الدنمارك: العزلة تزيد أعداد المصابين بالخرف

الدنمارك: العزلة تزيد أعداد المصابين بالخرف

04 يناير 2024
الحد من العزلة الاجتماعية قد يحمي من الإصابة بالخرف (العربي الجديد)
+ الخط -

في الوقت الذي تشهد فيه الدنمارك ارتفاعاً في أعداد المصابين بالخرف، تبين أن الشعور بالعزلة يعد أحد أسباب الإصابة. وقد يكون تحديد الأسباب أمراً مفيداً يساهم في الحد من العوامل ذات التأثير 

تُظهر أرقام المؤسسات الصحية الدنماركية لعام 2023، ومن بينها المركز الوطني للخرف، ارتفاع نسبة مرض الخرف بين كبار السن. ويقدّر عدد الدنماركيين المصابين بالخرف بحوالي 90 ألفاً، بالإضافة إلى تشخيص إصابة نحو 50 ألفاً بمرض ألزهايمر. 
والخرف ليس مرضاً محدداً، ولكنه مصطلح شامل يشير إلى مجموعة كبيرة من الأعراض. وتؤثّر الأعراض في قدرة المريض على أداء الأنشطة اليومية. وتشمل الأعراض الشائعة للخرف ضعف الذاكرة، وتغيرات في مهارات التفكير، وضعف مهارات التفكير والتقدير السليم للأمور، وقلة التركيز والانتباه، وتغيرات في مهارات اللغة، وتغيرات في السلوك. أما ألزهايمر، فهو أكثر أنواع الخرف شيوعاً لكنه ليس الوحيد.
وخلال السنوات الأخيرة، تم تشخيص 8 آلاف حالة إصابة بالخرف سنوياً، من بينها نحو 3 آلاف تحت سن الـ 65. وتشير دراسات صادرة عن المركز الوطني للخرف إلى أنه بحلول عام 2040، يتوقّع ارتفاع أعداد الإصابات من الفئة العمرية التي تزيد عن 65 سنة إلى نحو 150 ألفاً، مع الأخذ في الاعتبار الوفيات المتزايدة بصفوف هؤلاء الذين يصابون بألزهايمر وغيره من الأمراض. وتشير الأرقام إلى وجود نحو 400 ألف شخص متأثر بإصابة أحد أفراد الأسرة بالخرف، ما يعني أن نسبة لا بأس بها من المجتمع (نحو 5.45 مليون نسمة) هم أقارب للمرضى. وبين تلك الأرقام حوالي 54 في المائة هم أبناء وأحفاد وأهل المصابين بالخرف من فئات عمرية مختلفة. 

ويتطلب ذلك من الأهل، وفقاً للأرقام الرسمية، تخصيص نحو 6 ساعات يومياً للاعتناء بالمصابين بالخرف. أمر يسري على النساء والرجال على حد سواء. وفي السياق، يبدو أن نسبة المصابين بالخرف بين نزلاء دور رعاية المسنين تتراوح ما بين 75 و85 في المائة، ما يرفع الكلفة الإجمالية لعلاج ورعاية النزلاء من كبار السن إلى 18 مليار كرونة سنوياً (الدولار يساوي حوالي 6.5 كرونة)، بينما يتطلب علاج الخرف إجمالاً (شاملاً أولئك الذين يقيمون بين أسرهم) حوالي 20 مليار كرونة سنوياً.
ويجد المتخصصون في القطاع الصحي الدنماركي، شأنه شأن بقية أنحاء أوروبا، صعوبة في إيجاد علاجات فعالة للمصابين بالخرف، بينما يتفق هؤلاء على إمكانية الوقاية منه، وذلك بعد تسجيل زيادة في الإصابات في الدول الغربية حتى بين هؤلاء الذين ما زالوا دون الـ 65 عاماً.

الصورة
ليس كبار السن وحدهم من يصابون بالخرف (العربي الجديد)
ليس كبار السن وحدهم من يصابون بالخرف (العربي الجديد)

وفي نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أظهرت دراسة أعدّها عدد من الباحثين في جامعتي إكستر وماسترخت تفاؤل الدنماركيين والأوروبيين في تحديد العوامل التي تزيد خطر الإصابة بالخرف المبكر، واكتشفوا أن نمط الحياة بصورة رئيسية يلعب دوراً حاسماً في الوقاية من الخرف. وأظهر الباحثون، من خلال جمع بيانات أكثر من 350 ألف مشارك في بريطانيا تحت سن 65 عاماً، إصابة 485 منهم بالخرف المبكر. وبعد دراسة أنماط السلوك والظروف المعيشية والأمراض السابقة بين هؤلاء الذين جرى تشخيصهم، نشرت المجلة الطبية JAMA Neurology أن المشترك بين هؤلاء كان مرض ارتفاع ضغط الدم وتناول كميات من الكحول والعيش في وحدة وعزلة اجتماعية، بالإضافة إلى نقص فيتامين "د"، وهو ما يمكن أن يضاعف الإصابة بالخرف المبكر لدى الشباب.

الصورة
كلفة رعاية المسنين تزداد (العربي الجديد)
كلفة رعاية المسنين تزداد (العربي الجديد)

ويمكن تلخيص العوامل التي تزيد خطر الإصابة بألزهايمر وأنواع الخرف الأخرى بارتفاع ضغط الدم والاكتئاب والإدمان على الكحول والإصابة بجلطة دماغية وعوامل وراثية أخرى، بالإضافة إلى العزلة الاجتماعية وأمراض القلب والأوعية الدموية ونقص فيتامين "د" وفقدان السمع ووجود مستوى عال من البروتين المتفاعل C وضعف قوة قبضة اليد.
وفي ما يتعلق بالعوامل المخفضة للإصابة بالمرض، فتشمل استهلاكاً معتدلاً للكحول والاستمرار بالتعليم (دورات ودراسات) وتقوية قبضة اليد. ومع أن الاكتئاب يدخل ضمن العوامل المرتبطة بتسارع الإصابة بالخرف، يوضح الباحثون أن الإصابة بالاكتئاب لا ترفع مخاطر الإصابة، لكن بسببه تنشأ عزلة اجتماعية تعد سبباً قوياً ومباشراً للمرض. والأمر الذي أثار دهشة الباحثين هو أن التدخين، وسوء التغذية، وعدم ممارسة الرياضة، لم يكن لها ارتباط مباشر بخطر الإصابة بالخرف المبكر، علماً أنها كانت مهمة سابقاً.
ويشير أحد مؤلفي الدراسة وأستاذ علم الأمراض العصبية في جامعة ماسترخت، سباستيان كولر، إلى أن "الصحة العقلية والشعور بالوحدة يلعبان دوراً مهماً في الإصابة المبكرة"، وفقاً لما نشرته JAMA Neurology. 

من جهته، يوضح البروفيسور ديفيد لويلين من جامعة إكستر أن "الدراسة تظهر لأول مرة أنه يمكننا على الأرجح تقليل خطر الإصابة بالخرف من خلال هذه العوامل المختلفة". وفي النتيجة، يؤكد باحثون في الدنمارك أن ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض الخرف في الدول الغربية تعكس جانباً من تطور القطاعات الصحية في التشخيص المبكر للخرف بين الفئات الشابة، بهدف تعزيز عوامل الوقاية منه.

المساهمون