تقرير حقوقي: شهادات مخيفة وواقع مأساوي يعيشه الصحفي نبيل السداوي في سجون الحوثيين

كانون2/يناير 24, 2024

كنت معه في السجن، وكانت زنزانتي بجوار زنزانته، التقيت به في الزنازين الانفرادية في سجن الأمن والمخابرات، كان نبيل يشتكي لي من تعرضه للضرب والإهانة، هكذا بدأ ماجد البازلي شهادته عن وضع الصحفي نبيل السداوي المختطف في سجون جماعة "أنصار الله" الحوثيين.

يروي ماجد البازلي - مختطف أفرج عنه في صفقة برعاية الأمم المتحدة في 16 نيسان أبريل 2023- شهادات مؤلمة عن تعرض الصحفي السداوي للتعذيب داخل سجن الأمن والمخابرات، حيث قال: "كنت معه وكانت زنزانتي بجوار زنزانته، لم أكن أعرف نبيل قبل أن أسجن، التقيت به في الزنازين الانفرادية "قسم الجنوبي الداخلي" في سجن الأمن والمخابرات في شهر نوفمبر 2015م".

وأضاف البازلي: "لم نكن نتكلم إلا خفية من مستلم الزنازين حتى لا نتعرض للعقاب، كانت الزنازين ضيقة ومنعدمة التهوية ومظلمة لا نستطيع رؤية أي شيء حولنا، في مرات كثيرة عاد نبيل إلى الزنزانة واشتكى لي، كنت أعرف بعد أن يعود أنهم أخرجوه إلى التحقيق، كان يشتكي لي من تعرضه للضرب والإهانة".

شهادات مخيفة تضمنها تقرير لـ مرصد الحريات الإعلامية في اليمن، الذي حمل عنوان “ما يزال رهن الاعتقال رغم انتهاء محكوميته” رواها معتقلون سابقون قضوا فترات طويلة بالقرب من الصحفي السداوي، تنوعت بين الضرب، والتعليق لفترة طويلة على أعمدة حديدية، والصعق بالكهرباء، والرش بالماء البارد، وصنوف أخرى من التعذيب، أثناء التحقيقات وخارج غرف التحقيق.

وكشف التقرير الحقوقي الحديث حقائق مروّعة عن الواقع المأساوي الذي يعيشه الزميل الصحفي نبيل السداوي، منذ ثمان سنوات خلف القضبان في سجون مليشيا الحوثي بصنعاء.

واستند التقرير على شهادات عائلة الصحفي السداوي، وإجراء مقابلة مع المحامي الموكل بالدفاع عنه أمام المحاكم الخاضعة لسلطة جماعة “أنصار الله” الحوثيين المحامي عبدالمجيد صبرة للاطلاع على محاضر الضبط، والتحقيق، وقرارات الاتهام الموجهة، ومنطوق الحكم الصادر بحقه، وتقارير الاستئناف، والطعون المقدمة، وجميعها أوضحت خروقًا قانونية جسيمة في سير مجريات المحاكمة منذ بدايتها.

الوضع الصحي

رصد التقرير حالة الإهمال الطبي المتعمدة التي تعرض لها الصحفي نبيل السداوي استنادًا إلى وثيقة صادرة عن النيابة الواقعة تحت سيطرة جماعة “أنصار الله” الحوثيين.

أفادت عائلة نبيل السداوي أنه يعاني وضعاً صحياً متدهوراً منذ السنوات الأولى لاعتقاله نتيجة للتعذيب الجسدي والنفسي الوحشي الذي تعرض له أثناء التحقيق، وبسبب طول فترة الإخفاء القسري والإهمال الطبي المتعمد ومنعه من التعرض لأشعة الشمس.

حيث قالت عائلة نبيل: أنه أصيب بمرض السكر وأنه يعاني آلاماً في الظهر وأسفل العمود الفقري والرقبة والكتفين، وآلاماً شديدة في اليد اليسرى، وأنه يعاني من أوجاع في الأسنان إضافة إلى الأمراض الجلدية خاصة انتشار الفطريات بين أصابع قدميه، مشيرة أنه لم يكن يعاني من أي أمراض قبل اعتقاله.

وأضافت: "أنه وبعد إجراء الأشعة المقطعية تبين أنه يعاني من انزلاق في العمود في الفقرة الأولى والرابعة والخامسة".

وتابعت عائلة نبيل قولها: حاولنا الحصول على نسخة من التقرير الطبي من المستشفى الذي أسعف إليه نبيل ولم نستطع نتيجة للتكتم والإجراءات الشديدة التي تجري تحت ظلها إجراءات نقل المعتقلين في سجون جماعة أنصار الله إلى المستشفيات.

تثبت وثيقة طلب مقدمة من المحامي عبدالمجيد صبرة إلى الجهات المعنية رفض جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين إخراج الصحفي نبيل السداوي إلى المستشفى  بالرغم من معاناته إلا بعد سنوات، حيث وجه طلب المحامي إلى خالد الماوري رئيس النيابة الجزائية المتخصصة  التابعة للحوثيين والمذيل بتاريخ 6 تموز يوليو 2019  أي بعد مرور أربع سنوات، ثم أصدر خالد الماوري توجيهاً إلى وكيل المحكمة الجزائية المتخصصة عبدالله علي الكميم لإخراجه والذي بدوره وجه برسالة رسمية تحمل رقم ( 33-22) بتاريخ 10 تموز يوليو 2019 إلى جهاز الأمن السياسي "حالياً جهاز الأم­ن والمخابرات" بإخراج نبيل السداوي إلى المستشفى بسبب آلام الظهر وأسفل العمود الفقري وخلع أحد الأسنان. 

 

 

 

كما أكد التقرير بأن الممارسات التعسفية التي تعرض لها الصحفي السداوي، وتم توثيقها، أغلبها انتهاكات جسيمة، وتخالف بشكل كبير للقوانين والمعاهدات الدولية، إلى جانب التناقض الكلي مع القوانين المعمول بها محليًا في الدستور اليمني.

مرصد الحريات أشار إلى أن التقرير يمثل وثيقة شاملة للانتهاكات والممارسات التي باتت اليوم إحدى سمات المرحلة الصعبة التي يعيشها الصحفيون في اليمن من قتل، وإخفاء قسري، وتعذيب، يمكن لجميع الجهات الحقوقية الاستناد عليها لمحاسبة كل من له صلة بهذه الانتهاكات.

جهاز الأمن والمخابرات

وبحسب التقرير، فإن جماعة الحوثي، اعتقلت الصحفي نبيل السداوي في 21 سبتمبر 2015 من أحد الشوارع القريبة من منزله في صنعاء، وأخفته قسرًا، ليعرف لاحقًا أنه في سجن جهاز الأمن السياسي سيئ الصيت، المعروف حاليًا بجهاز الأمن والمخابرات، وبعد أكثر من أربع سنوات من الاعتقال عقدت المحكمة الجزائية المتخصصة أول جلسة محاكمة، وهي ذاتها أصدرت حكمًا بسجنه ثماني سنوات بدءًا من تاريخ اعتقاله.

ويفترض أن تنتهي فترة اعتقال السداوي في 21 سبتمبر 2023، إلا أن جهاز الأمن والمخابرات التابع لجماعة الحوثي يرفض حتى اليوم تنفيذ الحكم الصادر بحق السداوي، ، ما يمثل انتهاكاً للفقرة (ب) من المادة 48 من الدستور اليمني والتي تحظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية، وكذلك تمثل انتهاكاً  لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977 والتي تتضمن عدداً من الأحكام التي تحظر على نحو قاطع المعاملة القاسية أو اللاإنسانية، والاعتداء على الكرامة الشخصية.

تؤكد روايات الشهود أن نبيل السداوي مكث في الزنازين الانفرادية مدة تتراوح بين خمسة إلى ستة أشهر، وأنه تعرض للتعذيب الجسدي القاسي أثناء التحقيقات وخارج غرف التحقيق، حيث أكد الشهود أن نبيل تعرض للضرب، والتعليق المطول، والصعق الكهربائي، والتجويع، والإهمال الصحي، إضافة إلى التعذيب النفسي المتمثل في الإهانات والسب والتهديدات المتنوعة في شخصه وعائلته.
يروي ماجد البازلي - مختطف أفرج عنه في صفقة برعاية الأمم المتحدة في 16 نيسان أبريل 2023- شهادات مؤلمة عن تعرض الصحفي السداوي للتعذيب داخل سجن الأمن والمخابرات، حيث قال: "كنت معه وكانت زنزانتي بجوار زنزانته، لم أكن أعرف نبيل قبل أن أسجن، التقيت به في الزنازين الانفرادية "قسم الجنوبي الداخلي" في سجن الأمن والمخابرات في شهر نوفمبر 2015، لم نكن نتكلم إلا خفية من مستلم الزنازين حتى لا نتعرض للعقاب، كانت الزنازين ضيقة ومنعدمة التهوية ومظلمة لا نستطيع رؤية أي شيء حولنا، في مرات كثيرة عاد نبيل إلى الزنزانة واشتكى لي، كنت أعرف بعد أن يعود أنهم أخرجوه إلى التحقيق، كان يشتكي لي من تعرضه للضرب والإهانة".

يقول البازلي: "في إحدى المرات وبعد مرور شهرين تقريباً من بقائنا في الزنازين الانفرادية عاد نبيل وهو يتألم وأخبرني أنه تعرض للتعذيب والضرب الشديد بسبب رفضه قبول التصوير معه لأخذ تصريحات تلفزيونية تدينه باتهامات لا يعرف عنها شيئاً، وذكر كذلك أنهم عرضوا عليه إخراجه من "الضغاطات"، وهي أحد المسميات للزنازين الانفرادية القاسية الظروف، إلا أنه وبعد أيام رضخ لهم وقبل التصوير وسرد ما يريدونه بعد أن هددوه بعائلته وأولاده".

وأفاد رائد الرميش- مختطف سابق - أنه مكث بجانب الصحفي نبيل السداوي ما يقارب أربع سنوات شاهد فيها الكثير من الانتهاكات التي مورست بحقه، وذكر شهادات مروعة عن أساليب التحقيق التي تعرض لها السداوي في جهاز الأمن والمخابرات، يقول الرميش: "كنت أرى نبيل يتألم ويتوجع بشدة ويعاني من آلام في المفاصل وآلام في الكتفين واليد اليسرى وفي الظهر وعندما سألته عن سبب ذلك أجاب أنه تعرض للتعليق لعدة أيام أثناء التحقيقات التي أخضع لها من قبل مدير التحقيقات في جهاز الأمن والمخابرات في تلك الفترة "أبو عقيل"، وأنه عُلّق بسلسلة مربوطة بعمود حديدي مثبت إلى الحائط حيث كان الضغط على أطراف قديمة".

وأضاف رائد الرميش أن: "نبيل تعرض لأساليب تعذيب أخرى ارتكبها الحوثيون بحقه أثناء التحقيق، منها السهر لعدة أيام وهو معلق، حيث كان يتناوب عليه المحققون في ورديات متتالية، تصل إلى ست أو سبع ساعات، تحول بينه وبين النوم لأيام، وعندما يغلبه النوم يضرب بالكابيلات والأسلاك النحاسية، أو يصعق بالتيار الكهربائي، وعندما يأتي المحقق يغلقوا عينيه، وكانوا يمنعون عنه الطعام والماء إلا بعض الرشفات التي تبقيه حياً، وأنه وصل لدرجة الهذيان وعدم استيعاب ما يقول، وأنه سمعهم ينادون بعضهم بعضاً بالكنى والمسميات التي نعرف أنها ليست أسماءهم الحقيقية مثل (أبو كاظم، الشرعبي، أبو هاشم، عثمان، شهاب).

وذكر رائد الرميش حادثة من حوادث التعذيب التي تعرض لها هو ونبيل السداوي إلى جانب شخص آخر حيث يقول: "في العام 2020 كان لدينا مريض داخل الزنزانة يدعى (ع س ص) وارتفعت حرارته لدرجة دخوله في نوبة تشنجات، طالبنا بإسعافه ولم يستجب لنا أحد، نادينا كثيراً وبعد ساعات تفاجأنا أن يحيى سريع، وهو أحد مسؤولي سجن جهاز الأمن والمخابرات ويعرفه الكثير من المختطفين نظراً لتوحشه ضدهم، أخرجني أنا ونبيل السداوي وعصام الزنداني إلى الطارود مستنكراً علينا مطالبتنا بإسعاف المريض، كان غاضباً وبدأ بالصياح في وجوهنا، فأخبرناه بأن لدينا مريض على وشك الموت، لكنه أمر بإخراجنا إلى الساحة، وأمر بتقييد أرجلنا بقيود حديدية كبيرة ورش علينا الماء وبقينا في البرد حتى الصباح".

 

للاطلاع على التقرير كاملا باللغة العربية من هنـا

Additional Info

  • المصدر: تعز تايم
Rate this item
(0 votes)
LogoWhitre.png
جميع الحقوق محفوظة © 2021 لموقع تعز تايم

Design & Developed by Digitmpro