خالد دومة يكتب: السأم

الجمعة، 15 ديسمبر 2023 01:04 ص
خالد دومة يكتب: السأم خالد دومة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إنها الساعات الطويلة الممتدة، تأخذ بخناق المرء، تجذبه من عنقه، تسحبه نحو هاوية سحيقة، تقذفه بها فيموت في بطيء شديد، يظل يموت في أيام وسنوات، إنها سنوات من العذاب المتصل، إنه الشعور الحاضر بالكرب، يتخلل كل جزء فينا، لا حركة، إلا وفيها من المط والخزلان الكثير، حين يتسرب إلى الروح، فهو يبيد المشاعر، تحت عجلاته القوية، ولا يميتها مرة واحدة، كل شيء يسير ببطيء، وثقل غير معهود، حركة الكون تتوقف، النجوم لا تغور أبدا، تظل واقفة هناك، لتقول لنا أن الليل ليس له نهاية، كل شيء واقف جامد، منزوع الحرية والحركة في داخلي أيضا، كل الأشياء واقفة، العقل والقلب  حتى الأحشاء، التي لا تعلم بمرارة الملل تتوقف هي أيضا، إنه يحطم الأشياء العظيمة.  
 
سئمت وبلغ السأم صميم الحياة، انطلق يعدو فينا، يملأ الأمكنة والأجواء، ويعكر صفو النفس، ألتهمنا بلا رحمة، لم نفعل شيء، سوى إننا تركنا له أجسادنا، يلتهم قطعة قطعة، لم يترك فينا حتى العظام الناتئة المتكسرة، التي هشمتها الأيام، سبقتنا الأحزان إلى كل شيء، يصير دخان، يتصاعد من جوف أعماقنا، دروب غير واضحة، السواد يتربص بقلوبنا، لم يعد منا أي شيء نبكي عليه، إذا كنا قد تلاشينا وتبخرنا في الهواء الصاعد إلى السماء، والذي لن يعود أبدا، كل هواء لا يعود، فهو مأتم نودعه بصرخات المفوجوعين والأرامل والثكالى، حزينة هي، ضامرة لا تقوى على فعل أي شيء، الغد المنير، الذي لا يجيء، والاضطراب الذي تعج به نفوسنا الخاوية، أسئلة كثير تتوارد على خواطرنا، ولا إجابة تشفي العقول الحائرة الهائمة، مد يد العون إلى السراب، الذي لا نراه، عزاء موصول إلى الأبد، لا ينقطع، ذلك كان وسيظل نحترف، أتهيم بشيء، أنني غارق في صمت مميت أبدي دائم لا حدود لنهايته... إن الشعور تخاذل وانكمش وصار جفوة ويأس. 
 
سئمت من تلك الأنفاس، التي تتردد في صدري، تخرج نارا موقدة، أترى ما يحدث، أهي لعنة أصبت بها، في المهد، فهي تلاحقني في أطوار عمري، أتكون هي، ومن صاحبها متعب، أنا ضيق صدري، إلى المنتهى، من يقف إذا على الأبواب المؤصدة، مرهق ومنهكة جوارحي، تعبتّ مما تعبت؟ من الأشياء، من كل شيء، من الحياة، من الموت، من الشقاء المتصلب في روحي، من النار التي لا تكاد تنطفيء، حتى تشب، تلتهم كل شيء، تاركة خلفها أثر الدمار، في كل كياني.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة