إبراهيم نصر الله غاضبا عليك أن تظل

إبراهيم نصر الله.. غاضبًا عليكَ أن تظلْ

تم نشره منذُ 2 اسبوع،بتاريخ: 16-04-2024 م الساعة 07:29:02 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-2070925.html في : اخبار سياسية    بواسطة المصدر : العربي الجديد

يكتبُ إبراهيم نصر لله منذ نهاية السبعبنيات، تأملاته في المنفى التي كثّف فيها اغتراباته وما فرضتها اشتراطات الحياة لاجئاً في المخيّم، ثم معلّماً في جنوب الجزيرة العربية حيث لا مكان سوى للحُمَّى التي نسجَت فضاء روايته الأولى، ليعود من هُناك إلى عمّان ويعمل في صحافتها، محاولاً نقْب العالَم بالكتابة لعلّه يتّسع لكُلّ المهمّشين والمعذّبين.

من هنا، وعَى الشاعر والروائي الفلسطيني الأردني (1954) فكرة الالتزام التي جعلت قصيدته ونصوصه السردية والروائية تعكس رؤيةً رافضةً للاحتلال والظُّلم والاستغلال، وتُصوِّر الصراع الاجتماعي والسياسي والفكري من منظور شخصيّات حيَّة تُواجه أسئلة حارقة ومُلحَّة، وتعود إلى التاريخ من منطلق استيعاب راهنها والتفكير بمستقبلها.

مناخاتٌ تسيّدت أمسية "كلّما انطفأتْ شمعةٌ.. نشتعل" التي نُظّمت في "منتدى مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافي" بالعاصمة الأردنية، عند السادسة من مساء أمس الاثنين، في قصائده التّسع التي قرأها نصر الله بمصاحبة معزوفات للمؤلف الموسيقي وعازف العود طارق الجندي وفرقته.

قصائد تسع قرأها نصر الله في الأمسية بمصاحبة معزوفات للمؤلّف الموسيقي طارق الجندي وفرقته

سبعُ نصوص جديدة قدّمها الشاعر تُشكّل امتداداً لتجربة جاوزت الأربعة عقود، اشتغل صاحبها ضمن مستويات متعدّدة؛ من أبرزها مستوىً يتعلّق بإعادة قَصِّ الحكاية الفلسطينية التي لا يعني ما يحدث في غزّة اليوم، إلّا مقدّمة لها مثلما أشار في مُفتَتح أمسيته، وكذلك النكبة التي هي أيضاً مقدّمة لكُلّ ما يحدث اليوم.

يلتقط الشاعر تلك التفاصيل التي تنسج رحلة الألم الفلسطيني بعناصرها الأساسية التي تًحيل إلى الأرض وتمثّلاتها في الواقع والحلم، وإلى الهوية حيث تتأسّس على ذاكرة مجازرٍ وحروب لم تتوقّف طوال ستّة وسبعين عاماً بمتواليتها في جرائم الاحتلال المتواصلة، والحياة في اللجوء منتزعَاً من تلك الأشياء الصغيرة التي تُشير إلى الوطن، وكذلك إلى الرواية/ التأريخ لتثبيت كلّ هذه الوقائع حتى لا ينساها أو يُنكرها العالم.

يقول نصر الله في قصيدة "فلسطيني":

"أنا كلّ هذي العناصر يا ربُّ: نارٌ ترابٌ وريحٌ وماءٌ
وخامسها وجعٌ لا تراهُ الأغاني الضريرةُ، سادسها مُذْ ذُبِحْتُ: دماءٌ
وحين احترقتُ سكنتُ حروف اسميَ الحرّ مثل الفراشة:
فاءٌ ولامٌ وسينٌ وطاءٌ وياءٌ ونونٌ وياءٌ
وإذ طار سقفيَ يتبعُه للسماء جدارٌ ونافذةٌ وصغيري الأخيرُ
تجمّعت في الغَينِ والزَّينِ والتاءِ، أصبحتُ غزةَ
ألفٌ من الطائرات أتتْ ورمتْني 
تهدّمتُ ثانيةً وتهدّمتُ، ثم تصاعدتُ في صرخة وهتفتُ
ولم يُجْدِ هذا
ولم يُجْدِ هذا
كفرتُ وآمنتُ، ثم كفرتُ وآمنتُ، ثم كفرتُ وآمنتُ، ثمّ ...؛ ولم يُجْدِ هذا
ويسألني عَالَمٌ وسِخُ:
كلُّ هذا! لماذا؟!".

بُعدٌ ثانٍ لا يغيب عن قصائد نصر الله تتعلّق بموقف المثقّف الرِّسالي، بسياقاته الفلسطينية والعربية والإنسانية، من الصراع مع العدوّ الصهيوني، لأن "فلسطين امتحان يوميّ لضمير العالم" كما يصفه في كتاب "كتاب الكتابة.. تلك هي الحياة.. ذاك هو اللون" (2018)، وعليه أن لا يكُفّ لحظة عن التذكير بقضية عادلة في مُواجهة سلطات تتعمّد اختزالها بتسويات تُفرّط بالحق والإنسان والمصير.

بعدٌ ثانٍ لا يغيب عن قصائه تتعلّق بموقف المثقف الرسالي بسياقاته الفلسطينية والعربية والإنسانية

ولا ينفصل هذا الموقف لديه عن منظومة أخلاقية متكاملة تُكرّس قِيَماً لا تنازُل عنها، عمادُها العدل والتحرُّر من الهيمنة والاستبداد، وهمُّه تعرية خطابات وسياسات وقيم كرَّسها الرجل الأبيض والمُستعمِر الصهيوني والأنظمة التابعة لهما، وتأسيس خطاب شعري/ إبداعي مقاوم لكلّ الإكراهات والإخضاعات التي تُريد قتل الضحيّة وتهجيرها ونفيها وقسرها على التخلّي عن وجودها؛ لذلك تأتي الكتابة هنا تأكيداً على هذه الوجود، وتمسُّكاً بالذاكرة، وتضامُناً مع جميع القضايا العادلة والشعوب المظلومة، وعودة رمزية للوطن.

"الغضب" مُفردة يتشكّل منها نصوص ويتشعّب عنها خطاب/ رسائل مضادّة، وهي التي استهلّ بها نصر الله أمسيته الأخيرة، بقصيدة "غاضبٌ عليكَ أن تظلّ" يُدوّن في مختتمها:

"وغاضبًا عليكَ أن تظلْ 
في شارعٍ، في وطنٍ، في عالمٍ،
لا ليسَ فيه أنتَ أو سواكَ أو سواهْ
والكونُ، كالحياةِ، دائمًا مُجرَّح بكلِّ ما فيهِ من الطغاةْ
وكلّ ما فيهِ من الجيوشِ والوحوشْ
ويمنعون عنكَ أبسطَ الأشياءْ
الخبزَ والمياهَ والدّواءَ والهواءْ
ويسرقونَ النورَ من عينيكَ كالغُزاةِ بالغُزاهْ
ويمنعونَ قلبكَ الصغيرَ أن يقولَ آهْ
وغاضبًا عليكَ أن تظلْ
وغاضبًا عليكَ أن تظلْ".
 

مشاركة الخبر: إبراهيم نصر الله.. غاضبًا عليكَ أن تظلْ على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

ماسك يتجه للإطاحة بجيف بيزوس من عرش أغنى رجال الأعمال في العالم

ماسك يتجه للإطاحة بجيف بيزوس من عرش أغنى رجال الأعمال في العالم

منذُ 46 دقائق

يقترب الميلياردير الأمريكي إيلون ماسك من تجاوز صاحب المركز الثاني في قائمة أغنى رجال الأعمال بالعالم جيف بيزوس بعد أن...

جيش الاحتلال يكشف تفاصيل هجوم للقسام على نيتساريم قتل فيه جنديان

جيش الاحتلال يكشف تفاصيل هجوم للقسام على نيتساريم قتل فيه جنديان

منذُ 46 دقائق

كشف جيش الاحتلال عن قيام دبابة له بقتل جنديين خلال كمين للقسام في منطقة...

هذا ما جرى في محادثات بكين بين حركتي فتح وحماس إحراز تقدم

هذا ما جرى في محادثات بكين بين حركتي فتح وحماس إحراز تقدم

منذُ 46 دقائق

جرت محادثات في العاصمة الصينية بكين بين مسؤولين في حركتي فتح وحماس ضمن محاولات إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام...

بـــلاغ صحفي 

بـــلاغ صحفي 

منذُ 46 دقائق

وقفت الاحزاب السياسية بمحافظة تعز في اجتماعها اليوم الثلاثاء 30 أبريل 2024 م أمام القضايا المحلية و الوطنية التي تمر بها...

يوم تاريخي مصور يمني يفوز بالمركز الأول عالميا بجوائز الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية في برشلونة شاهد اللقطة
يوم تاريخي مصور يمني يفوز بالمركز الأول عالميا بجوائز الاتحاد الدولي ل...
منذُ 47 دقائق

فاز المصور اليمني الشاب أكرم عبدالله بالمركز الأول لأفضل صورة من فئة الشباب في حفل جوائز الاتحاد الدولي للصحافة...

بالفيديو عالم آثار مصري لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف في مصر
بالفيديو عالم آثار مصري لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبي...
منذُ 47 دقائق

قال عالم المصريات والآثار زاهي حواس في تصريحات تليفزيونية أنه لا يوجد دليل علمي على تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف...

widgets إقراء أيضاً من العربي الجديد

جامعة ماكغيل الكندية تستعين بالشرطة لإزالة خيام الطلاب المحتجين
أزمة المصارف الأميركية تطل برأسها من جديد
نتنياهو فقط الضغط العسكري حتى النصر المطلق سيعيد مختطفينا
الجوع لا ينتهي في شمال غزة رغم عودة مخابز للعمل