web النسخة الكاملة
wifi_tethering أخبار من نيوز فور مي
widgets اخبار سياسية widgets اخبار محلية widgets اخبار اقتصادية widgets أخبار دولية widgets اخبار رياضية widgets اخبار تقنية widgets أخرى ومتنوعة widgets فن وثقافة widgets أراء وكتابات widgets علوم وتكنولوجيا widgets صحة ومجتمع
mail راسلنا
menu

هذا النوع من الشهرة

تم نشره منذُ 4 يوم،بتاريخ: 19-11-2024 م الساعة 12:44:38 الرابط الدائم: https://newsformy.com/amp/news-2153677.html في : اخبار سياسية    بواسطة المصدر : العربي الجديد

عندما مات الأديب الفرنسي الشهير أناتول فرانس، في الثاني عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 1924، سار في جنازته آلاف المُشيِّعين، وشهد البعض حينها بأنها كانت أكبر من جنازة فيكتور هيغو شاعر فرنسا الأكبر وصاحب رواية "البؤساء"، لكن ستمرّ الذكرى الأولى على موته، من دون اهتمام، الفرنسيّون نسوه، كما نسوا غيره، لديهم سوابق في هذا المضمار، لكن ما أثار الاستغراب عقب رحيله، بينما كان جثمانه مسجّىً في الكنيسة، قدوم مجموعة من السُّرياليّين للتعزية به، هذا كان الظنّ، المجموعة كانت من ثمانية أدباء وفنانين، اقتربوا منه، كشفوا عن وجهه أمام الحاضرين. ثم صفعه أحدهم صفعتين على التوالي وخرجوا، الناس لم يصدّقوا ما حدث من شدّة الذهول والاندهاش.   

في ما بعد، عُرف السبب في ارتكاب السرياليين هذه الفضيحة، كان أناتول فرانس يهاجم الشعراء "المُقدّسين" الثلاثة: فيرلين ورامبو ولوتريامون، فانتقموا منه ميتاً. عموماً كان السرياليون غير مهذّبين على الإطلاق، يعتبرون التهذيب عادة قديمة وبالية، لا تليق بهم، يسخرون من القيم البورجوازية، ويكرهون رجال الدين، يشتمونهم على الملأ، يفتعلون المشاكل في البارات والمقاهي.

حقّق السُّرياليون شهرتهم بفضائحهم، ولم تقل عنها آراؤهم الغريبة، فنبذوا الواقع وأشهروا ما فوق الواقع، واعتبروا الحياة سخيفة ومملّة، عادية وروتينية ومضادّة للإبداع. كانت الحياة الحقيقية بالنسبة إليهم، وحسب وصفهم، ليست الواعية وإنما اللاواعية، حياة الحلم والهذيان، والشرود، ولفظ الواقع، وإكراهاته.

ظلّ السرياليون على هامش الأدب رغم الضجيج الذي أحدثوه

بالإضافة الى ممارساتهم الصدامية مع التقاليد البورجوازية، وتصرّفاتهم العجيبة، كانوا معجبين بليون تروتسكي وسيغموند فرويد. فالأول قال بالثورة الدائمة وتحطيم العالم القديم، والثاني قال بنظرية اللّاوعي وأعطى أهمية قصوى للحلم. 

كان السرياليون رغم الضجيج الذي أحدثوه، والاهتمام البالغ الذي حصدوه، على هامش الأدب، لكن كانت جاذبيّتهم طاغية وتأثيرهم كبيراً، كذلك إظهارهم اللّامبالاة بالساحة الأدبية التي احتلّها غوستاف فلوبير وغي دي موباسان، ثم مارسيل بروست. أما غضبهم فانصبّ على إميل زولا، كان مذهبه الطبيعي في الأدب والتصوير الروائي يزعجهم، مثلما أزعج الكثيرين غيرهم إلى حدّ أن زولا رشّح نفسه خمساً وعشرين مرّة للأكاديمية الفرنسية، ورفضته على التوالي، مع أنه يعتبر كلاسيكياً من حيث الأهمّية والعظَمة، لكن تاريخ الأدب ضمَّه إلى العباقرة، ويبدو أن ما أساء إليه خفية كانت "قضية دريفوس" التي أشعلها، وأعطى للمثقّف دوراً في الشأن العام. كما في المجال نفسه، لم يحتلّ كرسيّاً في الأكاديمية شاعر مثل بودلير الذي أمضى حياته في شتم البورجوازية الفرنسية والاستهزاء بها، فلم يحصل على صوت واحد، وانتُخب بدلاً منه كاتبٌ، ليس له أهمّية أدبية تضارع بودلير.
  
اشتهرت باريس بتوليد الحركات الفنية والأدبية، فكانت مقصد طلّاب الشهرة من الفنّانين والأدباء، فاتّسعت لأمثال بيكاسو وهيمنغواي وفيتزجيرالد ويونسكو وسيوران، واتّسعت لغيرهم الذين لم يصيبوا الشهرة، يأتونها من أميركا وأرجاء أوروبا، وإن نالوا قدراً منها بالتقاط الصُّور التذكارية أمام برج إيفل وفي الحي اللاتيني. كانت فرنسا تصنع المشاهير بسرعة، ومن جميع الأنواع، وتعيد تصديرهم إلى بلدانهم، إن لم يبقوا فيها. لم تكن أفانينها في تخليقهم، إلّا بالادّعاء بأنهم أحدثوا خلخلة في الأدب والفنّ والقيم والتقاليد، تشكّل اعترافاً بالسير عكس الجوّ السائد، والسير نحو الخلود.

إذا كانت باريس قد منحت الشهرة للكثيرين، لكن لم يُعوّل عليها، لن يبقى من الكاتب غير أعماله تصارع الزمن، وهو البرهان على قيمته الحقيقية، لا بريق الشهرة العارضة، الضجيج المفتعَل يتبدّد أمام مطرقة الزمن، ليس لسبب وإنما لأن هذا النوع من الشُّهرة آنيٌّ لا يصمد طويلاً، أما المجد فهو جائزة الكاتب، لكنه يحتاج إلى حامل، ليس إلّا ما قدّمه للفنّ والحياة والبشر.


* روائي من سورية

مشاركة الخبر: هذا النوع من الشهرة على وسائل التواصل من نيوز فور مي

offline_bolt تريند اليوم، الأكثر بحثاً الآن

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

صدر حديثا أوضاع العالم 2023 لن يكون العالم كما كان

منذُ 48 دقائق

صدر حديثا عن مؤسسة الفكر العربى كتاب أوضاع العالم 2023 لن يكون العالم كما كان المصدراليوم السابعصدر حديثا أوضاع العالم 2023...

أفضل 100 كتاب فى القرن الحادى والعشرين بعيدا عن الشجرة

منذُ 48 دقائق

اختارت نيويورك تايمز كتاب بعيدا عن الشجرة كأحد أفضل الكتب فى القرن الحادى والعشرين المصدراليوم السابعأفضل 100 كتاب فى...

حكاية من التاريخ استقالة سعد زغلول بعد إنذار بريطانى لحكومته

منذُ 48 دقائق

تمر اليوم ذكرى توجيه المندوب السامى البريطانى أدموند اللنبى إنذارا لحكومة سعد باشا زغلول المصدراليوم السابعحكاية من...

فوز دار الشروق الأردنية بجائزة عبد العزيز المنصور لأفضل ناشر عربى

منذُ 48 دقائق

فازت دار الشروق الأردنية الفلسطينية للنشر والتوزيع بجائزة عبد العزيز المنصور لأفضل ناشر عربى فى دورتها السادسة...

القصة الكاملة لاستغاثة ابنه منير فهيم بسبب تزوير أعمال والدها
منذُ 48 دقائق

كشف الناقد التشكيلى صلاح بيصار عن محتال يدعى قرابته للفنان منير فهيم ويزور أعماله عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل...

5 مشروبات تمنحك عظاما أقوى لو عندك نقص فى الكالسيوم إنفوجراف
منذُ 48 دقائق

الكالسيوم ضرورى للحفاظ على قوة العظام والأسنان والصحة العامة ومع ذلك أصبح نقص الكالسيوم شائعا بشكل متزايد بسبب...

widgets إقراء أيضاً من العربي الجديد