أعلنت وزارة الصحة الهندية عن 4092 حالة وفاة خلال الـ24 الساعة الماضية، مما رفع إجمالي عدد الوفيات إلى ما يزيد على 242 ألف وفاة، فيما سُجلت 403 ألف إصابة جديدة، وهو رقم قريب من المستوى القياسي المسجل قبل أيام، ليرتفع إجمالي عدد المصابين منذ بداية الوباء إلى 22.3 مليون.
تضررت الهند بشدة من موجة الوباء الثانية حيث سجلت إصابات ووفيات قياسية يوما تلو الآخر مع النقص الحاد في الأكسجين والأسرة في العديد من المستشفيات وازدحام المشارح ومحارق الجثث، فيما قال الخبراء إن الأرقام الفعلية للإصابات والوفيات قد تكون أعلى بكثير، حسبما ذكرت وكالة "رويترز".
وفرضت العديد من الولايات الهندية عمليات إغلاق صارمة خلال الشهر الماضي لوقف تصاعد الإصابات، بينما أعلنت ولايات أخرى قيودا على الحركة العامة وأغلقت دور السينما والمطاعم والحانات ومراكز التسوق.
وأخيرا، دعت الجمعية الطبية الهندية، وهي الهيئة الجامعة للأطباء والجراحين، إلى إغلاق "كامل ومخطط جيدا ومعلن عنه مسبقا" في جميع أنحاء البلاد بدلا من حظر التجول الليلي "المتقطع" والقيود التي تفرضها الولايات لبضعة أيام.
وقالت الجمعية في بيان يوم السبت: "إننا مندهشون لرؤية الخمول الشديد والإجراءات غير المناسبة من وزارة الصحة في مكافحة الأزمة المؤلمة الناتجة عن الموجة الثانية المدمرة للوباء".
لم لا تتحرك الحكومة المركزية؟
على الرغم من تسجيل أرقام كارثية، فإن الهند ليست قيد الإغلاق الوطني. وأوضح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أن البلاد لن تدخل في إغلاق كامل، على الرغم من الدعوات المنتشرة على مستوى البلاد، بحسب تقرير لشبكة "إيه بي سي".
وبدلا من ذلك، دعا الولايات إلى نظر في مسألة الإغلاق كـ"خيار أخير" خلال خطاب متلفز الشهر الماضي. إلى جانب الجمعية الطبية، نصحت المحكمة العليا في الهند الحكومة المركزية بفرض الإغلاق، وفقا لوسائل الإعلام المحلية في الهند.
حذّر زعيم المعارضة الرئيسية في الهند راهول غاندي، قبل أيام، من أنه ما لم تتم السيطرة على موجة "كوفيد 19" القاتلة الثانية التي تجتاح البلاد، فإنها ستقضي على الهند.
وناشد غاندي رئيس الوزراء الاستعداد لإغلاق وطني آخر، وتسريع برنامج التطعيم. وكتب على تويتر: "ارتُكبت جريمة ضد الهند".
كما دعا كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، أنتوني فاوتشي، البلاد إلى الإغلاق الكامل. ورغم ذلك، فإن بعض الولايات التي شهدت ارتفاعا في الأرقام فقط هي التي نفذت عمليات إغلاق محلية، وفي بعض الحالات كان إغلاقا جزئيا.
قالت إيتيكا شارما بونيت، المحررة المشاركة لموقع "كوارتز إنديا": "هناك تحد أمام إغلاق البلاد على الصعيد الوطني وفقا لما تعلمناه العام الماضي، حيث أدى إلى خسائر اقتصادية في البلاد، مما أعطى الحكومة الهندية أسبابا متجددة لعدم تكرار هذه الخطوة.
وأضافت أن الإغلاق في جميع أنحاء البلاد لعام 2020 أطلق عليه "أشد إغلاق تفرضه أي دولة في أي مكان في العالم"، متابعة: "تم إغلاق كل شيء، تم إغلاق الإنتاج، وأغلقت المبيعات، ودخل اقتصاد البلاد في ركود العام الماضي".
وتحمل العمال المهاجرون في الهند من المناطق الريفية في البلاد العبء الأكبر من الإغلاق العام الماضي، فبعد إغلاق المصانع ومواقع البناء، لم يكن لدى الكثير من الناس المال لإطعام أطفالهم، بحسب شارما بونيت.
ماذا لو تم تنفيذ الإغلاق الوطني الآن؟
وفقا للمحللة السياسية والباحثة مانيشا بريام، فإن الإغلاق الوطني لن ينجح إلا إذا تمكنت الهند من ضمان الدعم الطبي المناسب للمرضى.
وقالت إن الوضع مأساوي للغاية في الهند لدرجة أن الإغلاق الوطني في هذه المرحلة سيكون بلا جدوى، ولكن الحل هو أن يكون هناك العديد من عمليات الإغلاق على مستوى الدولة لاستهداف المناطق الساخنة.
وتابعت: "يجب أن تقوم الحكومة الوطنية بدور داعم، أولا وقبل كل شيء؛ توفير الأكسجين للولايات والنظر في إدارة الأكسجين. أرجوكم أنقذوا الأرواح، يا حكومة الهند الوطنية، أرجوكم أنقذوا الأرواح، إنها أرواحكم".
من جانبه قال رئيس مؤسسة الصحة العامة في الهند، البروفيسور سريناث ريدي، إنه حتى لو تم تنفيذ الإغلاق الوطني الآن، فستحتاج البلاد إلى إعادة تحسين خدماتها من خلال إدخال أنظمة بحيث "لا تسمح للعدوى بالاستيقاظ مرة أخرى، حتى بعد الإغلاق".
ما الحل إذًا؟
أبلغت الهند عن 1.5 مليون إصابة جديدة في الأسبوع الماضي وحده، وأدى نفاد الأسرة والأكسجين الطبي من المستشفيات إلى إجهاد نظام الرعاية الصحية في البلاد إلى أقصى حدوده.
ولا تستطيع المشارح ومحارق الجثث التعامل مع عدد الوفيات أو حتى المحارق الجنائزية المؤقتة التي تحرق الجثث في الحدائق ومواقف السيارات.
دعا مودي الولايات الهندية إلى الحفاظ على معدلات التطعيم من أجل ترويض معدلات الإصابة. لكن يعتقد البروفيسور ريدي أنه يجب وضع قيود أشد، على الرغم من اعترافه بأن الكثيرين لا يأخذون القيود على محمل الجد.
وقال: "يجب أن نتخذ إجراءات قوية في جميع أنحاء الهند، حتى لو كانت هناك اختلافات حول كيفية القيام بذلك. الأمر بسيط، لا تسمح للحشود من الناس بالالتقاء في أي مكان عام، حتى المكاتب والأعمال الأخرى يجب أن تقتصر على الأعمال الضرورية للغاية".
يلقى باللوم في تفاقم الموجة الثانية بالبلاد على السياسيين وعلى رأسهم مودي، لسماحهم بنتظيم مؤتمرات جماهيرية حاشدة وعقد انتخابات في الولايات، إضافة إلى المهرجانات الدينية شديدة الازدحام التي شهدتها البلاد.
وحول الإغلاق يقول ريدي: "إذا كان هناك إغلاق، أعتقد أن هناك فرصة أكبر للأشخاص الذين يتبعون القواعد بسبب وجود مراقبة.. لكن ماذا سيحدث بعد الإغلاق".