أعزاز.. مواطنون يروون وقائع ليلة السبت الدامية
اهتزت مدينة أعزاز بريف حلب، شمالي سورية، بانفجار سيّارة مفخخة ضربت السوق الرئيسي في المدينة، التي تعتبر معقل المعارضة السورية، منتصف ليلة أمس السبت، ما يعزز الاعتقاد بأن الاستقرار الأمني في مناطق المعارضة ما يزال بعيد المنال.
ووثقت مديرية صحّة أعزاز مقتل طفلين وامرأة في التفجير وإصابة خمسة مدنيين آخرين بينهم طفل، بينما أكد المرصد السوري لحقوق الانسان أن الانفجار أدى إلى مقتل ثمانية مواطنين وإصابة 30 آخرين، مشيراً إلى أن الحصيلة مرشحة للارتفاع.
وذكرت مصادر محلية أن الانفجار وقع عند التقاطع الرباعي للسوق المسقوف وشارع الجسر والشارع المؤدي إلى سوق الهال القديم في المدينة، مشيرةً إلى أن هذه المنطقة تعتبر الأكثر اكتظاظاً، لا سيما مع توجه الأهالي للتسوق قبيل عيد الفطر. وقال الدفاع المدني إن 27 محلاً تجارياً تضرر في سوق أعزاز الرئيسي بالإضافة لعدة منازل وعدد من السيارات والدراجات النارية.
ليلة أعزاز الدامية
"كانت ليلة دامية" يقول محمد عليان، نازح من ريف إدلب ومقيم بالمدينة، في حديث مع "العربي الجديد"، مضيفاً أن دقائق فقط كانت تفصله عن مكان وقوع التفجير "لم نعش مثل هذه اللحظات المخيفة منذ عدة أشهر"، ووصف عليان ما جرى بأنه "عمل إرهابي جبان"، متسائلاً "من هؤلاء الذين يقتلون أبرياء في الشوارع في العشر الأواخر من رمضان".
من جهته رأى المواطن عدنان. ح أن الفصائل التي تسيطر على الشمال تتحمّل مسؤولية ما جرى، وأضاف لـ"العربي الجديد" أن "عليها (الفصائل) حماية المدنيين وليس الدخول في خلافات ونزاعات داخلية، على الجيش الوطني تحمّل مسؤولياته في المنطقة المتروكة لفوضى السلاح والفلتان الأمني".
وتعد مدينة أعزاز، تبعد عن مدينة حلب بنحو 50 كم، معقل المعارضة السورية الأبرز، إذ تضم أغلب مؤسسات الائتلاف الوطني السوري، وكانت قد تعرّضت لعدة تفجيرات بسيارات ملغمة خلال السنوات الفائتة.
ويقول ساجد الشمالي المقيم في أعزاز لـ"العربي الجديد" إن "المدينة اليوم تكاد تخلو من السكان"، موضحاً "كل شيء في أعزاز مدعاة للحزن والخوف الذي تراه على وجوه الناس"، وأشار إلى أن المدينة "عاشت فترة من الهدوء والاستقرار الأمني، ولكن ما حدث أمس أعاد الكابوس مرة أخرى. هناك حالة من الرعب تمنع الكثير من الأهالي من النزول إلى الشوارع والمحلات لشراء احتياجات العيد، وخاصة ألبسة الأطفال".
ويرى فاروق الحلو، أحد سكان أعزاز، أن هناك تساهلاً أمنياً خلال شهر رمضان، وأضاف في حديث مع "العربي الجديد" أنه "كان يجب على الفصائل تأمين السوق الرئيسي وتفتيش كل السيارات القادمة إليه". أما عامر درباله، القاطن في أعزاز، فيرى أن "المنطقة تعيش فلتاناً أمنياً كبيراً"، مشبهاً المدينة بـ "الغابة"، ومشيراً في حديث مع "العربي الجديد" إلى انتشار الفساد في المؤسسات التابعة للمعارضة، سواء الأمنية والإدارية.
ويأتي التفجير قبيل عيد الفطر، ما يهدّد بنأي الأهالي عن التسوق والشراء، وهو ما أشار إليه "أبو جمعة" في حديث مع "العربي الجديد"، إذ رأى "أن التفجير سينعكس سلباً على الأسواق في المدينة، فهو زرع الخوف في نفوس الناس من النزول إلى الشوارع والتسوق من المحلات".
وتتجه أصابع الاتهام بالوقوف وراء هذه التفجيرات إلى الوحدات الكردية؛ أبرز مكون في قوات "سوريا الديمقراطية" (قسد)، وإلى ما يسّمى بـ "قوات تحرير عفرين"، وهي مليشيا تابعة للنظام السوري تتمركز في ريف حلب الشمالي غير بعيد عن مناطق المعارضة.
وبيّن هشام اسكيف، قيادي في الجيش الوطني المعارض، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "ليس من الممكن اتهام جهة معينة بالوقوف وراء التفجير قبل انتهاء التحقيقات"، مضيفاً "هناك عدة جهات متضررة من الاستقرار الأمني في الشمال وتريد زعزعته، أبرزها قسد والنظام وتنظيم داعش".
ويشير الانفجار الذي ضرب أعزاز إلى أن استقراراً أمنياً راسخاً في الشمال السوري ما يزال بعيد المنال، في ظل الفوضى الأمنية والنزعة الفصائلية التي تحكم وتتحكم بمناطق المعارضة السورية، سواء غربي الفرات أو شرقه، والتي توفر ثغرات أمنية تتسلل عبرها السيارات المفخخة لتقتل المدنيين.
مشاركة الخبر: أعزاز.. مواطنون يروون وقائع ليلة السبت الدامية على وسائل التواصل من نيوز فور مي