نقل عمارة القِباب من قرى مصرية فقيرة إلى مناطق الأثرياء

تساعد في توفير الطاقة وخفض درجة الحرارة والرطوبة داخل الغرف

نموذج من المباني الجديدة المقببة
نموذج من المباني الجديدة المقببة
TT

نقل عمارة القِباب من قرى مصرية فقيرة إلى مناطق الأثرياء

نموذج من المباني الجديدة المقببة
نموذج من المباني الجديدة المقببة

عندما أسس المهندس حسن فتحي طرازه المعماري الفريد، من القباب والطوب اللبن، استمد مصادره من العمارة الريفية النوبية. فقام ببناء روائع لا تزال تتحدى الزمن. كما قام بتدريب السكان المحليين في الجنوب المصري على صنع مواد البناء بالعناصر المحلية الخاصة، وإقامة المباني بها، لكن لم يلقَ هذا الأسلوب المعماري ما يستحقه من انتشار حتى في الريف خلال السنوات الماضية، إلى أن شهد أخيراً اهتماماً متنامياً في أنحاء مختلفة من مصر، وساعد على ذلك وجود بعض البنائين المهرة الذين يبرعون في إنشاء مباني القباب، ومنهم البنَاء زياد الأسواني الذي لم يكتفِ بالبناء على هذه الطريقة داخل قريته «المحاميد»، التابعة لمركز إدفو بأسوان (جنوب مصر)، إنما عمل على تطويرها، بعد أن شد الرحال إلى مختلف محافظات مصر، ليبني فيلات وقصوراً واستراحات ومساجد وقرى سياحية تعتمد على طراز القباب، وليستمتع قاطنو هذه المباني بجمالها المعماري الاستثنائي المُطعم بروح فنية تمزج بين التراث العربي واللمسات العصرية الملائمة أيضاً لما يشهده العالم من تغيرات مُناخية.
ويرى بناؤون، من بينهم زياد الأسواني، أن القباب تواجه أزمة الطقس الحار، وتتيح درجة حرارة أكثر انخفاضاً داخل الغرف المقببة عن أي مكان داخلي آخر في التوقيت والمنطقة أنفسهما، إذ يحدث تحت القبة ما يطلق عليه «دوامات الهواء». يقول زياد الأسواني لـ«الشرق الأوسط»: «عند فتح الأبواب أو النوافذ، لا يقابل الشخص (هبات ساخن) في الأماكن الحارة، إنما يكون هواء لطيف، وهكذا يمكن العيش داخل الغرف ذات القباب دون أي تكييف أو مراوح كهربائية».
ومن مميزات القباب أيضاً أنها موفرة للطاقة، حيث يتم فتح نوافذ صغيرة في القبة، ويتم تغطيتها بالزجاج الشفاف. ومما يكسبها مزيداً من الاختلاف اختيار زجاج ملون، كالأصفر والأخضر والأزرق، ما يعني أنه بدوران الشمس على مدار اليوم يتغير لون الإضاءة في الغرفة، مع الوضع في الحسبان أن طبيعة التصميم يرحب أيضاً بوحدات الإضاءة الحديثة، بحسب الأسواني.
ويستطيع أيضاً هذا النوع من العمارة تحمل عوامل الزمن، فهو لا يتأثر بالعوامل الجوية، ويصمد أمام الأمطار والزلازل والعواصف، على حد تعبير الأسواني الذي يقول: «لقد عاشت بيوت أجدادنا في جنوب مصر مئات السنين من دون أن يمسها أي ضرر. كما يتميز بإتاحة الفرصة للاستمتاع بالحياة الفطرية البسيطة، ما يحقق قدراً كبيراً من الراحة النفسية وصفاء الذهن، وربما ينبع ذلك من ترك الطوب المكون للقباب دون دهان أو محارة من الداخل، حيث يبقى على حاله، أو قد يتم فقط في حالة رغبة العميل تلميع الطوب بالورنيش لإكسابه بريقاً أو لمسة خفيفة من طبقة بنية أو سوداء أو وردية اللون». ويعتمد كثير من سكان المناطق الصحراوية في مصر على معمار القباب في بناء بيوتهم واستراحاتهم نظراً لقيمتها الكبيرة في خفض درجات الحرارة والرطوبة. وأنشأت الحكومة المصرية مئات البيوت الجديدة لسكان النوبة في أسوان بجنوب مصر بمواد إسمنتية وأحجار على طراز القباب لمواجهة أشعة الشمس الحارقة خلال شهور الصيف.
ونشأ الأسواني في أسرة متخصصة في هذا النوع من البناء: «ورثت المهنة عن خالي وعمي، وأبنائهما وإخواني، وجميعهم اتبعوا طريقة بناء القباب التي علمها لهم المهندس حسن فتحي (رحمه الله). صحيح أنه استلهمها من الحضارة المصرية منذ آلاف السنين، إلا أنه قام بتطويرها، ودرب أهل قريتي عليها، ومن ثم قمنا بتطويرها من جديد لتلائم العصر».
ومن أهم ملامح التطوير التي شهدها هذا البناء على يد الأسواني وأسرته الوصول بالمباني إلى 3 طوابق، بعد استخدام عناصر بناء أخرى، إضافة إلى تغيير تقنية البناء. كما أضاف للمباني بعض المستلزمات الجانبية التي تضفي مزيداً من الأناقة والوظيفية على المكان، ومنها المدفأة والشواية والفرن البلدي المبنيين بصفتهم أجزاء من المنزل أو الشاليه.
ويؤكد الأسواني وجود اهتمام متزايد في مصر بهذه العمارة التي لم تعد «عمارة الفقراء»، كما أرادها حسن فتحي: «من خلال خبرتي الطويلة، لا يلجأ إلى هذا البناء الباحث عن التكلفة المنخفضة فقط، بل صاحب (المزاج العالي) والمهتمون بالوعي البيئي، فأصبح هناك شغف غير محدود لدى أصحاب القصور والفيلات والقرى السياحية الفاخرة بالبناء على هذه الطريقة، إلى جانب العرب والأجانب الذين ولعوا بها، وقمنا بالبناء لهم في دول مثل إيطاليا وفرنسا والأردن والإمارات».
ويصف المهندس المعماري أحمد تعلب محاولات إحياء بناء القباب بأنها «حداثة بلغة الماضي»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «مع تغيرات المناخ والبحث عن الطاقة النظيفة، أصبح علينا التوصل إلى حلول معمارية صديقة للبيئة، ومن ضمن هذه الحلول الرجوع إلى معمار القباب التي كانت أهم ملامح مدرسة المعماري حسن فتحي، وسُميت بـ(عمارة الفقراء)، إلا أن هذا الطراز أصبح يخاطب الأغنياء والباحثين عن الاختلاف والحياة البسيطة، بعيداً عن صخب التكنولوجيا».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.