الحرب على غزة وسؤال الأخلاق على ماذا نراهن

الحرب على غزّة وسؤال الأخلاق... على ماذا نراهن؟

تم نشره منذُ 3 شهر،بتاريخ: 28-01-2024 م الساعة 03:53:35 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-1984389.html في : اخبار سياسية    بواسطة المصدر : العربي الجديد

لا يمكن أن ننكر أنّ ثمة مكاسب معنوية هائلة تحقّقت منذ عملية طوفان الأقصى، منها ما يرتبط بردّ الاعتبار للقضية الفلسطينية، عربياً وعالمياً، وإضعاف الرواية الإسرائيلية ومواجهتها، وعودة الحديث عن أهمية الحل السياسي والسلمي، وأخيراً القضية المرفوعة في محكمة العدل الدولية، وحيثيات ما يرتبط بهذه الإجراءات التي تعيد تعريف الكيان الإسرائيلي دولةً مارقةً تقوم بعملية إبادة كاملة في قطاع غزّة.

في مقابل ذلك كلّه، السؤال الأخلاقي والإنساني الذي لا بد أن نواجهه ولا نتهرب منه: ما جدوى ذلك لإيقاف المذبحة الكبرى والتاريخية وحرب الإبادة، طالما أنّ الحكومة الإسرائيلية لا تقيم وزناً لأحد؟ وهل سيعيد ذلك أرواح 30 ألف شهيد ومفقود فلسطيني في غزة؟ أم سيعيد الصحّة لأكثر من 60 ألف فلسطيني أصيبوا وكثيرٌ منهم سينضمون إلى ذوي الإعاقات في أحسن الأحوال، إن وجدوا مجالاً للعلاج؟ ما قيمة ذلك كلّه أمام هذا الحجم غير المتصوّر للكارثة الإنسانية في غزة؟

وصفت حركة حماس في وثيقتها المعلنة أخيراً بعنوان "هذه روايتنا" إسرائيل بأنها "دولة فوق القانون"، وهي كذلك، لكن من قال إنّ الولايات المتحدة والدول الغربية "تحت القانون" أصلاً، ومنذ متى العلاقات بين الدول في التاريخ البشري بأسره تُحكم بالقانون والأخلاق والقيم؟! العالم يُحكم فقط بالقوة ولا تعرف العلاقات بين الدول سوى لغة موازين القوى، ومصطلحات "ازدواجية المعايير" الإنسانية إنشاء لا قيمة له في رسم علاقات الدول ببعضها؛ هذه علاقات دولية تدرس لطلاب العلوم السياسية في كل الدول!

هنا بيت القصيد؛ موازين القوى الدولية والإقليمية والداخلية والآله التدميرية الفتّاكة غير المسبوقة في تاريخ البشرية كلها في صالح إسرائيل، وإذا كانت الإدارة الأميركية تحاول أن تلطّف النتائج الكارثية فقط، لحساباتٍ انتخابية داخلية وخوفاً من ردود الفعل الساخطة المتوقّعة من الجيل الجديد المحبط في المنطقة، فإنّها تعجز عن إقناع نتنياهو بالحدّ من الجرائم بحقّ المدنيين أولاً، وبفكرة الدولة الفلسطينية ثانياً، وبالانسحاب من غزّة ثالثاً، ما يعني أنّ المخطّط الوحيد الذي يُنفّذُ على الأرض هو مخطّط نتنياهو، بل اليمين الإسرائيلي، بل المؤسّسات الإسرائيلية التي لا تجد ما يقف في وجهها لإعادة ترميم سمعة إسرائيل وصورة الردع العسكري لديها في المنطقة بأسرها!

... برأيكم، هل كانت سردية أغلب الدول العربية تسمح بأن تتقدّم للمحكمة الدولية لإدانة إسرائيل؛ وسجلّ هذه الدول في حقوق الإنسان أو التهجير أو المعتقلات أو التعذيب مشرّف؟ إذا كانت المعايير الأخلاقية والقانونية وموازين القوى جميعاً لن توقف هذه الآله العمياء في القتل والإبادة كيف سيتم إيقافها؟!

ذلك هو السؤال؛ لأنّ الفلسطينيين، في نهاية اليوم، هم بشر، من يقتلون ويذبحون ويقصفون وتهدم المنازل والعمارات فوقهم وتصبّ عليهم الحمم النارية هم بشر؟ الأطفال الذين يفتقرون إلى شربة ماء وقطعة خبز وتقطع أوصالهم وتُجرى لهم عمليات طبّية في أسوأ ظروف إنسانية ممكنة، إن أجريت، هم بشر، من لحم ودم، ليسوا أشباحاً نتخيّل أنهم غير موجودين ونحن نشاهد القصف كل لحظة وكل دقيقة.

في مقابل الخطاب الإسرائيلي الذي كان يصف الغزّيين بحيواناتٍ بشرية، في بداية العدوان، ليحصل على إذن القتل والذبح والمجازر، كان هنالك (ولا يزال) خطابٌ آخر يسلخ عنهم بشريّتهم وإنسانيتهم ويتحدّث عن الصمود ورفض التهجير والبطولة والمقاومة، وهذه بلا شك خصال موجودة، وما تحمّله الغزيون في أكثر من مائة يوم من العذاب هو فوق مستوى طاقة البشر على الاحتمال، لكن من الضروري ألا ننزع عنهم إنسانيّتهم في مثل هذه الخطابات.

إذا كان هنالك من شيءٍ واحد واقعي، منطقي، إنساني، أخلاقي، من الضروري أن يتصدّر الأولويات فهو؛ إيقاف المجازر، إيقاف النكبة الجديدة، وإدخال سريع للمساعدات، وخروج الاحتلال من غزّة، هذه هي الأولويات، وهذا هو الشيء الوحيد المفترض أن نراهن عليه، والسؤال الوحيد الذي من المفترض أن نفكّر فيه جميعاً، ولا سؤال غيره؛ كيف يمكن تحقيق ذلك بأسرع وقت ممكن؟

مشاركة الخبر: الحرب على غزّة وسؤال الأخلاق... على ماذا نراهن؟ على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

علماء الآثار يكتشفون ثكنة عسكرية من زمن الثورة الأمريكية بولاية فرجينيا

علماء الآثار يكتشفون ثكنة عسكرية من زمن الثورة الأمريكية بولاية فرجيني...

منذُ 16 دقائق

اكتشف علماء الآثار في ولاية فرجينيا ما يعتقد أنه بقايا ثكنة عسكرية من الحرب الثورية بما في ذلك طوب المدخنة وكرات البنادق ...

سوريا تعدم الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين هل كان رأفت الهجان وراء كشفه

سوريا تعدم الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين هل كان رأفت الهجان وراء كشفه

منذُ 16 دقائق

في 18 مايو 1965 أعدمت سوريا الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين وذلك بعد 4 سنوات قضاها في دمشق للتجسس لصالح جيش الاحتلال وقد تنوعت ...

بدون أدوية كيف تتحكم في ارتفاع ضغط الدم

بدون أدوية كيف تتحكم في ارتفاع ضغط الدم

منذُ 16 دقائق

ارتفاع ضغط الدم هو مرض شائع يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وغيرها من المشاكل الصحية وغالبا ما تكون...

كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على قلبك اعرف طرق الوقاية

كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على قلبك اعرف طرق الوقاية

منذُ 16 دقائق

مع سطوع الشمس وارتفاع درجات الحرارة تبدأ المخاوف الصحية في التزايد والتعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية الضارة يمكن أن...

نزوح 800 ألف فلسطيني من رفح منذ 6 مايو
نزوح 800 ألف فلسطيني من رفح منذ 6 مايو
منذُ 17 دقائق

أكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا فيليب لازاريني نزوح نحو 800 ألف شخص من...

فيضانات تجتاح جنوب غرب ألمانيا السلطات تجلي مئات السكان شاهد
فيضانات تجتاح جنوب غرب ألمانيا السلطات تجلي مئات السكان شاهد
منذُ 17 دقائق

طالب مكتب الدفاع المدني في زارلاند السكان بأخذ أعلى درجات الحيطة والحذر وتفادي النزول الى أقبية...

widgets إقراء أيضاً من العربي الجديد

الاحتلال يمدد اعتقال شقيقة إسماعيل هنية للمرة الثالثة
جنوب أفريقيا نيكاراغوا كولومبيا
مهرجان أسوان لأفلام المرأة فلسطين حاضرة
لامين يامال والمقارنة مع ميسي نجوم سقطوا في الفخ وتشافي يحذر