كيف يتم طباخة الدراما اليمنية في كل موسم

كيف يتم طباخة الدراما اليمنية في كل موسم؟

تم نشره منذُ 3 اسبوع،بتاريخ: 11-04-2024 م الساعة 08:51:38 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-2066346.html في : اخبار محلية    بواسطة المصدر : هورايزونس
كتب: فكري قاسم

بانتهاء شهر رمضان ينتهي شهر عسل الدراما اليمنية تلقائيًا
وهكذا في كل عام، تجي وتروح  الدراما حقنا؛ مع مجيء وذهاب سمبوسة رمضان، مع اختلاف الحشوة بس.

في دراما بالدقة وفي دراما بالجبن ودراما بالعدس ودراما بالبطاط  ولكل مسلسل سمبوسي طريقة تحضير مختلفة والطبق واحد  والناس أذواق، ورمضان هو رمضان، وجمهور الفرجة هو اللي يتغير ولا يمكن الامساك به؛ لأنه صار على دراية أكبر بما هو جيد وماهو كلفتة وصار ويعرف طعم السمبوسة الأجود من السمبوسة الشمات، ولم يعد بوسع الطاهي أن يخدعه.

وفي رأيي الشخصي إن التطور في صناعة العجينة الدرامية اليمنية يبدو واضحًا وملموسًا من موسم لآخر _فقط_ على مستوى تقنيات الصورة وعلى مستوى الإخراج ومستوى أداء الممثلين، ولكن معضلة “كشنة” النص الدرامي الجيد القائم على قصة روائية محبوكة، مازالت قائمة بكل اعتواراتها حتى هذه اللحظة، وإليها، ولا إلى أي شيء آخر، يعود السبب الرئيسي في خراب الطبخة.

ولو تشتوا تعرفوا يش الذي يحصل في كل موسم، قبل تقديم طبق سمبوسة دراما رمضان للمشاهد اليمني؟.
وليش مانلقاش القصة الدرامية السلسة والمتصاعدة في كل أو لنقل في غالبية الاعمال اليمنية التي تتنافس لتقديم الطبق الافضل لجمهور الفرجة ؟ ولتعرفوا اسباب خراب الطبخة وفقدان طعمها الحقيقي رغم الأموال الكبيرة التي يتم انفاقها من السنة للسنة على صناعة سمبوسة دراما رمضان، ركزوا معي على التالي:

1-  في كل مطابخ الدراما الحقيقية يبدأ المنتجين والمخرجين من وقت مبكر البحث عن النص الجيد وعن القصة الجيدة التي يفترض أن تدور حولها الاحداث..

وفي مطبخنا الدرامي فقط يحصل العبث في أصول الطبخة ويبدأ المنتج في البحث عن طباخ فاضي ليطهو له مجموعة الأحداث التي يتخيلها في رأسه.. كان يطلب من أحدهم، مثلًا أن يسلق له مسلسلًا تدور أحداثه عن غلاء المهور مثلًا  أو عن أزمات ارتفاع الاسعار أو عن الثأر أو عن أي شيء من هذا القبيل !.

ويقوم الطباخ حينها بتقطيع كتل من الأحداث والمواقف والانفعالات المتفرقة التي تدور حول نفس الموضوع الذي يشتي يصنع منه المسلسل، ومن ثم يقوم بكرعها جميعًا من بعد ذلك في دست الطهو الدرامي،ويجلس يقلبها ويعمل البهارات من دون أن تكون لديه فكرة واضحة حول “أيش الذي  يشتي يقوله بالضبط ؟” ويستمر في الطبخ داخل الدست هكذا اعتباطًا من دون قصة لها بداية ووسط ونهاية، ويظل يخضب الأحداث ويملططها ويمطها ويطولها ويعرضها دون أي ترابط درامي، وكلما نضج له حدث فوق الملحة، يشعر بنشوة الطباخ ويضيف حدث آخر للدست، و لايعنيه أن يكون له علاقة درامية بفكرة الطبخة نفسها التي على النار أو لا ! المهم أن يكون للحدث المضاف نفس الرائحة ونفس الطعم!.
وعادة مايبدأ الطباخ وهو جالس فوق الملحة، بوضع أحداث بسيطة  هي في تركيبتها تصلح لان يطهو بها “اسكتش” فقط، ومش أكثر من ذلك، ولكن لأنه طاه يطبخ بلا قصة وبلا نص وبلا فكرة واضحة  فإنه يمط ذلك الاسكتش تمامًا سعمًا يمطوا اللبانة!.

ويضيف له أحداث ومواقف وانفعالات وصراع.. حتى يجعل منه مسلسلًا مسلوق من ثلاثين بيضة، تصير فيما بعد 30 حلقة تلفزيونية يتكعفها المشاهد تمامًا  كمثل كثير من المسلسلات التي نشوفها في القنوات الفضائية، وننسجم مع حدث معين في بداية الأمر، ونعتقد إنه لب الموضوع الذي سيتصاعد دراميًا حتى يصل بنا للذروة كما يفترض ولكن سرعان مايفلت الخيط الدرامي من يد الطباخ ونتوه كمشاهدين بعد مرور شوية حلقات، ونجد أنفسنا مرجومين في حدث آخر نبحث فيه عن رأس القصة وعن جسدها وعن ذيلها، ولانجد منها في الغالب غير الجشائب أو سمبوسة  مسلوقة على عجل، زيتها يلهب المعدة.

2- النص ولا غيره هو روح وجسد وعقل ولسان أي عمل درامي..
النص هو البوصلة والخارطة والطريق والرؤية والموضوع والسفينة التي سيتجمع فيها وعليها كل طاقم العمل، ممثلين ومخرجين وفنيين وممنتجين ومصورين ومنتجين وخدمات و…و…الخ. 
بمعنى آخر.. النص هو نطفة خلق العمل الدرامي، وبدونه يصبح كل ما هو حوله من طاقم العمل مجرد شخوص تائهين يبحثون عن البوصلة وعن الطريق. 

وعلى الرغم من أهمية النص فإن المنتجين يعتبرونه الحلقة الأضعف، ويركنون به على كتبة هم في الغالب طباخين بلا خيال ولا يتمتعون بأي حس روائي، فضلًا عن افتقارهم لتقنيات الكتابة الدرامية لأنهم في الأساس مجرد كتبة سلقتهم ضروف غياب كاتب النص الحقيقي في بلاد بائسة فنيًا،  لدرجة أن كليات الإعلام والفنون الشحيحة التي فيها لم تستطع أن ترفد الساحة بكتاب للدراما.. ولدينا حاليًا من  كل مخرجاتهاطوال كل السنين أقل من أربعة الى ثلاثة فقط من الذين يمكن أم نسميهم كتاب نصوص درامية أو سيناريستات بينهم على سبيل المثال الكاتب والمؤلف والسيناريست “محمد صالح الحبيشي” صاحب الرصيد الأكبر من الأعمال الدرامية اليمنية والأكثر مهارة من وجهة نظري في حياكة البناء الدرامي. وشفنا له أعمال كثيرة خالدة في الذاكرة مثل”كيني ميني، دكان جميلة”. والكاتب “توفيق الحرازي مؤلف مسلسل “تركة الوالد” كواحد آخر  من مخرجات كلية الإعلام، ولا أعرف من هي الكاتبة والمؤلفة “نور ناجي”، ولكني سعيد بتكرار اسمها في أكثر من مسلسل وبالأخص مسلسل “العالية” الذي وقعت فيه نور هي الأخرى من بعد الحلقة العشرين في فخ الطباخ رغم أن العمل كان يسير بتصاعد درامي مشوق إلى إن أنتهى دور عالية بمقتلها أو موتها لتصبح بقية الحلقات ذيل بلا قيمة بعد قتل رأس القصة.

الأمر ذاته تكرر هذا العام في “دروب المرجلة”، بدات القصة بقطع الطريق ليتحول الموضوع  في أكثر من حلقة إلى صراع ممل وممطوط حول الأغنام ثم إلى صراع ثالث حول المشيخة.

وسنكون قد ظلمنا الكاتب والروائي “وجدي الاهدل” لو ألقينا عليه أو على زميلته “يسرا عباس”  أي لوم في مطمطة أحداث مسلسل “ماء الذهب” لان العمل من أساسه رغم حرفية الاخراج وحرفية الممثلين ولكنه يبدو من خلال بذخ الصورة بأنه عمل قام في الأصل على فكرة الادهاش البصري أكثر من كونه يحوي قصة درامية.

وأما مسلسل “قرية الوعل”، فعلى الرغم من أني أنا من أجزته لقناة الجمهورية باعتباري موظفًا في إدارة الدراما، وعلى الرغم من إعجابي بسيناريو النص الذي كتبه المؤلف “محمد المليكي”، وهو شاب جديد على هذه الصنعة، وكانت لغة الحوار وانتقالاته بين المشاهد والأحداث سلسلة  والقصة جديدة وتدور حول ذهاب المشيخة بعد وفاة الزوج إلى زوجته كما حصل في قصة “الشيخة معجبة”، لكن عنصر الزمن في النص حيث تدور الأحداث بالقرن الواحد والعشرين داخل قرية نائية لم تواكبها تطورات العصر،  كحيلة من المنتج أو من المؤلف نفسه من أجل اقحام مسمى “الوعل” لا أقل ولا أكثر ومن أجل اقحام الصراع على المنجم الخفي، فكان ذلك الاقحام في صناعة الأحداث هو الطبخة الغير موفقة في درامية المسلسل.. وكان ذلك هو رأيي منذ البداية قبل أن توافق القناة على انتاجه.. وقلت من أولها أن “عنصر الزمن في قرية الوعل وعدم التأسيس الحقيقي للقرية باعتبارها مسرح الأحداث هو الباب الذي ستدخل منه الانتقادات لهذا العمل الكبير.

وأما مسلسل “خروج نهائي” فكان خفيفًا على المشاهد لأن فكرة النص المكتوب واضحة، والحلقات قائمة على شخوص معينيين يصطادون الزبون القادم إليهم في مواضيع يومية مختلفة تنتهي بانتهاء الزبون، وصح انو مافيه أي صراع درامي متسلسل ومتصاعد ولكن تلك هي طبيعة سلسلات “السيتكوم”.

وأما مسلسلات “ممر آمن” ولقمة حلال” و “العاقبة” شاهدت بعض الحلقات فقط والأمر لا يسمح لي بتوجيه أي انتقاد فيما يخص نصوص الأعمال الثلاثة حتى اتمكن من مشاهدتهن لاحقًا لأعرف كيف كانت طبخة النص .

3- أعود إلى صلب الموضوع وأقول إنه وعلى الرغم من ندرة كتاب نصوص وسيناريوهات الأعمال الدرامية فأن المنتجين وصناع المحتوى الدرامي في اليمن يضعون كاتب النص في ذيل اهتماماتهم!
وهو عندهم العنصر الذي يمكن الاستعاضة عنه في الكتابة بأي موظف في الشركة أو في القناة أو بأي شخص يعرف ينكت أو يعرف يبكي أو يعرف يقرأ ويكتب ليسلق لهم بيض الموسم ! وهو عندهم في قائمة الأجور شي هامش وأقل شخص يستلم مستحقات! وأحيانًا قد تجد أن موظف الخدمات في طاقم العمل يستلم أكثر من المؤلف!، وقلك ليش أعمالنا الدرامية اليمنية تبدو اسكتشات طويلة في الغالب ومافيها أي قصص تعلق في الذاكرة أو تستطيع كمشاهد أن تسردها لأي شخص يسالك: حول أيش تدور القصة ؟. 
ذلك لأن المنتجين وأصحاب القنوات وصناع المحتوى الدرامي مافيهم أديب ولا فيهم فنان،  ولا واحد منهم يعرف حتى  كيف تجي القصة ولا كيف تكتب! وكلهم واخذين الأمر مجرد تجارة وطلبة الله ويعتقدوا أن النص شيء سهل وبسيط وعادي وأنه يمكن الاستعاضة عنه بأي فاتورة ماء أو كهرباء لصناعة القصة وكتابة النص الدرامي ودهفه للمشاهد في نهاية المطاف مزينًا برصة من النجوم!.

ختامًا: 

الدراما هي الحياة نفسها.. ولكن بعد قص الزوائد منها، وهذا ماينبغي أن يدركه صناع المحتوى الدرامي في اليمن على أية حال.
وعيد مبارك على الجميع.

The post كيف يتم طباخة الدراما اليمنية في كل موسم؟ appeared first on بيس هورايزونس.

مشاركة الخبر: كيف يتم طباخة الدراما اليمنية في كل موسم؟ على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

كيف تؤثر أدوية السكر على الضغط ووظائف الكلي  حسام موافي يوضح فيديو

كيف تؤثر أدوية السكر على الضغط ووظائف الكلي حسام موافي يوضح فيديو

منذُ 14 دقائق

أكد الدكتور حسام موافي أستاذ طب الحالات الحرجة بقصر العيني أن ثلثي مرض السكر ضغطهم منخفض موضحا أن معظم مرضى السكر يعانون ...

التعليم أسئلة الثانوية العامة 2024 ستكون مناسبة لزمن الامتحان

التعليم أسئلة الثانوية العامة 2024 ستكون مناسبة لزمن الامتحان

منذُ 14 دقائق

قالت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى أن أسئلة امتحان الثانوية العامة فى المواد الدراسية ستكون مناسبة لزمن...

عضو التحالف الوطنى للعمل الأهلى يكشف تفاصيل صدور القرار الرئاسي بإنشائه

عضو التحالف الوطنى للعمل الأهلى يكشف تفاصيل صدور القرار الرئاسي بإنشائ...

منذُ 14 دقائق

كشف عصام عبد الرحمن عضو التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى تفاصيل إعلان التحالف صدورالقرار الجمهوري رقم 149 لسنة 2024...

إصابة أحمد حجازي وبيان رسمي من اتحاد جدة

إصابة أحمد حجازي وبيان رسمي من اتحاد جدة

منذُ 14 دقائق

أعلن نادى اتحاد جدة غياب الدولى المصري أحمد حجازي عن مواجهة نظيره أبها المقرر إقامتها مساء اليوم الجمعة ضمن مواجهات...

قصواء الخلالي تعلن عودة  في المساء مع قصواءوتدعو المشاهدين مشاركتها بالأولويات
قصواء الخلالي تعلن عودة في المساء مع قصواءوتدعو المشاهدين مشاركتها با...
منذُ 14 دقائق

يعود برنامج فى المساء مع قصواء للإعلامية قصواء الخلالى بفضائية سى بى سى غدا السبت بمواعيده الرسمية من السبت للثلاثاء في...

الفصائل الفلسطينية تشيد بمواقف اليمن وقواته المسلحة
الفصائل الفلسطينية تشيد بمواقف اليمن وقواته المسلحة
منذُ 15 دقائق

أشادت فصائل المقاومة الفلسطينية بمواقف اليمن وقواته المسلحة مؤكدة أن هذه المواقف الشجاعة والبطولية تمثل الموقف الذي...

widgets إقراء أيضاً من هورايزونس

أحوال الطقس أمطار رعدية متفاوتة الشدة على معظم المحافظات اليمنية خلال الساعات القادمة
الموحلون في الأرض
أسعار العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني وفارق الصرف بين المحافظات اليمنية هذا المساء
نقابة الصحفيين اليمنيين تجدد تضامنها مع الصحفيين الفلسطينيين وتطالب بإنهاء الحرب على السلطة الرابعة بيان