رحاها في البلاد لفترة طويلة.
وأضاف كوفلن وهو أحد كبار زملاء معهد جيتستون، بل أكثر من ذلك كان لدى طالبان الجرأة للزعم بأنه باستكمال انسحاب القوات الأمريكية بحلول 11 سبتمبر المقبل، تكون واشنطن قد تخلت عن اتفاق السلام الذي تم التفاوض بشأنه مع إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب العام الماضي، والتي تقضي بانسحاب جميع القوات الأميركية إلى جانب القوات الأخرى التابعة للناتو من أفغانستان بحلول نهاية الشهر المقبل.
وفي الحقيقة كانت نصوص اتفاق الدوحة الذي تفاوض ترمب بشأنه مع طالبان، في قطر في فبراير من العام الماضي تقضي بأن انسحاب القوات الأميركية مرهون بتخلي طالبان عن العنف، بالإضافة إلى إنهاء مساندتها الطويلة المدى للجماعات الإرهابية مثل القاعدة.
وأوضح كوفلن أن الواقع يشير إلى أن طالبان لم تقم بأي محاولة جادة لتنفيذ أي من هذه الشروط، حتى على الرغم من أن الولايات المتحدة بدأت في تقليص قواتها على الفور بعد توقيع الاتفاق في فبراير من العام الماضي.
وبدلا منذ ذلك واصلت هذه الحركة الإرهابية شن حملة العنف في مختلف أنحاء البلاد ضد الشعب الأفغاني، مما مكنها من الاستيلاء على مساحات واسعة من البلاد، حيث أثبتت القوات الموالية للرئيس الأفغاني المنتخب ديموقراطيا أشرف غني، أنها عاجزة عن الدفاع عن البلاد بشكل يمكن الاعتماد عليه.
وبالإضافة إلى ذلك ومثلما استنتج تقرير أعدته مؤخرا وزارة الخزانة الأمريكية، فإن طالبان حافظت على علاقاتها مع القاعدة وأيضا مع منظمات إرهابية أخرى، وذكر التقرير أن القاعدة "تكتسب النفوذ في أفغانستان بينما تواصل العمل مع طالبان تحت حمايتها"، وأضاف إن هذا الجماعة "تستثمر علاقتها مع طالبان، من خلال شبكتها من الموجهين والمستشارين المندمجين مع طالبان، والذين يقدمون المشورة والإرشاد والدعم المالي".
والآن ردت طالبان على العرض المفرط في الكرم للرئيس بايدن بسحب جميع القوات الأمريكية بحلول سبتمبر المقبل، على الرغم من عدم وفاء طالبان بالتزاماتها في إطار الاتفاق، وتمثل الرد في التهديد بشن هجمات جديدة ضد القوات الأمريكية وحلفائها في الناتو.
وتابع المحلل البريطاني أن قائدا بارزا في حركة طالبان حذر في حديث له بعد وقت قصير من الرئيس الأميركي قرار الانسحاب، قائلا "نحن على أهبة الاستعداد ومتواجدين بالفعل في ميدان المعركة، ومقاتلونا مستعدين لاستهداف قوات الناتو مع اتساع فجوة الثقة بعد أن أجل بايدن الموعد السابق لانسحاب القوات الأميركية".
وأضاف إن "طالبان هي كيان سياسي حقيقي، ونحن حققنا النصر بالفعل في الحرب، وأجبر انتصارنا الولايات المتحدة على التوقيع على اتفاق مع طالبان".
وكان قادة طالبان يجادلون دائما بأنه بدراسة أوضاع الأجيال السابقة من الغزاة الأجانب، فإن واشنطن ستفقد في النهاية الاهتمام بالصراع وتنسحب، مستشهدين بقول مأثور أفغاني يقول "قد يكون لديك كل الساعات، ولكننا لدينا كل الوقت".
ومن هنا فإنه بفضل استسلام بايدن، سيتحقق هذا القول المأثور مع شروع طالبان وحلفائها في القاعدة، في استعادة السيطرة على البلاد بعد قضاء 20 عاما في التيه.
وحاول بايدن أن يدافع عما يصل إلى حد استسلام إدارته المذل لطالبان، على أساس أن الوقت قد حان لإنهاء أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة، بينما دفع بأن هذا ال سيزيد الضغوط على كل من طالبان والحكومة الأفغانية المحاصرة، للتوصل إلى اتفاقية سلام والتي من المفترض أن تكون أهم نتيجة لعملية الدوحة.
كما كشفت تصرفات طالبان فإن هذه الحركة الإرهابية ليس لديها اهتمام جاد بالتوصل إلى اتفاقية سلام مع كابول، مفضلة اللجوء إلى أسلوبها السابق في السيطرة على البلاد من خلال العنف والترهيب.
وبالتأكيد وكما أشار تقرير أصدره البنتاغون مؤخرا، فإنه بدون دعم الولايات المتحدة وحلفائها الآخرين في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فلن تكون ثمة فرصة تذكر أمام الحكومة الأفغانية للتغلب على طالبان، بعد استكمال الانسحاب.
وفي الشهر الماضي حذر جون سوبكو المفتش العام الخاص للبنتاجون لإعادة إعمار أفغانستان، من أنه بدون الدعم الأميركي "فمن المرجح أن تتعرض الحكومة الأفغانية للانهيار".
وتوصل تقرير "تقييم التهديدات لعام 2021"، الذي أصدرته أجهزة الاستخبارات الأمريكية الأسبوع الماضي إلى استنتاج مماثل، حيث ذكر أن الحكومة الأفغانية ستعاني في جهودها للسيطرة على طالبان في حالة سحب التحالف لدعمه".
وهذه تقييمات تصب اللعنة على قدرة الحكومة الأفغانية على الدفاع عن نفسها بدون الدعم الغربي، وعلى قرار إدارة بايدن بالتخلي عن أفغانستان وقت الشدة. ويرى كوفلن أن النتيجة الوحيدة الواقعية تتمثل في أنه بمجرد استعادة طالبان سيطرتها على البلاد، وتنفيذ نموذجها من الشمولية الدينية، ستعيد القاعدة تأسيس قواعدها الإرهابية في أفغانستان، وتستخدمها في إطلاق موجة جديدة من الهجمات ضد الغرب.
مشاركة الخبر: هدية بايدن الثمينة لطالبان والقاعدة! على وسائل التواصل من نيوز فور مي