الحكومة التركية تواصل عزل رؤساء البلديات: أضرار بالتطبيع بين الأحزاب
واصلت الحكومة التركية عزل رؤساء البلديات، رغم مرور ثمانية أشهر فقط على الانتخابات المحلية، إذ عزلت سبعة رؤساء بلديات من المعارضة بواقع 6 بلديات تابعة لحزب "ديم" الكردي، وبلدية لحزب الشعب الجمهوري، ما يدفع المعارضة إلى ردود أفعال قد تلقي بمرحلة التطبيع بين الأحزاب في مهب الريح.
ويوم الجمعة أعلنت وزارة الداخلية في بيان عزل رئيس بلدية ولاية تونجلي جودت كوناك، ورئيس بلدية منطقة أوفاجك في الولاية نفسها مصطفى صاري غول، حيث إن الأول تلقى حكما بالسجن 6 سنوات و3 أشهر بتهمة العضوية في حزب العمال الكردستاني، ويستمر التحقيق معه في دعوى تتعلق بالدعاية لـ"الكردستاني" وهو حزب محظور في تركيا، وتقرر تعيين الوالي بولنت تكبيك أوغلو وصيا قانونيا على البلدية. أما صاري غول فهو أيضا حكم بالسجن 6 سنوات و3 أشهر بتهمة عضوية "الكردستاني"، حيث تم تعيين قائمقام المنطقة حسين شامل سوزن وصيا قانونيا على البلدية.
وتأتي الخطوة بعد أن تم عزل 3 رؤساء بلديات وهي ولايات باتمان وماردين ومنطقة هالفي بولاية شانلي أورفة قبل أسابيع، وقبلها عزل رئيس بلدية منطقة أسنيورت عن حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول أحمد أوزار وهو أيضا كردي، وقبلها بأشهر عزل رئيس بلدية هكاري في يونيو/ حزيران الماضي.
وكما حصل مع بقية حالات العزل صدرت ردود فعل كبيرة من المعارضة على عملية العزل، حيث أفاد زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال عبر منصة إكس بأن "قرار تعيين وصاة في بلدية أوفاجك وبلدية تونجلي هو سرقة للإرادة الوطنية لا يمكن حتى إخفاؤها، حيث أصبحت مراسم الجنازة التي حضرها رئيس بلدية أوفاجك مصطفى صاري غول في عام 2012 موضوع دعوى قضائية في عام 2022 وتم اعتبارها جريمة في عام 2024".
وأكمل: "التعازي تعطى للأحياء وليس للأموات، لا يمكن محاسبة أحد أفراد الأسرة على جريمة طفلته، ولا من يأتي لتقديم العزاء، ليس من المناسب إقالة رئيس بلدية انتخب بالاقتراع الشعبي لفترتين، بسبب جنازة حضرها قبل 12 عاما، وسنقاوم هذا الوضع غير القانوني، تمامًا كما نفعل ضد جميع الهجمات التي تطاول رؤساء البلديات المنتخبين، ولن نسلم الشعب لمن يضعون مصالحهم فوق مصالح تركيا".
حزب "ديم" الكردي أيضا كان له ردود فعل على ما حصل في ولاية تونجلي، حيث أفادت الرئيسة المشتركة تولاي حاتم أوغوللاري قائلة: "ندعو كل من قلبه مع الديمقراطية إلى الرد بشكل ديمقراطي ضد الوصاة، ونقول كفى للانقلابات المستمرة"، وقررت مع الرئيس المشترك تونجر بقرهان الذهاب إلى الولاية".
وشهدت تونجلي ومنطقة أوفاجك تظاهرات من أنصار الحزب الكردي، فيما دعا رئيس بلدية تونجلي المعزول كوناك أنصاره للتظاهر، لتعلن ولاية تونجلي منع التظاهر والاحتجاج لعشرة أيام في الولاية، كما أعلنت ولاية آلازيغ أيضا منع التظاهرات لمدة أسبوع.
وتلقى هذه التطورات تساؤلات عن مصير التطبيع بين الأحزاب، واللقاءات التي جرت بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة، وبنفس الوقت تسلط الضوء على ازدواجية انفتاح التحالف الحاكم عبر حزب العدالة والتنمية والحركة القومية على حزب "ديم" الكردي والدعوات لزعيم الحزب الكردستاني المعتقل عبد الله أوجلان لإطلاق بإنهاء وحل الكردستاني مقابل العفو عنه.
رسالة للجميع
وتعقيبا على هذه التطورات، قال الصحافي إبراهيم أباك لـ"العربي الجديد" حول عمليات العزل ومستقبل التطبيع بين الأحزاب إن "عملية العزل هي رسالة من الحكومة للجميع بأنها تعلم كل شيء ويمكن أن تتدخل في أي وقت، وعمليات العزل تستهدف رؤساء بلدية كانت لديهم أفعال يحاسب عليها القانون بالحبس مدة 5-10".
وأضاف أباك: "الحكومة تظهر نشاطها هذا على أنه استكمال لعمليات مكافحة التنظيمات المحظورة داخل تركيا وخارجها دون تقديم أي تنازل، ومنع أي عمليات دعم لوجستي للكردستاني عبر البلديات، وتعيين الوصاة لا يلاقى باحتجاجات كبيرة من قبل الشعب، لأن رؤساء البلديات المعزولين لا يقدمون خدمات مناسبة للشعب، بل على العكس يستخدمون السلطة بشكل سيئ".
وشدد القول: "بالتأكيد قد تكون هناك تبعات على مسألة التطبيع بين الأحزاب وربما يتعرض مستقبلها لأضرار، ولكن واضح أن هناك انتقادات حادة ولاذعة مستمرة من قبل المعارضة للرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية والوزراء، وبالتالي الساحة التركية معتادة لمسألة تعيين الوصاة بالسنوات الأخيرة". وختم مستدركاً: "ورغم ذلك تمضي مسيرة اللقاءات وحاليا يبدو أن التطبيع متوقف حيث لا لقاءات، ولكن السياسة التركية منفتحة على كل شيء وكل لحظة يمكن أن تحدث المفاجآت فيها".
لمكافحة الإرهاب؟
من ناحيته، قال الكاتب والباحث طه عودة أوغلو لـ"العربي الجديد"، إن "تسارع عملية العزل تأتي بعد تطورات حصلت في الداخل التركي والإقليم بشكل عام، رأينا مبادرة من زعيم حزب الحركة القومية دولت باهتشلي لإيجاد حل للمشكلة الكردية ارتطمت بجدار المعارضة وخاصة شريحة من الكردستاني". وأضاف أوغلو: "هذه الخطوة أيضا تأتي لاستعجال الحكومة في مكافحة الإرهاب في الداخل أو الخارج، خوفا من تفاقم الأوضاع في المنطقة وخصوصا مع تسلم الرئيس الأميركي دونالد ترامب السلطة قريبا، وما يمكن ان يكون له انعكاس على قوات سورية الديمقراطية، فتريد تحصين الجبهة الداخلية وتداعيات التطورات الإقليمية في المنطقة".
وأضاف: "من المبكر الحديث عن تأثير العزل على مرحلة التطبيع، حيث هناك انقسام داخل تركيا، وترى الأحزاب ما تقوم به الحكومة محاولة للضغط عليها وقد يكون له انعكاس سلبي بزيادة التعاطف الشعبي مع هذه الأحزاب وتزيد المشاكل التي تعاني منها الحكومة، وبالتالي التأثير لهذه اللحظة غير واضح وهناك تفاقم بالتوتر بين الطرفين، فضلا عن وجود جهات ربما توظف التوتر بما ينعكس بشكل كبير على الوضع الداخلي مع مسارعة الحكومة إغلاق الملف وجهودها للتعافي الاقتصادي".
وختم بالقول: "أعتقد أن ما يجري حاليا يأتي في إطار محاولات الحكومة لإنهاء ملف الإرهاب، وعلى الضفة الأخرى الأحزاب الأخرى والكردية غير مقتنعة بهذه الإجراءات، وترى أن الحكومة تستغل الظروف الحالية لخدمة مصالحها داخليا، والمعارضة وحزب الشعب الجمهوري أكبر أحزابها يعيش داخل دوامة الخلافات، ولن يسمح للحكومة بتمرير القرارات وقد تنعكس عليه إيجابا فيحاول التعطيل مع حزب ديم فهناك رفض لمبادرة باهتشلي التي لا تزال تراوح مكانها".
مشاركة الخبر: الحكومة التركية تواصل عزل رؤساء البلديات: أضرار بالتطبيع بين الأحزاب على وسائل التواصل من نيوز فور مي