محترف شبابيك... الاحتلال ينتقم من المساحات الفنية في غزة
لم يسلم أي مركز ثقافي أو فني في غزة من القصف الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي ولعل محترف شبابيك أفضل مثال على استهداف الاحتلال لكل المساحات التي خلقها الغزيون خلال سنوات الحصار للفنون والشعر والسينما.
بحسب أحد مؤسسي المحترف ومديره شريف سرحان، فإنّ مبنى "شبابيك" تعرض للتدمير، خصوصاً الطابق العلوي الذي كان يستخدم قاعةَ عرض متعددة الأغراض، ومساحة للإقامة الفنية، وتحاكي، ولو بشكل مُبسّط، آلية العمل في مدينة الفنون في باريس، لإنجاز الفنانين الغزيين مشاريعهم، إذ كان يتكفل المحترف بتكاليف الإقامة، ومتطلبات تنفيذ المشروع الفني، وراتب لثلاثة أشهر هي مدّة الإقامة، وتواصل فني لأربع سنوات بدعم من مؤسسات عدّة.
وفي حديثه مع "العربي الجديد"، يشير سرحان إلى أن من بين هؤلاء الفنانين في الموسم الأخير من الإقامة الفنية: الفنانة الشهيدة حليمة الكحلوت، والفنان الشهيد محمد قريقع، والفنانة أمل النخالة، والفنان مصطفى مهنا، والفنانة إسراء الأشقر، والفنان سالم عوض، فيما حصل على المنح الإنتاجية كل من الفنانين: محمود الحاج، ومحمد الحاج، وروان مراد، وضرار قريقع، وعمر شلا، وولاء شبلاق، ومعتز نعيم، وحنين كراز، ونبيل أبو غنيمة، وتيماء سلامة.
وقد نجح العاملون في المحترف في إنقاذ كامل الأرشيف الرقمي، وإن لم يتمكّنوا من إنقاذ اللوحات والمعدات التقنية وغيرها من المقر بعد تعرضه للقصف. وهي اللوحات التي كان يفترض أن تعرض قبل نهاية العام الحالي في مقر المتحف الفلسطيني في بيرزيت، في معرض مشترك مع غاليري "التقاء" للفن المعاصر في غزة.
بدأت قصة محترف شبابيك عام 2003، حين اجتمع ثلاثة فنانين هم شريف سرحان وماجد شلا وباسل المقوسي لتأسيس مبادرة "شبابيك"، التي كانت تنظم فعالياتها وأنشطتها في الأماكن العامة، وكان مقهى "الكروان" الشعبي بمثابة مقر لهم ، قبل التحوّل المؤسساتي في عام 2009 إلى محترف شبابيك الذي بات، حتى ما قبل العدوان المتواصل على غزة، من العناوين الثقافية البارزة، خصوصاً في مجال الفنون البصرية في القطاع المحاصر. فمقر المحترف أصبح مساحة للإقامات الفنية المحلية، واستضافة فنانين أجانب لأغراض التدريب، واحتضان المبدعين الشباب من الجنسين، إلى جانب تنظيم المشاريع الفنية والمعارض الجماعية والفردية، وتقديم المنح، بدعم من مؤسسات محلية ودولية.
في عام 2009، تقدّم الثلاثة لمنحة الصندوق الثقافي الفلسطيني، التابع لوزارة الثقافة الفلسطينية في رام الله، بتمويل نرويجي، لتأسيس أول مساحة فنون بصرية متخصصة في غزة، تشتمل على "استوديو رقمي" مع كل ما يتطلبه من معدّات، وكانوا من بين الفائزين بها تبعاً للجنة اختيار المشاريع، وهي لجنة مستقلة ومتغيرة كل عام، وحين طُلبت منهم المأسسة لإتمام الإجراءات المالية وفق القوانين، بدأوا العمل تحت مظلة الاتحاد العام للمراكز الثقافية في القطاع، ومن هنا تحولت "شبابيك" من مجموعة ناشطة إلى العمل المؤسساتي تحت اسم محترف شبابيك، الذي بات له مقرّه الخاص، واستقلاليته مالياً وإدارياً.
ولفت سرحان، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن المنحة وفّرت المعدات وتكاليف استئجار المقر لستة أشهر، وبعدها بدأنا العمل على تأمين منح إضافية لضمان استمرارية "شبابيك" ليس كمقر ومساحة بل لإقامة مشاريع فنيّة وفق رؤية الفريق المؤسس، فكانت مؤسسة عبد المحسن القطان في رام الله سبّاقة لدعم المحترف بداية، وواصلت دعمها للعديد من مشاريعه المستقبلية، بالإضافة إلى مؤسسات محلية وعربية ودولية أخرى.
وحسب سرحان، فإن محترف شبابيك، وحتى عام 2018، كان يصبّ جلّ جهوده على توفير مساحات وفرص للفنانين الشباب، بحيث جرى تقديمهم للجمهور في إطار معارض جماعية بداية، لا سيما أن غالبيتهم كانت تقدّم فنّاً معاصراً أو "غير معتاد"، بالإضافة إلى العمل في عدة مشاريع مع فئة الأطفال، لا سيما مع تواصل الحروب الإسرائيلية على القطاع في 2014 و2018 ، بحيث باتت الفنون إحدى وسائل العلاج النفسي وإعادة تأهيل الأطفال الذين كانوا من بين أكثر الفئات تضرراً.
وإضافة إلى ذلك، أنتج محترف شبابيك عدداً من الأفلام ذات الطابع الفني حول واقع غزة على أكثر من صعيد، ونشرها عالمياً، وهو ما ساهم من جهة في تعريف جمهور الفنانين وغيرهم في العالم بالقضية الفلسطينية وحصار غزة، وبالحياة اليومية في القطاع، بلغة بصرية معاصرة، من السهل أن تُحدث أثراً أكثر فعالية لدى متلقيها.
مشاركة الخبر: محترف شبابيك... الاحتلال ينتقم من المساحات الفنية في غزة على وسائل التواصل من نيوز فور مي