مقالات

مقاربات فهم علاقة أمريكا بالكيان الصهيوني! بقلم| سامي عطا

بقلم| سامي عطا

لم يستوعب البعض هذه العلاقة الوطيدة بين أمريكا والكيان الغاصب. العلاقة التي لم تهزها أو تضعفها أي من الجرائم المرتكبة من هذا الكيان، وفي اعتقادي أن لهذه العلاقة الوثيقة مقاربتين، أخلاقية وسياسية -اقتصادية.

المقاربة الأخلاقية: من يركز على طبيعة نشأة الكيانين أمريكا من جهة والكيان الصهيوني من الجهة الأخرى، فإنه سيجد تشابهاً في النشأة، فقد نشأت أمريكا وصارت دولة عن طريق جرائم إبادة جماعية للهنود الحمر من قبل الرجل الأبيض الأوروبي، وتختلف تقديرات الجرائم التي أرتكبها البيض في حق السكان الأصليين عند اكتشاف هذه القارة الجديدة التي صارت لاحقاً الولايات المتحدة الأمريكية. بعض التقديرات تحدثت عن 20 مليون وبعضها الآخر تحدث عن 200 مليون هندي أحمر تم إبادتهم.

في المقابل، فإن الكيان الصهيوني الغاصب نشأ بنفس الأسلوب، وكلنا نعرف كم الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، لذا فإن وقوف أمريكا مع الكيان الصهيوني الغاصب هو وقوف مع نفسها ومع من يشبهها في أسلوب النشأة، ويقف مانع أخلاقي ومنطقي من وجهة نظرها يحول دون إدانة جرائم هذا الكيان، لأن إدانته يخلق مفارقة أخلاقية تفضي إلى إدانة أمريكا لنفسها بالضرورة، لذا، فإن وقوف أمريكا الدائم مع هذا الكيان الغاصب يظهرها فيه متسقة أخلاقيا مع نفسها، ويستحيل أن تتخذ أمريكا موقفاً مختلفاً من كيان يشبهها بطبيعة نشأته.

أما المقاربة السياسية – الاقتصادية: فأمريكا والغرب الاستعماري عموماً الذي يسيطر المال اليهودي على قراره السياسي، وجد ضرورة في وجود كيان ينشأ على شاكلته ويسهم في نشأته ليكون خط دفاعه الأول والأخير عن مصالحه عندما قرر الرحيل، وعليه رسم خرائط الجغرافيا السياسية للمنطقة لتقاسمها بين دوله الاستعمارية، وكما أوجد الكيان الصهيوني الغاصب كدولة وظيفية تدافع عن مصالحه، فإنه أوجد دول في المنطقة وممالك وظيفية أيضاً تخدم مصالحه وتحرس النفط عصب الحضارة المعاصرة ومحركها، إذ أوكل لهذا الكيان الصهيوني الغاصب مهمتين، أن يكون خط دفاع أول يحمي دول وكيانات الاستعمار الوظيفية التي أنشأها عند رحيله، وأن يكون خط دفاع أخير يحمي مصالحه إذا ما سقطت هذه الكيانات الوظيفية من بين يديه وداهمتها تغيرات دراماتيكية داخلها.

لقد حرص الاستعمار عندما أنشأ كياناته الوظيفية في المنطقة على ربطها اقتصادياً بتبعيته؛ الأمر الذي أفضى بها إلى ارتهان قرارها السياسي.

إيران هي الأخرى، فقد كانت في زمن حكم الشاة لا تختلف في وضعها وارتباطها بهذا الغرب الاستعماري عن دول و ممالك البترودولار الخليجية، ولكن ثورة 11 فبراير 1979م الذي قادها الخميني، جاءت زلزالاً أخرج إيران من أتون تبعية الغرب، وأخذت ثورة إيران، على الرغم من الصعوبات والعراقيل، تشق طريقها صوب إنجاز استقلالها الاقتصادي، وبذلك خلعت عباءة الدولة الوظيفية التي تخدم المصالح الاستعمارية، وأدركت طهران أن تحررها لن يكون ناجزاً إلاّ بتوسيع رقعة الشعوب الحرة، لذلك، حملت على عاتقها مشروع تحرير المنطقة من هذا الوضع، مدركةً أن إسرائيل هي رأس الحية الاستعمارية في المنطقة، وبات لزاماً عليها بحكم واجبها الإسلامي مساعدة شعوب المنطقة للوقوف ضد هذا الكيان الغاصب.

وعلى ضوء هذا الصراع، تشكل في الإقليم هذا المشهد، وصارت المنطقة منقسمة بين محورين؛ محور يضم أنظمة وكيانات وظيفية تابعة ومرتهنة لقوى الهيمنة العالمية، في مقابل محور المقاومة والممانعة الذي يضم دولاً وحركات تدافع عن مصالح شعوبها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى