صوت جديد: مع زينب يوسف
تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "أفهم الكتابة على أنّها انعتاق دائم من الأُطر والقوالب الجاهزة"، تقول الكاتبة السورية زينب يوسف.
■ ما الهاجس الذي يشغلكِ هذه الأيام في ظلّ ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟
- ما يشغلني، على المستوى الشخصي، هو كيف ستنتهي هذه المأساة وبأيّ طريقة. وعلى المستوى الثقافي، تشغلني أهمّية الكاتب في تسليط الضوء على هذه الإبادة الوحشية بحقّ الشعب الفلسطيني بشكل حقيقي ومتكامل. أجد أنّ من الضروري استمرار كلّ الناشطين في المجال الثقافي بمنح هذه الممارسات القاسية تجاه المستضعفين حقّها المشروع في أن تجد لها مكاناً مقدّساً في الصحف والمجلّات والكتب واللقاءات، وغيرها من الأنشطة الثقافية التي تؤثّر على الرأي العام شيئاً فشيئاً.
■ كيف تفهمين الكتابة الجديدة؟
- أفهم الكتابة على أنّها انعتاق دائم من الأُطر والقوالب الجاهزة، ولو كان انعتاقاً بطيئاً، إلّأ أنّه يستحق التفكّر والتماشي معه خطوة بخطوة. والكتابة الجديدة ما هي إلّا امتداد حيوي للانعتاق البشري من كلّ القيود، والمحاولة الدائمة للتحليق نحو فضاءات غريبة، عوالم مميّزة، ونهاية الوصول نحو وجهات جديدة قد تحمل بصمة مختلفة للكاتب.
■ هل تشعرين نفسك جزءاً من جيل أدبي له ملامحه وما هي هذه الملامح؟
- نعم بالتأكيد. لجيلنا، كما للأجيال السابقة، روحه المترعة بالحيوية، والشغف، والحلم، والسعي، والابتكار وما إلى ذلك من الأفكار. أنتمي إلى هذا الجيل الذي يرسم ملامح وجوده بقوّة وثقة، وإني لأشعر بالسعادة حين أقرأ لأقلام شابّة موهوبة، تُبدع وتنشر وتُثري أدب الشباب بما هو جديد ولافت، وأقدّر كذلك محاولات الكثيرين ليصنعوا وجوداً لهم على الساحة الأدبية رغم مشقّة الطريق ووعورته، خصوصاً في بلاد تعاني الظلم والحروب والحزن، ولكن للأمل دوماً محطّة في حيواتنا، وهذا ما نبحث عنه.
من الضروري استمرار المثقّفين في الإضاءة على الإبادة
■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟
- علاقتي مع الأجيال السابقة داخل المجال الأدبيّ وخارجه، هي علاقة مودة واحترام، وأثمّن كثيراً أن يكون لكلّ إنسان علاقته المميزة مع السابقين له، فهُم يمنحونك الخبرة، يُقدّمون المساعدة، وفي بعض الأحيان يُعبّدون لك طريقاً جيّدة لتسلكها من خلال نصائحهم ونظرتهم الفاحصة ومحبّتهم.
■ كيف تصفين علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟
- علاقة جيّدة. أعمل على الدوام على منحها أصالة وكياناً مميّزاً في حياتي، فمن المهم لأيّ كاتب أن يحافظ على علاقة طيّبة مع البيئة الثقافية في بلده، فهو قد خرج منها ومهما ابتعد سيعود إليها، ومن البديهي أن يسعى الكاتب ليطوّرها من خلال حضوره وتفوّقه وإنجازاته، وَيهب نفسه ليجعل منها بيئة حقيقيّة ومميّزة وذات آفاق مفتوحة قدر الإمكان.
■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟
- صدر كتابي الأول هذا العام وعمري 27 عاماً، بعنوان "سُهراب يُبعث من جديد"، وهي رواية تتحدّث عن تاريخ العالم في الفترة الممتدّة من منتصف القرن الخامس عشر إلى منتصف القرن السادس عشر، من خلال قصّة حبّ فريدة من نوعها، بزغت في إحدى قرى مدينة تبريز الفارسية، وقد صدرت الرواية عن "دار نينوى للنشر والدراسات والتوزيع" في دمشق.
■ أين تنشرين؟
- نشرتُ حتّى الآن روايةً واحدة عبر "دار نينوى"، ونشرتُ العديد من القصص القصيرة والمقالات عبر مواقع إلكترونية معيّنة.
■ كيف تقرئين وكيف تصفين علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟
- أتعامل مع القراءة كرحّالة، أعتقد أنّها الصفة الأنسب، فأنا أُبحر، أذهب، أعود، أتسلّق، أصعد، أقفز، وما إلى ذلك من الأفعال الحركية مع كلّ كتاب أطالعه. أعيش بين الأوراق بكامل إحساسي وأتخيّل كلّ فكرة في دواخلي مهما كانت بسيطة. وتجدر الإشارة إلى أنّ القراءة الحقيقية لا تتطلّب وجوداً مادياً فحسب، بل وجوداً روحياً وعقلياً ونفسياً، لتكون قراءة نموذجية، بالإضافة إلى أهمّية التنويع في المجالات المقروءة، والاطلاع على اللغات الأُخرى ومحاولة دراستها ولو بشكل بسيط. باختصار، القراءة تتطلّب تضافراً وتماسكاً أكثر ممّا نظن، وكلّما ارتفعت بنا نحو سماوات جديدة، أدركنا بلا شكّ أنّنا ما زلنا نصعد الدرجات الأُولى لنبلغ الحكمة المنشودة. أمّا أسلوب قراءتي فقد كان فيما مضى مخطّطاً، يخضع لقائمة أضعها مع بداية كلّ عام، لكنّني في آخر سنتين، وجدت نفسي أشذّ عن هذه الطريقة وأقرأ بشكل عشوائي بعيداً عن التخطيط.
■ هل تقرئين بلغة أُخرى إلى جانب العربية؟
- أقرأ إلى جانب العربية، الإنكليزية والفارسية، وآمل أن يكون لديّ القدرة على القراءة بلغات أُخرى في السنوات القادمة، فقراءة الأدب بلغة ثانية أمر رائع، يُثري الكاتب ويطير به نحو عوالم مجهولة وجديدة، لكنّه في الوقت ذاته أمر مُضن ويحتاج الوقت والتعمّق.
■ كيف تنظرين إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تكوني كاتبة مترجَمة؟
- الترجمة هي بعثٌ جديد لأيّ عمل أدبي، بعث متعب وشاقّ، لكنّه يستحق ذلك، وأيّ بعث مهما كانت صورته فهو لن يجد النور دون مخاض حقيقي، أُقدّر كلّ المترجمين وأخصّ بذلك المتفانين، والذين قدّموا الكثير ليغدو الأدب جسراً حقيقياً للتواصل بين الشعوب. أمّا عن نفسي، فإنّني أتمنّى أن أحظى بفرصة لأكون مترجِمة ولو على نحو بسيط، فذلك بلا شكّ سيُثري زينب الكاتبة. أمّا بالنسبة لأعمالي، فإني آمل بكلّ حبّ، أن تجد سبيلها لتُترجَم ذات يوم إلى لغات عديدة، لأنّ ذلك سيمنحها هويّات جديدة وأرواحاً مترعة بالجمال والفرادة والانتشار.
■ ماذا تكتبين الآن وما هو إصدارك القادم؟
- لا أزال تحت تأثير عملي الأوّل الذي صدر مؤخّراً، وأظنّه لا يزال بحاجتي ليصل وَيُقرأ، وإلى أن يجد انتشاره المستحقّ. سأكون حينها قادرة على البدء بعمل جديد بإذن الله، وسيكون رواية. أنا أؤمن بأنّ المسافات ضرورية في عالم الكتابة والنشر، وهي، في لغتي أنا، ولادة جديدة مع كلّ عمل يؤلّفه الكاتب مهما كان جنسه، والولادة الجديدة في قاموسي معادلة لا تتحقّق بسهولة. إنّها بحاجة دائمة إلى تجارب، وحلول، وخبرات، وأفكار، وقراءات، وما إلى ذلك من العمليات الهامّة.
بطاقة
كاتبة سورية من مواليد عام 1997 في مدينة اللاذقية، حاصلة على إجازة في الهندسة المدنية من "جامعة تشرين". صدرت لها رواية بعنوان "سهراب يُبعث من جديد" (2024).
مشاركة الخبر: صوت جديد: مع زينب يوسف على وسائل التواصل من نيوز فور مي