لبنان بانتظار هوكشتاين
تحبَس الأنفاس في لبنان بانتظار نهاية جولة المبعوث الأميركي، عاموس هوكشتاين، وتبيان النتيجة النهائية للمبادرة الأميركية لوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان. ورغم الأجواء الإيجابية التي أوحاها المبعوث خلال زيارته بيروت، وحديثه عن جسْر الفجوات في مسودة الاتفاق، إلا أن لا شيء نهائياً بعد بانتظار انتهاء المباحثات التي سيجريها هوكشتاين في تل أبيب، والتي بدأت فعلياً أمس.
التجارب السابقة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في المفاوضات لوقف الاعتداءات سواء في غزة أو لبنان خلال العام الماضي، لا تبشر بخير، خصوصاً أن الحسابات السياسية الداخلية والخارجية لرئيس الوزراء الإسرائيلي قد تمنعه من المضي في اتفاق الهدنة مع لبنان، متذرّعاً بعدم تلبية الاتفاق الشروط الإسرائيلية.
بداية حسابات نتنياهو هي عودة ملفه القضائي إلى الواجهة ورفض طلبه تأجيل استدعائه للشهادة أمام النيابة العامة في قضايا فساد، الأمر الذي ستزيد وتيرته في حال هدوء نيران الجبهات والعودة إلى فتح الملفات الداخلية التي قد تقضي على مستقبل نتنياهو السياسي. لهذا فإن مصلحة نتنياهو تقتضي المضي في حربه ورفع سقف أهدافها.
كذلك فإن لنتنياهو حسابات تتعلق بالإدارة الأميركية الحالية، والتي باتت على مشارف الرحيل، فأي اتفاق مع هذه الإدارة يجب أن يحظى بضماناتٍ لاستمراريته من الإدارة الجديدة التي سيكون على رأسها دونالد ترامب الحليف لإسرائيل. والحديث هنا عن الضمانات التي يعرضها المبعوث الأميركي في ما يتعلق بحرية العمل العسكري الإسرائيلي في الأجواء والأراضي اللبنانية في حال استشعار أي خطر.
ورغم أن هوكشتاين تحدّث عن تنسيق مع الإدارة المقبلة في ملف التهدئة مع لبنان، إلا أن أي إشارةٍ لم تخرج بهذا الخصوص عن ترامب أو المسؤولين الذين بدأ بتعيينهم لشغل مناصب أساسية في الإدارة الجديدة. يضاف إلى ذلك أن نتنياهو، وفي حال أراد التجاوب مع المساعي الأميركية، وهو الذي لم يتجاوب معها طوال أكثر من عام في ما يخص غزة، سيكون تجاوبه مع الرئيس الجديد، والذي سيحرص بنفسه على أن يكون أي اتفاق مبرم في صالح إسرائيل كلياً.
هذا لا يعني أن مساعي هوكشتاين قد لا تكلّل بالنجاح، خصوصاً أن هناك عوامل أخرى قد تساعد المبعوث الأميركي، أولها أن إسرائيل تعتقد أنها حققت الكثير من الأهداف التي وضعتها لنفسها في لبنان، وتحديداً لجهة إضعاف حزب الله، وهي عملياً لا ترغب بحرب استنزاف طويلة على الجبهة الشمالية في حال استطاعت الحصول على ما تريد من خلال اتفاق سياسي برعاية أميركية، وهو ما من المفترض أن يحمله هوكشتاين بعد فك الكثير من العقد خلال جولاته الحالية والسابقة.
لكن تبقى عقدتان بانتظار التفاهم حولهما، الأولى التي ذكرت سابقاً في ما يتعلق بحرية العمل العسكري الإسرائيلي، وهو أمر عملياً يحدث سواء بضمانة أميركية أو من دونها، أو سواء كان باتفاق أو من دونه، وهو ما سبق أن حصل في أكثر من مناسبة. وبالتالي فإن هذه النقطة يمكن التغاضي عنها إسرائيلياً، في حال كانت هناك رغبة فعلية في إنهاء الحرب.
النقطة الأخرى تتعلق بمهام وصلاحيات اللجان الأمنية الدولية، والتي من المفترض أن تشرف على الحدود وتضمن منع حزب الله من استعادة قدراته العسكرية. ففي وقت يطلب فيه لبنان صلاحيات محدودة لهذه اللجان، فإن إسرائيل تريدها بصلاحيات وإمكانات واسعة، وهو الأمر الذي لا يزال محل أخذ ورد.
الساعات القليلة المقبلة ستظهر مسار المبادرة الأميركية، وما إذا كانت ستمضي إلى التنفيذ أو ستدخل بمزيد من الجولات التفاوضية التي تسمح لإسرائيل بالمضي في الاعتداءات الوحشية على الأراضي اللبنانية.
مشاركة الخبر: لبنان بانتظار هوكشتاين على وسائل التواصل من نيوز فور مي