رضا الباهي 1 2 أصور مع ممثلين كبار وأتعلم منهم

رضا الباهي (1/ 2): "أصوّر مع ممثلين كبار وأتعلّم منهم"

تم نشره منذُ 4 اسبوع،بتاريخ: 12-04-2024 م الساعة 10:28:41 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-2066688.html في : اخبار سياسية    بواسطة المصدر : العربي الجديد

رغم دراسته علم الاجتماع، وحصوله على ماجستير ودكتوراه في فرنسا، وُلِد اهتمام التونسي رضا الباهي بالسينما باكراً جداً، بفضل تجربة "نوادي سينما الهواة"، في مدينته "القيروان". بفضلها، أنجز أول أفلامه، وعمره حينها 16 عاماً: "المرأة التمثال". أعمال له معروضة في مهرجانات كبرى ("كانّ" وفينيسيا وتورونتو). أفلامه ذات إنتاج مشترك، نالت 27 جائزة من مهرجانات دولية، منذ عام 1971.

إنّه من جيل انتفاضة الطلبة في باريس عام 1968. أطروحة الماجستير بعنوان "السينما والمجتمع في تونس في الستينيات". لذلك، لن يكون غريباً أنْ تصطبغ سينماه بالقضايا الكبرى، كالإرهاب و"داعش"، كما في "زهرة حلب" (2016)، وآثار الحرب الأهلية اللبنانية على الشباب، كما في "ملائكة" (1984)، والقضاء على حِرَف محلية، كالصيد، لمصلحة رجال الأعمال، كما في "شمس الضباع" (1977)، وسطوة الحلم الأميركي على الشباب في البلدان العربية، والتنازلات التي تقودهم إلى الجحيم، كما في "دائما براندو" (2012)، وإشكالية التسامح ورفض الآخر، كما في "جزيرة الغفران" (2022) و"السنونو لا يموت في القدس" (1994).

أمّا أحدث أفلامه، الذي يعمل على إنجازه حالياً، "زنوبيا"، فيتناول جريمة التخلّص من النفايات الكيميائية في أفريقيا.

عن هذا كلّه، يتحدّث الباهي إلى "العربي الجديد".

 

(*) البداية بسؤال عن استقبال الجمهور لفيلم "زنوبيا" في بلدان عربية مختلفة، كتونس والمغرب ومصر.

محبة الجمهور تكفيني ولا تهمّني الجوائز. لكُلّ بلد تاريخ مع رضا الباهي. تاريخي مع السينما في مصر بدأ منذ زمن بعيد، فنجومها مثّلوا في أفلامي: كمال الشناوي ومديحة كامل ومحمود مرسي. لي فيها أصدقاء كثر. نقّادها دعموا أفلامي. أعتبر نفسي نصف مصري. لكنّ الجمهور المصري لم يرَ أفلامي، فقط "جزيرة الغفران". أول فيلم يُعرض جماهيرياً في مصر. أعجبتني وأدهشتني ردود الفعل. شعرت أنّه شوهد بشكل جيّد.

 

(*) لكنّ فيلمك "صندوق عجب" عُرض في مصر.

صحيح. عُرض في "دار الأوبرا المصرية"، لكنْ فقط لطلاب السينما، مع يوسف شاهين ورفيق الصبان. أفلامي لم تُعرض في مصر بحجّة أنّ اللهجة التونسية غير مفهومة للمصريين، وهذا غير صحيح، لأنْ حتّى أفلامي التي مثّل فيها مصريون لم تعرض في مصر، والسبب أنّها غير تجارية. أحد الموزّعين قال: "هذا فيلم مهرجانات".

 

(*) وماذا عن جمهور المغرب؟

تربطني علاقة خاصة ومختلفة بالمغرب، لأنّي صوّرت فيها عندما مُنعْتُ في تونس، إذْ سُمح لي بتصوير "شمس الضباع"، وفُتحت أمامي أبواب الفندق للتصوير، رغم أنّ السفير التونسي أراد منعي في المغرب وإغلاق الأبواب أمامي. عرضت أفلامي في المغرب، فهند صبري و"زهرة حلب" اسْتُقبِلا في المغرب بشكل جيّد. كذلك كُرِّمتُ مرّتين في "مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط"، قبل 10 أعوام، ثم عُرض "جزيرة الغفران" في دورته الـ28 (أُقيمت هذه الدورة بين 3 و10 مارس/آذار 2023 ـ المحرّر).

لديّ تاريخ مع المتفرّج المغربي. أعتبر أنّ لعرض الفيلم في تونس طعماً آخر، لأنّه حصل أمام الجمهور التونسي، ما جعله يحمل عمقاً في العواطف.

 

(*) في "جزيرة الغفران"، صنعت مزجاً لطيفاً بين المقاومة الشعبية وقصّة الحب والعلاقة المتشابكة المعقّدة بين أطراف قصّة الحب للتعبير عن التسامح.

في فترة ما قبل الاستقلال، كانت الأمور تغلي، كطعام يُعَدّ. عندما جاء الاستقلال عام 1956، حُسِمت أمور كثيرة. الاستقلال لم يحدث فجأة. في فترة ما قبله، كان كلّ واحد يحاول تصفية أموره. تصفية حسابات وأشياء كثيرة. لكنْ، لأنّي كبيرٌ في السنّ، لم تكن عندي الحرارة والسرعة في الإيقاع لقول كلّ هذا، كما في أفلامي القديمة. لن أقول إنّ الإيقاع بطيء في هذا الفيلم. لكنْ، هناك إيقاع خاص، يُتيح تفكيراً وتأمّلاً. لا شعارات ولا رسائل سريعة. كلّ شيءٍ يأخذ وقته.

 

(*) يتميّز الفيلم بأنّ الانتقال بين مَشاهِده سلس، والصوت هادئ وبعيد عن النبرة الزاعقة. مَشاهد عدّة تكتفي بالإيحاء أو التلميح. مشهد الزوجة التي تُصرّ على العلاقة مع زوجها، وهو لا يستجيب، كأنّه يستكمل معنى "الغفران". كأنّه لا يُعبّر فقط عن احتياجها. لكنْ، كأنّها تطلب منه الغفران، خاصة أنّ الزوج، في نهاية اللقطة، يُطبطب عليها. المَشاهد مفتوحة على معانٍ عدّة.

هل تكتب كافة التفاصيل في السيناريو وترسم الـ"ديكوباج"، أم تترك الأشياء لإلهام اللحظة؟

أكتب كلّ شيء في السيناريو، وأقوم بالتحضيرات مع الممثلين قبل التصوير. أفضّل التصوير في الأماكن الطبيعية الحقيقية. لا أصوّر في الاستديو. لذلك، يستغرق المونتاج ثلاثة أسابيع فقط. يجمع المونتير الفيلمَ وفق السيناريو. أحياناً، يحدث إعادة خلق وترتيب في المونتاج، لكنْ أنا الذي أقوم بهذا كمونتير، فأعمل كمؤلف صاحب الفكرة. من هنا، أحياناً، يكون في الـ"سْكريبت" اختلاف طفيف.

 

 

مثلاً: دور كلوديا كاردينالي كان أكبر. كلّ العلاقة بين روزا وعشيقها كانت "فلاش باك"، والدور الأكبر لها. لكنْ، عندما وجدتها تعاني ألزهايمر، وتسألني بعد كلّ مشهد: مَنْ أنت؟ شعرتُ بالمصيبة. هذا جعلني أعيد التفكير، وأجعل وجهة النظر للطفل، وأفكّر في توظيف الـ"فويس أوفر"، أو الراوي للأحداث. بينما في السيناريو الأصلي كانت روزا، ابنة كاردينالي في الفيلم، عجوزاً، وابنها في إيطاليا. ثم، في كورونا، زارها وهي تحتضر، فعاش معها أيامها الأخيرة. لذا، ظهر الـ"فلاش باك" لكلّ طفولته. لكن، بسبب ظروف الممثلين، غيّرتُ في التفاصيل الأساسية، والموضوع بقي كما هو.

لا بُدّ من المرونة، حتى إذا تغيّرت تفاصيل، لا يضيع الفيلم.

 

(*) وشريط الصوت؟ هل تشتغل عليه منذ مرحلة الكتابة، أم لاحقاً في المونتاج؟

دائماً أفعل ذلك في الكتابة. أضع الأغاني التي أسمعها، ويظلّ الصوت على حاله، ولا يتغيّر في المونتاج.

 

(*) متى وُلدت فكرة الفيلم، وكيف تطوّرت؟

منذ عام 1992. كانت العائلة يونانية. لكنْ، عندما قرأتُ عن "جربة"، وجدت أنّ الإيطاليين واليهود المالطيين والإسبان كانوا يسكنون فيها. لذلك، وجدتُ أنّ الأفضل أنْ تكون العائلة إيطالية، خاصة أنّ علاقتي بالسينما الإيطالية أقوى، فالمراجع الإيطالية الموجودة أقرب وأقوى عندي من اليونانية. غيّرتُ السيناريو. كذلك، لم يكن في السيناريو الأول أيّ حديث عن المقاومة والحركة الوطنية. مع مرور الوقت، شعرتُ أنّ تناول حركة المقاومة والاستقلال ضروريّ وأساسي، وعليّ دمج هذا في القصة، ما أعطى بُعداً إضافياً للعمل.

 

(*) لماذا فكّرت بالممثلة الإيطالية كلوديا كاردينالي؟ هل بسبب نجوميّتها، ووجودها يعطي ثقلاً للفيلم، أمْ لأنّها عاشت في تونس؟

منذ كان عمري 27 عاماً، والآن بلغتُ 75 عاماً، أعمل وأصوّر مع ممثلين كبار. أفلامي تشهد بذلك. أفلامي مُطعَّمة دائماً بنجوم كبار، أتعلّم منهم، ويُعطونني البركة. هذه عملية تواصل بين أجيال، وليست بحثاً عن شبّاك التذاكر، فبعض الكبار الذين عملوا معي حينها لم يكونوا "نجوم شبّاك التذاكر"، وبعضهم لم يكن يساوي شيئاً في أفلامه الأخيرة.

 

(*) عموماً، التفكير في "شبّاك التذاكر" مشروعٌ، ولا ينتقص منك أبداً. لكنْ، أحياناً، المخرج الشاب يخاف من سطوة النجوم الكبار وتوجيهاتهم، فيُفضّل التعامل مع ممثل جديد وشاب، ليُمارس حريته كاملة. كيف كان الأمر معك؟

بالعكس. مثلاً، كمال الشناوي غضب قليلاً، في اليوم الأول للتصوير، عندما قلتُ له: "لا أريد حركات كثيرة باليدين والأصابع والعينين، ولا أريد صوتاً مرتفعاً في الأداء. أريد كذا وكذا". أدّى الدور كما طلبته، وبكل حِرفيّة. أتذكّر أنّي لما وضعت يديّ على يديه، وجدتهما ترتعشان. لما انتهى التصوير، التفت إليَّ متسائلاً: "أجيّدٌ هكذا؟". قالها بعَتبٍ، بعض الشيء. لكنّه، في الوقت نفسه، كان تلميذاً نجيباً، ونجماً كبيراً محترفاً.

 

(*) يُشارك أغلب أفراد عائلتك في "جزيرة الغفران": ابنتك مديرة التصوير، وحفيدك هو الطفل الممثل، وابنك ساعي البريد. مهندس الديكور شقيقك، ومساعد المخرج الأول شقيق آخر لك. مموّلة الفيلم سميرة شقيقتك. هل المشاركة العائلية تمّت بسبب صعوبة التمويل؟

أخي توفيق يعمل معي مهندساً للديكور منذ زمن. بعد عملي مع مهندس الديكور الإيطالي أندريا كريستاني، بدأ توفيق العمل معي منذ عام 2001، و"صندوق العجائب". ابنتي نيفين كانت تخاف العمل معي كمديرة تصوير، وترفض قائلة: "لا أريد أنْ أبكي"، لأنّي قاسٍ في العمل بعض الشيء. لكنّها، مع هذا الفيلم، وافقت، واكتشفت أنّي لستُ قاسياً. كانت مساعدة مُصوّر في "صندوق عجب"، مع مدير تصوير يوناني. الطفل كميل كانيار حفيدي. أصوّره منذ ولادته. ابني باديس صَوّر معي في "زهرة حلب".

إذاً، لا علاقة للموضوع بالتمويل.

مشاركة الخبر: رضا الباهي (1/ 2): "أصوّر مع ممثلين كبار وأتعلّم منهم" على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

حصاد نشاط وزارة الهجرة في أسبوع

حصاد نشاط وزارة الهجرة في أسبوع

منذُ 1 دقائق

على مدار أسبوع كامل شهدت وزارة الهجرة نشاطا موسعا للوزيرة السفيرة سها جندي وخلال السطور التالية نستعرض النشاط الكامل...

وزير قطاع الأعمال ومحافظ قنا في جولة تفقدية لمصانع مجمع الألومنيوم بنجع حمادي

وزير قطاع الأعمال ومحافظ قنا في جولة تفقدية لمصانع مجمع الألومنيوم بنج...

منذُ 1 دقائق

في إطار جولاته الميدانية المستمرة لمتابعة سير العمل والوقوف على مستجدات تنفيذ المشروعات الجديدة التي يتم تنفيذها وخطة...

الشرطة الأميركية توقف أكثر من 2400 طالب و50 أستاذا خلال احتجاجات داعمة لفلسطين

الشرطة الأميركية توقف أكثر من 2400 طالب و50 أستاذا خلال احتجاجات داعمة...

منذُ 3 دقائق

كشفت تقارير اعلامية الأميركية اليوم السبت عن قيام الشرطة بتوقيف أكثر من 2400 طالب وسط احتجاجات داعمة لفلسطين في أكثر من 50...

مقترح في الكونغرس لعزل بايدن بعد تعليقه شحنات الأسلحة للاحتلال

مقترح في الكونغرس لعزل بايدن بعد تعليقه شحنات الأسلحة للاحتلال

منذُ 3 دقائق

تقدم النائب الجمهوري عن ولاية فلوريدا كوري مليز بمقترح لعزل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن بعد قراره تعليق...

WSJ كيف دفع نتنياهو بايدن إلى حافة خطه الأحمر
WSJ كيف دفع نتنياهو بايدن إلى حافة خطه الأحمر
منذُ 3 دقائق

في تعزيز لهذا التحول في السياسة قال بايدن الأربعاء إنه مستعد لحجب أسلحة إضافية بما في ذلك قذائف المدفعية إذا شنت قوات...

تدشين حفر بئر لمشروع مياه منطقة جباح في فرع العدين بإب
تدشين حفر بئر لمشروع مياه منطقة جباح في فرع العدين بإب
منذُ 3 دقائق

دشن فرع الهيئة العامة لمشاريع مياه الريف بمحافظة إب اليوم حفر بئر يدوية مع تركيب منظومة شمسية ومكوناتها لمشروع مياه...

widgets إقراء أيضاً من العربي الجديد

وزير الخارجية الأميركي على إكس التقيت رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري لمناقشة جهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة
تعيينات جديدة لمصلحة روسيا في أجهزة مخابرات النظام السوري
خسائر شركات الشحن البحري تتواصل سهم زيم الإسرائيلية يتراجع
وسائل إعلام فلسطينية قوات الاحتلال تقتحم عددا من مدارس العودة شرقي خانيونس وتحتجز نازحين فيها