الاستثمار الأسود لتنظيم الحوثي في السجون.. “المرتضى” قرصان يسرق المختطفين في سجن الأمن المركزي بصنعاء

img

 

سبتمبر نت/ عمر محمد حسن

’’إن أردت أن تتصل بأسرتك وتطمئنهم عليك فبإمكانك إجراء مكالمة هاتفية بكل سرور‘‘؛ هكذا همس أحد المشرفين بمنتهى الود في مسمع أحد معتقلي الأمن المركزي في صنعاء؛ شرد ’’أحمد‘‘ -30 عامًا- وهو (اسم مستعار)؛ متعجبًا لحديث المشرف ورُقي حديثه؛ لكنه أدرك قبل ثواني من السماح له بالاتصال لوالده بمحافظة تعز بطلب المشرف ذاته أن يقتصر الاتصال المقتضب على طلب حوالة نقدية فقط.

لم يتجاوز الاتصال 30 ثانية؛ كون “العسعس” من المشرفين يتكالبون حول أحمد كالأكلة على قصعتها، واقتصر ‘‘أحمد‘‘ في اتصاله على طلبه من أسرته مبلغا من المال “1000 سعودي” على أن يحول المبلغ عبر أي صرافة في صنعاء باسم “بشير أحمد حسن المرتضى”. والذي ينحدر لمحافظة صعدة بني ربعية بمديرية رازح.

بمجرد تحويل الأسر المكلومة لأبنائها المعتقلين في السجن الكائن في السبعين تدخل هذه الأموال في حساب المعتقل، كون المرتضى يملك شركة استثمار خاصة بالأسرى؛ وتستغرق عملية إدخال الأموال في النظام المالي المعمول به وصرفه للمعتقل أسبوعًا (النقود لا تُتقبض المعتقل)، ويعمل في هذا النظام “القيادي الحوثي أبو جراح (كُنية) وآخرين.

بشير المرتضى هو شقيق رئيس ما يسمى بلجنة شؤون الأسرى للمليشيات عبدالقادر المرتضى؛ يبدأ الرجل من خلال فريق الاستثمار الأسود في أروقة المعتقل؛ بتقديم خدمة شراء القات للمعتقلين فيما يبلغ السعر (5) أضعاف سعره الأصلي و أن ما سعره ألف ريال يمني يُخصم من حساب المعتقل ما قدره (5) آلاف ريال يمني؛ هذا وليس بمقدور المعتقل الاعتراض على التسعيرة ولا حتى الاستفسار على المبلغ المتبقي في حسابه كون ذلك يستدعي التعذيب وإنزال العقوبة بجرم الإساءة “لأحفاد النبي” كما يذهب إليه المشرفون بحسب أحمد لصحيفة ’’26 سبتمبر‘‘ وهو مازال نزيلًا في أحد عنابر سجن الأمن المركزي.

وبحسب تقديرات المعتقلين فإن نصف العدد الإجمالي للمعتقلين في سجن الأمن المركزي يتعاطون القات؛ هذه السياسة من شأنه إدرار الأموال للمرتضى الذي تحول ما بين عشية وضحاها إلى قرصان متخم بالثراء؛ فيما تقتصر عملية الشراء (الحليب والبسكويت) من الدكان الواقع داخل المعتقل (يملكه المرتضى) يومًا في الشهر فقط.

وسجلت الحوالات النقدية التي حولها أهالي المعتقلين لأبنائهم في سجن الأمن المركزي بصنعاء والتي قبضها المرتضى خلال (7) أشهر فقط؛ (يناير – يوليو) من العام 2022م بلغت (970 مليون ريال يمني) حسب إحصائيات تحصلت عليها ’’26 سبتمبر‘‘ بسعر صرف صنعاء؛ بما يعادل؛ بواقع (138.571.429) ريال يمني (صنعاء) لكل شهر.

ويعادل ما يستلمه المرتضى من أهالي المعتقلين خلال السبعة الأشهر (2.755.681.000) ريال يمني بسعر صرف عدن؛ أي بما يعادل (1.837.121$) بسعر صرف اليوم في (عدن) وتحول هذه الأموال عبر بنك الكريمي وخدمات النجم وعدد من محلات الصيرفة الأخرى باسم (بشير المرتضى).

لم يقتصر زيادة تعرفة الأسعار فحسب؛ بل تعدى ذلك إلى اقتضام 10% من سعر الصرف للعملة السعودي (حين استلامها) لأن أغلب التحويل يتم بالعملة الصعبة؛ إلى جانب سرقة الحوالات التي يقول المرتضى أنها لم تصل؛ فيما يؤكد المعتقل (بسام) -مازال معتقلًا-  لـ”26 سبتمبر” بأن كثير من المعتقلين سُرقت حوالاتهم بما فيها حوالته؛ ويؤكد أنه لم يمر شهر إلى وتعرض أحد المعتقلين لمصادرة حوالته وتحجج المليشيات بعدم وجودها رغم تأكيد أسر المعتقلين بإرسالها بل وإخراج إثبات بذلك (سندات التحويل)؛ لكن المرتضى ينكرها.

وتشكل حوالات المعتقلين مصدرًا لتكسب القيادي الحوثي المرتضى وجماعته؛ فيما ترفض المليشيات إطلاق سراح أي أسير (ضمن صفقات التبادل على مدى السنوات القليلة الماضية) خاصة الميسور أسرته والتي تعتاد على إرسال الأموال بشكل مستمر؛ واعتادت المليشيات على التعنت في الفترة الماضية في الموافقة على إطلاق المعتقلين -أي- من له حوالات مالية باستمرار وتطلب مقابله أسيرًا كبيرًا أو من الأسماء الوهمية كتعجيز.

تتخذ المليشيات عددا من الأسرى؛ طباخين و’’ندالين‘‘ في السجن؛ ويطلق على الندالين الذين يقومون بخدمة السجناء الآخرين بـ”المحسنين”؛ وهذا الإجراء يعفي المليشيات من دفع تكاليف العاملين في المطبخ والمحسنين؛ فيما يتنوع التعذيب في السجن الذي يقوده (المرتضى) -بحسب معتقلين محررين – بين الغمر في الماء والتعليق من الأرجل والضرب في الاسواط والصعق الكهربائي والنوم واقفًا والغسل في الماء البارد والسجن داخل المراحيض واصناف متعددة؛ فيما فارق العديد من السجناء الحياة متأثرين بالتعذيب.

ويتخذ السجانون من المليشيات الكُنى كي لا يستطيع أحد التعرف عليهم والذين ينحدرون من محافظتي صعدة وعمران؛ فيما يقومون بالمناوبة في تعذيب المعتقلين كأبو كهلان وأبو شهاب وأبو خالد وآخرين؛ فيما يجبر المشرفون الحوثيون في سجن الأمن المركزي المعتقلين باستماع لخطابات زعيم المليشيات عنوة في محاولة منهم لغسل أدمغتهم من خلال شاشة كبيرة نصبتها الجماعة في أروقة السجن وإجبار النزلاء بالاستماع إليه في المناسبات التي يطل منها بمن فيها أيام رمضان.

يذهب المعتقلون لـ”26 سبتمبر” قولهم: “إن المليشيات تقوم بسرقة مساعدات الصليب الأحمر الخاصة بالسجناء والتي تتمثل في أدوات النظافة والملابس والأغطية؛ حيث يقوم المشرفون بجمع مقتنيات السجناء التي تحصلوا عليها فور مغادرة الصليب الأحمر السجن”.

وينحدر نزلاء سجن الأمن المركزي بصنعاء من محافظات تعز وإب وأبين ولحج؛ ويضم السجن ما بين (2500 إلى 3000) معتقل؛ ويختلف عدد سنوات الاعتقال بالنسبة للنزلاء؛ خلال الفترة الماضية حيث كان آخر عملية تبادل بمنتصف إبريل من العام الماضي بين مليشيات الحوثي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.

هذا وتتعدد أسماء المعتقلات التي ينصبها المليشيات في عدد من المحافظات والتي تكبل فيه الآلاف من الأبرياء خلال التسع السنوات الماضية؛ إلا أن سجن الأمن المركزي في صنعاء أكبرهم على الإطلاق وأسوأهم صيتًا وتتواتر تقارير الانتهاكات التي توردها المنظمات الحقوقية بأعداد القتلى الناتجة عن التعذيب.

مواضيع متعلقة

اترك رداً