لا مستقبل للاحتلال

لا مستقبل للاحتلال

تم نشره منذُ 3 شهر،بتاريخ: 19-02-2024 م الساعة 02:48:08 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-2013503.html في : اخبار سياسية    بواسطة المصدر : العربي الجديد

"باقون ما بقي الزعتر والزيتون" يقولها الطفل الفلسطيني، كما يقولها الشيخ، وتنطق بها الجدّات والفتيات الصغيرات، كلّهم ينطقونها باليقين ذاته: لا مستقبل للاحتلال على هذه الأرض وإن علا وتغطرَس، وهو اليقين الذي يُدركه المحتلّون ورعاتهم وداعموهم والمؤلفة قلوبهم حولهم من أنظمةٍ تربط وجودها بوجود الاحتلال، وتبذُل ما في الوسع لفرضه أمراً واقعاً على شعوبٍ تحكم بالنار والحديد.
والحال كذلك، لا يكذب وزير الخارجية الأميركي، اليهودي المتعصب، أنتوني بلينكن، ولا يبالغ حين يعلن أمام منتدى أممي عن الأمن في ميونخ أن كل الدول العربية تقريبأً تريد الآن دمج إسرائيل في المنطقة لتطبيع العلاقات، ذلك أن هذه معركة أميركا الأولى والأهم، مهما تغيّرت الإدارات وتبدّلت أسماء الرؤساء، فبغير ذلك لن تبقى عصمة منطقة الشرق الأوسط كلها بيد واشنطن، ولن يستمرّ انفرادها بالقيادة والسيطرة والتحكم.
ولتحقيق هذا الهدف الثابت والدائم، يبقى العداء لفكرة المقاومة ومحاربة كل فصائلها خياراً استراتيجيًا للولايات المتحدة وتابعيها، مدفوعين جميعاً بهاجس أن الاحتلال، وبالضرورة أنظمة الاستبداد العربي، في خطر وجودي، ما بقيت المقاومة والمقاومون، الذين يتلقّون الطعنات ممن يفترض أنهم إخوة الدم والمصير والهوية، مثل دأب وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الذي يكرّر في منتدى الأمن بمدينة ميونخ الألمانية مقولته البائسة عن المقاومة الفلسطينية، معتبرًا إياها من خارج المشروع الوطني الفلسطيني، إذ يقول، في جلسة نقاشية مذاعة في المؤتمر، إن حركة حماس من خارج الإجماع الفلسطيني والاعتراف الإسرائيلي، وإنه يجب محاسبة من عمل على تعزيز قوّة الحركة في غزّة وتمويلها.
سامح شكري نموذج حقيقي لمن يمكن تسميتهم "أبناء العملية وصنائعها وحرّاسها الأوفياء" من جنود عملية السلام التي باتت ديناً وعقيدةً مقدّسة عند هؤلاء الذين يؤكّد بلينكن أنهم يريدون دمج إسرائيل في المنطقة، وهذا يتطلّب بالطبع إزاحة وإقصاء كل ما له علاقة بمقاومة الكيان الصهيوني وتغلغله في نسيج الجغرافيا والتاريخ العربيين، سواء داخل فلسطين (حركتا حماس والجهاد وكل فصيل مقاوم) أو خارجها في لبنان واليمن، وهو ما صاغته وزير خارجية الاحتلال السابقة، تسيبي ليفني، في حوار مع مجلة نيوزويك وصحيفة واشنطن بوست بعد عدوان 2009 قالت فيه "لا أريد أن أحرج أيا كان، ولكني أعلم أنني أمثل مصالحهم أيضاً. لم يعد الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني أو الصراع اليهودي - العربي، ولكنه صراعٌ بين المعتدلين والمتطرّفين. هذه هي الطريقة التي تنقسم بها المنطقة حاليا".
على أن تلك المعادلة الصهيونية محكوم عليها بالموت، ولا مستقبل لها في المنطقة، ونحن على بعد نصف قرن أو أقل من ذلك الوهم الذي ردّده أنور السادات، مؤسس كل هذا الهوان العربي، حين أعلن بعد صلحه المنفرد مع العدو أن حرب أكتوبر 1973 آخر الحروب، وهو الوهم الذي حاول تكريسَه فيما بعد حكّامٌ عربٌ آخرون، وفشلوا، لتصبح حكومات المنطقة كلها رهينة للرؤية الأميركية، ولنفوذ إسرائيل وإجرامها، من دون أن ينجح ذلك في إخضاع الشارع العربي لتيار التطبيع الذي اجتاح خُمس الأنظمة العربية وفي طريقه لالتهام البقية.
مرّت خمسون عاماً على تدشين المشروع الأميركي الصهيوني، من دون أن يحقق أهدافه، ولن ينجح مستقبلاً، فهذا ما يقوله التاريخ ومنطق الأشياء، ويصيب الصهاينة بالرعب فلا يتوقفون عن شنّ حروب الإبادة في محاولة اقتلاع الوجود الفلسطيني، تحت مظلّة "عملية السلام" التي صارت مثل بقرة مقدّسة عند أنظمة عربية تدرك أن بقاءها مرتبط ببقاء إسرائيل.
في ظل السلام الإسرائيلي الزائف، كانت الانتفاضة الأولى 1987 ثم الانتفاضة الثانية في  في 28 سبتمبر/ أيلول 2000 التي بدأت بعد اقتحام شارون المسجد الأقصى، ثم كانت حروب 2008 -2009 و2012 و2014 وصولاً إلى معركة البوابات الإلكترونية التي اندلعت في 14 يوليو/ تموز 2017، والتي استبسل فيها المقدسيون دفاعاً عن الأقصى، وبعدها جاءت ما عُرفت بـ "هبّة الكرامة" في مايو/ أيار 2021، هبّة 2000 المواجهة الأكبر بعد عقود من مواجهة "يوم الأرض" عام 1976، حيث اتّحدت ساحات فلسطين التاريخية نصرة للقدس والمسجد الأقصى، بالتزامن  مع عدوان إسرائيلي شرس على قطاع غزّة.
وها نحن في اليوم الخامس والثلاثين بعد المائة في المعركة الأكبر في تاريخ النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني، وهي المعركة التي أحدثت زلزالاً في الوعي العالمي بالقضية، لتصبح فلسطين قضية الشعوب الحرّة في أوروبا والأميركتين، التي تعلن كل يوم أن المقاومة حقٌّ مشروع للفلسطينيين، وأن تحرير بلادهم من قبضة عصابات الاحتلال اللقيط حلمٌ مستحقّ، ولا يمكن أن تكون المقاومة إرهاباً، أو كما يؤكّد منسّق الإغاثة في الأمم المتحدة، مارتن غريفيث "حماس ليست منظمّة إرهابية بل حركة سياسية".
يعلم الصهيوني، كما يعلم بلينكن، ويعرف سامح شكري وزملاؤه من "عبدة عملية السلام" أن كل هذا النضال من أجل دمج إسرائيل وإجبار الشعوب العربية على قبولها هو حرث في البحر، ووهم تذروه الرياح، وليس أكثر من عملية ترقيعٍ لمشروع الاحتلال، لا مستقبل له، هذا ما يدركه الجنين الفلسطيني في بطن أمه.

مشاركة الخبر: لا مستقبل للاحتلال على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

النواب الأمريكي سيدعو نتنياهو لإلقاء خطاب في الكونغرس

النواب الأمريكي سيدعو نتنياهو لإلقاء خطاب في الكونغرس

منذُ 19 دقائق

ويسلط الانقسام المحتمل بين الحزبين في هذا الشأن الضوء على التأثير السياسي للنهج الأمريكي تجاه إسرائيل قبل شهور من...

سقطنا في الوادي مكالمة لمرافق إبراهيم رئيسي يكشفها مسؤول قبل العثور على حطام المروحية

سقطنا في الوادي مكالمة لمرافق إبراهيم رئيسي يكشفها مسؤول قبل العثور عل...

منذُ 33 دقائق

كشف تقرير نشرته وكالة أنباء مهر الإيرانية شبه الرسمية عن مكالمة هاتفيه مع أحد الأشخاص المرافقين للرئيس الإيراني...

قتل ابن قبيلته السعودية تنفذ الإعدام بحق مواطن قتل آخر بإطلاق النار عليه

قتل ابن قبيلته السعودية تنفذ الإعدام بحق مواطن قتل آخر بإطلاق النار عل...

منذُ 39 دقائق

أعلنت وزارة الداخلية السعودية الثلاثاء تنفيذ حكم الإعدام القتل قصاصا بحق مواطن يدعى ذيب بن سعيد بن محمد القحطاني بعد...

مصادر تكشف لـCNN عن إجراء مفاجئ من المخابرات المصرية خلال المفاوضات بشأن غزة أغضب إسرائيل وأمريكا وقطر

مصادر تكشف لـCNN عن إجراء مفاجئ من المخابرات المصرية خلال المفاوضات بش...

منذُ 40 دقائق

قالت 3 مصادر مطلعة على المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزة لشبكة CNN إن المخابرات المصرية غيرت في صمت بنود مقترح وقف...

الاقتصاد المصري والحرب الإسرائيلية على غزة
الاقتصاد المصري والحرب الإسرائيلية على غزة
منذُ 41 دقائق

أجرى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر دراسة عاجلة لتقييم تأثير الحرب على غزة وانعكاساتها على مصر كدولة جوار وفقا...

الحج تستعد لإطلاق أبراج منى الجديدة لحجاج الداخل
الحج تستعد لإطلاق أبراج منى الجديدة لحجاج الداخل
منذُ 45 دقائق

تتجه وزارة الحج لإطلاق باقة الأبراج الجديدة قريبا التي ستكون خاصة بحجاج الداخل ويبلغ عدد مقاعدها 11 ألف...

widgets إقراء أيضاً من العربي الجديد

شرطة الاحتلال تستدعي الأستاذة الجامعية نادرة شلهوب للتحقيق الخميس
إسرائيل هل هي بداية نهاية الإفلات من العقاب
حماس وإسرائيل نحو تصعيد مفتوح
تحرير حمدي فلسطين كفعل مقاومة