شيرين عودة وثمار البطيخ وشقائق النعمان

شيرين عودة وثمار البطيخ وشقائق النعمان

22 يناير 2024
من أعمال عودة (من الفنانة)
+ الخط -

استُعيدت ثمار البطيخ مع العدوان الأخير على قطاع غزة، للتحايُل على خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي المُنحازة. وقد ظهرت ثمار البطيخ في سياق مشابه، لكن لم يكن افتراضياً؛ إذ حظر جيش الاحتلال رسم العلم الفلسطيني؛ فلجأ كثير من التشكيليين الفلسطينيين إلى رسم ثمار البطيخ.
وهكذا أيضاً تفعل الفنانة التشكيلية الأردنية الكندية، شيرين عودة، في أعمالها التي نفذتها طوال مدة عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي بدأ منذ أكثر من 100 يوم. ومنذ أكثر من 100 يوم أيضاً، لم تتوقف عودة عن تكرار عنصرَي ثمار البطيخ وزهرة شقائق النعمان (الحنّون أو الدحنون كما يسمّيها الفلسطينيون والأردنيون) في لوحاتها التي رافقت هذا العدوان.
في حديثها إلى "العربي الجديد"، تقول عودة: "لأكثر من سبب استخدمت ثمار البطيخ وشقائق النعمان في أعمالي الأخيرة. أولاً، لأن البطيخ وشقائق النعمان تعتبر رمزاً من رموز النضال ضد الاحتلال، والأكثرية من الفنانين استخدموا هذه الرموز في أعمالهم الداعمة لفلسطين، خصوصاً في الفترة الأخيرة مع العدوان على قطاع غزة".
تضيف عودة: "السبب الثاني، لأن كثيراً من مواقع التواصل الاجتماعي حظرت التحدث بشكل مباشر عن الأوضاع في فلسطين، خصوصاً في أول العدوان على قطاع غزة". توضح: "ضمن الظروف يعيشها الفلسطينيون، أردت أن ألفت نظر العالم إلى فلسطين بطريقة مختلفة وبسيطة. أردت أن أعطي قليلاً من الأمل رغم الظروف القاسية؛ فاستعملت رموز البطيخ وشقائق النعمان والفاكهة والحطة الفلسطينية وزهور الياسمين لتدل على جمال فلسطين، وما تشتهر به".
وهذا فعلاً ما يلفتنا في لوحات عودة الأخيرة؛ فخلافاً لكثير من الأعمال الفمية الأخرى، سواءً كانت لوحات تشكيلية، أو صورا فوتوغرافية، تسعى عودة في أعمالها إلى بثّ روح أقل خطابية ومُباشرة، مركزةً على تسليط الضوء على البيئة الفلسطينية بجمالياتها؛ فنرى فاكهة الفراولة المعروف قطاع غزة بإنتاجها، وحبوب الزيتون وأوراقه، ونرى طيور الحمام البيضاء، وثمار الكرز والرمّان، إضافة إلى الأغصان الخضراء. في إحدى اللوحات، ننظر إلى شجرة خضراء، تحبل بكل هذه الثمار، إلى جانب البرتقال والليمون.

في لوحة أخرى، ترسم عودة علم فلسطين كاملاً وواضحاً، وتنثر عليه ثمار البطيخ. هكذا، رغم أن هذه الثمار جاءت كتعويض عن غياب العلم، إلا أن الفنانة تصرّ على حضوره مع تلك الثمار، كي لا ينحصر البطيخ في سياق رمزي أحادي؛ فلا يغدو مجرّد حيلة على الخوارزميات وجيش الاحتلال، وإنما يصبح إنتاجاً فلسطينياً خالصاً. يبقى العلم، كبيراً وظاهراً بلا أي تمويه أو تحايُل، وتحضر ثمار البطيخ أيضاً في تعزيز بصري لتلك الألوان؛ الأحمر والأسود والأخضر والأبيض.
تحمل إحدى اللوحات عنوان "ياسمين". تتوسط هذا العمل كوفية، وثمار بطيخ، وحبة ليمون وحمامة بيضاء والعلم الفلسطيني، وتُنثر حولها زهور الياسمين البيضاء. تتخلّص هذه اللوحات من أي عناصر تُشير إلى العنف، لتحضر فلسطين كبلاد تتزيّن بتلك العناصر الإنسانية الخالصة.
خلال الـ100 يوم الأخيرة، لم تُنتج شيرين عودة أي عمل ليس مرتبطاً بفلسطين. في هذا السياق، تقول: "كفنانة، أسعى إلى لفت النظر إلى فلسطين والأوضاع الصعبة التي تمر بها. لا بدّ أن يرى هذا الأمر جميع أنحاء العالم". تضيف: "نحن كفنانين وأفراد وعرب، نقف إلى جانب القضية الفلسطينية وضد الاحتلال والظلم، وهذا أقل ما يمكن أن نقدمه حالياً في ظل ما يشهده قطاع غزة".

المساهمون