مواد المساعدات لإعداد كعك العيد في غزة
على الرغم من استمرار العدوان والقتل والدمار ونزف الدماء في قطاع غزة، لا يزال الفلسطيني في غزة يتمسك بالأمل والحياة والموروثات الاجتماعية والدينية، في ظل استعداده لاستقبال عيد الفطر. ويعد كعك العيد من مظاهر الاحتفال الأساسية بالعيد لا تتخلف عن إعدادها حتى الأسر الفقيرة، كونها عادة متوارثة يبدأ الإعداد لها خلال الأيام العشر الأواخر من شهر رمضان، وأكثر خلال اليومين اللذين يسبقان العيد. وتتسابق النساء لإعداد كعك العيد وتقديمه على مائدة العيد للزوار المهنئين، علماً أن هذا العيد لا يشبه أي عيد، إذ يحل على أهالي القطاع في ظل عدوان وإبادة جماعية مستمرة.
وتقول أم أحمد حرب (50 عاماً) من مدينة دير البلح، لـ "العربي الجديد"، إن هذه الأيام صعبة وقاسية ولم يسبق لها مثيل في كل الحروب السابقة، لكنها بفضل الله تحاول نشر السعادة والبهجة في نفوس أبنائها رغم استمرار الحرب. ويتطلب الاحتفال بعيد الفطر إعداد الكعك بنكهات مختلفة، وإحياء طقوس العيد. وتعكف أم أحمد منذ ساعات الصباح على إعداد الكعك في منزلها المتواضع بأقل الإمكانيات المتوفرة، في ظل شُح البضائع والسلع في المحال والأسواق.
تقول: "أحاول إيجاد البدائل لتأدية الغرض، أستخدم دقيق المساعدات بدلاً من الدقيق الخاص المطلوب، وأضع التمور التي تسلمناها في الكابونات (في إشارة إلى المساعدات) بدلاً من العجوة التي كنا نصنعها في نهاية فصل الصيف من كل عام بعد تجفيف حبات البلح الرطبة، وهو ما لم نتمكن من القيام به الصيف الماضي بسبب العدوان المستمر". تتابع: "الكعك يتطلب جهداً بدنياً كبيراً وكلفة مالية عالية في ظل عدم توفر المقادير المطلوبة بسبب الحرب واستخدام البدائل. لكنني أسعى إلى إحياء طقوس العيد. فعلى الرغم من قلة الطعام والشراب المتوفرين في القطاع، أحاول إعداد أي شيء لأبنائي والحفاظ على ما أمكن من عادات وموروثات".
تضيف: "إلحاح أبنائي على صناعة كعك العيد والمعمول دفعني بكل قوة لإعدادهما، وإن كان القلب مكلوماً على فراق الشهداء والدمار الحاصل في كل القطاع، لكن "بدنا نعيش ونأكل ونكمل الحياة". وتتابع: "غاز الطهي شحيح وغير متوفر، ما دفعني لخبز الكعك في الفرن التقليدي المعروف بفرن الطين من باب التوفير. وعلى الرغم من أن كعك العيد يباع في المخابز التي بالكاد تفتح أبوابها مع استمرار العدوان، تحرص بعض العائلات على إعداده في البيوت ومراكز الإيواء، سواء في الخيام أو المدارس، على اعتبار أن إعداده في البيوت له نكهة وبهجة مختلفة، وهو أحد أجمل الطقوس المرتبطة باستقبال عيد الفطر لدى الصغار والكبار".
واعتاد الغزيون بدء بيع الكعك في الأيام العشرة الأواخر من رمضان. وعلى الرغم من أن الكعك متوفر طوال العام، إلا أن الإقبال على شرائه يزداد بشكل كبير خلال عيد الفطر. وفي ما يتعلق بالأسعار، فهي تعد مرتفعة بالمقارنة مع ما كانت عليه العام الماضي في ظل ارتفاع أسعار السكر والدقيق.
من جهتها، تقول سهام مصطفى (62 عاماً)، وهي من مخيم النصيرات وسط القطاع، إنها أعدت كعك العيد لهذا العام بطريقة مختلفة تماماً عما اعتادت عليه، معتمدة على البدائل، في ظل غياب المواد الأساسية اللازمة لصنعه. وتوضح مصطفى أنها استخدمت السمسم بدلاً من السمنة، واستبدلت السميد بدقيق المساعدات الخشن، وخلطت المقادير بنسب متفاوتة حتى تداخلت المكونات بعضها مع بعض وكونت عجينة متماسكة للاستخدام والتدوير، ثم شكلتها بطرق مختلفة. وتلفت إلى أنها في العادة، تحشو الكعك بالعجوة أو المكسرات. لكن المواد نادرة اليوم. وإن توفرت، فالأسعار مرتفعة جداً. وتوضح أنها استبدلت الحشوات بتمر المساعدات وغير ذلك. وتشير إلى أنّها تشكل الكعك بأشكال مختلفة تُساعدها على التعرف على نوع الحشوة في داخلها.
أما المواطنة ياسمين الكفارنة (48 عاماً) من بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة، فتقول للعربي الجديد: "اعتدت كل عام ألا أترك طقوس إعداد الكعك والمعمول تفوتني، فأجتمع مع شقيقاتي وجاراتي ونصنعه مجتمعات بكل حب، لكن هذا العام كل شيء مختلف بعدما تركنا البلدة ونزحنا إلى أحد مراكز الإيواء داخل مدرسة المفتي في مخيم النصيرات وسط القطاع". تضيف: "على الرغم من كل الظروف القاسية التي نمر بها داخل مراكز الإيواء، نحاول إحياء طقوسنا واحتفالنا بقدوم العيد من خلال إعداد كمية بسيطة من الكعك بأقل الإمكانيات المتوفرة".
وتوضح أنها صنعت عجينة الكعك من دقيق المساعدات الذي يوزع على العائلات النازحة في المدارس، وحشتها ببعض التمور والمجففات المتوفرة، وجمعت الحطب وأشعلت النار أسفل فرن صغير صنعه زوجها من الطين في بداية نزوحهم، وخبزت الكعك استعداداً لاستقبال عيد الفطر رغم الحزن وفراق الأحبة. وتؤكد أن الأمل كبير بعودتهم إلى بلدتهم ومنازلهم المجهول مصيرها حتى اللحظة، داعيةً بفرج قريب للنازحين.
مشاركة الخبر: مواد المساعدات لإعداد كعك العيد في غزة على وسائل التواصل من نيوز فور مي