مسلسل أغمض عينيك عمل بطروحات إنسانية ذات قيمة

مسلسل "أغمض عينيك"... عمل بطروحات إنسانية ذات قيمة

تم نشره منذُ 1 شهر،بتاريخ: 31-03-2024 م الساعة 12:58:53 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-2056206.html في : اخبار سياسية    بواسطة المصدر : العربي الجديد

تنشغل الأعمال الدرامية السورية حتى العربية أخيراً بطرح قصص باتت متشابهة، لكن بأسلوب مختلف، فهي تبحث عن التشويق من خلال الحديث عن تجارة المخدرات أو جرائم القتل أو العنف بالمجمل، لكن يأتي المسلسل السوري "أغمض عينيك" ليغرّد خارج السرب تماماً بأحداث متناغمة راقية ذات حسٍّ عالٍ بعيد كل البعد عن هذا النمط، ليتحدث عن امرأة تزوجت دون رضا أهلها، وأنجبت طفلاً يعاني اضطراب طيف توحد، ثم تركها زوجها تربيه وحدها بعد أن اختفى دون أن تعرف أين هو، ليتركز الصراع حول هذه المرأة التي تلعب دورها أمل عرفة، ومحاولة عنايتها بابنها دون سند، ليجتمع في الحكاية التي تدور في دمشق عام 2009 عناصر وشخوص بسيطة تقدم رسالة إنسانية يلعب بطولتها منى واصف، وعبد المنعم عمايري، وفايز قزق، وحلا رجب، وجابر جوخدار، والطفل زيد البيروتي عن نص كتبه أحمد الملا ولؤي النوري، وأخرجه مؤمن الملا. 

أغمض عينيك.. طرح إنساني

تغصّ الدراما السورية بالعديد من الطروحات المختلفة، لكنها قلّما طرحت قصص الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة محوراً للأحداث باستثناء مسلسل وراء الشمس الذي نال شهرة واسعة وقت عرضه، لكونه تحدث عن أطفال متلازمة داون ومعاناتهم وأهلهم، ليأتي اليوم مسلسل "أغمض عينيك" ويطرح في محوره الأساسي الطفل المصاب بالتوحد ومعاناته مع محيطه مع ابتعاد والدته عنه.

وركزت الحكاية من خلال المركز الخاص الذي يتعلم فيه الطفل جود على هؤلاء الأطفال، وكيفية التعامل معهم، ورفض المدارس الحكومية أو الخاصة لدمجهم بين الأطفال الأسوياء، ليسلط العمل الضوء على هذه النقطة المهمة، كذلك يأتي في أحد المَشاهد التي يجتمع فيها أولياء أمور الأطفال المصابين ليطرحوا على الطاولة كيفية اكتشاف إصابة أطفالهم بالتوحد.

كل هذا يأتي ضمن طرح لطيف سلس لا يخلو من إيصال رسالة هادفة من دون تكلف أو إقحام.

التشويق من دون إقحام وصورة بصرية ممتعة

التشويق حاضر ولا يخفُت رغم أن شخوص العمل الأساسية قليلة، وهو غير إقحامي أو مصطنع ومختلف، فالأحداث تتعقد مع اتهام والدة الطفل حياة بجريمة مخدرات ليس لها علاقة بها، تتورط فيها ظلماً وتقع ضحية عصابة ألبسوها التهمة وحدها وهربوا خارج البلاد، ليأتي التشويق مختلفاً هُنا وبعيداً عن الأسلحة والاقتتال أو مشاهد العنف، حيث ينتظر المُشاهد إمكانية براءة حياة وماذا سيحدث مع طفلها المصاب بالتوحد الذي يرفضه جَده ولا يعترف به، ليعيش مع صديق أمه الذي تعرفت إليه مصادفةً بعد أن فقد زوجته وابنه في حادث سير.

الصراع في "أغمض عينيك" يتمحور حول الواقع المحيط بهذا الطفل، وبين كيفية حمايته بعد غياب أمه وتربيته عند رجل غريب. ورغم الشخوص القليلة في المسلسل، كان التشويق حاضراً في كل حلقة من خلال حدوث موقف بسيط مع الشخصيات الأساسية، أو دخول خط جديد إلى حياتها، فلا يشعر المشاهد بالملل، رغم أن العمل ليس قائماً على الحركة أو الأكشن.

المفاجئ أيضاً كان عدسة المخرج مؤمن الملا التي خرجت إلى عمل اجتماعي معاصر لأول مرة بصورة هادئة متزنة، مع تكريس مشاهد لمدينة دمشق بحقيقتها الجميلة من دون اصطناع أو تزييف، مع إدخال صوت فيروز بين الفينة والأخرى والمنازل الشامية البسيطة، عدا عن اختيار كاست مميز للشخصيات وضبط الفنانين وتلوين العمل باللون الأزرق المتناسب مع البعد النفسي لحكاية المسلسل.

سلاسة الأداء

بالإضافة للطرح الهادف والذي يحمل قضية مهمة، يلعب بطولة مسلسل أغمض عينيك مجموعة من النجوم السوريين الذين يقدمون أداءً لافتاً بسيطاً غير متكلف يتناسب مع القصة، فنحن لا نشاهد شخوصاً فاقعة أو غريبة الأطوار، بل أشخاصاً طبيعيين تعرضوا لظروف صعبة في الحياة، حيث تؤدي دور حياة الفنانة أمل عرفة بكل هدوء مقنع وتقلبات انفعالية مدروسة، قبل دخولها السجن وبعده، كذلك تحضر منى واصف بدور الجدة بحنيتها المعهودة وتعابير وجهها الرقيقة، ويقدم الفنان فايز قزق أجمل أدواره بدور الجد الشرقي المتعنت غير المتقبل لأي رأي مخالف لرأيه، ليأتي النجم عبد المنعم عمايري بشخصية الأستاذ مؤنس الذي يربي جود وحده بعد موت عائلته الصغيرة، ليكسر الصورة النمطية للرجل الذي لا يتحمل تربية الأولاد، كذلك يلعب الفنان أحمد الأحمد شخصية غريبة الأفكار والتصرفات فهو الأب الجَموح الذي يحب الحياة في حين يخجل ابنه الشاب من تصرفاته "المولدنة"، وتأتي  الفنانة حلا رجب مع جابر جوخدار بحضور متزن ضمن قصة حب معقدة رغم بساطتها، بسبب المشكلات النفسية التي تعانيها، في حين تقدم وفاء موصللي شخصية رائعة بعيدة عن تنميطها المعتاد، فهي امرأة مصابة بما يشبه اضطراباً ثنائي القطب وتقوم بأفعال غريبة.

هذه العوامل كلها جعلت من أغمض عينيك مسلسلاً سورياً يستحق الإشادة والمُشاهدة، خصوصاً مع اندثار الأعمال الأسرية البعيدة عن العنف والمشاهد الثقيلة أو الخادشة، فهو عمل هادف يستطيع أن تشاهده الأسرة مجتمِعة حتى مع وجود الأطفال.

مشاركة الخبر: مسلسل "أغمض عينيك"... عمل بطروحات إنسانية ذات قيمة على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

قبة إسرائيلية لصد الهجمات السيبرانية حصيلة كبيرة خلال 6 أشهر

قبة إسرائيلية لصد الهجمات السيبرانية حصيلة كبيرة خلال 6 أشهر

منذُ 21 دقائق

أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن قبة إلكترونية جديدة لصد الهجمات السيبرانية في ظل تزايدها بشكل كبير منذ الحرب على...

شرطة الكويت تعتقل حليمة بولند بتهمة التحريض على الفجور

شرطة الكويت تعتقل حليمة بولند بتهمة التحريض على الفجور

منذُ 21 دقائق

ألقت شرطة الكويت القبض على الإعلامية حليمة بولند بتهمة التحريض على الفجور وذلك بعد صدور حكم قضائي بحقها وفق ما أوردته...

خطايا لم يتعلم منها أحد في السودان

خطايا لم يتعلم منها أحد في السودان

منذُ 1 ساعة

لم تعد حرب السودان منذ شهور حربا بين قوتين مسلحتين إنما تسربت إلى المواطنين وكأن أخطاء الماضي يعاد إنتاجها بحماسة تضاهي...

هذه أوروبا وهذا لبنان

هذه أوروبا وهذا لبنان

منذُ 1 ساعة

المشكلة ليست في تخصيص الاتحاد الأوروبي مليار يورو سنويا للبنان بين عامي 2024 و2027 لدعمه في ملف اللاجئين السوريين بل في...

سورية ساحة مواجهة إيرانية إسرائيلية
سورية ساحة مواجهة إيرانية إسرائيلية
منذُ 1 ساعة

لقد حولت إيران وحزب الله مناطق قريبة من الجولان السوري قواعد عسكرية لها لكن ليس بهدف التحرير وإنما لخدمة أجندات إيران في ...

أفريقيا بين صعود روسيا وتراجع أميركا
أفريقيا بين صعود روسيا وتراجع أميركا
منذُ 1 ساعة

يشهد العالم تحولا في الديناميكيات الدولية وخير من يعبر عن ذلك تراجع النفوذ الأميركي في مختلف المناطق ومنها القارة...

widgets إقراء أيضاً من العربي الجديد

5 مؤشرات تؤكد نجاح حملة مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل
فائض خذلان من حرب الأيام الستة إلى الشهور الستة
وزير الخارجية البريطاني ضغطت على إسرائيل لزيادة تدفق المساعدات إلى غزة
ماركيز لوبيز من مدرب طوارئ إلى حامل آمال قطر باللقب الآسيوي