ثقل التاريخ في برليناله عنف مصور سينمائيا وللموسيقى حضور

"ثقل التاريخ" في "برليناله": عنفٌ مُصوَّر سينمائياً وللموسيقى حضورٌ

تم نشره منذُ 1 شهر،بتاريخ: 18-03-2024 م الساعة 11:44:18 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-2043802.html في : اخبار سياسية    بواسطة المصدر : العربي الجديد

 

مشتركٌ أساسيّ بين أفلامٍ عدّة، معروضة للمرة الأولى دولياً في المسابقة الرسمية للدورة 74 (15 ـ 25 فبراير/شباط 2024) لـ"مهرجان برلين السينمائي (برليناله)"، يتمثّل بـ"ثقل التاريخ". أي أنّ أفلاماً كهذه تختار من الماضي ما يُعتَبَر ثقلاً، أخلاقياً وثقافياً واجتماعياً، في تاريخ بلدان ومجتمعات وأفراد.

هذا غير مفاجئ. مخرجون ومخرجات كثيرون يستلّون من تاريخ بلدانهم ما يرونه مناسباً لقراءة أو أكثر، ترتبط برغبةٍ في مُصالحةٍ واغتسال، أو تُشبه راهناً، أو تتقاطع مع مسائل آنيّة، يُلجَأ إلى التاريخ لقولٍ (مبطّن، غالباً) مفاده أنّ في التاريخ مسائل عالقة، أو أنّ الاشتغال على بعضها غير كافٍ.

في المقابل، تهدف عودةٌ دائمة إلى فصلٍ واحدٍ من التاريخ إلى تذكير متكرّر بفداحة جُرمٍ مرتكَبٍ قبل أعوام، كنوعٍ من ابتزاز، أو كتأنيبٍ قاسٍ على فعلٍ يرتكبه آخر، في زمن قديم. النازية مثلٌ، و"تأنيب الضمير" مُنتِجٌ فعّال لأفلام (ولغيرها) تنبش كلّ فعلٍ، صغيرٍ أو كبير، يُذكِّر الألمان أولاً وبقية الشعوب ثانياً بجريمة أدولف هتلر وجماعته. "من هيلدا، مع الحبّ"، للألماني أندرياس دْريْزن، مثلٌ على ذلك، رغم أنّ تذكيره بجُرم نازيّ متمثّل بإعدام شيوعيين وشيوعيات، أو متعاطفين ـ متعاطفات مع الاتحاد السوفييتي. جوهر الحكاية مهمّ، إذ يُقرّ ألمانيٌّ (دْريْزن) بأنّ للنازية جرائم بحقّ أفرادٍ غير اليهود أيضاً (وإنْ يكن بعض هؤلاء يهودياً)، وهذا ضروريّ في بلدٍ خاضع لابتزاز يهودي ـ صهيوني ـ إسرائيلي خانق، والحاصل في ألمانيا حالياً، تحديداً منذ "طوفان الأقصى" (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، وحرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزّة، دليلٌ على الخضوع الألماني (رسمياً على الأقلّ) المخيف للوبي اليهودي ـ الصهيوني ـ الإسرائيلي، مع أنّ هناك أصواتاً يهودية (وألمانية) ترفض الحرب، لكنّها غير مؤثّرة كفاية.

قصص من التاريخ تحضر في أفلامٍ، وبعض القصص مُثقلٌ بجرائم متنوّعة: "أشياء صغيرة كهذه"، للبلجيكي تيم مَيْلان ("الدب الفضّي لأفضل أداء في دور ثانٍ" للممثلة البريطانية إيميلي واتسون)، يستعيد فصولاً سوداء في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية في أيرلندا (عشرينيات القرن 19، واللاحق عليها)، معروفة بـ"مغاسل المجدلية": مصحّات عقابية مروّعة، بإدارة راهبات تابعات للكنيسة نفسها، بهدف ظاهريّ يقول بتقويم شابات "ساقطات"، أو مراهقات "منحرفات"، والعمل على "إصلاحهنّ".

أيُعتبر الفيلم إدانة متأخّرة، أمْ استعادة سينمائية لجُرمٍ تعرفه البشرية في عصور ظلاميّة قديمة؟ الإدانة غير ظاهرة بفجاجة، والاستعادة طاغية أكثر، في حكاية رجل (كليان مورفي) يعمل في تجارة الفحم، في ثمانينيات القرن 20، يكتشف صدفةً هذه الـ"مغاسل". هذا (لا إدانة فاقعة، بل استعادة سينمائية لفعلٍ ومرحلة وبيئة) يُشبه الحاصل في "حمّام الشيطان"، للنمساويين فيرونيكا فرانتز وسِفِرن فيالا (جائزة "الدبّ الفضّي لأفضل مساهمة فنية" لمارتن غيشْلاغْت، مدير التصوير النمساوي): عنف تربية جماعية يؤدّي إلى ارتكاب جرائم قتل، للخلاص من قسوة حياةٍ، تنزعان (الحياة وقسوتها) عن المرأة تحديداً كلّ حسّ إنساني ـ بشري فيها.

 

 

جمالية تصوير تنكشف في مزيج بصري رائع بين تفكيك نفسٍ بشرية، فردية وجماعية، وطبيعة غارقة في لون رماديّ، يميل إلى العتمة غالباً، إشارة إلى ليلٍ مديدٍ لامتناهٍ. أداء النمساوية آنيا بْلاغْ دور أغنس، الشخصية النسائية الأساسية، كفيلٌ بفهم مناخٍ عام، ومسارٍ حادٍ من انهيار فردٍ وخلل بيئة واجتماع، بفضل ملامح وتعابير صامتة غالباً، وحركة جسدٍ تقول أكثر من كلّ كلامٍ آخر. أغنس تتزوّج وولف (دافيد شايد) الذي تحبّ، لكنّها تكتشف، منذ الليلة الأولى، عدم قدرته على ممارسة دوره كزوج، فتبدأ رحلة في عمق جحيمٍ، تغرق فيه تدريجياً، إلى لحظة ارتكابها جريمة قتل مراهق، كي تُعدَم بقطع رأسها، بعد فشلها في الانتحار.

اختزال الحبكة غير حائلٍ دون تساؤلات جمّة، يطرحها "حمّام الشيطان"، لكنّها مترابطةٌ في سياق سينمائي متماسك ومُشوّق، وجميل رغم عنف حالة وأناس واجتماع. فالفيلم يستحقّ قراءة نقدية مستقلّة، لما فيه من تفاصيل ولقطات وأحوالٍ، تعاين أصل العنف، أو أحد أصوله، في مجتمعاتٍ تنبذ العنف راهناً، بعد تاريخٍ مليء به. فـ"حمّام الشيطان" مرتكز على وقائع موثّقة، عن نساءٍ يرتكبن جرائم قتل لتُقطع رؤوسهنّ، بعد عذابٍ غير مُحتَمل، تعشنه في مناطق نمساوية، عام 1750.

بعد 50 عاماً على ذلك (1800)، يروي "غلوريا"، للإيطالية مارغريتا فيكاريو، حكاية فتياتٍ مراهقاتٍ يعشن في "كلية القديس إغناطيوس (Sant Ignazio)". هذا معهد موسيقيّ قديم متهالك، في مكان ما قريب من "فينيسيا". الحكاية غير عنيفة، رغم تسلّطٍ يُمارَس عليهنّ، من رجال يستغلّون مواقع لهم في السلطات الكنسية والاجتماعية والسياسية والإقطاعية لمصالح مختلفة. هذا مرويّ بنَفَسٍ يقترب من الكوميديا المبطّنة، رغم أنّ مصائب عدّة تحلّ في المراهقات، مع جانبٍ أساسيّ من الموسيقى والغناء.

نماذج سينمائية قليلة، مُنتَجَة حديثاً (2024)، تقول شيئاً من تاريخٍ عنيف لشعوب وجماعات، وإن تكن الكوميديا ـ الموسيقى أسلوب مقاربةٍ في بعضها. بعض تلك النماذج، خاصة "حمّام الشيطان"، يؤكّد أنّ للجماليات السينمائية وحِرفية الاشتغال البصري، وإن يكن عددها أقلّ، حضوراً في مسابقة الـ"برليناله 2024"، إلى جانب أفلامٍ غير ملائمةٍ لها.

مشاركة الخبر: "ثقل التاريخ" في "برليناله": عنفٌ مُصوَّر سينمائياً وللموسيقى حضورٌ على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

وزير الصحة يشهد فعاليات الاحتفال بمرور عامين على إطلاق مبادرة معا لبر الأمان

وزير الصحة يشهد فعاليات الاحتفال بمرور عامين على إطلاق مبادرة معا لبر ...

منذُ 24 دقائق

شهد الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحة والسكان اليوم الأحد فعاليات الاحتفال بمرور عامين على إطلاق مبادرة الكشف المبكر...

أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات السر في التغيير

أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات السر في التغيير

منذُ 24 دقائق

أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات السر في...

إنتر يكرم ضيفه تورينو بثنائية نظيفة بعد الممر الشرفي

إنتر يكرم ضيفه تورينو بثنائية نظيفة بعد الممر الشرفي

منذُ 25 دقائق

واصل فريق إنتر ميلان نتائجه المبهرة في الدوري الإيطالي لكرة القدم هذا الموسم بعد فوزه الجديد على ضيفه تورينو 20 اليوم...

أمريكا سلمت أوكرانيا سرا شحنات من صواريخ دقيقة وبعيدة المدى

أمريكا سلمت أوكرانيا سرا شحنات من صواريخ دقيقة وبعيدة المدى

منذُ 25 دقائق

قالت وزارة الدفاع الأمريكية إنها سلمت أوكرانيا سرا صواريخ بعيدة المدى لزيادة الضغط على...

ليلة اسثنائية ميسي يقود إنتر ميامي لفوز كبير ويحطم رقما جديدا
ليلة اسثنائية ميسي يقود إنتر ميامي لفوز كبير ويحطم رقما جديدا
منذُ 25 دقائق

قاد النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي فريقه إنتر ميامي إلى مواصلة انتصاراته بالفوز على مضيفه نيو إنغلاند ريفوليوشن بأربعة...

الكشف عما جرى في التسيجل الصوتي بقضية حليمة بولند بعد حبسها بتهمة التحريض على الفسق والفجور
الكشف عما جرى في التسيجل الصوتي بقضية حليمة بولند بعد حبسها بتهمة التح...
منذُ 25 دقائق

كشف محامي الشخص الذي رفع قضية على حليمة بولند بتهمة التحريض على الفسق والفجور تفاصيل جديدة بشأن القضية وقال خلال مقطع...

widgets إقراء أيضاً من العربي الجديد

لماذا رفضت إدارة بايدن تمرير مشروع مناهضة التطبيع مع بشار الأسد
رسالة إسرائيلية للبيت الأبيض بشأن اجتياح رفح كيربي يكشف فحواها
جوقة غزة للشباب سلام لكل العيون الحزينة
نقص الإمدادات في مستشفى غزة الأوروبي يترك جراحا مفتوحة وملتهبة