التزام الخليل بالإضراب التضامني مع غزة يفوق نسبة 95%

التزام الخليل بالإضراب التضامني مع غزة يفوق نسبة 95%

12 ديسمبر 2023
أشخاص يسيرون أمام المتاجر المغلقة خلال إضراب البلدة القديمة بالقدس (فرانس برس)
+ الخط -

رغم أن مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية توصف بالعاصمة الاقتصادية حيث تتمحور فيها أبرز المراكز الصناعية والمنشآت التجارية، بالإضافة للكثافة السكنية الأكبر فلسطينيًا، إلا أنها أظهرت التزامًا غير مسبوق، وفق نشطاء ومتابعين، بالمشاركة في الإضراب العام الذي شمل فلسطين ودولا أخرى في العالم نصرة لغزة ورفضًا للمجازر الإسرائيلية فيها منذ 66 يومًا.

وتبعًا لهذا الإضراب، شلت حركة المواصلات في كافة محافظات الضفة الغربية، وأغلقت المؤسسات والبنوك، والمدارس، والوزارات، والمحال التجارية في مختلف مدن وبلدات الضفة الغربية، كما علقت جلسة التداول في البورصة المحلية. 

التزام كبير من العاصمة الاقتصادية

في الخليل التي يزيد عدد منشآتها التجارية عن 30 ألفًا ما بين محلات تجارية وشركات ومصانع، فقد أظهرت المدينة التزامًا بالإضراب يفوق نسبة الـ 95% كما يقول عضو غرفة تجارة وصناعة الخليل، طاهر عابدين في حديث مع "العربي الجديد"، منوها إلى أن الخليل قدمت التزامًا لافتًا وصارمًا في دعوات الإضراب الأخيرة التي أعلنت منذ بدء العدوان على قطاع غزة.

ووفق عابدين، فإن القطاع الخاص في مدينة الخليل أبدى استعدادًا لتقديم الدعم المادي اللازم لقطاع غزة، حيث وقّعت الغرفة التجارية قبل أيام مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني اتفاقية تعاون من شأنها أن تجمع تبرعات نقدية من التجّار والمواطنين لتقديمها عبر الهلال الأحمر لسد ما يحتاجه قطاع غزة من مساعدات، فيما أكد على استعداد المدينة دائمًا للالتزام بأي نشاط وطني وعالمي من شأنه أن يوقف العدوان على القطاع. 

فكرة الإضراب

فكرة الإضراب العام الذي أطلقته الناشطة الفلسطينية إسراء الشيخ المقيمة في تركيا، ثم الدعوات واسعة النطاق التي أطلقها بعد ذلك نشطاء من مختلف أنحاء العالم، تحت وسم "إضراب من أجل غزة"، تبعتها لاحقًا دعوة من القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية تؤكد الالتزام بالإضراب، فيما أعلنت لاحقًا نقابات واتحادات وبنوك وشركات وهيئات محلية فلسطينية، في بيانات منفصلة عن انضمامها للإضراب العام في الضفة الغربية.

ويرى عضو لجنة الدفاع عن الخليل، هشام الشرباتي في حديث لـ"العربي الجديد" أن أهمية الإضراب تنبع من كونه تخطى مفهوم الواجب الفلسطيني، ودعوات الفصائل، حيث وصف بالإضراب الأممي وكانت المشاركة الفلسطينية تابعة وليست مؤسسة لهذا الإضراب، ما من شأنه أن يدق الجرس لدى القوى والفعاليات الوطنية الفلسطينية لتلتقط الإشارة بضرورة تفعيل الأنشطة الوطنية اللازمة المناصرة لغزة.

يشدد الشرباتي على أن الالتزام بالإضراب يوصل رسالة بأن الارتباط العاطفي لما يجري بغزة قابل للترجمة العملية على الأرض وأنه ليس مجرد امتناع عن العمل. 

رسالة إلى الاحتلال

من ناحية أخرى، فإن التزام المؤسسات الفلسطينية بالإضراب يوصل رسالة للاحتلال والقوى الداعمة له بأن المقاومة ليست معزولة وبالتالي نفي رواية أن المقاومة جلبت الويل للشعب وأنها باتت مرفوضة، وهنا تنبع أهمية تكرار الإضراب مع وجود برنامج وطني نضالي ضمن فعاليات واضحة على الأرض، وفق الشرباتي.

ويؤكد الشرباتي أن "على الفصائل وتحديدًا منظمة التحرير الفلسطينية التي تعتبر نفسها طليعة النضال الوطني أن ترى التزام الناس بالإضراب الأممي، وهي رسالة أن الفلسطيني مستعد لفعل ما هو أكبر من الإضراب نصرة لغزة، والميدان شاهد على اندفاع الشبّان نحو نقاط التماس وأحيانًا لأعمال المقاومة الفردية نتيجة غياب دور الفصائل في هذا السياق".

ويأتي حديث الشرباتي في ظل أن بعض بيانات القوى الوطنية في عدة محافظات بالضفة الغربية لم تتطرق لأي فعالية في يوم الإضراب العام.

وكانت القوى والفصائل الفلسطينية دعت في بيان سابق إلى "الخروج للشوارع وساحات المدن والقرى والمخيمات للتعبير عن وحدة الدم والمصير وانتصارا للأبرياء العزل، وتوجيه رسالة للعالم أن الشعب الفلسطيني سيقف بقوة ضد محاولات الاقتلاع والتهجير، وأن النضال المشروع سيتواصل حتى تحقيق الحرية والاستقلال".

وأضافت أن شعوب الأرض قاطبة ستتوحد في مواجهة الظلم والقتل والعنصرية التي تمارسها دولة الاحتلال، وستنتصر لدماء الأطفال والنساء والشيوخ ضحايا إرهاب الدولة المنظم وجرائم الحرب الاحتلالية".

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة خلّفت حتى مساء أول من أمس 17 ألفا و997 شهيدا، و49 ألفا و229 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.

وفيما يتعلق بالتصعيد الإسرائيلي المتواصل بالضفة الغربية، واصلت قوات الاحتلال فجر أمس الاثنين اقتحامها لعدة مدن وبلدات في الضفة الغربية، وشنت حملة دهم واعتقالات واسعة النطاق.

ويأتي الالتزام الكامل بالإضراب في الضفة في ظل أزمات اقتصادية عاصفة وركود بالأسواق بسبب العدوان الإسرائيلي. ومن أبرز تداعيات الإجراءات الاحتلالية توقف اليد العاملة داخل فلسطين المحتلة عام 1948 إذ إن هناك ما لا يقل عن ربع مليون عامل فلسطيني (نصفهم يملك تصاريح رسمية من الاحتلال) توقفوا تماماً عن العمل هناك.

ووفق تصريحات سابق لأستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية سامح العطعوط لـ"العربي الجديد"، يشكل دخلُ هؤلاء العمال، جزءاً كبيراً من دخل الاقتصاد الفلسطيني، وهو حسب التقديرات يفوق ملياراً و300 مليون شيكل شهرياً، ما يعادل تقريباً 16 مليار شيكل سنوياً (4.5 مليارات دولار)، كانت غالبيتها تصرف داخل أسواق الضفة الغربية، وقد توقفت تماماً.

ويقول العطعوط: "طبعاً هذا يضاف إلى توقف المتسوقين من فلسطينيي الداخل عن القدوم للضفة بشكل كامل منذ ذلك الوقت، وهؤلاء أيضاً كانوا ينفقون أموالاً طائلة في الضفة".

المساهمون