المسحراتي المكّي.. المهنة الزائلة
من مظاهر السحور في مكة المكرمة قديمًا أن يقوم المسحراتي قبل الإمساك عن الطعام بساعة تقريبًا بالمرور على منازل الحي؛ ليوقظ الناس بالقرع على الطبول، ويردد العبارات المعتادة مثل: «يا نايم وحد الدايم»، وفي نهاية رمضان يزور المسحراتي المنازل -غالبًا تكون الزيارة في يوم العيد-؛ لينال شيئًا من الهدايا والهبات؛ حيث يعطيه بعض الناس نقودًا، وبعضهم الآخر حبوبًا، وبعضهم يعطيه صدقة الفطر.
وللمسحراتي عدة أدوات يستخدمها؛ لإيقاظ أهل الحي وهي: الطبلة، وهي عبارة عن صحن مقعر من الفخار متوسط الحجم، يُغطى بطبقة من جلد الضأن أو الماعز أو ما شابههما، على أن يكون الجلد قويًا لتحمل ضربات المسحراتي، وتشد قطعة الجلد على وجه صحن الفخار بشدة، ثم تجمع وتُربط بقية أطرافها حول جدار الصحن، وتترك حتى تجف الجلدة لتصبح صالحة للاستعمال، والأداة الأخرى هي سير الطلبة، وهي عبارة عن قطعة جلد سميكة، تُنظف من الشعر ثم تدبغ وتلون وتترك حتى تجف، ويجب أن يكون سير جلدة الطبلة طرية لينة دائمًا؛ كي تكون صالحة للاستعمال عند الضرب، أما عن طريقة الضرب على الطبلة فيضع المسحراتي الطبلة وسط كف يده ويمسك السير أو جلدة الطبلة بيده الأخرى بين أصابعه الثلاثة، الإبهام والسبابة والوسطى، والباقي من الجلدة في بطن كفه، على أن يبقى جزء من الجلد حيث يضرب بها على الطبلة، ويختلف عدد الضربات عليها، فإما تكون ثلاث أو خمس ضربات، ثم ينادي المسحراتي: «يا نايم وحد الدايم» ويكرر النداء، وقد يتبع هذا بذكر أسماء أحد سكان المنزل؛ ليشعر بأن هذا النداء له ولأهل بيته خاصة، أما عن المسحراتي حاليًا فقد اختفى وجوده تماماً.
*باحثة دكتوراة في التاريخ
مشاركة الخبر: المسحراتي المكّي.. المهنة الزائلة على وسائل التواصل من نيوز فور مي