المغرب 60 سنة من العمل البرلماني

المغرب: 60 سنة من العمل البرلماني

تم نشره منذُ 3 شهر،بتاريخ: 20-01-2024 م الساعة 04:05:34 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-1975245.html في : اخبار سياسية    بواسطة المصدر : العربي الجديد

عاش المغرب في الأيام الأخيرة حدثًا مهمًا في مسار تجربته البرلمانية، يتعلّق بحلول ذكرى مرور ستين سنة على إحداث البرلمان بالمملكة، كأهم مؤسسة في الحياة الديمقراطية. ويشكل هذا الحدث الذي تميّز بتلاوة رسالة ملكية، مناسبة للوقوف عند مضامينها ورسائلها، ولا سيما أنّ المؤسسة التشريعية كانت دائمًا حاضرة كفاعل أساسي في قلب التحوّلات الكبرى التي عاشتها بلادنا منذ الاستقلال.

كان المغرب سباقًا لاعتماد التعددية السياسية كخيار استراتيجي بُعيد جلاء الاستعمار، تجسّدت معالمها على وجه الخصوص في إحداث المجلس الوطني الاستشاري سنة 1956، ثم في ظهير الحريات العامة سنة 1958، وفي النظام الأساسي للمملكة سنة 1961، وكذلك في أوّل دستور سنة 1962، هذا في وقت اختارت غالبية دول المنطقة نظام "الحزب الوحيد".

لم يقتصر خيار التعددية على جانبه السياسي، بل شمل ما هو ديني، ومدني، وثقافي، ولغوي، ما أعطى للتجربة المغربية طابعها المتفرّد.

إنّ ستين سنة من عمر العمل البرلماني أكسبت المؤسسة التشريعية المغربية رصيدًا غنيًا من الممارسة في المجالات المحدّدة لها من قبل الدستور، وجعلتها تتحوّل إلى نموذج ومرجع، انطلاقًا من موقعها التشريعي والرقابي وأدوارها الدبلوماسية، وكذلك من حرصها على مأسسة واحتضان النقاش العمومي والحوار المجتمعي التعدّدي حول القضايا التي تستأثر باهتمام الرأي العام.

لم يقتصر خيار التعددية على جانبه السياسي، بل شمل ما هو ديني ومدني وثقافي ولغوي، مما أعطى للتجربة المغربية طابعها المتفرد

فالبرلمان اليوم يشكل معادلة أساسية في المغرب، أصبحت صلاحياته أكثر قوة بعد المكتسبات الجوهرية والنوعية التي مسّته في دستور 2011، من خلال الاختصاص الحصري في ممارسة السلطة التشريعية في مجال واسع من الموضوعات، وكذلك في آليات مراقبة العمل الحكومي، وتقييم السياسات العمومية كاختصاصٍ جديدٍ انضاف إلى وظائفه الدستورية التقليدية، إضافة إلى هيئات للحكامة جعلها المشرّع الدستوري في خدمة البرلمان، تقدّم له خبرة مؤسساتية تقنية ورأيًا استشاريًا في مواجهة تعقّد وصعوبة صناعة القانون، وتساعده في أداء وظائفه على الوجه الأكمل.

لم تقتصر هذه المكتسبات الدستورية على تعميق أسس الديمقراطية التمثيلية، بل فعّلت أيضًا الديمقراطية التشاركية، من خلال منح المجتمع المدني أدوارًا هامة، وتمكين المواطنات والمواطنين من حق تقديم ملتمسات في مجال التشريع، وكذا عرائض للسلطات العمومية، وهو الأمر الذي ساهم في إغناءِ التجربة البرلمانية المغربية.

من المؤكد أنّ العمل البرلماني وصل اليوم إلى مرحلة متقدّمة من النضج، كسلطة تشريعية حقيقية وسلطة رقابية نشيطة في تحصين التجربة الديمقراطية، وكفاعل دبلوماسي قوي في الدفاع عن القضايا العادلة والمشروعة لبلادنا، وفي مقدمتها قضية الصحراء في مختلف المحافل البرلمانية الإقليمية والدولية، وكذلك في الدفاع عن القضايا المرتبطة بحفظ الأمن والسلم الدوليين، وفي الترافع عن أولويات السياسة الخارجية للمغرب في القارة الأفريقية، كالعدالة المناخية والأمن الغذائي، وغير ذلك من القضايا الإقليمية والدولية التي تشكل أولويات السياسة الخارجية للمغرب.

طالما كان البرلمان المغربي فاعلًا عبر التاريخ السياسي، وآلية مؤسساتية لترسيخ التجربة المغربية

لكنّنا نعتقد أنّ الرسالة الملكية في هذا الشأن، لم تقف فقط عند التذكير بالمسار التاريخي لمؤسسة البرلمان بمجلسيه، وبالمكانة المتقدّمة التي أضحى يتمتع بها اليوم في ظلّ وثيقة دستورية متقدّمة لقيت إشادة، وبإبراز الأدوار التي قام بها في الدفاع عن القضايا الوطنية والدولية، بل، وهذا هو الأساسي، أنّها سطرت جملة من التحديات والرهانات المنتظرة، بلغة واضحة وشفافة، تشكل في الصميم توجيهات ملزمة للارتقاء بالعمل البرلماني إلى مستوى متقدّم:

ـ ضرورة تغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين على غيرها من الحسابات الحزبية.

ـ تخليق الحياة البرلمانية من خلال إقرار مدونة للأخلاقيات في المؤسسة التشريعية بمجلسيها تكون ذات طابع قانوني ملزم.

ـ تحقيق الانسجام بين ممارسة الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية.

 ـ العمل على الرفع من جودة النخب البرلمانية، خصوصًا، والمنتخبة عمومًا.

ـ تعزيز ولوج النساء والشباب بشكل أكبر إلى المؤسسات التمثيلية.

ـ نشر قيم الديمقراطية وترسيخ دولة القانون، وتكريس ثقافة المشاركة والحوار، وتعزيز الثقة في المؤسسات المنتخبة.

ما فتح أمام البرلمان مجموعة من الوِرَش الإصلاحية تسعى للتنقيب عن نخبٍ جديدة، والرفع من تمثيلية المرأة والشباب، وتخليق الممارسة البرلمانية، وتعزيز ثقافة المشاركة والحوار والثقة في المؤسسات، والتواصل والانفتاح على المجتمع، وهي وِرَش هامة يستلزم الانكباب عليها بجدية لتجويد العمل البرلماني كعماد للممارسة الديمقراطية، وكذلك لمواجهة "النزعة العدائية للبرلمان" التي تعمل على تبخيس عمل ومجهود المؤسسة التشريعية، ولا تنظر فقط إلّا إلى النصف الفارغ من الكأس، ولا سيما أنّ البرلمان كان دائمًا حاضرًا ضمن انشغالات المؤسسة الملكية، وفاعلًا عبر التاريخ السياسي، وآلية مؤسساتية لترسيخ التجربة المغربية.

مشاركة الخبر: المغرب: 60 سنة من العمل البرلماني على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

وزير التربية والتعليم يتابع امتحانات صفوف النقل للمرحلتين الابتدائية والإعدادية

وزير التربية والتعليم يتابع امتحانات صفوف النقل للمرحلتين الابتدائية و...

منذُ 17 دقائق

قام الدكتور رضا حجازى وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى اليوم بتفقد سير امتحانات الفصل الدراسي الثانى للعام الدراسى ...

الإسكان بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات سكن مصر لحاجزيها بمدينة القاهرة

الإسكان بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات سكن مصر لحاجزيها بمدينة القاهرة

منذُ 17 دقائق

أعلن الدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية عن بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع سكن مصر...

وقفة لمنتسبي جامعة صنعاء لنصرة فلسطين وتضامنا مع طلبة الجامعات الأمريكية الأوروبية

وقفة لمنتسبي جامعة صنعاء لنصرة فلسطين وتضامنا مع طلبة الجامعات الأمريك...

منذُ 18 دقائق

نظم أكاديميو وطلبة وموظفو جامعة صنعاء وملتقى الطالب الجامعي اليوم وقفة تضامنية مع طلبة الجامعات الأمريكية والأوروبية...

بالنخلة الذهبية والصور التذكارية مهرجان أفلام السعودية يختتم فعاليات دورته العاشرة

بالنخلة الذهبية والصور التذكارية مهرجان أفلام السعودية يختتم فعاليات د...

منذُ 19 دقائق

بالنخلة الذهبية والصور التذكارية مهرجان أفلام السعودية يختتم فعاليات دورته...

انقطاع خدمات الإنترنت الثابت
انقطاع خدمات الإنترنت الثابت
منذُ 19 دقائق

انقطاع خدمات الإنترنت الثابت في...

بدء فعاليات المهرجان الوطني الأول للمانجو اليمني
بدء فعاليات المهرجان الوطني الأول للمانجو اليمني
منذُ 19 دقائق

بدأت اليوم بصنعاء فعاليات المهرجان الوطني الأول للمانجو اليمني الذي تنظمه على مدى خمسة أيام وحدة تمويل المشاريع...

widgets إقراء أيضاً من العربي الجديد

المغرب اجتماع حاسم لحزب الاستقلال للخروج من أزمة المؤتمر
500 متطوع تونسي في قافلة لكسر الحصار على غزة
هل استحق التعمري ركلة جزاء في مباراة كوريا الجنوبية الشريف يوضح
إسرائيل قلقة من احتمال سحب استثمارات الجامعات الأميركية