المرأة اليمنية الصامدة رغم ويلات الصراع ومواجع التمييز

المرأة اليمنية: الصامدة رغم ويلات الصراع ومواجع التمييز

تم نشره منذُ 4 شهر،بتاريخ: 27-12-2023 م الساعة 08:41:54 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-1944756.html في : اخبار محلية    بواسطة المصدر : هورايزونس



تقرير: أفراح بورجي

تظل المرأة اليمنية حبيسة العادات والتقاليد والموروثات الجائرة التي قيدت حقها في الطموح كشريك فاعل في المجالات الحياتية المختلفة؛ إذ يفرض عليها المجتمع قيودا لا تمت للشرائع السماوية بأي صلة، ولا تقبلها القوانين والمواثيق المحلية والدولية، بل هي مجرد آراء وتصورات سائدة تجذرت في عقلية الإنسان اليمني فجعلته حبيس الوهم والتراجع.

يستعرض هذا التقرير شواهد وقصص تلخص جزءا يسيرا مما تعانيه المرأة اليمنية من التمييز والقيود التي تكبل طموحاتها.

الزوجية مقابل الطموح

تقول (أسماء الزبارة) إنها تخرجت من الجامعة بتخصص جرافكس، وتقدمت على وظيفة شاغرة في إحدى الشركات، وتم قبولها. كانت سعيدة للغاية، لكنها تفاجأت بخبر خطبتها خلال الأيام التي تلت ذلك.

وأردفت أسماء: “فرحت بخبر الخطوبة، لكنني حزنت لأنني أعلم أن حلمي وطموحي سينتهي”.

بعد الزواج، رفض زوجها السماح لها بالعمل، بل ورفض أهلها كذلك، بحجة أن زوجها له الحق في الرفض والقبول.

تقول أسماء: “تعبت خلال الأربع سنوات الماضية، كلي أمل بأنني سأحقق ثمرة جهدي واجتهادي بالعمل، لكن زوجي رفض، وعندما استشرت عائلتي، نهروني بكلمات هي (زوجك على حق، اسمعي كلام زوجك، بيتك وعائلتك لهم الحق في الساعات التي ستقضينها في العمل)”.

لم يكن أمام أسماء سوى قبول الوضع، والتفرغ للأسرة، وأصبحت أسيرة خلف قضبان الحياة الزوجية بعد أن تخلت عن كامل طموحاتها، وقد أصبحت أسماء أمًا لطفلين.

وتواصل أسماء: “اليوم أعيش حياة طبيعية، لكنني لا زلت أحلم بالعمل، وأتمنى أن أتمكن من تحقيقه يومًا ما”.

على ناصية الأمل

من جهتها تروي أميرة اليافعي (23 عامًا) قصة كفاحها لتحقيق حلمها بالحصول على التعليم العالي، رغم التحديات التي واجهتها.

تقول أميرة إنها تزوجت وهي في سن صغيرة، لذا تركت تعليمها في الصفوف الأولى من المدرسة، وبعد أن أصبحت أمًا لثلاثة أبناء، شعرت بالحاجة إلى إكمال تعليمها.

تكمل أميرة: “كنت أشعر أنني حرمت من شيء مهم في حياتي، وأنني بحاجة إلى تحقيق حلمي بالحصول على شهادة جامعية”.

في البداية، رفض زوجها السماح لها بالدراسة، لكنه وافق بعد أن تعهدت له بالالتزام بواجباتها المنزلية والزوجية.

تسرد أميرة: “كان الأمر صعبًا في البداية، لكنني كنت مصممة على تحقيق هدفي”.

بدأت أميرة الدراسة في المدرسة، وكانت تذهب إلى المدرسة تارة، وتدرس من المنزل تارة أخرى. ورغم صعوبة الموازنة بين الدراسة والواجبات المنزلية، إلا أنها تمكنت من التفوق في دراستها؛ تقول أميرة كان التوفيق بين الدراسة والواجبات المنزلية أمرًا صعبًا، لكنني كنت أحرص على تنظيم وقتي جيدا. 

بعد أن أنهت أميرة الثانوية العامة بتقدير جيد، التحقت بجامعة الحديدة، حيث تدرس حاليًا في السنة الثالثة من قسم التربية الإسلامية.

وتتابع: “أطمح بأن أكون أستاذة في المستقبل، وأن أكون قدوة للفتيات والشباب الذين يرغبون في تحقيق أحلامهم”.

التمييز ضد المرأة 

 أن التمييز ضد المرأة في اليمن هو مشكلة معقدة، ويتطلب حل هذه المشكلة جهودًا مشتركة من المجتمع والدولة، حيث يجب أن تعمل الثقافة على تغيير الصور النمطية للرجل والمرأة، بينما يجب أن تعمل الدولة على سن قوانين وتنفيذ سياسات تحمي حقوق المرأة.

بهذا الخصوص يقول الدكتور عبدالباقي شمسان، أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء، إن التمييز ضد المرأة في اليمن يرجع إلى جذور ثقافية وسياسية عميقة.

وأوضح شمسان أن الثقافة العربية السائدة في اليمن تقوم على التمايز بين الرجل والمرأة، حيث يوضع الرجل على رأس الهرم الاجتماعي، بينما توضع المرأة في القاعدة السفلى، ويتقدم الطفل الذكر على الطفلة الأنثى.

وأضاف أن هذه الثقافة تتفاوت درجة التمييز فيها وفقا لمستوى التحديث والتعليم والوعي من منطقة إلى أخرى، ولكن بشكل عام، فإن الوعي الفردي والجمعي بالتمييز ضد المرأة هو العامل الأول في استمراره، مهما كان المستوى القانوني.

وأشار شمسان إلى أن الثقافة العربية تدعم التمييز ضد المرأة من خلال الأمثال والمسلسلات والكتب المدرسية، والتي تعيد تمثيل الصور النمطية للرجل والمرأة.

ولفت إلى أن المجتمع اليمني يعاني أيضًا من التمييز الاجتماعي، حيث تمنح بعض الفئات الاجتماعية مكانة أعلى من غيرها، مما يساهم في تفاقم التمييز ضد المرأة.

وشدد شمسان على ضرورة تمكين المرأة اقتصاديًا وسياسيًا، حتى تستطيع الاعتماد على نفسها والتعبير عن رأيها والمشاركة في الحياة العامة.

وأكد أن تمكين المرأة اقتصاديًا سيسمح لها بتحقيق استقلالها المالي، بينما سيمنحها تمكينها سياسيًا الحق في إبداء الرأي والمشاركة في صنع القرار.

حمامة سلام

في سياق الحديث عن معاناة المرأة اليمنية من مواجع التمييز واحتكار المجتمع لحقوقها، فإنها تعاني أيضا من ويلات الصراع، فتظل تنافح عن حقوقها وتحوط كل من حولها بالمحبة والعناية والاهتمام.

تقول وزيرة حقوق الإنسان في اليمن سابقًا، الدكتورة حورية مشهور: “المرأة اليمنية كانت حاضرة -ومازالت- في كل دورات العنف والصراع رافعة راية السلام؛ لإنها بفطرتها الإنسانية تدرك كارثية الصراع والنزاع، ولإنها تكون أول وأكثر الخاسرين في هذه النزاعات فهي تفقد الولد أو الأب أو الزوج أو الأخ أو جميعهم؛ وتتحمل عبء مسؤولية فقدان العائل وتقوم بهذا الدور الشاق في ظل ضعف وشحة الإمكانيات والفرص، وقد تكون ضحية مباشرة لهذه النزاعات أما بالقتل أو الإصابات التي قد تحولها إلى معاقة وهي ترعى في الحقول أو تعمل في المزارع ولا تعرف أن الأرض قد زْرعت بالألغام، وقد تكون عرضة للاعتقال أو الابتزاز وقد تتعرض للقتل المعنوي بالتشهير والتنكيل”.

وأضافت مشهور: “وتحمل المرأة اليمنية شعورا بالمسؤولية الأخلاقية والوطنية، لذا قد نذرت نفسها ووفرت وقتها وجهدها تدعو لوقف الصراع وبناء السلام، حيث أسست مجموعة من النساء اليمنيات منظمات معنية بالسلام، وشكلن الشبكات والتحالفات الداعية للسلام وأعددن رؤية (خارطة السلام النسوي) تحدد معالم الطريق لكيفية الخروج من كارثة الحرب والشروع في بناء السلام.

وقالت مشهور: “انطلق هذا الحراك النسوي من قبل مؤتمر الحوار الوطني، حينما رفعن شعار الدولة المدنية الحديثة، دولة النظام والقانون والحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان ومنها حقوق المرأة، وكان حضورهن فاعلا ومؤثراً في مؤتمر الحوار الوطني المنعقد في صنعاء مارس ٢٠١٣-يناير ٢٠١٤م، ولا أبالغ إذا ما قلت إن المخرجات القوية المتعلقة بالعدالة وحقوق الإنسان كانت بفعل وجود النساء والشباب في ذلك المؤتمر”. 

وتواصل مشهور: “ولايزال نشاط النساء اليمنيات متواصلا حتى اليوم في مجال الدعوة والدفع بعملية السلام، وهن لا يوفرن جهداً ولا يفوتن فرصة إلا ويشاركن بها على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، ولن يقفن عند حد الدعوات للعودة للمسار السياسي وبناء السلام بل سيكن عنصراً فاعلا من عناصر بناء وتحقيق وترسيخ وتثبيت السلام عندما يصل الفرقاء إلى اتفاق سلام ينهي كارثة الحرب وتبدأ دورة السلام والأمن والاستقرار والبناء والتنمية والإعمار”.. 

مضيفة: “ونأمل أن يتحقق ذلك عاجلا غير آجل حتى لا تصبح اليمن منسية في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة وانصراف اللاعبين الإقليميين والدوليين للتركيز على هذا التحدي الجديد الذي سيُفرض كأولوية قصوى تستأثر بجهود المجتمع الدولي، ويتراجع شأن اليمن في إلى أسفل قائمة اهتماماتهم”.

تم إنتاج هذه المادة ضمن مخرجات برنامج التغطية الإعلامية الجيدة لقضايا الصحة الإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان.

The post المرأة اليمنية: الصامدة رغم ويلات الصراع ومواجع التمييز appeared first on بيس هورايزونس.

مشاركة الخبر: المرأة اليمنية: الصامدة رغم ويلات الصراع ومواجع التمييز على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

سموحة يتفوق على الزمالك في الدوري

سموحة يتفوق على الزمالك في الدوري

منذُ 24 دقائق

انتهت مباراة الزمالك وسموحة بفوز سموحة بهدف وحيد في المباراة التي أقيمت ضمن مباريات الجولة الحادية والعشرين لمسابقة...

محمد صلاح افضل لاعب في مباراة ليفربول وتوتنهام

محمد صلاح افضل لاعب في مباراة ليفربول وتوتنهام

منذُ 24 دقائق

اختير الدولي المصري محمد صلاح أفضل لاعب في مباراة ليفربول ضد توتنهام التي انتهت بفوز الريدز 42 على ملعب أنفيلد ضمن...

السرطان يلحق بفنان العرب

السرطان يلحق بفنان العرب

منذُ 25 دقائق

أعلن فنان العرب محمد عبده عن إصابته بمرض السرطان وتلقيه للعلاج الكيماوي في أحد المستشفيات...

ليفربول يعود لسكة الانتصارات بفوز عريض على توتنهام

ليفربول يعود لسكة الانتصارات بفوز عريض على توتنهام

منذُ 25 دقائق

عاد فريق ليفربول إلى سكة الانتصارات بعد فوزه العريض مساء الأحد على ضيفه توتنهام 42 ضمن الجولة السادسة والثلاثين من...

علماء صينيون يتوصلون لطريقة التغلب على الاكتئاب
علماء صينيون يتوصلون لطريقة التغلب على الاكتئاب
منذُ 25 دقائق

كشف العلماء أنفسهم المنتمون إلى جامعة وسط الجنوب في مقاطعة هونان الصينية أن الحصول على قسط كاف من النوم في عطلة نهاية...

لا تعبث مع نساء أمريكا بايدن يسخر من ترامب قبل الانتخابات
لا تعبث مع نساء أمريكا بايدن يسخر من ترامب قبل الانتخابات
منذُ 25 دقائق

غرد جو بايدن الأحد على حسابه في منصة التواصل الاجتماعي إكس تويتر سابقا مشيرا إلى الرئيس...

widgets إقراء أيضاً من هورايزونس

عشقا منذ يومين
حياة في الصورة 25
الليلة مع الجمهورية التي أضعناها فضاع كل شيء
بنك التضامن يحصل على شهادة أمن المعلومات الآيزو ISOIEC 270012022