مع غزة مروان ياسين الدليمي

مع غزّة: مروان ياسين الدليمي

تم نشره منذُ 1 شهر،بتاريخ: 01-03-2024 م الساعة 10:05:30 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-2028234.html في : اخبار سياسية    بواسطة المصدر : العربي الجديد

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أيام العدوان على غزّة وكيف أثّر في إنتاجه وحياته اليومية، وبعض ما يودّ مشاركته مع القرّاء. "ليس الفلسطيني وحده المستهدف في هذه المعركة، إنّما نحن جميعاً من المحيط إلى الخليج"، يقول الروائي والشاعر العراقي مروان ياسين الدليمي.


ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟

- ما يشغلني أن هذه المعركة التي تدور رحاها على أرض غزّة، هي أخطر حلقةٍ من سلسلة هجمات الغرب ضدّ منطقتنا، والتي بدأت مع نهاية الحرب العالمية الثانية، ولم تتوقّف حتى هذه اللحظة، والفلسطينيون في غزّة اليوم، يقفون وحدهم في هذه المعركة الوجودية، وأنا على ثقةٍ كبيرة بإرادة الشعب الفلسطيني على الصمود رغم شراسة المعركة ودعم القوى الغربية اللامحدود لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وهذه القناعة ليست تفاؤلاً رومانسياً، بقدر ما هي حقيقة يؤكّدها تاريخ النضال الفلسطيني، الذي بدأ مع عز الدين القسام منذ ثلاثينيات القرن الماضي.

لكنّي في الوقت نفسه أشعر بخيبة كبيرة إزاء الموقف العربي الرسمي، وعلى ما يبدو أننا أمام واقعٍ جديد، تحاول أن تفرضه أميركا والقوى الغربية ومن يتولّى تنفيذ مخطّطات هذا الواقع قوى وأنظمة عربية، وبقدر ما يبعث هذا على الأسى والأسف، فإنه أيضاً يبعث على الشعور بالغضب، بمعنى أن هذا المناخ المحتقن بمشاعر يختلط فيها اليأس بالتمرّد، يحمل في داخله أملاً بمغادرة هذا الواقع البائس، وإذا لم يحدث ذلك، فإن مستقبل العرب سيذهب إلى مصير مجهول. 


كيف أثّر العدوان على حياتك اليومية والإبداعية؟

- أثّر كثيراً، ورسَم ملامحه على تفاصيل حياتي اليومية، فمن الصعب الهروب ممّا يجري في غزّة، لأن النتائج ستترك تداعياتها على مستقبل المنطقة وشعوبها، وعلامات ذلك تبدو واضحة أمامنا، في كلّ الأصوات النشاز التي أخذت تعلو بيننا، هنا وهناك، طعناً وإساءة بكلّ صفحة بيضاء من تاريخنا المقاوم للمحتلّ.

أنا أنتمي إلى جيلٍ تشكّل وعيُه على الإيمان بحرية الشعوب، وكان للأدب الفلسطيني (شعراً وروايةً وخطاباً ثقافياً مقاوماً) أثره الواضح في تكوين ثقافته، فنحن الأجيال التي شهدت ولادة "منظمة التحرير الفلسطينية"، في أواسط العقد السابع من القرن العشرين، ونشعر بقوة انتمائنا لقضية شعبنا الفلسطيني، وهي بمثابة معيار قيمي وأخلاقي، نستند إليه في ترتيب مواقفنا وقناعاتنا وممارساتنا اليومية، ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، توقّفتُ عن نشر ما يتعلّق بأنشطتي الاعتيادية في مواقع التواصل الاجتماعي، احتراماً للدّم الفلسطيني في غزّة، لأنني مدرك بأن هذه المعركة ليس الفلسطيني هو المستهدف فيها وحده، إنما نحن جميعاً، من المحيط إلى الخليج.

يقف الفلسطينيون اليوم وحدهم في هذه المعركة الوجودية


إلى أي درجة تشعر أن العمل الإبداعي ممكنٌ وفعّال في مواجهة حرب الإبادة التي يقوم بها النظام الصهيوني في فلسطين اليوم؟

- تبقى المعركة ثقافية قبل أن تكون عسكرية، والثقل الأساسي في المواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي تقع مسؤوليته على الثقافة، رغم أنّ العرب لم يتعاملوا مع هذا الموضوع بجدّية واهتمام، على عكس الصهاينة والقوى الغربية فقد وضعوا كلّ ثقلهم على الحرب في ميادين الثقافة والفنون لتفريغ الوعي وغسْل الأدمغة.

وتكمن أهمية وخطورة العمل الإبداعي، والفعل الثقافي عموماً، في أنه يمتلك القدرة على أن يتحوّل إلى وعي ويقظة وجدانية، إلى ذاكرة حيّة لا تصمد أمامها الأكاذيب والأساطير التي تنسجها ثقافة المستعمِر والمحتلّ. إن أكثر ما يُقلق الأعداء هي الأعمال الإبداعية التي تتوغّل عميقاً في طرح الجوانب الإنسانية للقضية، فليس هناك ما يعادل تأثير الفيلم السينمائي والرواية والقصيدة والأغنية على وجدان ووعي المتلقّي، وبهذه التقنيات الفنّية يُمكن أن تتغيّر قناعات الشعوب، أكثر ممّا تفعله الحروب العسكرية. 


لو قيّض لك البدء من جديد، هل ستختار المجال الإبداعي أو مجالاً آخر، كالعمل السياسي أو النضالي أو الإنساني؟

- لا أجد بديلاً عن العمل الإبداعي يُمكن أن يمارس دوراً مؤثّراً أكثر منه على المدى البعيد، وهذا هو المهمّ، فنحن ما زلنا نقرأ وبشغف أشعار المتنبّي وأبي تمام وملحمة "غلغامش" وكتابات ديستويفسكي وهمنغواي، هذا لأنها زادتنا في المعرفة، ولا نستطيع أن نستغني عن قراءة الأدب إذا ما أردنا لوعينا أن يبقى يقظاً، مع الإقرار بأنّ العمل السياسي لا يُمكن التقليل من شأنه وفاعليته. 

أنتمي إلى جيلٍ تشكّل وعيه على الإيمان بحرّية الشعوب


ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟

- اليوم في معركة غزّة، تعرّت الصهيونية على حقيقتها الوحشية أمام العالم أجمع، وسقطت أكاذيبها التي صنعتها ماكينتُها الإعلامية، وهذا ما يبدو واضحاً في ردود الفعل على المستوى الشعبي في البلدان الغربية، لأنها كانت ملعب الدعاية الصهيونية، ولهذا هي اليوم في مأزق كبير، بعد أن فقَد خطابها مصداقيته، فـ"إسرائيل" التي كانت قد كسبت الكثير من مواقف التأييد، باعتبارها بلداً ديمقراطياً، وسط مجتمع عربي إسلامي "همجي متوحّش"، كما كانت تروّج دعايتها، باتت اليوم صورة للدولة العنصرية التي تمارس أساليب التطهير العِرقي، ولهذا هي اليوم تعيش حالة هستيريا كلّما طال صمود أهل غزّة، لقد خسرت "إسرائيل" وأميركا والقوى الغربية هذه المعركة أمام العالم.


شخصية إبداعية مقاوِمة من الماضي تودّ لقاءها، وماذا ستقول لها؟

- كنت أتمنى أن ألتقي بغسان كنفاني، فقد تمكّن في وقت مبكّر من أن يستكشف ما يختزنه الأدب من ممكنات لإيصال قضية الشعب الفلسطيني، أكثر من أيّة وسيلة أُخرى، ولهذا استعجل "الموساد" في تصفيته.


كلمة تقولها للناس في غزّة؟

- لا مسرّة في هذا الفصل غير أني سأسمّيهِ مطرقة عمياء تدقّ جبهة الشجاعة، ومع ذلك ستبقى الإنسانية مدينةً لكم، فقد وضعتم بصمودكم الأسطوري، النقاط فوق الحروف، ونزعتُم الأقنعة عن كلّ الوجوه المخادعة والمضلّلة، ومهما كانت النتائج العسكرية تبدو ظاهرياً لصالح جيش الاحتلال، إلّا أن الحقيقة تؤكّد بأنّكم المنتصرون لا محالة.


كلمة تقولها للإنسان العربي في كلّ مكان؟

- ازرعوا الأوجاع في كرامة التحف الرخيصة، وانفخوا في جراحكم، فالركون إلى الصمت، والخضوع لسلطة القهر، نتيجتهما المزيد من الكوارث والهزائم. 


حين سُئلت الطفلة الجريحة دارين البيّاع التي فقدت معظم أفراد عائلتها في العدوان، ماذا تريدين من العالم، أجابت "رسالتي للناس إذا بيحبوا دارين يكتبوا لي رسالة أو أي إشي".. ماذا تقول لدارين ولأطفال فلسطين؟

- مع أن زمن المعجزات قد انتهى، إلّا أنكم آخر المعجزات، فأشجار الزيتون لن تموت في أكفّكم الغضّة، وثمّة ضوء ينتظركم.


بطاقة
روائي وشاعر عراقي. يحمل شهادة بكالوريوس من "كلّية الفنون الجميلة" في "جامعة بغداد". عمِل مُدرّساً للفنون المسرحية ومخرجاً للأفلام الوثائقية. أصدر ثلاث مجموعات شعرية: "رفات القطيعة" (1999)، و"سماء الخوف السابعة" (2010)، و"منعطف الوقت" (2025)، وروايتين: "اكتشاف الحُبّ" (2020)، و"ما تخيّله الحفيد" (2022)، بالإضافة إلى كتابَي: "جاذبية الأفلام" في النقد السينمائي، و"قيامة التأويل" في النقد المسرحي.

مشاركة الخبر: مع غزّة: مروان ياسين الدليمي على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

الحوار الوطني ينشر أبرز تصريحات السيسي في افتتاح مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية

الحوار الوطني ينشر أبرز تصريحات السيسي في افتتاح مركز البيانات والحوسب...

منذُ 11 دقائق

نشرت إدارة الحوار الوطني على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك أبرز تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال افتتاح مركز...

وزير الخارجية يلتقي الممثل الأعلى للشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي

وزير الخارجية يلتقي الممثل الأعلى للشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي

منذُ 11 دقائق

التقى سامح شكري وزير الخارجية صباح يوم الأحد الموافق ٢٨ أبريل الجاري بالسيد جوزيب بوريل الممثل الأعلى للشئون الخارجية...

بنك QNB الأهلي وصناع الخير للتنمية يقدمان منحا دراسية للطلاب المتفوقين في الجامعات التكنولوجية

بنك QNB الأهلي وصناع الخير للتنمية يقدمان منحا دراسية للطلاب المتفوقين...

منذُ 11 دقائق

أعلن QNB الأهلي الشركة التابعة لمجموعة QNB أكبر مؤسسة مالية في الشرق الأوسط وإفريقيا بالتعاون مع مؤسسة صناع الخير للتنمية...

وزير التموين  استلام 750 ألف طن قمح محلي خلال الاسبوعين الماضين

وزير التموين استلام 750 ألف طن قمح محلي خلال الاسبوعين الماضين

منذُ 11 دقائق

اكد الدكتور على المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية خلال ترأسه اجتماع اللجنة العليا للقمح ان اجمالي ما تم توريده...

حصيلة شهداء قطاع غزة ترتفع إلى 34454
حصيلة شهداء قطاع غزة ترتفع إلى 34454
منذُ 12 دقائق

أعلنت وزارة الصحة في غزة اليوم ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي...

مجيديع يعزي بوفاة الشيخ محمد الضبياني
مجيديع يعزي بوفاة الشيخ محمد الضبياني
منذُ 12 دقائق

بعث الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والعلاقات الخارجية الشيخ عبدالله أحمد مجيديع برقية عزاء ومواساة في وفاة الشيخ ...

widgets إقراء أيضاً من العربي الجديد

حزب الله اللبناني استهدفنا موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بقذائف المدفعية وأصبناه إصابة مباشرة
3 ملفات على طاولة اجتماع كاف وموعد أمم أفريقيا 2025 يحظى بالأولوية
رويترز نقلا عن وسائل إعلام 14 قتيلا في إطلاق نار بقاعة حفلات موسيقية قرب موسكو
الترجي التونسي يقصي النجم ويقترب من ربع نهائي دوري أبطال أفريقيا