خميس الخنجر أمريكا همشت سنة العراق ودفعتهم نحو إيران 1

خميس الخنجر: أمريكا همشت سنة العراق ودفعتهم نحو إيران (1)

تم نشره منذُ 3 سنة،بتاريخ: 18-06-2020 م الساعة 04:44:05 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-93845.html في : اخبار سياسية    بواسطة المصدر : عربي21

التقى الكاتب البريطاني المعروف ديفيد هيرست، برجل الأعمال والسياسي العراقي خميس الخنجر، الذي كان يعد صاحب طموح بزعامة السنة في بلاده.

وتناول الخنجر في المقابلة، محاور عدة من بينها كيف همش الأمريكيون بعد غزو العراق السنة، كاشفا أنهم من دفعهم إلى إيران، ومبينا أن الغزو الأمريكي تسبب بإنشاء نظام طائفي، راويا كذلك كيف شكل أول تحالف سني شيعي في البرلمان، وكذلك شهادته على التغيرات السياسية في العراق لا سيما في عهد نوري المالكي.

 

السعودية وعقوبات أمريكية

 
ومن بين أبرز ما جاء في مقابلته هيرست على موقع "ميدل إيست أي" وترجمته "عربي21"، أن "خميس الخنجر الذي كان على مدى سنين الوسيط المفضل لدى واشنطن كلما احتاجت التواصل مع القبائل السنية في العراق، بات هدفا للعقوبات الأمريكية "بسبب السعودية".

جاء ذلك وفق تقدير الخنجر نفسه، في معرض حيثه مع هيرست، مؤكدا أنه "يعاقب نزولا عند رغبة المملكة العربية السعودية".

وتحت عنوان "اذهبوا إلى طهران: حكاية من الداخل حول الطريقة التي تم فيها تهميش الولايات المتحدة في العراق"، كتب هيرست تفاصيل مقابلته مع الخنجر، متناولا بشكل خاص الدور الأمريكي والسعودي في العراق.

وبدأ هيرست في مقابلته يشرحه عن طبيعة مقابلته مع الخنجر، قائلا: " استرخى خميس الخنجر في مقعده، وألقى برأسه إلى الخلف وضحك". 

وأوضح أنه التقى رجل الأعمال العراقي في شقته في مدينة إسطنبول التركية.

وقال هيرست: "سألت رجل الأعمال والسياسي السني العراقي لماذا تم وضعه على قائمة عقوبات الحكومة الأمريكية مع ثلاثة من زعماء المليشيات الشيعية المدعومة من إيران"، ليرد بالقول: "إنه إجراء سياسي، مائة بالمائة".

وكانت أعلنت وزارة المالية الأمريكية في كانون الأول/ ديسمبر 2019 عقوبات على أشخاص وكيانات عراقية شملت الخنجر.

وقال الخنجر تعليقا على الأمر: "في الحقيقة، كان السعوديون يهددونني بشكل مباشر. لقد قالوا لعادل عبد المهدي، الذي كان حينها رئيسا لوزراء العراق، بأنهم سوف يضعونني على قائمة العقوبات".

وأضاف الخنجر أن عبد المهدي أخبرهم بأن ذلك "سيكون خطأ كبيرا".

وأوضح: "لكن السعوديين لا يفهمون، فكل شيء بالنسبة لهم يتعلق بالمال، إلا أن ما لا يعرفونه بأن الأمور ليست متعلقة بالمال كما يظنون". 

وقال: "عندما يخفق المرشحون الذين اشترتهم السعودية في الفوز بمقاعد في البرلمان، يظنون بأنني دفعت للناس الآخرين أكثر مما دفعوا هم". 

وعلق على ذلك بالقول: " إنهم لا يرون كم هم أغبياء بهذه النظرة".

 

تهميش السنة بالعراق

وأشار الخنجر بذلك إلى الانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في عام 2018، التي سعى أثناءها لبناء كتلة سياسية تمثل مصالح العراقيين السنة الذين قال إنه تم تهميشهم لسنوات من القيادات السياسية الشيعية المهيمنة. 

وشدد على أن سنة العراق تعرضوا للأذى على أيدي المليشيات التي تسيطر عليهم قيادات شيعية سياسية. 

وأكد أن السعودية حاولت كذلك التأثير في الانتخابات بهدف أن يبقى في السلطة حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي حينها، الذي كان مرشح أمريكا المفضل. وعندما فشلت الخطة، قرر السعوديون الانتقام منه، وفق قوله. 

 

اقرأ أيضا: هيرست: هكذا أجبرت أمريكا سنة العراق على التعامل مع طهران
 

علاقات واسعة وتاريخ حافل


وتتهم مذكرة وزارة الخارجية الأمريكية الخنجر بالرشوة والفساد ضمن مجموعة أخرى من الجرائم التي لم تثبت بحقه، وتزعم أنه "خطط لإنفاق ملايين الدولارات على شكل دفعات لشخصيات سياسية عراقية بغية ضمان دعمها" ناسبة هذه المزاعم إلى "مسؤول سابق رفيع المستوى في الحكومة العراقية" لم تسمه.

ووصفت الخنجر حينها بأنه "رجل أعمال ومليونير يتمتع بنفوذ كبير على المستوى الإقليمي والدولي".

واعتبر هيرست، أنه فيما يتعلق بذلك، بإمكان المسؤولين في واشنطن أن يتأكدوا بأن الخنجر ليس غريبا عن السفارة الأمريكية في بغداد. 

ولفت إلى أن الصور الموجودة في الهاتف النقال للخنجر تشكل تاريخا دبلوماسيا حافلاً يمتد على مدى السبعة عشر عاما منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، وسقوط صدام حسين في عام 2003. 

فقد كان حاضرا ويشارك في كل النقاشات تقريبا التي كانت تجري من وراء الكواليس حول العراق.

 

اقرأ أيضا: هل يستطيع رجل أعمال ثري أن ينقذ العرب السنّة في العراق؟

وعرف الخنجر، وما يزال، وبشكل شخصي، كل اللاعبين السياسيين المهمين في المنطقة، ومنهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، والجنرال الإيراني الراحل قاسم سليماني. 

إضافة إلى الدبلوماسيين الغربيين، بما في ذلك بريت ماكجيرك، المختص بالشأن العراقي والمبعوث الرئاسي الأمريكي إلى التحالف المناهض لتنظيم الدولة، وجون جينكنز، السفير البريطاني السابق في بغداد. وكان يلتقي بهم جميعا، وبشكل منتظم. 

وكان الدبلوماسيون يشدون الرحال إليه ويطرقون بابه لسبب وجيه، فكل من يرغب في معرفة زعماء القبائل السنية أو قيادات أهل السنة، لابد له من أن يتوجه إلى الخنجر، بحسب هيرست. 

وكان زعماء السنة، مثل الخنجر، هم من توجه إليهم الأمريكيون حينما أرادوا تجنيد وتمويل جيش سني لتزعم حملة أطلق عليها "الصحوات" ضد تنظيم القاعدة في أوج التمرد المسلح ضد قوات الاحتلال الأمريكية في عام 2006. 

وشارك الخنجر في مشروع إطلاق أول كتلة حزبية غير طائفية في العراق، التي حيل بينها وبين تشكيل الحكومة، رغم فوزها بمعظم مقاعد البرلمان في الانتخابات العراقية التي جرت عام 2010. 

والخنجر الشخص الذي توجهت إليه وكالة المخابرات الأمريكية (سي آي إيه) للاستفسار منه حينما أرادوا أن يعرفوا لماذا كان زعماء السنة في العراق يديرون ظهورهم للنفوذ الأمريكي والسعودي ويتجهون نحو إيران. 

وقال هيرست: "هذه هي قصة الخنجر الذي تحول خلال شهور قليلة من شخصية عراقية طالما شاركت في الحوار مع الأمريكيين إلى هدف للعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة، التي يُستهدف بها في العادة أشخاص متهمون بالإرهاب وبارتكاب فظائع". 

ولفت هيرست، إلى أن ما يقوله الخنجر عبر موقع "ميدل إيست أي" على الرغم من أنه عبارة عن رواية متحيزة يناقضها من يتحدث عنهم فيها، ولكنها تعد أول شهادة مباشرة لشخص كان يشارك في لقاءات مهمة بحضور رؤساء وزراء العراق المتعاقبين. 

وقال: "لهذا، فهي ليست مجرد حكاية شخصية، بل هي قصة تروي كيف خسرت أمريكا العراق". 

وهو الأمر الذي سبق أن أكده الخنجر لأحد عناصر "سي آي إيه"، قائلا له: "أنت لا تعرف، ولكن بإمكاني أن أخبرك كيف تخسر أمريكا التأييد داخل العراق".

كيف أضحى الأمريكيون محتلين

لا يخفي الخنجر أنه كان قد رحب بالغزو الأمريكي في آذار/ مارس 2003، وبالسقوط السريع للنظام الذي يعتبره ديكتاتوريا، الذي كان يترأسه صدام حسين لعدة عقود. 

فهو نفسه اضطر إلى الهرب من العراق قبل ذلك بست سنين في عام 1997.  

وقال الخنجر في مقابلته مع هيرست: "لو أنني عدت خلال تلك الفترة لأعدمت. ما ينساه الناس الآن هو أن العراقيين كانوا جميعهم متساوين تحت حكم صدام. ومن كان معارضا فهو خصم إلى الأبد. وكان الناس يقتلون لأي سبب".

وأضاف أن معظم العراقيين مكثوا طويلا قبل أن يدركوا مخاطر الاحتلال. 

وقال: "عندما غزا الأمريكيون البلاد، لم يواجهوا سوى مقاومة ضئيلة. وكانت القوات الأمريكية مرتاحة، وكان الجنود يمشون في الشوارع ويرتادون المطاعم، وكان معظم العراقيين يعتقدون بأن الأمريكيين إنما جاءوا لتنمية الاقتصاد ثم بعد ذلك سيغادرون". 

إلا أن شهر العسل كان قصيرا، بحسب الخنجر.

وأوضح: "استمر الأمر إلى أن صدر قرار الأمم المتحدة رقم 1483 في أيار/ مايو من عام 2003، الذي تضمن الاعتراف الرسمي من مجلس الأمن الدولي بالولايات المتحدة كقوة احتلال تتحمل مسؤوليات إدارية". 

ثم جاء القرار المصيري بحل الجيش العراقي الذي أصدره بول بريمر، أول حاكم أمريكي للعراق لما بعد الغزو، الذي كان لقبه المدير الإداري لسلطة الائتلاف المؤقتة. 

وشكل بريمر مجلس حكم على أساس طائفي، وادعى أنه بذلك يصحح الخطأ الذي ارتكب عند تأسيس العراق في عام 1921، تحت الهيمنة البريطانية بعد سقوط الحكم العثماني، وفق الخنجر. 

وقال: "كانت سلطة الائتلاف هي المرة الأولى التي ينال فيها العراق حكومة معينة على أساس طائفي. كان كل واحد من تلك القرارات ينثر بذور الحرب الأهلية التي نشبت فيما بعد". 

وبحسب ما يقوله الخنجر، فقد فاقم من تلك الأخطاء سلوك المقاولين الأمريكيين، الذين كانوا يفتشون المنازل ويؤذون النساء. 

وأشار إلى السخط الذي نجم عن استخدام القوات الأمريكية للفوسفور الأبيض المحظور في الهجوم الذي شنته على مدينة الفلوجة، التي ينحدر منها، في عام 2005، التي تحولت إلى بؤرة للتمرد. 

وأكد الخنجر أن "كل هذا كان يقود إلى مزيد من المقاومة". 

وقال: "نعلم الآن أنه كانت هناك اتصالات بين الأمريكيين والإيرانيين أثناء تلك الفترة حول العراق الجديد وكيفية إدارته. بل تتوفر الآن وثائق حول التعاون بين تلكما الدولتين".

وأضاف: "كان ما يزيد عن نصف مدينة بغداد تحت سيطرة قوى المقاومة، وكان تنظيم القاعدة واحدا من تلك القوى. وكانت المقاومة تسيطر على معظم المناطق ذات الأغلبية السنية. بدأ الأمريكان بمهاجمة المناطق الواحدة تلو الأخرى، وبعد أن فرضوا سيطرتهم عليها سلموها لقوات الأمن التي تهيمن عليها المليشيات الشيعية". 

وقال: "فكانت تلك الوحدات تتصرف بطريقة طائفية متطرفة. وكان واضحا أن الأمريكيين ماضون في تدمير المجتمعات السنية، ففي الفلوجة استخدموا أسلحة غير مشروعة، وبالتدريج برزت القاعدة إلى السطح وقويت".

تم ترتيب لقاء في عمان في عام 2007، وكان الخنجر واحدا من ممثلي السنة الذين التقوا بالقيادات الشيعية. 

وقال: "سألنا الشيعة حول ما نريده مقابل تهدئة الأوضاع. قلنا لهم نريد دولة عادلة يعيش فيها جميع العراقيين متساويين أمام القانون. وشرحنا لهم كيف أن السنة تم إقصاؤهم عن أجهزة الأمن وعن وزارتي الدفاع والنفط".

ولم يرغب الخنجر في تسمية المشاركين في اللقاء من الجانب الشيعي، ولكنه قال إنهم ردوا بالقول حينها: "لدينا مشكلة. نخشى من بقايا نظام صدام حسين، ونخشى من عناصر القاعدة. فما لم تتخلصوا من القاعدة لن نتمكن من إعادة حقوقكم لكم، رغم معرفتنا بأن تلك هي حقوقكم".

الغدر بالصحوات

أيد الخنجر الصحوات، كما يقول، لأنه رأى فيها وسيلة للتخلص من القاعدة. 

وقال: "كانوا يهاجمون السنة والشيعة على حد سواء، لم يسلم منهم أحد. كانت سياسة القاعدة هي مهاجمة المجتمع الشيعي بأسره. ونحن كانت مشكلتنا مع السياسيين الشيعة وليس مع المواطنين العاديين".

ولفت إلى أن الأمريكيين وافقوا في المقابل على دفع تكاليف تجهيز وتدريب المقاتلين السنة، وتجنيد سبعين ألفا منهم للانضمام إلى الجيش العراقي بعد إلحاق الهزيمة بالقاعدة. 

ولكنه قال: "ما حصل حقيقة هو أن الجيش العراقي الذي أسسه بريمر، وكان قوة عسكرية شيعية، بدأ أفراده يسيئون التصرف في مناطق الأغلبية السنية، فراحوا يعتدون على النساء ويمنعون الناس من التوجه إلى المساجد، ويذلونهم عند نقاط التفتيش". 

وأكد أنه في بعض الأوقات "جرى قتل الناس على الهوية، لمجرد أنهم يحملون أسماء سنية. فبدأ السنة يتحدثون معنا ويقولون جيد أننا تمكنا من القضاء على منكر، ولكننا جلبنا محله منكرا أكبر".

وكان ما هو أسوأ من ذلك قادم على الطريق. إذ لم يتم الوفاء بما وعد به الأمريكيون من استيعاب سبعة آلاف مقاتل. وبدلاً من ذلك قالوا إن ذلك القرار تملكه حكومة سيادية عراقية، التي كانت حينها برئاسة نوري المالكي، رئيس وزراء العراق في الفترة من 2006 إلى 2014. 

 

اقرأ أيضا: مصادر تكشف لـ"عربي21" أسباب تفرق "سنّة العراق" انتخابيا

وقال الخنجر: "من وجهة النظر السنية، كان ذلك غدرا أمريكيا. توقف الأمريكيون عن الحديث معنا وسلموا الملف إلى المالكي، وكان ذلك حينما بدأ الأخير يسفر عن مشاعره ومواقفه الطائفية السيئة". 

وأضاف: "توقف المالكي عن دفع مخصصات المقاتلين –حوالي ثمانين بالمائة منهم- وتعرض العشرات من قياداتهم للقتل، وألقى القبض على بعضهم، بينما تمكن البعض الآخر من الفرار إلى خارج العراق".

ووجد مقاتلو الصحوات السنة أنفسهم بين المطرقة والسندان، إذ انقلب عليهم في نفس الوقت الرأي العام السني وحكومة المالكي. 

وفي عام 2008، بعد عامين من بدء الفترة الأولى للمالكي كرئيس للوزراء، التقت مجموعة من عشرة أو يزيدون قليلا من قيادات الصحوات مع سفير الولايات المتحدة في الأردن، وقالوا له بشكل واضح وصريح: "لقد غدرتم بنا".

تشاور السفير مع وزارة الخارجية في واشنطن، وعاد إليهم بعد خمسة أيام، وكل ما أمكن تقديمه لهم هو السماح لخمسة منهم بالإقامة في ولاية نيفادا في غرب الولايات المتحدة. وهو ما تم بالفعل. 

وعن ذلك يقول الخنجر: "كان واضحا أن الأمريكيين تخلوا عنهم بينما كان المالكي يلاحقهم، فذهب بعضهم إلى الجانب الإيراني وعرضوا أنفسهم. لقد رموا بأنفسهم في أحضان الإيرانيين".

كيف تشكلت كتلته


انتهى التواصل تماما مع الأمريكيين، إلا أن الخنجر وغيره من زعماء السنة استمروا في الحديث مع الزعماء السياسيين الشيعة، على الرغم من أن أولئك الذين ساعدوا في استنفار مقاتلي الصحوات باتوا الآن يوصمون بالإرهاب. 

وظل الخنجر مصرا على أن المشكلة لا يمكن إنهاؤها من خلال تطبيق الحل الأمني. وأكد أنهم كانوا بحاجة إلى موقف سياسي. 

وأكد أنه حينها نشأت فكرة دخول المعترك الانتخابي، الذي كان ما زال على بعد ثمانية عشر شهرا حينها، وذلك من خلال قائمة وطنية عراقية شاملة يترأسها زعيم شيعي، ليس لديه تحيزات طائفية. 

وقال: "تحدثنا مع ثلاث مجموعات، بما في ذلك مجموعة المالكي نفسها. ودعونا جميع القوى السنية إلى منزلي في عمان بموافقة الحكومة الأردنية. والتقينا هناك ليومين، وقررنا المشاركة على نطاق واسع وبشكل مكثف في الانتخابات وتغيير الوضع في العراق من خلال الانتخابات". 

وأضاف: "كانت الفكرة من وراء ذلك هي بدلا من ترك الشباب السني يعود إلى حمل السلاح، بأن نقنعهم بأن التغيير في البلاد يمكن أن يحصل من خلال الانتخابات، وأن نمنحهم الأمل".

وأكد أنهم كانوا بحاجة إلى شخصية كبيرة تترأس القائمة، فتواصلوا مع المالكي ومع إياد علاوي، الذي شغل منصب رئيس وزراء العراق في الفترة الانتقالية من 2004 إلى 2005 ما بعد الغزو الذي جرى في عام 2003، وجواد البولاني، الذي كان حينها وزير الدفاع في البلاد ويحظى بشعبية. 

وقال: "اتصل بي المالكي هاتفيا. شكرني على الاتصال به، وقال إنه سيلتقي بي بعد الانتخابات. أما الآخران فوافقا. بمعنى آخر، لم يكن المالكي مهتما بفكرة الوحدة الوطنية. ثم بعد أسابيع قليلة، نشب خلاف بينه وبين البولاني، وكان ذلك مؤذنا بميلاد القائمة "العراقية"، التي أصبح العلاوي رئيسا لها، وغدت إنجازا كبيرا لاشتمالها على سياسيين سنة وشيعة".

وفازت الكتلة "العراقية" بواحد وتسعين مقعدا، أي ما يكفي لأن تكون أكبر مجموعة داخل البرلمان. 

وجاء تحالف دولة القانون برئاسة المالكي في المرتبة الثانية، حيث فاز بتسعة وثمانين مقعدا. وكانت المحكمة الدستورية قد قضت بأن بالإمكان تشكيل ائتلاف حكومي بعد الانتخابات لا قبلها، فذلك كان ما هو متعارف عليه حينها، الأمر الذي أتاح تسعة شهور من المناورة ولي الأذرع، وسمح للمالكي بالبقاء في السلطة، كونه رئيس للوزراء في حينه. 

ولم يكن المالكي رجل واشنطن فحسب، بل ورجل طهران أيضا. وحسبما يقوله الخنجر كان الطرفان كثيرا ما يلتقيان. 

وقال: "لقد جن جنون الأمريكيين، فقد كانوا يريدون للمالكي أن يفوز بأي ثمن، ولكننا كنا نحن الفائزين".

وتبعت ذلك ثمانية شهور من الصراع السياسي، وقامت كل من سوريا وقطر وتركيا بمحاولات وساطة، ولكن في نهاية المطاف تمكنت الولايات المتحدة بالتفاهم مع إيران من إبقاء المالكي في السلطة. 

ومع ذلك بقيت مشكلة واحدة، إذ لم يكن المالكي رجل باراك أوباما، وهنا يأتي دور بريت ماكغورك، وكان واحدا من ثلاثة فقط من السياسيين الذين يعود تعيينهم إلى حقبة جورج بوش وبقوا موجودين رغم انتقال الرئاسة إلى أوباما. 

وفعلا، تم استدعاؤه للخدمة حتى يعالج المأزق السياسي في العراق. 

وقاد ماكغورك المجموعة الأمريكية التي أقنعت أوباما بأن الحل الوحيد في العراق يكمن في إبرام صفقة جديدة مع إيران، الأمر الذي يعني إعادة المالكي ليظل في الحكم لدورة ثانية. 

"اذهبوا إلى إيران"

وبدأ الأمريكيون في ممارسة الضغط على المجموعات السياسية السنية لكي يقدموا الدعم للمالكي. 

وبحسب الخنجر، قيل للسنة: "اذهبوا إلى إيران".

وقال الخنجر: "عاد المالكي إلى السلطة، وبداخله رغبة جامحة في الانتقام".

وقال عن المالكي: "أراد أن يدمر الزعماء السنة والمناطق السنية التي صوتت ضده. وانقلب على القيادات السنية مثل طارق الهاشمي، نائب الرئيس، ورافع العيساوي، وزير المالية ونائب رئيس الوزراء، رغم ما كانا يحظيان به من شعبية، ودفعهما إلى مغادرة البلاد".

أما الهاشمي، الذي لجأ بادئ الأمر إلى منطقة كردستان شبه المستقلة، ويقيم الآن في تركيا، فقد اتهم بتدبير هجمات بالقنابل على سياسيين شيعة، وصدر بحقه غيابيا حكم بالإعدام. 

وقال الخنجر: "غدت السجون في العراق مكتظة بمئات السنة من الشباب. وألقي القبض على النساء دون تهم، فقط لمجرد أن شقيق الواحدة منهن كان يشك في انتمائه للقاعدة. وتم استخدام الاغتصاب سلاحا".

وأكد هيرست أن رواية الخنجر تتوافق مع ما كانت منظمات حقوق الإنسان الدولية تنشره، متهمة قوى الأمن تحت حكم المالكي بإدارة سجون سرية وبممارسة التعذيب. 

وتدهور الوضع الأمني سريعا في عام 2011، إذ ما لبثت موجات الاعتقال أن دفعت الناس نحو التظاهر في مدن مناطق الأغلبية السنية مثل الرمادي، وعندما تصادم المتظاهرون مع قوات الأمن في الحويجة، قريبا من كركوك، قتل العشرات من المتظاهرين. 
 
وكان زعماء حزب القائمة العراقية يشعرون بألا حول لهم ولا قوة، فناشدوا الأمريكيين والبريطانيين التدخل والمساعدة. وحينها توجه جون جنكينز، الذي كان وقتها سفيرا لبريطانيا في العراق، إلى منزل الخنجر في عمان. 

وسأل السنة المتواجدون هناك السفير جنكينز ماذا عساهم يفعلون، فهم على يقين بأنهم فازوا في الانتخابات. 

وقال الخنجر، إن إجابته كانت صريحة وجريئة، إذ قال لهم: "اذهبوا إلى إيران، فليس لديكم خيار آخر".

وعندما تواصل موقع ميدل إيست آي مع السفير جنكينز، قال إنه يتذكر اللقاء مع الخنجر، ولكنه ينفي أنه قال للخنجر "اذهبوا إلى إيران"، ولكنه أقر بأنه كان "ضد المالكي وضد إيران". 

وقال جنكينز: "أنا متأكد أنني لم أنطق بشيء من ذلك. بالطبع، إن السياق الذي تصفه لي صحيح، فقد كان رأيي آنذاك –ولم يتغير شيء منذ ذلك الحين– أن الانتخابات التي جرت في آذار/ مارس وكل ما تبعها من استطلاعات للرأي كانت تشير إلى أن أغلبية العراقيين كانوا يرغبون في حكومة غير طائفية، يترأسها إياد علاوي". 

وأضاف: "رأينا نفس المؤشرات في أنماط التصويت أثناء انتخابات المحافظات في مطلع عام 2009، أي أن ذلك لم يكن شيئا مؤقتا. فازت قائمة العراقية بالانتخابات التي جرت عام 2010، على الرغم من العديد من العوائق".

وقال: "في ذلك الوقت كان المالكي يسعى بمساعدة الإيرانيين لضمان تواطؤ كبير القضاة مدحت محمود، وبفضل المجاملة الظاهرة من جانب الولايات المتحدة، لقلب تلك النتيجة حتى يتمكن من البقاء في السلطة". 

وأضاف: "فقط إيران هي المستفيدة من ذلك، وبالطبع المالكي. ولم أفهم لماذا لم يحرك أحد في العواصم الغربية ساكنا للحيلولة دون حدوث ذلك".

ويتذكر جنكينز أنه اتهم حينها بأنه مناهض للشيعة، ويقول عن ذلك: "لم يكن ذلك صحيحا. كنت بالتأكيد ضد المالكي وضد إيران. ولم يكن ذلك بسبب موقف عقائدي مناهض للإيرانيين، وإنما من باب المهنية لا أكثر ولا أقل". 

وأضح: "كان تقديري أن المالكي كان معاديا لنا، وأن استيلاء إيران على العراق سيشكل تهديدا للمصالح البريطانية في المنطقة، بل وللمصالح الغربية بشكل عام، وأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى تقويض الاستقرار في دول الجوار".

وبينما استمر جنكينز في رفض الادعاء بأنه قال للخنجر عليكم أن تذهبوا إلى إيران، إلا أنه اعترف بأن جزءا من النقاش لربما كان حول ذهاب علاوي إلى إيران. 

وقال: "من الممكن أن جزءا من النقاش تطرق لفكرة ما إذا كانت إيران متقبلة لأن يكون علاوي رئيسا للوزراء. وفي واقع الأمر، ذهب علاوي فعلا إلى طهران مرة أو مرتين. ولكن إذا ما أخذنا بالاعتبار أن خامنئي وسليماني كانا كلاهما يصران على أهمية وجود كتلة انتخابية شيعية موحدة كشرط أساسي لضمان هيمنة شيعية طائفية موالية لإيران داخل العراق، فقد كان مستبعدا جدا أن يقبلوا بعلاوي".

وطبقا للخنجر، فقد وصل زعيم سني آخر إلى أوباما في البيت الأبيض، وكانت الإجابة مماثلة، حيث نفض الأمريكيون أيديهم من المسؤولية عن حملات القمع التي كان يشنها المالكي. 

فما كان من الخنجر إلا أن توجه مباشرة إلى زعماء الشيعة العراقيين، مناشدا إياهم أثناء لقاء عقد في بروكسيل وقف الانتهاكات بحق السنة. 

وحول ذلك قال الخنجر لهيرست: "قلت لهم: إنكم تدفعون بشعبنا نحو الإرهاب. عندما قاوم السنة الاحتلال قلتم عنهم إنهم إرهابيون. وعندما قاومت الصحوات تنظيم القاعدة، وصمتموهم أيضا بالإرهاب، وعندما فاز السياسيون السنة في الانتخابات، قلتم عنهم إنهم إرهابيون. كيف سنتفاهم إذن؟".

وأكد أنه كان واضحا لدى الزعماء السنة أن الولايات المتحدة وإيران كلاهما يدعمان المجموعات الشيعية. 

مشاركة الخبر: خميس الخنجر: أمريكا همشت سنة العراق ودفعتهم نحو إيران (1) على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

تعرف على آخر موعد للتقدم لمسابقة المواهب الأدبية فى دورتها السابعة

تعرف على آخر موعد للتقدم لمسابقة المواهب الأدبية فى دورتها السابعة

منذُ 24 دقائق

أعلنت الإدارة المركزية للشئون الأدبية والمسابقات بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للثقافة عن الدورة السابعة من مسابقة...

محمد سليم شوشة يكتب شاكر عبد الحميد رحلة طويلة من التحديث الثقافي

محمد سليم شوشة يكتب شاكر عبد الحميد رحلة طويلة من التحديث الثقافي

منذُ 24 دقائق

يمثل الدكتور شاكر عبد الحميد حالة خاصة بين النقاد والمثقفين العرب ذلك لأنه كان ينطلق من رؤية خاصة وثابتة في التعامل مع...

أطعمة يجب تناولها لتجنب مشاكل القلب والأوعية الدموية

أطعمة يجب تناولها لتجنب مشاكل القلب والأوعية الدموية

منذُ 24 دقائق

الحفاظ علي صحة القلب يعد من الأمور التي يسعي لتحقيها جميع مرضاه ويقدم التقرير المنشور عبر موقع hindustantimes نصيحة أنه يجب...

جددي منزلك قبل العيد 8 طرق بسيطة لتجديد غرفة المعيشة

جددي منزلك قبل العيد 8 طرق بسيطة لتجديد غرفة المعيشة

منذُ 26 دقائق

هناك طرق عديدة لتحديث غرفة المعيشة الخاصة بك قبل عيد الفطر اعتمادا على ما تفضيلنه وأسلوبك الخاص والمبلغ الذي ترغبين في...

وزير الدفاع الكندي يشكو فراغ مخزون الذخيرة بسبب مساعدة أوكرانيا
وزير الدفاع الكندي يشكو فراغ مخزون الذخيرة بسبب مساعدة أوكرانيا
منذُ 30 دقائق

أجاب وزير الدفاع الكندي بيل بلير عندما سئل عن إرسال المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا بأن أوتاوا أفرغت مخازنها من...

روسيا هجوم كروكوس يوقظ الإسلاموفوبيا
روسيا هجوم كروكوس يوقظ الإسلاموفوبيا
منذُ 40 دقائق

تختلف الأجواء الرمضانية التي يعيشها مسلمو روسيا خلال العام الجاري عن أي وقت مضى وبات الحزن يخيم على تجمعاتهم بعد الهجوم...

widgets إقراء أيضاً من عربي21

حملة اقتحامات إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة واشتباكات عنيفة مع مقاومين شاهد
حول قرار مجلس الأمن الأخير
علاء مبارك لمحمد رمضان أخطأت واعتذر لجمهورك
175 يوما من العدوان | مجازر وحشية جديدة والمقاومة تواصل عملياتها