تخطي إلى المحتوى الرئيسي
تحليل

اجتياح إسرائيل لرفح... "المعركة الفاصلة" ضد حماس في غزة أم مجرد "حرب نفسية"؟

تؤشر عدة متغيرات على أن الاجتياح الإسرائيلي البري لمدينة رفح جنوب قطاع غزة وشيك، خصوصا في ضوء تصريحات نتانياهو الأخيرة حول تصعيد الضغط على حماس، وموافقة رئيس أركانه هرتسي هاليفي على "المراحل التالية للحرب". خبراء حاورتهم فرانس24 اعتبروا بأن اجتياح رفح هو "المعركة القادمة" وأنها باتت وشيكة، فيما استبعد آخرون إقدام إسرائيل عليها وقالوا إن ما يتداول إعلاميا هو مجرد "حرب نفسية" وورقة تفاوضية.

قصف إسرائيلي على مدينة رفح جنوب قطاع غزة في 21 أبريل/نيسان 2024.
قصف إسرائيلي على مدينة رفح جنوب قطاع غزة في 21 أبريل/نيسان 2024. © أ ف ب.
إعلان

تعد إسرائيل، التي تحتفل الإثنين ببدء عيد الفصح اليهودي، العدة لمفاقمة ضغطها العسكري على قطاع غزة فيما أعلن جيشها أنه يتهيأ لإطلاق "المراحل التالية من الحرب" ضد حماس التي بدأها غداة هجوم الحركة غير المسبوق على الأراضي الإسرائيليّة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

في هذا السياق، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مساء الأحد: "سنوجه ضربات إضافية ومؤلمة. في الأيام المقبلة، سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس، لأن هذا هو السبيل الوحيد لدينا لتحرير الرهائن".

كما التقى رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي الأحد قادة العمليات العسكرية في غزة و"وافق على المراحل التالية للحرب"، وفق المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري.

اقرأ أيضاهل تبني مصر منطقة عازلة على حدود غزة لإيواء النازحين في حال بدء عملية إسرائيلية برفح؟

 

ويهدد نتانياهو منذ مدة بشن هجوم بري على رفح، المدينة الحدودية مع مصر، أقصى جنوب غزة، التي لجأ أكثر من 1,5 مليون شخص إليها، وأكد ضرورة تنفيذ ذلك للقضاء على آخر معقل رئيسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية في القطاع. ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن بعض الرهائن الذين خُطفوا في 7 أكتوبر/تشرين الأول محتجزون هناك.

في المقابل، تضغط المنظمات الإنسانية وعدد متزايد من الدول لمنع هذه العملية، مخافة أن تتسبب في سقوط مزيد من الضحايا المدنيين حيث قتل 34151 فلسطينيا وأصيب 77084 آخرون منذ بدء الهجوم في السابع من أكتوبر/تشرين الأول حسب آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس في غزة.

لكن لا يبدو أن نتانياهو يكترث كثيرا للضغط الدولي، حيث سبق وأن قال في 17 مارس/آذار صراحة: "لن تمنعنا أي ضغوط دولية من تحقيق كل أهداف الحرب (...) القضاء على حماس والإفراج عن جميع الرهائن لدينا وضمان ألا تشكل غزة تهديدا ضد إسرائيل بعد الآن". وأضاف: "للقيام بذلك سنتحرك أيضا في رفح وهذا سيستغرق بضعة أسابيع وهذا ما سيجري".

  • "معركة رفح قادمة"

تعقيبا، اعتبر د. سمير راغب خبير أمني ورئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية، بأن معركة رفح هي الخطوة القادمة في الحرب الدائرة بقطاع غزة، مستدلا على رأيه من خلال عدة متغيرات.

فهو يلفت بداية إلى تعثر المفاوضات بين حماس وإسرائيل والتي يمكن حسبه "أن نقول إنها انهارت"، خصوصا مع إعلان وزير خارجية قطر بأنه "لا أفق للتفاوض". كما يضيف محدثنا أيضا أنه لا توجد أي "صفقة لتبادل الأسرى والرهائن، ما يعني أن الخطوة القادمة ستكون رفح".

ويلفت الخبير الأمني إلى تغيير الجانب الأمريكي من لهجته في خصوص رفح، حيث لم يعد يتحدث عن الخطوط الحمر بل "يتحدث فقط عن إخلاء المدنيين وعن المعونات والسقف الزمني للعملية وأن تكون ترتيبات اليوم التالي للحرب في غزة لاحقا واضحة".

وعلى الجانب العسكري، يلحظ د. سمير راغب "تعبئة لواءين احتياطيين وخروج قوات للراحة واستعادة الكفاءة". أما سياسيا، فإن "نتانياهو يبدو غير مهتم بقضية الرهائن كما لم يأت ضغط الشارع الإسرائيلي بنتيجة ولم يدفعه إلى تغيير رأيه. هو ماض في معركة رفح ولا أعتقد أن هناك قوة فاعلة تستطيع أن تمنع قيام الجيش الإسرائيلي بعملية في رفح".

اقرأ أيضاما هو مشروع ميناء غزة الذي أعلن عنه بايدن وهل سيكون بديلا لمعبر رفح البري؟

كما استدل محاورنا ببعض التطورات الميدانية في قطاع غزة، مشيرا إلى أن من أدلة قرب اجتياح رفح هو أن "الجانب الإسرائيلي بدأ يتفاعل مع المنطقة الآمنة ما بين المواصي وحتى النصيرات، وبدأ يستورد حوالي 40 ألف خيمة من الصين (لإيواء النازحين الفلسطينيين)، وبدأ يفتح المعابر مثلما حدث في زيكيم شمال قطاع غزة ومناطق غرب بيت لاهيا إضافة إلى معبر إيريز الذي يمكن العمل عليه، كما أن الجانب الأردني دخل من المعابر الإسرائيلية إلى قطاع غزة، وميناء أسدود بات يستقبل الإمدادات، كما أن الجسر البحري عندما يكتمل سيكون قادرا على توصيل الإمدادات. لهجة الخط الأحمر اختفت من جميع الأطراف. أعتقد أن إسرائيل ستبدأ في إخلاء رفح من المدنيين بعد عيد الفصح اليهودي، وهو ما يعني أن معركة رفح قادمة".

  • "حرب نفسية وورقة تفاوضية"

لكن ورغم دق طبول الحرب فيما يبدو للمعركة الفاصلة في حرب غزة، إلا أن مراقبين اعتبروا أن كل هذا مجرد "حرب نفسية" للضغط على المفاوضين.

في هذا الصدد، قال اللواء طيار د. هشام الحلبي مستشار الأكاديمية للدراسات العليا والاستراتيجية في مصر، إن اجتياح رفح كان في الأساس "أحد الأهداف الواضحة التي أعلنتها إسرائيل".

لكن محاورنا طرح عدة سيناريوهات حول مصير رفح في المرحلة الحالية. فهو يرى بأن السيناريو الأول هو "تضخيم هذا الموضوع بشكل كبير وذكره باستمرار عبر الإعلام والمحافل السياسية ليكون ورقة ضغط عند التفاوض مع حماس والفصائل الفلسطينية"، لوضعها أمام خيارين: "إما الرضوخ أو الاجتياح". مضيفا: "ثم إن الاجتياح الفعلي لرفح لم يحدث أبدا عدا عن ضربات تحاول إقناع الفلسطينيين بوجود اجتياح" محتمل.

كما اعتبر الحلبي بأن الضغط الدولي بما فيه الأمريكي والأوروبي والمصري، هو ما يؤجل الاجتياح الإسرائيلي لرفح. وهو يلحظ أيضا فيما يتعلق بمشروع إسرائيل إقامة 40 ألف خيمة لإيواء المدنيين الذين ينبغي إجلاؤهم من المدينة قبل بدء الهجوم البري، أنه "لا يوجد بعد موقع محدد لها". وأي خطط "لتهجير سكان رفح هي غير مجدية وكل هذا يأتي في إطار الحرب النفسية لتخفيف الضغط" على إسرائيل، وأيضا "لدفعهم (المدنيين) إلى الهروب نحو مصر ما سيؤدي إلى ضرب معاهدة السلام".

ميدانيا، شنّ الجيش الإسرائيلي الإثنين قصفا على مخيمي النصيرات والمغازي والشريط الساحلي في دير البلح بوسط قطاع غزة وبلدتي رفح وخانيونس جنوبا، حسب مراسل لوكالة الأنباء الفرنسية. كما قصف حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، وقصفت طائرات مسيّرة ملعب مدرسة في مخيم البريج وسط القطاع.

اقرأ أيضاصواريخ إسرائيلية "تفتت إلى أشلاء" أفراد عائلة فلسطينية كاملة في رفح

تأتي هذه التطورات بعد مصادقة مجلس النواب الأمريكي على 13 مليار دولار مساعدات عسكرية لإسرائيل، ما رأت فيه حماس "رخصة وضوءا أخضر لحكومة المتطرفين الصهاينة للمضي في العدوان الوحشي على شعبنا". وقالت الحركة في بيان إن هذا الدعم الذي تم إقراره السبت "مخالف للقانون الدولي"، معتبرة أنه "رخصة وضوء أخضر لحكومة المتطرفين الصهاينة للمضي في العدوان الوحشي على شعبنا".

  • "متناقضات يلعب نتانياهو على وترها"

تعقيبا، قال د. صالح محمد الحربي خبير عسكري واستراتيجي ولواء أركان حرب سابق إن الهجوم على رفح يعني وقوع "إبادة جماعية مكتملة الأركان". مشيرا إلى أن "الموقف غامض جدا خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية المقررة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني".

ولفت الحربي إلى أن بايدن، الذي قال مراقبون إن إدارته منحت الضوء الأخضر لشن عملية رفح شريطة احترام عدد من الضمانات المتعلقة بالمدنيين، هو في الواقع يخشى من خسارة أصوات الناخبين العرب والمسلمين خصوصا في "ولاية ميشيغان الديمقراطية والتي تضم جزءا كبيرا ومؤثرا منهم، والذين أرسلوا رسالة شديدة اللهجة مفادها بأنهم لن يصوتوا لصالح بايدن (بسبب دعمه إسرائيل). لا ننسى أن الانتخابات السابقة حُسمت عبر فرق بسيط في الأصوات بين المرشحين".

اقرأ أيضاغالانت في واشنطن، صفقة سلاح مقابل عدم اجتياح رفح؟

كما يلحظ محاورنا بأن إسرائيل اليوم "تمر بأزمة اقتصادية خانقة سواء من حيث العمالة أو انخفاض النمو والخسائر بمليارات الدولار مع حوالي 700 مليون دولار أسبوعيا تتكبدها جراء هذه الحرب". وقال إنها تخشى من تداعيات ضغط الرأي العام العالمي عليها للتراجع عن مهاجمة رفح من خلال عدة ملفات بما في ذلك وارداتها من الأسلحة، حيث إن "بعض الدول الأوروبية غيّرت من مواقفها خاصة في موضوع تصدير السلاح إلى إسرائيل". كما حذّر الحربي من أن "اجتياح رفح سوف يؤدي إلى تمدد الصراع بقوة وعنف" في المنطقة، مستبعدا بذلك أن توسّع تل أبيب حربها لتشمل رفح، بل مشيرا إلى أن "للحكومة الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل" حسابات أخرى.

ويخلص الحربي إلى أن "إسرائيل غيّرت من عقيدتها العسكرية خصوصا بعد أن ضُربت فكرة قوة الردع لديها وباتت غير قادرة على خوض أي حرب تقليدية مستقبلية بدون دعم حليفها القومي الولايات المتحدة". مضيفا: "يسابق بنيامين نتانياهو وبتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير الزمن لتمديد الحرب وإحراج الولايات المتحدة رغم الانقسام داخل الحكومة ومجلس الحرب والمجتمع الإسرائيلي الذي تم تجييشه دعما للرغبة في الانتقام. نتانياهو يلعب على هذا الوتر".

  • في رفح.. الموت بالقصف قبل الهجوم البري

وكانت رفح الواقعة على الحدود المصرية تضم 250 ألف نسمة قبل اندلاع الحرب. لاحقا، أجبرت إسرائيل الفلسطينيين المقيمين في شمال غزة على الانتقال إلى "مناطق آمنة" جنوبا مثل رفح، لكن القصف لم يتوقف في مختلف أنحاء القطاع.

غارات متواصلة على رفح

وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية السبت أن 250 ألف شخص غادروا رفح مؤخرا في اتجاه شمال القطاع، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من مدينة خان يونس في وقت سابق من الشهر الحالي. لكن متحدثا باسم حكومة حماس في غزة نفى لوكالة الأنباء الفرنسية صحة التقارير الإعلامية، مؤكدا أن النازحين لم يعودوا لمنازلهم لأن الجيش الإسرائيلي أغلق الطرق التي تربط جنوب القطاع بشماله.

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

مشاركة :
الصفحة غير متوفرة

المحتوى الذي تريدون تصفحه لم يعد في الخدمة أو غير متوفر حاليا.