توجه رسمي نحو الاكتفاء الذاتي ومنع استيراد بعض المنتجات الزراعية

توجه رسمي نحو الاكتفاء الذاتي.. ومنع استيراد بعض المنتجات الزراعية

تم نشره منذُ 1 شهر،بتاريخ: 01-04-2024 م الساعة 10:43:46 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-2057615.html في : اخبار محلية    بواسطة المصدر : هورايزونس

اليمن تستورد 3.1 مليون طن قمح من أستراليا وأمريكا وأوكرانيا.


تحقيق: عمر القاضي

الزراعة أساس رئيس في نهضة اقتصاد الدول. وأول خطوة ناجحة للتحرر من التابعية والاستغلال الاقتصادي والمديونية المالية للأجنبي والدول الأخرى تبدأ من الزراعة، التي من خلالها نصنع وننتج ونصدر ونكتفي ذاتياً ونستقل بالقرار الاقتصادي والسياسي.

نبذة تاريخية عن الزراعة

ثمة تركة عظيمة امتازت بها الأرض اليمنية ومنحت البلد سمعة تاريخية إبان حقبة اليمن السعيد إنها الزراعة التي برع الفلاح اليمني في تطوير تقنياتها بخصوصية مدهشة، فعبر العصور لم تضعف اليمن إلا في تلك المراحل التي قلّ فيها الاهتمام بالزراعة وهذه الحقيقة التاريخية تبرز إحدى مراحلها اليوم.
وبحسب تصنيف القبو الدولي للبذور في سفالبارد بالنرويج الذي افتتح في 2008، فإن اليمن تعتبر واحدة من ضمن 7 مناطق في العالم، صُنفت على أنها مهد الزراعة القديمة والتي حددها العالم الروسي “نيكولاي فافيلوف” في أوائل القرن العشرين ضمن أبحاثه الهامة في مضمار أصول النباتات والبذور وهو الأمر الذي كشفت عنه مجلة “ناشيونال جيوغرافيك” العربية في عددها العاشر يوليو 2011 .

وقد تطرق العالم “فافيلوف”، في أبحاثه إلى ان جميع المحاصيل الزراعية التي نأكلها اليوم طُورت وتنوعت قبل حوالي 10 آلاف عام في 7 مناطق في العالم اعتبرت بأنها أصل مناشئ النباتات السبعة المزروعة على الأرض وهي: اليمن ومصر والحبشة وأجزاء اخرى بسيطة من بقية العالم. فخريطة “مناشئ المحاصيل المزروعة” التي وثقها القبو الدولي للبذور بالنرويج (وهو أكبر بنك في العالم لحفظ البذور من الانقراض). أوضحت أبحاثه أن اليمن يعد منشئاً لمحاصيل القمح والشعير والشوفان والقطن.

وقديماً اعتمدت اليمن على محاصيلها الزراعية كاحتياطي نقدي للبلد حتى فترة الخمسينيات، وتشير إحدى المصادر التاريخية إلى أن اليمن إبان حكم الدولة المتوكلية اشترت بعض المشتقات النفطية من بينها مادة الكيروسين “الجاز” التي كان يستخدمها السكان لإنارة المصابيح من الجارة السعودية عن طريق مقايضتها بمحاصيل البن والحبوب عوضاً عن المال.
وقد تأسست اليمن المستقلة في شمال الوطن في العام 1918، وورثت الدولة الجديدة الظروف الاقتصادية المختلفة التي كانت سائدة إبان الاحتلال، والقائمة على الإنتاج الزراعي الطبيعي الريفي المتخلف، حيث البلد عبارة عن تجمعات سكنية مكتفية في ظل شحة ما تنتجه وتستهلكه بصورة مباشرة، إلى جانب تربية الحيوانات والعمل الحرفي المنزلي المحدود.

ومع بداية خمسينيات القرن الماضي بدأت تتغلغل العلاقات السلعية في البلاد، وظهر أول أشكال الزراعة الحديثة، وخصوصاً القطن في تهامة؛ إلا أن التغير الأكبر كان عقب ثورة 26 سبتمبر، التي فتحت البلاد أمام عملية التحديث التي كانت تجري بصورة بطيئة، فمن بعد الثورة تسارعت هذه العملية مع الانتقال من الإنتاج الزراعي البدائي اليدوي المخصص للاستهلاك المباشر (الطابع البضائعي الإقطاعي) إلى شكل جديد (الإنتاج السلعي النقدي الرأسمالي)، وبالتالي خضوع الإنتاج الزراعي لقوانين الاقتصاد الرأسمالي، وأفضت هذه العمليات الرأسمالية إلى إعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية والاجتماعية في الريف، وبروز التفاوت الطبقي الحاد في الريف وتركز ملكية الأرض في يد فئات غنية على حساب الملاك السابقين الذين تحولوا إلى عمال زراعيين لدى الملاك الجدد. كما أن الأراضي الزراعية المصادرة من الأسر المالكة والمستصلحة بعد الثورة جذبت رأس المال من المدينة للإسهام في النشاط الزراعي، وهذا بدوره أفضى إلى إنشاء مزارع ذات طابع رأسمالي، وهي المرة الأولى التي تحولت فيها الزراعة في الريف إلى أملاك فئات اجتماعية من المدينة.
وقد رفقت مع هذه العملية انتقال الفلاحين الأغنياء إلى تنظيم مزارعهم بأسلوب رأسمالي، حيث تحل الآلة والعامل ذو الأجر اليومي محل علاقات “المحاصصة” أو “الشراكة”.
وفي السياق نفسه جرت عمليات تطور رأسمالية مماثلة في جنوب الوطن، مع تطور نحو الاقتصاد الاشتراكي عقب الاستقلال، وبات الوضع الاقتصادي متماثلاً وموحداً في جنوب البلاد وشمالها بعد تحقيق الوحدة.

استهداف زراعة اليمن

هلال الجشاري مختص ومهندس زارعي ورئيس الإدارة العامة للمبيدات سابقاً (في حكومة صنعاء). قال إنه تم استهدف الزراعة في اليمن وأصناف البذور المحلية استهدافاً مباشراً طوال السنوات الماضية، حتى كادت تنقرض جميع الأصناف المحلية.
وأضاف الجشاري أن كل اعتماد المزارع اليمني في زراعته على البذور المستوردة المهجنة خصوصا الخضار باستثناء عدد بسيط لا يذكر من أصناف بذور الحبوب والبقوليات المحلية التي إن توفرت فلا يوجد اهتمام بها ولا صيانة ولا تحسين ولا نشر ولا إكثار.
وتابع الجشاري القول إنه في اليمن تتعدد الهيئات والشركات والمؤسسات الزراعية البحثية والإنتاجية، ولكن أن نظرنا للواقع حولنا فيما يخص البذور والأصناف المحلية نجدها تدور حول نفسها ونجد المزارع اليمني، معتمدًا على نفسه في إكثار وزراعة بعض أصناف البذور المحلية متوارثها عبر الأجداد.
وبحسب الجشاري فإن هذه الأصناف محصورة على صنف أو صنفين في الحبوب والبقوليات، أما باقي أصناف البذور المحلية فقد تدهورت وانقرضت وخصوصاً محاصيل الخضار، وإن وجدت تحركات بشكل محدودة، ولكن يظل الأمل موجوداً خصوصاً هذه الايام في ظل التوجه العام نحو الزراعة والتوسع الزراعي سعياً من قبل الجميع لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

أرقام وإحصائيات

يمكن تلخيص المشاكل الزراعية الراهنة في اليمن، في الإنتاجية المتدنية، بالنسبة للانفجار السُكاني المتزايد، هذه الإنتاجية التي تهبط سنة تلو أخرى وخاصة في إنتاج الحبوب، بعد أن كانت بلادنا تؤمن اكتفائها من إنتاجها المحلي. 
وبحسب معلومات وتقارير احصائية صادرة وزارة الزراعة والري والجهاز المركزي للإحصاء.. كتاب الإحصاء السنوي عام 2010 .2014 فإن اليمن كانت تزرع وتنتح في العام 2005م 496590 طناً، في مساحة زراعية قدرها 688752 هكتارا، فيما في العام 2010 بلغ الإنتاج من القمح 1012945 طنا في مساحة 9273030، وفي العام 2014 بلغ الإنتاج من الحبوب 699962 طنا في مساحة 727069هكتارا.

وتشير المعلومات إلى أن الحبوب تحتل 50% من إجمالي الزراعة اليمنية، التي تتنوع بين الحبوب والأعلاف والخضروات والفواكه، والقات، إلا أن بلادنا تعاني من نقص حاد في إنتاج حبوب القمح، السلعة الأولى التي يتم استهلاكها، في المنازل والافران.  في العام 2005  كانت المساحة المزروعة من القمح 86010 هكتارات، وبلغ محصول الإنتاج 112962طنا، وقد ارتفعت هذه النسبة خلال أربع سنوات، فقد بلغت المساحة المزروعة بالقمح في العام 2009  117525 هكتارا، وبلغ محصول الإنتاج 222129 طنا، وفي العام (2009) كان ما أنتج في اليمن من القمح يكفي بمقدار 7% من احتياجات الشعب، فيما تم تلبية 93% من القمح باستيراده من الخارج، وبدأ التراجع من بعد هذا العام، فقد بلغت مساحة الأراضي المزروعة بالقمح في عام 2014 111716 هكتارا، وبلغت حصيلة الإنتاج 192215طنا،  أي أن الفارق بين إنتاجية 2009 وإنتاجية 2014 انخفض بنسبة 13,4% وهذا الانخفاض الذي يُقدر بثلاثة ملايين طن من القمح، يعني ارتفاع نسبة ما تحتاجه البلاد من القمح الخارجي.

وبحسب تقارير وإحصائيات رسمية حديثة اصدرتها وزارة الزراعة والري توضح أن الأراضي الزراعية غير المستغلة تقدر: 298.000 ألف هكتار وهنا ممكن استغلال هذه المساحة لزراعات أخرى متنوعة غير القمح.
وتشير التقارير الى إن الهكتار الواحد ينتج في محافظة الجوف 8 أطنان من القمح. وانه لو تم حساب متوسط إنتاج الهكتار = 4 أطنان.

ويقول المهندس هلال الجشاري معلقا عن تلك التقارير بقوله :أنه في حال حسبنا أن إنتاج الهكتار قمح 4 أطنان، وتم استغلال وزراعة هذه الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة 1.539.000 مليون هكتار سيكون إنتاجها في الموسم الواحد بما يعادل 6.156.000 طن، وبحسب تقارير زراعية توضح أن اليمن تستورد 3.1 مليون طن قمح من استراليا وامريكا واوكرانيا.
وقدر الجشاري أنه في حال تمكنت اليمن من زراعة وإنتاج القمح محلياً بحسب الدراسات أعلاه فسيكون الإنتاج في الموسم الواحد: 6.156.000 طن قمح. وهذا لن يجعل البلد مكتفيا ذاتيا فقط بل قد يجعله يصدر القمح للخارج. 

  صعوبات وعوائق 

الصعوبات التي تواجه إنتاج القمح في اليمن. وقد أخذنا محافظة الجوف نموذجاً لتلك الصعوبات وكما جاء على لسان المزارعين ومسؤولي المزارع ومصادر من الجهات الرسمية. فقد تمثلت تلك الصعوبات في العجز عن حصاد المساحات المزروعة، وعدم وجود دعم للمزارع الفردي والمستثمرين.

وبحسب المزارعين ومسؤولين المزارع ومصادر رسمية لخصت الصعوبات بالآتي:


-1  ندرة وغلاء مدخلات ومستلزمات الإنتاج واحتكارها واحتكار السوق، الغش، أغلب ما في السوق من المدخلات الزراعية إذا لم نقل كلها نوعية رديئة ومغشوشة، مع صعوبة الوصول لمعلومات سلسلة توريد المدخلات ومعلومات التمويل والخدمات البنكية.
-2 انخفاض الإنتاج، فخبرة ومهارة المزارع ما زالت ضعيفة إذا ما نظرنا لزراعة إنتاجية، اقتصاد، مدخلات رديئة كما ذكرنا، مهارة إدارة الأعمال ضعيفة هشة لدي المزارع، ممارسات زراعية متضادة ليست متكاملة، نوعية بذور ضعيفة، التغيرات المناخية، الجفاف الحرارة، الإصابة بالأمراض والآفات.
-3  الهدر وتلف وفقدان المحصول بسبب ضعف مهارات المزارع في ممارسات الحصاد وما بعد الحصاد، أساليب تداول وتعبئة سيئة، طرق وظروف تخزين سيئة، وعدن وجود أسواق حديثة لاستيعاب المنتجات.
-4 ارتفاع تكاليف الإنتاج، غلاء مدخلات ومستلزمات الإنتاج، الغش، ضعف مهارة المزارع في إدارة الأعمال الإدارية والمالية للعمل وعدم عمل سجلات مزرعية، سوء تخطيط أو خطة عمل سيئة، وإسراف في استخدام مستلزمات الزراعية خصوصًا الاسمدة والمبيدات.
-5 خطة عمل مزرعية ضعيفة وعدم وضع خطة إدارة مخاطر صحيحة وفعالة.
-6 انخفاض سعر البيع بسبب رداءة نوعية المنتج، لا تلبي حاجات ورغبات السوق والمستهلكين. المنافسة، العرض على السلعة كبير، ايضا أساليب تعبئة المنتجات وعرضها ضعيف، عدم وجود سياسة زراعية تسويقية مركزية على مستوي الدولة وعلي مستوى المحافظات، عدم توفر مرافق التخزين ووسائل النقل السريع للمنتجات الزراعية، صعوبة الحصول على معلومات السوق.
-7 ضعف العمل الجماعي والترابط والعمل التشاركي بين الاطراف المختلفة في السلسلة.
-8 صعوبة الوصول لتمويل الانشطة الزراعية وعدم وجود مؤسسات وجمعيات تغطي ضعف هذا الجانب
-9 بيئة استثمارية غير مواتية ومشجعة للأعمال الحرة.
-10 ضعف جانب عمليات ومعالجة المنتجات والترويج لها لإضافة قيمة مجزية للمنتجات. 
-11 ضعف قطاع بحوث التنمية والتطوير في المجال الزراعي، مهارات باحثين ضعيفة، تمويل بحثي ضعيف، إمكانات وقدرات ومعدات قديمة.
-12 نظم زراعية غير مستدامة هشة بسبب عدم إتباع ممارسات وأساليب التنمية الزراعية المستدامة الصديقة للبيئة.
وبالتحليل نجد أن المشكلة الأساسية هي التناقض بين السياسة الوطنية (التي نقدرها) في التوجُّه نحو الزراعة، وبين التنفيذ (سواءً أكان حكوميا أم خاصاً أم مختلطاً)، وكذلك التناقض بين التوجُّه الحكومي بالتوسُّع في استصلاح الأراضي والعجز التقني عن توفير وسائل الإنتاج والحصاد الحديثة القادرة على شغل المساحة الجديدة.

وهناك تناقض بين “تخلف قوى الإنتاج” وبين المهام الإنتاجية المتقدمة، بين مدى كون قضية الإنتاج الزراعي قضية علمية وإدارية حديثة، وبين التعامل العشوائي معها والتعامل بارتجال وعدم وجود تنسيق بين مختلف الجهات التي تعمل في هذا المجال من القطاع العام والخاص والمختلط، إذ يُفترض أن تتم عملية الزراعية على أعلى معايير العلم والإدارة والتكنولوجيا، من حيث اختيار المنطقة ومعرفة الطقس ثم التخطيط والإنتاج والحصاد والتخزين والتسويق، ولو تمت هذه الإجراءات لما خسر البلد محصول الجوف، ففي حال وجود تخطيط مركزي للقطاع العام والخاص والمختلط سيتم السماح فقط بزراعة المساحات الممكن توفر آلات كافية لحصادها.

فشل السياسة التسويقية

ونشر احد المختصين في الزراعة على قناته على بالتلجرام قال ان غياب السياسة التسويقية يؤدي إلى استمرار خسارة كل من المنتج والمستهلك، لهذا من المهم توفير مخازن في أماكن الإنتاج لتخزين الفائض ثم إعادة تسويقه في حال نقص الكمية المعروضة في السوق بسعر مناسب للمنتح والمستهلك مع دعم تكاليف التخزين، مع ضرورة وجود نظام إحصائي للطلب السوقي للمنتجات الزراعية من أجل توجيه المزارع نحو تنويع الإنتاج وبالتالي تفادي ندرة المنتج أو توفره بكميات أكبر من الطلب، إدارة الأسواق والجمعيات التعاونية إدارة صحيحة وتجنب التسويق العشوائي الذي يؤدي إلى ندرة آو تكدس المنتج في السوق المحلي، ووضع خطة تصدير طويلة الأجل بالنسبة المنتجات المحلية الفائضة والأخذ بعين الاعتبار الطلب المحلي والإنتاج وقدرات التخزين .

اما المهندس الزراعي عبدالسلام مطهر سرد معلومات مهمه من واقع الميدان الزراعي في الجوف قائلا: “إن نجاح الزراعة واستمرارها والتوسع فيها يرتكز بشكل أساسي على عملية الرِّبح، أكان ذلك لدى المُزارع في حقوله الخاصة أو لدى المستثمرين في المزارع الكبيرة”.
وقد علق على ذلك الصحفي أنس القاضي المهتم في الجانب الاقتصادي قال ان ما تحدث عنه المهندس مطهر هو بشكل دقيق “قانون القيمة”، الذي اكتشفه عالم الاقتصاد “كارل ماركس”، في بحثه عن طبيعة النظام الرأسمالي. وبات هذا القانون حقيقة واقعية في اليمن من بعد ثورة 26 سبتمبر والارتقاء من الاقتصاد القديم إلى الاقتصاد الحديث، وعلى هذا القانون يتوقف تطور الاقتصاد اليمني، والإنتاج الزراعي والصناعي في آن.
ويعتبر قانون القيمة من أعظم الاكتشافات الاقتصادية في القرن التاسع عشر، وهو على سبيل المثال يفسر لماذا يفضل المزارع اليمني زراعة القات على زراعة الحبوب، ولماذا يفضل الرأسمالي اليمني استيراد القمح من الخارج لا زراعته في الداخل.

وقد أبدى اهتماماً خاصاً بدراسة القانون في العصر الراهن المفكر الاقتصادي المصري د.سمير أمين، في كتابيه: “قانون القيمة والمادية التاريخية” (ترجمة: صلاح داغر، دار الحداثة، بيروت، 1981)، و”نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية” (ترجمة: مجدي عبد الهادي، صفصافة للنشر، 2019).

وقد شدد سمير أمين على دراسة حركة القانون على الصعيد العالمي، وبالتالي دراسة العمليات الاقتصادية التي خلقت اقتصاد التبعية الاستعماري، والتفاوت على الصعيد العالمي، بين دول الشمال الغنية، وشعوب الجنوب الفقيرة في العالم.

حظر استيراد

المدير العام التنفيذي للمؤسسة العامة لإكثار البذور المحسنة في حكومة صنعاء، المهندس عبده الاله الوادعي، أوضح في حوار خاص نشر مؤخراً في صحيفة “اليمن الزراعية” أن المؤسسة تعمل على التوسع في إنتاج بذور القمح بجميع أنواعه، والذرة الرفيعة والشامية، والقطن، والسمسم، وفول الصويا، والباميا والرز والدجرة، والفول والعتر والحلبة.

وأوضح الوادعي أن التركيز ينصب حالياً على الإنتاج الداخلي وإحلاله كبديل للمنتجات المستوردة، وبحسب الوادعي “أصدرنا في وزارة الزراعة والري 11 قراراً بالاستمرار في إيقاف وحظر استيراد 11 صنفاً، كما اصدرنا مؤخراً قرارا بحظر استيراد 16 صنفاً جديداً من المنتجات الزراعية والحيوانية منها: (ثوم مطحون 78 طناً، بصل مجفف 45.5 طن، نقانق دجاج 26.5 طن، كبدة بقري مجمدة ودقة غنمي 116 طناً، كبدة غنمي مجمد 34 طناً، مسحب دجاج 46 طناً، أكل عصافير 150 طناً، دقة بقري 77 طن، اللحوم المقطعة 114 طناً، ذرة شامية استهلاك آدمي 3587 طناً، بطاط مجمد الشبس 246 طناً، الورد الطبيعي 1 طن، بقيمة إجمالية لفاتورة الاستيراد 1.971.430 دولاراً سنوياً ليصبح بذلك إجمالي المنتجات التي تم إيقاف استيرادها 27 صنفاً.
ويؤكد الوادعي أن وزارة الزراعة ماضية في مسار التقليص التدريجي. أو استيراد المنتجات الزراعية والتي تحقق الاكتفاء الذاتي من إنتاجها محليا أو الجاري إنتاجها محلياً، وتابع الوادعي بالقول إن هناك العديد من خطط إيقاف استيراد منتجات أخرى المزمع إصدارها حال التحقق من حصول الاكتفاء الذاتي منها، هذا بالإضافة إلى حظر استيراد عدد من المنتجات الخارجية حظرا مؤقتا بحسب مواسم الحصاد الزراعي لنظائرها في بلدنا.
هذه الاجراءات في مجملها هدفها الرئيس هو دعم تسويق وحماية المنتج المحلي وتمهيد وتوطين كافة المنتجات المحلية كبدائل للمنتجات المستوردة.

حرب البذور 

من منا لا يدرك أن حرب البذور أصبحت واقعاً لا بدّ من التعامل معه لأنه ينعكس على قضايا السيادة الوطنية وأمن البلد الغذائي والقومي.
رغم أن هذه الحرب ليست جديدة، إذ بدأت فعلاً بعد الحرب العالمية الثانية، وقد تنبهت لها العديد من الدول ومنها مصر وسورية والعراق، لكنها حرب كانت تخاض في الظل مع تقارير متفرقة هنا وهناك تحذر من خطورتها وعلى سبيل المثال التقرير الذي أصدرته الخبيرة الزراعية الهندية “فاندانا شيفا” في مطلع هذه الألفية وأشارت فيه إلى أن أكثر من مليار إنسان يعانون من «عبودية البذور» فقد أصبح المزارعون عبيداً للشركات المنتجة للبذور الزراعية، لكن هذه الحرب برزت إلى واجهة الأحداث بقوة بعد أزمة وباء كورونا والعمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا.

ويسيطر النظام الرأسمالي اليوم على أسواق النفط والغذاء والدواء ويستعملها أسلحة لإخضاع الشعوب والهيمنة على مقدراتها، حيث أن زيادة عدد سكان العالم وتفاقم أزمة الغذاء العالمية دفعت الدول الرأسمالية لاستعمال الغذاء كسلاح في مواجهة الشعوب.

واللافت للنظر أن الولايات المتحدة الامريكية استهدفت بنوك البذور في كل حروبها الحديثة، فقد سبق لها أن قصف بنك البذور الزراعية في العاصمة الأفغانية كابول، واثناء احتلال العراق قام الاحتلال الامريكي بنهب بنك البذور العراقي، وخلال الحرب على سورية مسلحون تديرهم الولايات المتحدة قاموا بالاستيلاء على مراكز البذور، خصوصاً في محافظة حلب والتي يستميتون في الدفاع عنها خلال معركة تحرير ريف حلب، فحرب البذور، إذاً لا تخاض على جبهة الأبحاث، أو المعاملات التجارية كما يعتقد أغلبية الناس، إنها حرب حقيقية تخاض بالطائرات والدبابات وجنود المشاة ومراكز الاستخبارات العالمية.

في عام 2014 أطلقت إحدى القنوات الفرنسية فيلماً وثائقياً بعنوان «حرب البذور» أكدت فيه أن خمس شركات عالمية كبرى تسيطر على إنتاج 75% من البذور في العالم، هذه الشركات هي: 
– شركة « مونسانتو» التي تمتلك 30% من سوق البذور المعدلة وراثياً وتحقق إيراداً سنوياً قدره 10.25 مليارات دولار كعائد سنوي من هذا القطاع.
– شركة « بايونير» – الولايات المتحدة الأمريكية. 
– شركة «ليماغران» – فرنسا.
– شركة «سانجانتا» – سويسرا والتي تحقق إيراداَ سنوياً قدره 13.6 مليار دولار. 

– شركة «باير» – ألمانيا التي تحقق إيراداً سنوياً قدره 19.5 مليار دولار. 
وعن البذور التي تنتجها هذه الشركات عقيمة، والمزارع لا يستطيع الاحتفاظ بجزء من المحصول لاستعماله كبذور للموسم القادم واكثاره، ما يضطره إلى الاستمرار في شراء هذه الحبوب من الشركات الكبرى بالإضافة الى آثارها على الارض والزراعة والبيئة والصحة العامة.
اما في اليمن فقد استهدفت الزراعة وأصناف البذور المحلية استهدافاً مباشراً طوال السنوات الماضية. وحتى كادت تنقرض جميع الأصناف المحلية وكل اعتماد المزارع اليمني في زراعته على البذور المستوردة المهجنة خصوصاً الخضار باستثناء عدد بسيط لا يذكر من أصناف بذور الحبوب والبقوليات المحلية التي ان وجدت فلا يوجد اهتمام بها ولا صيانة ولا تحسين ولا نشر ولا إكثار.

زراعة وإنتاج فواكه جديدة وتحسن جودة المنتج المحلي.

نشر الإعلامي منير الحارقة على صفحته قائلاً: رغم الحرب والتحديات والصعوبات التي تقف أمام المزارعين والزراعة في السنوات الأخيرة تتوسع في زراعة القمح اليمني واغلب المنتجات الزراعية التي كان اليمن يستوردها من الخارج.

وأضاف ان هناك توجهاً عاماً ‏ومبادرات وحملات يمنية واسعة لتشجيع زراعة القمح المحلي، والاكتفاء الذاتي خلال المدى القصير.
وبحسب الحارقة: فقد اثبتت تجارب عدة نجاحاً باهراً في مناطق الجوف وتهامة في زراعة القمح اليمني. فبعد سبعمائة سنة من الانقطاع عادت زراعة القمح الى تهامة بعدما انحسرت في مناطق قليلة جداً وكادت تنعدم مع غزو السوق اليمني بالقمح الأجنبي. وأثبتت إحدى الدراسات أن التربة في تهامة الخير قابلة تماماً لزراعة القمح وبجودة عالية. 

كما أكد الحارقة أن هناك مؤشرات نجاح في زراعة القمح وخاصة تهامة ومنها وادي زبيد والزهرة ووادي مور والضحي ووادي سردود والدريهمي ووادي سهام وكلها اودية الخير.

وبحسب متابعات ورصد المحرر فإنه الى جانب زراعة القمح هناك نجاح آخر في زراعة الفاكهة والتي كانت قد اختفت منذ سنوات بسبب الإهمال والعزوف عن الزرعة وتدمير القطاع الزراعي. وقد تحول التجار اليمنيون الى استيراد “الكيوي” من الخارج وبملايين الدولارات سنوياً ويقومون ببيعها بسعر غالٍ في الأسواق اليمنية.

وبحسب رصدنا وجدنا أنه تم زراعة فاكهة الكيوي وفاكهة الأفوكادو والتفاح السكري بمحافظة صعدة وريمة ومناطق أخرى لأول مرة وقد حققت نجاحاً باهراً.

الى جانب زراعة القمح، تتوسع وتتحسن جودة بقية الفواكه التي كانت متوفرة موسمياً وبشكل سيء من حيث الشكل والمنظر والحجم.
ومن الملاحظ حالياً وجود فواكه الرمان والتفاح والمانجو والخوخ والبرتقال والاناناس والزيتون والموز وكل الفواكه اليمنية والتي كانت الجهات الرسمية في السنوات السابقة مهملة للزراعة وغير مهتمة بتحسين وتوسيع تلك الفاكهة.

The post توجه رسمي نحو الاكتفاء الذاتي.. ومنع استيراد بعض المنتجات الزراعية appeared first on بيس هورايزونس.

مشاركة الخبر: توجه رسمي نحو الاكتفاء الذاتي.. ومنع استيراد بعض المنتجات الزراعية على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

ليلة مرعبة في رفح الفلسطينية مراسل القاهرة الإخبارية يكشف التفاصيل

ليلة مرعبة في رفح الفلسطينية مراسل القاهرة الإخبارية يكشف التفاصيل

منذُ 13 دقائق

كشف بشير جبر مراسل القاهرة الإخبارية آخر تطورات الأوضاع في رفح الفلسطينية خلال ال24 ساعة الماضية مؤكدا أن القصف...

السيسى يوفد عددا من أمناء رئاسة الجمهورية للتهنئة بعيد القيامة المجيد

السيسى يوفد عددا من أمناء رئاسة الجمهورية للتهنئة بعيد القيامة المجيد

منذُ 13 دقائق

أوفد الرئيس عبد الفتاح السيسى اليوم السبت عددا من أمناء رئاسة الجمهورية لحضور وتقديم التهنئة للإخوة الأقباط بمناسبة...

وزير الرياضة يتفقد مركز تدريب المرتفعات بسانت كاترين لابطال مصر

وزير الرياضة يتفقد مركز تدريب المرتفعات بسانت كاترين لابطال مصر

منذُ 13 دقائق

فى ضوء زيارته لمحافظة جنوب سيناء تفقد الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة الموقع المخصص لإنشاء احد اهم مراكز التدريب ...

القباج تعلن إنشاء أول حضانة صديقة للبيئة باستخدام النظام الإنشائي الصديق للبيئة بقرية أغورمي بسيوة

القباج تعلن إنشاء أول حضانة صديقة للبيئة باستخدام النظام الإنشائي الصد...

منذُ 13 دقائق

صرحت نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي بأنه لأول مرة تقوم وزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع الجهاز المركزي لبحوث...

محمد السهلي و LAUGHTA يجتمعان في أغنية صيفية بعنوان الليلة
محمد السهلي و LAUGHTA يجتمعان في أغنية صيفية بعنوان الليلة
منذُ 13 دقائق

طرح المطربان محمد السهلي و LAUGHTA أغنيتهما الجديدة الليلة حيث يقدم الثنائي العمل بطريقة مميزة من خلال كلمات وألحان رشيقة...

اتساع رقعة الحراك الجامعي الأمريكي من أجل غزة
اتساع رقعة الحراك الجامعي الأمريكي من أجل غزة
منذُ 14 دقائق

اتساع رقعة الحراك الجامعي الأمريكي من أجل...

widgets إقراء أيضاً من هورايزونس

البريد اليمني يعلن إجراء تحديثات ملحة لأنظمته ويعتذر عن توقف بعض خدماته مؤقتا
بدون حذلقة
أنس الجابر تعتذر عن المشاركة في بطولة دبي للتنس بسبب إصابتها في الركبة
المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان تدشن حملة أبوابالخيرلاتغلق