مدارس دمشق وريفها... إتاوات تعوّض الإهمال
زاد الإهمال الحكومي في سورية من سوء الخدمات في المدارس التي تقع ضمن مناطق سيطرة النظام في محافظة العاصمة دمشق وريفها. وباتت مدارس كثيرة تعاني من سوء نظافة المرافق الصحية وفقدان المياه فيها، وأيضاً من أزمة نظافة في الصفوف ونقص في الأدوات والمعدات الدراسية.
يقول والد طالب في مدرسة خربة الشياب بريف دمشق الجنوبي لـ"العربي الجديد": "الحمامات قذرة، وهذا ليس ذنب من يتولى تنظيفها فقط، إذ ينفذ مستخدم واحد كل أعمال النظافة في مدرستنا. وفي الوقت نفسه، لا يوجد ثقافة عامة للنظافة، وتتحمّل وزارة التعليم والمديرية جزءاً من التقصير، فراتب المستخدم لا يكفي، ولا أوامر بفرز مستخدم آخر يساعده في الأعمال، وتنتظر المديرية من المجتمع الأهلي التبرّع لحلّ المشكلة، في حين يستطيع الأهالي بالكاد تأمين لقمة عيشهم".
وتصف الطالبة في مدرسة بمنطقة الكسوة، حنين محمد، في حديثها لـ"العربي الجديد"، وضع الحمامات في المدرسة بأنه "مزرٍ وغير مقبول بسبب عدم توفر المياه". تضيف: "لا أدخل حمام المدرسة إلا في ظرف خارج عن إرادتي. يستحيل احتمال دخول الحمام، ولا يهتم أحد بهذا الأمر فهناك صنابير محطمة وصدأ يحيط بها، والمنظر وحده يكفي لتجنب الدخول".
ويخبر مدرّس رفض كشف اسمه "العربي الجديد" أن "المسألة كانت أكثر قبولاً قبل أشهر عندما كان المجتمع المدني يُساعد في تأمين بعض الخدمات والمستلزمات لمدارس في المنطقة، لكن هذا الأمر تسبب بنتيجة سلبية إذ أصبحت الحكومة تعتمد على المجتمع لتعويض تقصيرها."
ويقول مدرّس آخر يدعى خضر الياسين لـ"العربي الجديد": "سبب الخدمات السيئة في المدارس قلّة المستخدمين الذين لا تكفي رواتبهم لتسديد تكاليف النقل، وأيضا اختلاف أوقات وصول الكهرباء عن أوقات ضخ المياه، ما يحرم المدارس من تعبئة الخزانات مرات كثيرة، والواقع سيئ في المدارس في كل النواحي".
وتقول سميرة الحسين التي تقيم في دمشق لـ"العربي الجديد": "يواجه أبناؤنا مشكلات يومية في المدارس تشمل نقص المدرسين أو غياب بعضهم، وسوء التدريس وعدم الاهتمام بإكمال المنهاج الفصلي، وأيضاً بتوجيه التلاميذ إلى المعاهد والدروس الخاصة. ويُضاف الإهمال المتعمد إلى سوء الخدمات الأساسية، مثل انقطاع الكهرباء واتلاف المقاعد القديمة ألبسة التلاميذ، وسوء تنظيف دورات المياه بتأثير نقص المياه وانقطاعها لأيام أحياناً أو بسبب عدم وجود عمال تنظيف أو انشغالهم، في حال وجودهم، بممارسة أعمال أخرى مثل البيع في دكان المدرسة".
تضيف: "قدّم الأهالي شكاوى عدة إلى مديرية التربية منها لسرقة مازوت التدفئة من المدارس، وسوء حال الكتب التي توزع للتلاميذ، وأيضاً سوء تعامل بعض مسؤولي المدارس مع التلاميذ، وابتزاز الأهالي واستنزافهم مادياً بمعظم احتياجات المدرسة من أوراق للطباعة والكتابة ومازوت للتدفئة وأقلام للسبورة وغيرها من الطلبات التي لا تنتهي. لكن هذه الشكاوى لم تنتج أي تغيير في واقع المدارس".
ويقول الطالب في مدرسة النشابية بريف دمشق الشرقي، عيسى زكريا، لـ"العربي الجديد": "ندفع إتاوات كي ندخل حمامات خاصة بالإداريين في المدرسة، والتي تكون نظيفة ولا تنقطع المياه فيها. ويفعل بعض زملائي ذلك كي يدخلوا الحمامات للتدخين، أو للخروج خلال حصص الدراسة. وهذه الأمور تحدث في معظم المدارس، وقد تشمل خدمات بسيطة أخرى بينها الانتقال إلى غرفة صف مختلف أو تغيير مقعد أو تبديل كتب مهترئة. إلى ذلك، يدفع الأهالي مبالغ من أجل ضمان الاعتناء بأطفالهم وإدخالهم دورات المياه الخاصة بالإدارة، أو تأمين مياه لهم، وأحياناً لحمايتهم من اعتداء زملاء عليهم، وتوفير احتياجات باتت محصورة في بعض الطلاب".
ويقول المدرّس المقيم في دمشق محسن عبد الحق لـ"العربي الجديد": "تعاني المدارس من نقص كبير في لوازم الأوراق والأقلام والوقود، ومن أزمة مياه بسبب انقطاع الكهرباء والماء اللذين يُمنحان بساعات محددة خارج أوقات الدوام الرسمي، وبالتالي لا يملأ المستخدم الخزان بكميات كافية. وعموماً هناك أزمة نظافة في المدارس بسبب قلّة الموظفين وعقلية التعاطي الإداري السيئ معهم التي جعلت كثيرين يعزفون عن التقدّم لوظائف المداري".
يضيف: "رممت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مدارس وجهّزتها بخزانات مياه، لكن ذلك لم يشمل غالبية المدارس في دمشق وريفها".
ويعزو رئيس دائرة الصحة المدرسية في ريف دمشق غسان شحادة مشكلة المياه إلى "عدم وصول مياه الشبكة الرئيسية إلى خزاناتها، ما يجعل مدراء مدارس يؤمنون المياه على حسابهم الشخصي. وهذه الأزمة قديمة، ويشتكي عدد كبير من المدارس منها".
مشاركة الخبر: مدارس دمشق وريفها... إتاوات تعوّض الإهمال على وسائل التواصل من نيوز فور مي