مرحلة (أفيونية) جديدة قديمة

يجري العمل منذ سنوات وبعدة وسائل بهدف تحفيز الصوفية وجماعاتها على أن تكون البديل القادم في المجتمع، وفي عدة بلدان.
هكذا أتفق الباحثون ورجال المخابرات وخبراء مكافحة الإرهاب، وأجمعوا على أن الصوفية حالة مريحة من التدين الشعبي المرضي عنه داخليًا وخارجيًا!!
وبناء عليه فإن المطلوب من الصوفية أن تكون جزءًا من علاج التطرف وآلية من آليات مكافحة الإرهاب، أو تحجيم الميول الإرهابية من داخل الدين نفسه، بمنطق يستهدف إنجاز عملية انزياح في وعي المتدين، بغرض تحويل صلته بالدين إلى رحلة (جوانية) مفصولة عن الواقع، على أساس أن هذا المسعى سيؤدي إلى قطع الطريق أمام المجموعات المتطرفة والأشد تطرفًا؛ التي تعمل على استقطاب الشباب، ومن ثم طرح الصوفية باعتبارها البديل المريح الذي يرتقي بالدين إلى مرحلة (أفيونية) جديدة قديمة لا تقاوم، لفرط حلاوتها النفسية المجربة والفعالة.
هذا التوجه له من يدعمه بالتنظير والدراسات في الغرب والشرق، ويعول عليه كثيرا، على أساس أن الزمن وحده كفيل بجعله توجهًا سائدًا يفرض نفسه، ويسري في المجتمع كما يسري الدم في العروق، لذلك تسارعت وسائل إحياء الطرق الصوفية ونشرها، ومنها عقد مؤتمرات وندوات واجتماعات وإطلاق وتمويل إصدارات ومراكز ومؤسسات وجمعيات وبرامج تلفزيونية ومحتوى على الإنترنت، وصناعة وتسويق شخصيات، كما حدث من قبل حين كانت كثير من الجماعات الدينية تلقى الرعاية الرسمية من عدة دول، سواء (الوهابية) أو غيرها من مشتقات (السلفية) وفروعها وتدرجاتها، مثل جماعات الدعوة والتبليغ، وحتى (الإخوان) بمختلف مراحل وعقود توظيفهم سياسيًا لضرب اليساريين والقوميين من قبل الأنظمة المتعاقبة في عدة بلدان.
وفي رأيي المتواضع أن هذا التوجه قاصرٌ ولن يحل مشكلة التطرف أو يقلل من خطر الإرهاب على الإطلاق، ما لم ترتبط المجتمعات الإسلامية وشبابها بمصالح دنيوية مثل بقية شعوب الأرض، وتعمها نهضة تشمل التعليم والاقتصاد وجودة الحياة، لتنعكس على تطور الوعي، وتساعد الشعوب على التخلص من فقرها المادي والمعنوي والثقافي، وترتقي بمنظورها لدور الغيبي والمقدس في الحياة الدنيا، وهو الارتقاء الذي لن يحدث في غياب الرفاهية والعدالة واحترام الشعوب وثقافاتها وحقها في السيادة على أوطانها.
وأرى والله أعلم أن أولى خطوات المعالجة الجذرية للإرهاب في الوقت الراهن تتطلب أولاً إنهاء سياسة النفاق العالمي، وترسيخ العدالة الدولية، والبدء بمعالجة أهم وأبرز قضية عالقة وشائكة في عالمنا اليوم، وهي قضية (ف لs طين).
ولعل من علامات غياب العدالة وبروز تسلط الغرب وظلمه وتفاهته المستفزة، أننا لا نستطيع هنا على (فيسبوك) كتابة اسم البلد الذي يعاني ويلات وبطش الاحتلال الهمجي ، ولا أن نذكر اسم القطاع ومدنه التي تتعرض للتطهير العرقي ولكل ما يهمش الكرامة الإنسانية ويسيء لها وينحرها من الوريد إلى الوريد.
ولذلك فإن نشر التصوف والخرافات ومحاولة تدجين الشعوب وإلهاء المجتمعات بالدروشة الجديدة القديمة نوع من الوهم إن لم نقل المؤامرة.
فيا أيها العالم اللئيم والمحتال، ابدأ بوقف المجازر البشعة التي يرتكبها الكيان الهمجي في أرضنا العربية منذ 76 عامًا، لأن هذه الخطوة من أبرز الأولويات التي ينبغي للعالم أن يضعها في المقدمة، إن كان يرغب فعلا في محاربة التطرف، لأن وقف جرائم المحتل جزء عاجل من الحل، الذي يشمل كذلك توقف آلة الرأسمالية ومؤسساتها ودولها عن إفقار الدول وإفساد أنظمتها واحتلالها بالقروض والابتزاز الاقتصادي. وهذه أيضًا من الخطوات الضرورية التي ستدعم المجتمعات وتعينها على التخلص من التطرف وتتفرغ لتنمية بلدانها، بدلًا من الحرص على نشر التصوف لتنويم الناس وإعادة هيكلة وعيهم ليقبلوا بالظلم وهم في غفلة من أمرهم يتدروشون!

The post مرحلة (أفيونية) جديدة قديمة appeared first on بيس هورايزونس.

مشاركة الخبر: مرحلة (أفيونية) جديدة قديمة على وسائل التواصل من نيوز فور مي