معرض تضامنيّ لمقتنيات فنية وأثرية من غزة في الضفة الغربية
في متحف في بيرزيت بالضفة الغربية، جُمعت أعمال فنية وتراثية مصدرها قطاع غزة في مبادرة يُراد منها الردّ على تدمير مواقع ثقافية وأثرية في القطاع الذي يتعرض لحرب إسرائيلية دامية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ويقول عضو مجلس إدارة المتحف الفلسطيني في بيرزيت، إيهاب بسيسو، لوكالة فرانس برس، إن المتحف الذي افتُتح عام 2016 قرّر القيام بمبادرة تهدف إلى "الحفاظ على العمل التراثي الفلسطيني في غزة الذي يتعرّض لتدمير نتيجة الحرب".
ويضيف وزير الثقافة الفلسطيني السابق: "فوجئنا حين وصلتنا مئات الأعمال لفنانين وفنانات كانت موجودة في جامعات ومراكز ثقافية ولدى شخصيات فلسطينية في الضفة الغربية"، وهي لوحات وأزياء تراثية قديمة وقطع أثرية.
على مدخل المعرض، علّقت لوحة كتب عليها " هذا ليس معرضاً"، في إشارة إلى أنه "تظاهرة فنية متواصلة"، كما يقول بسيسو.
ويضيف: "هذه التظاهرة الفنية إنما هي نوع من تقديم المشهد الفني الغزي بشكل مختلف، ونوع من الوقوف أمام التحديات والصعوبات التي يواجهها الفنانون والثقافة في غزة في ظلّ الدمار والحصار... إنها مساحة تعبّر عن امتداد تلك المراكز والمتاحف التي هدمت".
وأعلنت وزارة الثقافة الفلسطينية في تقرير لها، نشر في يناير/ كانون الثاني، "تدمير 24 مركزاً ثقافياً في قطاع غزة، بشكل كلّي أو جزئي" خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة.
وبين هذه المواقع المركز الثقافي الاجتماعي الأرثوذكسي العربي، ومركز رشاد الشوا الثقافي الذي يضمّ مسرحاً ومكتبة ومطابع، ومؤسسة السنونو للفنون والثقافة في مدينة غزة. كذلك تضرّرت مبانٍ تاريخية، بينها كنائس ومساجد، وميناء فينيقيا، ومتحف القرارة.
"مساحة بديلة" من الحيّز الذي كان يوماً في غزة
يقول بسيسو عن المعرض: "هذه رحلة في الفن الغزي الفلسطيني، خصوصاً عقب استشهاد عشرات الفنانين والكتّاب والشعراء والصحافيين، وهذه الرحلة لتأكيد اللحمة بين الشعب الفلسطيني التي يحاول الاحتلال أن يدمّرها".
وكُتبت على مدخل المعرض الرئيسي أسماء 115 فناناً وفوقها العبارة الآتية: "هؤلاء سرقت منهم حرب الإبادة بيوتهم وأحلامهم وذكرياتهم وأحبتهم وحياتهم بأكملها". ووُضعت حول بعض الأسماء إشارات بالأسود للدلالة على من قتلوا خلال العدوان، وبينهم الفنانة التشكيلية هبة زقوت والرسام محمد سامي قريقع.
ولفتت إدارة المتحف، في بيان لها عن "التظاهرة"، إلى أنها "مساحة بديلة من الحيّز الذي كان يوماً في غزّة قبل أن تدمّره نيران الحرب"، مضيفة أن المبادرة تسعى لأن تكون "منبراً بديلاً لأصوات الغزيين، التي يمنعها عنّا انقطاع الاتّصال".
وتعمّد القيّمون على المتحف وضع ركام من الطوب والحديد وسط قاعة العرض الرئيسية، في إشارة إلى الدمار الذي يتعرّض له قطاع غزة، على خلفية صوت طائرة الاستطلاع المعروفة بـ"الزنانة" التي لا تفارق سماء غزة، ومشاهد فيديو لسيارات إسعاف تنقل مصابين... كل ذلك لوضع الزائر في أجواء ما يعيشه أهل غزة.
ويقول الفنان التشكيلي محمد الحواجنة الموجود في رفح، لوكالة فرانس برس عبر اتصال بالفيديو: "هذه التظاهرة للتذكير والتعاضد معاً بين الضفة الغربية وغزة، ومن أجل تأكيد استمرار وجودنا".
ومنذ افتتاح المعرض في أواسط فبراير/ شباط الحالي، يتوافد العشرات من الزوّار إلى المتحف.وتقول ألما عبد الغني: "شيء جميل أن نشاهد أعمالاً فنية لفنانين وفنانات من غزة هنا في الضفة، ولا سيما أنه لم يعد لها مكان لعرضها في غزة بعد الدمار هناك".
عند المدخل الرئيسي للمتحف، عرضت أزياء تراثية نسائية قديمة مصنوعة من القطن والكتّان والحرير. وإلى جانبها قلادات وأساور مجدولة من العهد البريطاني، وفساتين عرائس قديمة من خان يونس ودير البلح ومدينة غزة.
وليس بعيداً عُرضت لوحات للفنان التشكيلي تيسير بركات المولود في جباليا في قطاع غزة، لكنه مقيم في الضفة الغربية منذ عام 1984.
وتحمل إحدى اللوحات اسم "التيه"، وعليها رسم لآليات عسكرية ومركبات، بالإضافة إلى أكثر من 16 رسماً من الأكريليك وعلى القماش، يحمل كل منها عبارات اختارها الفنان للتعبير عما يجري في غزة، ومن بينها: "كيف تفقد أكثر من سبعة آلاف إنسان؟ أمطرهم بالغارات واحدة تلو الأخرى، وامنع انتشالهم من تحت الركام"، أو "كيف نفقد شعباً من مليونين ونصف مليون إنسان؟ اقطع عنهم الاتصالات والكهرباء والماء والحياة".
ويقول بركات لوكالة فرانس برس: "هذه المجموعة رسالة وتعبير عمّا شاهدت وسمعت عمّا يعيشه أهلنا في غزة من حرب مجنونة".
(فرانس برس، العربي الجديد)
مشاركة الخبر: معرض تضامنيّ لمقتنيات فنية وأثرية من غزة في الضفة الغربية على وسائل التواصل من نيوز فور مي