الرئيس العليمي.. قراءة في استراتيجية صناعة القرار

 

 

علي محمود يامن

 

7 ابريل 2024م الذكرى الثانية لتشكيل مجلس القيادة الرئاسي وهي مناسبة مواتية لتقييم أعمال ومخرجات المجلس وهو ما سيتناوله الكثير نقدا لغرض التقييم والنصح وقدحا لأهداف متعددة، سأقف شخصيا على جهود الرئيس في اختيار فريق صناعة القرار لمكتب رئاسة الجمهورية

من منظور أن القيادة الاستراتيجية الناجحة لأي بلد هي تلك التي تستقطب العقول الوطنية المخلصة، ذات القدرات الشاملة، والخبرات العميقة، والتأهيل العالي؛ لتشكل منها فريق عمل ناجح ومتكامل ومتخصص لصناعة القرار .

 

ولمعرفة مدى امتلاك أي مسؤول لعقل   استراتيجي، قادر على إدارة المتغيرات، والمحافظة على الثوابت، وترتيب الأولويات، نجول النظر في بيئة وفريق صناعة القرار المحيط به.

 

تحتم اللحظة التاريخية التي تمر بها اليمن حاليا على صانع القرار الأول  في البلاد الاستعانه  بفريق محترف وفاعل ومتخصص وواسع الخبرات؛ لمواجهة المخاطر والتحديات التي تمر بها البلد، ومن هذا المنطلق نحاول   في هذه العجالة، بقراءة تحليلية،  إلقاء الضوء على فريق صناعة القرار المحيط برئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد محمد العليمي، الذي استطاع تشكيله  باحتراف  للإسهام في صناعة واتخاذ قرار وطني سليم.

 

بادئ ذي بدء أقول إن إدراك الأهمية الاستراتيجية، في اختيار فريق صناعة  القرار، وتأثيراته الإيجابية في النجاح، أو الكارثية في الإخفاق، تأتي من خلال  التجربة والاحتكاك المباشر  وخلال أكثر من نصف عقد من الزمن، شرفت في العمل خلالها ضمن فريق عمل مكتب نائب رئيس الجمهورية السابق الفريق علي محسن الأحمر، وهو رجل دولة محترف بتجربة ثرية وغنية بالخبرات والقدرات والمعارف تميز بالقيام بالمتابعة الشخصية الدقيقة واستدراك وتصويب للكثير من القصور في عمل فريقه، الذي ينقص البعض منهم التجربة والتخصص والقدرات  وكانت توجيهات النائب السابق-حفظه الله- هي الفيصل  والأساس في تحقيق النجاح وتدارك القصور والضعف عند بعض نافذي فريقه، وتقتضي الأمانة التاريخية على قلم كاتب الأحرف أن يسجل للتاريخ  أن فريق نائب رئيس الجمهورية السابق احتوى على  شخصيتين وطنيتين من أنجح وأكفأ وأصدق وأنزه رجالات اليمن، وأخلصهم في التفاني، والتجرد للقضية الوطنية، وتأثيراتهم الإيجابية في تحقيق النجاح، والتميز الإداري والقيادي..

 

وهما: اللواء الركن توفيق محمد القيز مدير مكتب نائب القائد الأعلى، رئيس بعثة اليمن في التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، والدكتور عبداللطيف هرمس السكرتير الخاص لنائب رئيس الجمهورية السابق، اللذين ضربا أروع الأمثلة في العمل الوطني الصادق من خلال مواقعهم الوظيفية.

وانطلاقا من هذه التجربة والخبرة سنتناول هنا فريق العمل التابع لرئاسة الجمهورية من حيث أهميته وتأهيل وخبرات القيادات الشاغلة لتلك المواقع.

 

أولاً مكتب رئاسة الجمهورية:

يعد مكتب رئاسة الجمهورية بمثابة حكومة الظل للجمهورية، ومركز صناعة القرار للرئاسة والجهاز الفني المنوط به إدارة وفحص وفلترة وتحليل المعلومات، والوعاء الصلب الذي تصب في دواليبه كل تقارير ومعلومات ودراسات كل مؤسسات الدولة، وأذرعها المختلفة، ويمثل الموجه الرئيس للسياسات العامة للدولة، في مختلف المجالات، ويعد نتيجة لذلك من أهم مؤسسات الدوله، ويعطي مؤشرا واضحا ودقيقا على توجهات وتعاطي مجلس القيادة الرئاسي ورئيس الجمهورية مع كافة مرؤوسيه في كل قطاعات الدولة، ودرجة الاحترام والالتزام بالدستور والقانون، وتمكين الكفاءات في بقية مرافق الدولة.

يتربع على قمة هذا الجهاز

الدكتور / يحيى محمد الشعبي، وهو سياسي ودبلوماسي وأكاديمي، من مواليد عام 1952م، في محافظة لحج ، وحاصل على الدكتوراه من الولايات المتحدة الأمريكية، وشغل أكثر من موقع أكاديمي، وأكثر من منصب وزاري، كما عين أميناً  للعاصمة صنعاء، ومحافظاً للعاصمة الاقتصادية عدن.

 

هذا المراس الطويل للعمل الأكاديمي والإداري والقيادي لفترات طويلة، ولوزارات نوعية، ولأهم الوحدات الإدارية في البلاد، لا شك تعطي الرجل ميزات كثيرة في الخبرات، والعمق والدراية لمرافق الدولة، وخبرات تراكمية فاعلة أفقياً ورأسياً، نوعياً وجغرافياً، بالإضافة إلى ما يتميز به الرجل من صفات شخصية قيادية من الهدوء والرزانة، والنفس الطويل، وحسن التعامل، الأمر الذي أكسبه احترام وتقدير كثير من القوى السياسية الوطنية والاجتماعية، والشخصيات العامة، شكلت شبه إجماع وثقة بقدرته على المشاركة في صناعة القرار الاستراتيجى الناجح، والفاعل، والمتزن.

 

ثانياً: مكتب القائد الأعلى:

يعد مكتب القائد الاعلى للقوات المسلحة  قناة الاتصالات الأهم على المستوى الاستراتيجي، وبين المستويات التعبوية والتكتيكية الأدنى، وهو العقل الاستراتيجي والمهني المحترف، الذي يعد ويراجع ويتابع توجيهات المستوى القيادي الأعلى لكل صنوف وأفرع ووحدات القوات المسلحة.

 

وشغل هذا المنصب واحد من ألمع العقليات في الجيش اليمني، وأكثرها إشعاعاً وثقافة ومعرفة،  اللواء الركن /   أحمد حسين العقيلي، وهو من مواليد العام 1949م.

 

تنبئك السيرة الذاتية للرجل بمدى تعليمه وخبراته وقدراته، فهو خريج  الكلية الحربية في القاهرة، وحصل بعد تخرجه منها على دورات في قيادة السرايا، والتربية، وعلم النفس من الكلية السياسية العسكرية بدمشق، وحصل على دبلوم ماجستير من الأكاديمية السياسية العسكرية العليا في موسكو، ودورتين في القانون الدولي الإنساني في جنيف، ثم ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان بالقاهرة 1989م. يليه دبلوم عام في الإدارة العامة من جامعة صنعاء 1993م، ودورة في المعهد الدبلوماسي – وزارة الخارجية 2004م. هذا التأهيل الأكاديمي والإداري أكسب الرجل  مسنة نضالية وعلمية وتجريبية بحجم مشرف يليق بالمكان الذي يملؤه، وهو أحد مناضلي الثورة السبتمبرية، وصانعي ملحمة السبعين يوماً الخالدة.

العقيلي مدرسة في القيم الإنسانية،  لا شك أنه إضافة نوعية وقيمة مضافة في فريق عمل الرئاسة، ويحمد لرئيس الجمهورية تمكينه من إدارة الملف العسكري، والاستفادة المقدرة من خبراته وقدراته.

 

 

ثالثاً : مدير مكتب  رئيس مجلس القيادة  السكرتير الخاص لمكتب رئاسة الجمهورية.

وفقا لقرار نقل السلطة إلى قيادة جماعية تمثلت في تشكيل مجلس قيادة رئاسي مكون من كل الأطراف الفاعلة في مقاومة الانقلاب مكون من رئيس وسبعة أعضاء بدرجة نائب رئيس جمهورية واتساع عمل مكتب رئاسة الجمهورية فقد أضيف إلى الهيكل منصب مدير مكتب الرئيس وسكرتيره الخاص وأسندت المهمة إلى اللواء صالح المقالح

وهو شخصية أمنية له باع طويل في العمل الأمني في وزارة الداخلية وفي جهاز الأمن القومي كوكيل لقطاع رئيسي ومهم وهو ما أكسبه خبرات واسعة وتختزن ذاكرته أرشيفا معلوماتيا مهما يرفد فريق صناعة القرار التابع لرئيس الجمهورية حتى يتمكن من صناعة قرار استراتيجي صحيح في الوقت المناسب ويكون الفريق مشبع بكل التخصصات والخبرات.

 

رابعاً: دائرة الإعلام بمكتب الرئاسة والسكرتير الصحفي

 

التطور التكنلوجي الهائل في مجال الفضاء المفتوح والرقمية التي اخترقت كل مجالات الحياة انعكست على ثورة معلوماتية هائلة وإلى تحويل الإعلام من أدوات مساعدة للسلطات الحاكمة

إلى سلطة حقيقية صانعة للأحداث ومسيطرة على وعي الجماهير وأصبح الإعلامي الذي كان يلاحق السياسي للحصول على الخبر والمعلومة هو محور اهتمام كل الأطراف السياسية والمنظومات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية .

 

حيث تحول الإعلام إلى شريك حقيقي في صناعة الأحداث وتحرير العقل وتوجيه الرأي العام وبالتالي تحتاج قيادات الدولة وخصوصا رئيس الجمهورية إلى مسؤول إعلامي على مستوى عال من الاحتراف

وقد توفق الأخ الرئيس بحسب الكثير من القيادات الإعلامية والصحفيين والكتاب المحترفين باختيار الصحفي عدنان الصنوي رئيسا لدائرة الإعلام بمكتب الرئاسة وسكرتيرا صحفيا لرئيس مجلس القيادة الرئاسي

كونه يأتي من الوسط الإعلامي وأحد خريجي كلية الإعلام- جامعة صنعاء، حيث التحق بعيد التخرج بالعمل في وكالة الأنباء اليمنية سبأ كمحرر للأخبار وكاتب للتقارير الإخبارية والتحقيقات الصحفية، تميز أدائه المهني وإبداعه وملكاته لفتت أنظار المسؤولين عنه حيث حظي بالتشجيع والتحفيز  وفي أحد كتاباته اعتبره الأستاذ حسين العواضي حينها صحفيا واعدا وأنبأت الأيام صدق ما ذهب إليه العواضي.

إلى جانب عمله في الوكالة تم تعيينه نائبا لرئيس تحرير جريدة السياسية الصادرة عن وكالة سبأ للأنباء ذلك في الجانب الرسمي أما في العمل المهني الحر فقد عمل  مراسلا لراديو مونت كارلو الدولي وقناة فرانس ٢٤ ومهام إعلامية  متعددة ما أكسبه عمقا وخبرات تراكمية في المجال الصحفي والإعلامي .

عدنان صحفي متزن جاء من عمق المجتمع ومن أواسط الناس يعرف مكنونات المجتمع اليمني وحاجاته واهتماماته وطريقة تفكير الناس وما يؤثر فيهم وكيفية مخاطبتهم والوصول إلى مستوى تفكيرهم والتأثير فيهم وعليهم .

 

يدرك طبيعة وأهمية العمل الإعلامي ومتمكن من أدواته ويتمتع بالكثير من الخبرات والمعارف في مجال تخصصه

وذلك ما انعكس من خلال تغطياته  وتحقيقاته الصحفية لوسيلتين إعلاميتين ذات مستوى دولي،

ويحظى باحترام كبير وتقدير عال في الأوساط السياسية والإعلامية ويستطيع باحترافه وخبراته توصيل الرسالة الإعلامية للرئاسة إلى الداخل والخارج باتزان ومسؤولية واحتراف بما يحقق مصالح البلاد ويحفظ هيبة ومكانة أهم مؤسسة سياسية وقيادية في البلاد ويعطي مؤشرات على توجهات وأهداف القيادة في إدارة  القضية اليمنية لتحقيق الهدف الاستراتيجي  الأهم باستعادة الدولة والحفاظ على النظام الجمهوري كنظام سياسي  مناقض للإمامة ومنهجيتها في الاستبداد والفساد والتسلط وإفقار الشعب وتعميم الفقر والجهل والمرض وقمع الحريات وفرض الطائفية المقيتة.

 

خامساً :

مستشارو الرئيس ومكتب الرئاسة

الفريق الاستشاري هم أحد أعمدة المؤسسات الحكومية والدولية المهمة وهو المكينة الأكثر حداثة والأجدر والأقدر  على جمع ودراسة وتحليل المعلومات وتقديم تقديرات  الموقف الاكثر واقعية وأعطى المؤشرات عن أقرب السيناريوهات المحتملة للتحقق مع تهيئة الظروف الملائمة لتحقيق أفضل الخيارات المتاحة وفقا  للمصلحة الوطنية العليا .

بتنوع مهني وتخصصي وبخبرات كبيرة  وبثبات الموقف الوطني يتم اختيار الشخصيات الوطنية النضالية في معركة استعادة الدولة وترسيخ قيم الجمهورية لا شك أن ذلك يصب في المصلحة الوطنية ونتناول نموذج لقرار تعين من الأكثر القرارات صوابية بتعين  المفكر الموسوعي والمثقف العميق الدكتور ثابت الأحمدي مستشارا لمكتب رئاسة الجمهورية هو قرار حكيم ومناسب وموفق فالدكتور ثابت كمفكر وفيلسوف وكاتب متمكن وصانع محتوى ثقافي محترف وقارئ واع ومدرك  غاص في أعماق تاريخ الإمامة المظلم وحلق في فضاءات الإشراق اليماني المجنح في عنان السماء ومن المستشارين ذوي الكفاءة المستشار أحمد الصالح يمثل إضافة نوعية رزينة وعاقلة، ويحظى باحترام النخبة الثقافية والإعلامية. وهو صاحب موقف وطني محترم.

 

وكلاهما يمثلان قيمة حقيقية مضافة وفاعلة لفريق صناعة القرار في مكتب رئاسة الجمهورية .

 

الاستنتاجات:

أولا:

رغبة وجدية الرئيس الواضحة، ونظرته العميقة لاختيار كفاءات وشخصيات وطنية، ذات عقول إستراتيجية، وتأهيل أكاديمي وتعليمي عال، تشكل لبنات  حقيقية وفاعلة في فريق صناعة القرار على مستوى رفيع من التميز.

 

ثانيا :

إدراك القيادة السياسية لأهمية وطبيعة عمل ومهام مكتب رئاسة الجمهورية، باعتباره مركز صناعة القرار الرئاسي، والمسؤول عن توجيه السياسة العامة للدولة، والذراع الفني لإدارة المعلومات، وتقديم رؤية واضحة وتكاملية لمتخذ القرار.

 

ثالثا:

الأهمية الاستراتيجية والعسكرية لمكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والحرص على التوزيع الجغرافي العادل، والمشاركة الحقيقة ذات البعد الوطني، والابتعاد قدر الإمكان عن التحيز المناطقي، والذي يعد موروثاً سلبياً، وأحد تعقيدات المشهد اليمني.

 

رابعا:

الإدراك العميق لحساسية المرحلة التاريخية، وطبيعة المعركة الوطنية التي تحتاج الى كفاءات تدرك احتياجات ومعطيات اللحظة الراهنة، وتملك من التأهيل والأرضية المعرفية، ما يمكنها من القيام بمهام صناعة القرار لأهم وأعلى مؤسسة قيادية في الجمهورية.

 

خامساً:

الخطاب الإعلامي والخبر الصحفي لنشاط مجلس القيادة وأنشطة، وتوجهات رئيس الجمهورية تحتاج إلى خبرات وكادر إعلامي محترف ومتميز، ومدرك لمدلولات وتأثير اللغة الخبرية والرسالة الإعلامية والصحفية، ويحتاج إلى خبرة صحفية وإعلامية، واحتراف في التعاطي، والتزام سياسة إعلامية واضحة نحو القضايا الوطنية المصيرية، وهو ما تجسد بشكل جيد في خبرة ومهنية السكرتير الصحفي للرئيس.

 

سادسا:

الالتزام بشروط وأبجديات إدارة الصراع وأن المعركة مع الإمامة والكهنوت تحتاج إلى عناصر تؤمن بالعقيدة الوطنية الجمهورية، وتدرك جيداً مخاطر الإمامة الوجودية على كيان الدولة اليمنية، وإرثها التاريخي والحضاري، وتتجه بوصلتها نحو محاربة الإمامة، واقتلاع جذور الكهنوت.

 

سابعا:

 

احترام التخصص وتنفيذ المهام وفقا للوائح دون تداخل أو تعد، يلاحظ المطلع أن جميع أنشطة الرئيس ذات الطابع الأمني والعسكري يحضرها ويعد لها مدير المكتب العسكري، بحكم تخصصه وخبراته وتأهيله، وهو ما يجسد  تكامل الفريق، ويعزز من نجاح الأعمال والمهام بعيداً عن سياسة  الإلغاء الذي ينطبق على البعض، من الاستحواذ المطلق على مهام الجميع، رغم الغباء الفطري في كل أبجديات الإدارة وصناعة القرار .

 

ثامناً :

يتميز فريق الرئيس أنه يعمل بروح الفريق الواحد والرغبة  في استقطاب كفاءات والعمل بشكل مؤسسي ولا يوجد تداخل في المهام أو سطو على مهام واختصاصات الآخرين وهو ما يعزز فرص النجاح والتكامل.

 

 

حفظ الله اليمن …

ظهرت المقالة الرئيس العليمي.. قراءة في استراتيجية صناعة القرار أولاً على سبتمبر نت.

مشاركة الخبر: الرئيس العليمي.. قراءة في استراتيجية صناعة القرار على وسائل التواصل من نيوز فور مي