الدولار يفسد فرحة الجمهور والناشرين في معرض القاهرة الدولي للكتاب

ارتفاع الدولار يفسد فرحة الجمهور والناشرين في معرض القاهرة الدولي للكتاب

29 يناير 2024
ارتفعت أسعار الكتب في مصر بنحو 100% خلال عام واحد (العربي الجديد)
+ الخط -

أفسد الدولار فرحة الجمهور الوافد على معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الخامسة والخمسين، المستمرة خلال الفترة من 25 يناير/كانون الثاني إلى 6 فبراير/شباط المقبل.

تضاعفت أسعار الكتب المحلية، وندرت الأجنبية إلا ما تيسر من مطبوعات قديمة، أعيد عرضها من قبل الموزعين المحليين.

ورغم إعلان دولة النرويج ضيف شرف لعام 2024، اختفت دور النشر الأجنبية الكبرى، لتظل مشاركة 70 دولة في المعرض محصورة بين أعمال شرفية، بعضها يضع أعلاما ومنتجات شعبية وأخرى مجرد عناوين ضمن الاتحادات الإقليمية ووكالات النشر الدولي.

ساعدت أجواء إجازات المدارس والجامعات وحالة الطقس المعتدلة في إقبال هائل على زيارة معرض الكتاب.

شد الجمهور الرحال للمعرض في رحلات جماعية ومدرسية وأخرى للعائلات من المحافظات. اصطدم الجميع بالغلاء الفاحش، بأسعار الكتب التي شارك بها 5250 عارضا من بينهم ما يمثل 1200 دار نشر أجنبية. 

ارتفاع حاد في الأسعار في معرض القاهرة الدولي للكتاب

الركود سيد الموقف في سوق ينتظره الناشرون والمستهلكون من عام إلى عام، مدفوعا بزيادة ضخمة في تكاليف الإنتاج.

يرجع أحمد عبد المجيد، مدير دار نشر، زيادة أسعار الكتب، إلى ارتفاع طن الورق من 20 ألفاً إلى 27 ألف جنيه، خلال يناير فقط، وزيادة قيمة الأحبار والمعدات بمعدلات شهرية طوال عام 2023، وعدم قدرة دور النشر على شراء مستلزماتها بسهولة من الخارج.

وأشار إلى أن الأمور زادت تعقيدا مع اندلاع الحرب في البحر الأحمر، والتي أدت إلى نقص الشحنات القادمة من دول جنوب شرق آسيا، ماليزيا والصين وإندونيسيا.

الصورة
معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024 (العربي الجديد)
يبحث الجمهور المتعطش للمعرفة واقتناء الكتب عن بدائل بأسعار أقل

يوضح عبد المجيد صعوبة حصول الناشرين على تدبير الدولار اللازم لشراء مستلزمات الإنتاج، إلا عبر السوق الموازية، مؤكدا أنه في ظل الصعود الهائل في سعر الدولار، ستخضع صناعة النشر وتجارة الكتب لضغوط زيادة العملات الصعبة.

يتوقف سعر الدولار بالبنوك عند أقل من 31 جنيهاً منذ مارس 2023، بينما تجاوز في السوق الموازية 66 جنيهاً، بينما يضع المنتجين والجمهور أمام موجات غلاء صادمة. 

أثرت أزمة الدولار على نوعية الكتب، حيث هيمنت الكتب التراثية والتاريخية والروايات على معرض القاهرة الدولي للكتاب، وكثرت المنتجات الدعائية بالمعارض الممثلة للدول والمؤسسات الرسمية، بينما اختفت سلاسل دور المعارف الكبرى والكتب العلمية بكافة فروعها.

غياب دور النشر الأجنبية

في جولة لـ "العربي الجديد" بين صالات المعرض الأربع، المقامة على مساحة 80 ألف متر مربع، رصدنا غيابا غير مسبوق لدور النشر الأميركية والغربية واليابانية.

حرصت دور النشر اللبنانية على عرض الروايات والأعمال الفلسفية والتاريخية. 

برر أحد مدراء التوزيع بمجموعة "الجمل" اللبنانية الظاهرة، بأن دور النشر تأتي بالكتب التي تضمن توزيعها وفي حالة ركود مبيعاتها يعاد عرضها عبر المكتبات بالسوق المحلية، فلا يتعرض الناشر لخسارتين، إحداهما في تكاليف الشحن ذهابا وعودة، وأخرى برأس المال.

يفسر الناشر الأمر بأنه عندما يبيع الكتب المستوردة من لبنان وغيرها، فإن عملية البيع تجري بالجنيه المصري الذي يشهد تراجعا يوميا في قيمته، مع ذلك تكون فرصة المعرض جيدة إذا ما استطاع أن يتخلص من كل الكتب التي شحنها للقاهرة خلال فترة وجيزة، وفي حالة الفشل في بيعها يكون الخروج بها مكلفاً في الشحن.

الصورة
معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024 (العربي الجديد)
انتشرت بين أروقة المعرض ظاهرة بيع المنتجات اليدوية

أخبر مسؤولو نشر أجانب "العربي الجديد" بأن تراجع مشاركة الناشرين الأجانب في معرض القاهرة الدولي للكتاب يعود إلى صعوبة استرجاع قيمة المبيعات التي يحققونها بالدولار أو عملة البلد الذي جاؤوا منه، في ظل عدم قدرة البنوك على تدبير العملة للشركات الأجنبية الراغبة في إعادة تصدير قيمة مبيعاتها وأرباحها للخارج.

يذكر المسؤولون أن شعور الجمهور المصري بارتفاع أسعار الكتب يرجع إلى تراجع قيمة الجنيه، مؤكدين أن أسعار الكتب عالميا لم تشهد ارتفاعا، بهذه المعدلات التي فاقت 100٪ خلال عام واحد داخل السوق المحلي، بينما تتأثر دوليا بمعدلات تضخم لا تزيد عن 10٪ في أسوأ الحالات. 

بدائل إلكترونية

يطرح الناشر بدائل لمواجهة غلاء الأسعار، وعدم قدرته على توفير الورق ومستلزمات الطباعة، عبر اللجوء لوسائل النشر الإلكتروني. توسعت شركات مصرية ولبنانية وأردنية في معروضاتها من الكتب الإلكترونية، والأدوات التعليمية المزودة بوسائل سمعية وبصرية متعددة الوظائف والوسائط.

الصورة
معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024 (العربي الجديد)
يطرح الناشرون بدائل لمواجهة غلاء الأسعار عبر اللجوء لوسائل النشر الإلكتروني

اصطدمت المنتجات الحديثة بزيادة هائلة في أسعار المدخلات، بعد رفع قيمة الجمارك والضرائب على منتجات الكمبيوتر، وضرورة استيراد جل مكونات الإنتاج بالدولار. 

عرضت شركة سعودية مشروعا جديدا لمساعدة الناشرين على البيع، وفقا لطلب الجمهور.

تجري الشركة السعودية مع الناشرين والكتاب اتفاقا يقضي بالسماح لها بإعادة طبع الكتاب وتوصيله لأي عميل في أنحاء العالم، عبر شبكة تواصل تربط الأطراف الثالثة ببعضها، مقابل تحصيل عمولة البيع، بعد دفع المشتري قيمة الكتاب عبر الهواتف، بما لا يحمل المؤلف أو الناشر أية تكاليف مالية، ويضمن العائد عن المبيعات بطرق آلية. 

تعرض كتب الأطفال بأسعار تتراوح ما بين 1500 إلى 4500 جنيه، يواكب ذلك زيادة هائلة في الكتب ثلاثية الأبعاد والمغلفة بالبلاستيك.

رغم انتشار وسائل تعليم الأطفال بالأدوات الخشبية، يظل السعر المرتفع عائقا في تلبية احتياجات الجمهور، حيث تنتمي أغلبيته الكاسحة إلى شريحة الطبقة المتوسطة، التي تنزلق بسرعة إلى منحى خط الفقر الذي يعيش تحته نحو 30٪ من عدد السكان. 

رواج سور الأزبكية

يبحث الجمهور المتعطش للمعرفة واقتناء الكتب عن بدائل لا يجدها إلا في العروض التي تقدمها بعض المكتبات على الكتب القديمة، ومعروضات "سور الأزبكية" داخل معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث يباع الكتاب ما بين 10 إلى 20 جنيها.

تظل تلك المعروضات محصورة عند بعض المكتبات قليلة العدد التي تمكنت من المشاركة في المعرض، رغم ارتفاع تكلفة الاشتراكات والنقل والإعاشة داخل المكان.

ارتفعت أسعار المأكولات والمشروبات بنسبة 25٪ داخل أرض المعرض عن العام الماضي، وفي الوقت ذاته رفعت الشركة المالكة لأرض المعارض، التابعة للجيش، سعر دخول السيارات من 20 إلى 50 جنيها.

انتشرت بين أروقة المعرض ظاهرة بيع المنتجات اليدوية الزهيدة، والتي شدت انتباه الأسر غير القادرة على شراء الكتب والأدوات التعليمية الحديثة لأطفالها.

أقبل الجمهور على الفقرات الغنائية الشعبية، بينما شهدت ندوات مجلس حكماء المسلمين وجناح الأزهر الشريف إقبالا كثيفا، حيث خصص اللقاءات الثقافية لمناقشة تبعات العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة، وبحث دور المواطنين في دعم المقاتلين بالأراضي المحتلة بالعتاد والدعاء.

تحدت كلمات علماء الأزهر الحفلات التي أقامها موزع "كوكا كولا" الذي حصل على حق الرعاية الذهبية لمعرض الكتاب، ووضع منتجات بصدارة صالات العرض دون أن يهتم بانفضاض الجمهور الغفير عن مبيعاته. 

(الدولار = 30.95 جنيهاً تقريباً)

المساهمون