خفض الفائدة الأميركية يقلق المشاركين في اجتماعات صندوق النقد الدولي

يسعى وزراء المالية في الاقتصادات الكبيرة والصغيرة جاهدين لمواكبة إعادة ضبط مجلس الاحتياطي الفيدرالي السريع لتوقعات خفض الفائدة في الوقت الذي تثير فيه بيانات التضخم بالولايات المتحدة الأسواق من لندن إلى البرازيل. حيث يصر الجميع على أنهم يضعون السياسة بشكل مستقل عن سياسة واشنطن ويبنونها على الظروف المحلية. لكن هذه الظروف تتعرض الآن لضربة بسبب احتمال مفاجئ لبقاء أسعار الفائدة الأميركية أعلى لفترة أطول مما كان متوقعا مع بداية العام بعد سلسلة من بيانات التضخم الأكثر سخونة من المتوقع.

وتشير وكالة رويترز في تحليل موسّع للمناقشات الدائرة في واشنطن خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، إلى أن في ذلك تحولا غير متوقع أدى إلى زيادة قوة الدولار الأميركي، ما أدى إلى الضغط على العملات الأخرى في المقابل وزيادة احتمال التدخل في العملة في آسيا، كما أرغم محافظي البنوك المركزية في أميركا اللاتينية على تصميم خططهم لخفض أسعار الفائدة، بل وترك المسؤولين في البلدان المتقدمة يتساءلون عما إذا كانت القيود الجديدة قد تنشأ على خطط التيسير الخاصة بهم.

وفي هذا الإطار جاء تصريح وزير المالية البرازيلي فرناندو حداد في مؤتمر صحافي في واشنطن على هامش اجتماعات يوم الخميس، بقوله: "عندما جاءت حالة الذعر بفعل بيانات التضخم الأميركية في مارس/آذار الفائت، كان هناك انعكاس جذري في التوقعات، وقد أدى ذلك إلى تغيير المزاج بشكل كبير فيما يتعلق بكيفية تصرف المتغيرات الاقتصادية في جميع أنحاء العالم".

ويسبب ارتفاع قيمة الدولار بنسبة 4.75% مقابل سلة من العملات هذا العام صداعا في العديد من أنحاء العالم، لكن مكاسبه بنسبة 9.6% مقابل الين الياباني و6.5% مقابل الوون الكوري الجنوبي كانت مزعجة بشكل خاص لاثنين من الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة. وقد دفعت هذه التحركات مسؤولين من اليابان وكوريا الجنوبية هذا الأسبوع إلى الاجتماع بشكل عاجل مع وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين على أمل وقف الانخفاضات، مما يشير إلى إمكانية التدخل إذا لزم الأمر.

وفي هذا الصدد، قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا إن البنك المركزي الياباني قد يرفع أسعار الفائدة مرة أخرى إذا أدى انخفاض الين إلى ارتفاع التضخم بشكل كبير، بما يسلط الضوء على التأثير الذي قد تحدثه تحركات العملة على توقيت التحول التالي في السياسة. ويحاول صناع السياسات خارج الولايات المتحدة معالجة الضعف الأخير في عملات الأسواق المتقدمة والناشئة بإحدى طريقتين: من خلال اقتراح تدخل محتمل في سوق الصرف الأجنبي، ومن خلال إمالة خطاب البنك المركزي في اتجاه أكثر تشددا، وفقا لما كتب استراتيجي العملات الأجنبية وأسعار الفائدة العالمية في ماكواري، تييري وايزمان، مشيرا إلى أن "اليابان تحاول كلا الأمرين".

ومنذ ما يقرب من أسبوعين، كان محافظو البنوك المركزية العالمية ووزراء المالية وأسواق رأس المال متفقين على نطاق واسع على أن البنك المركزي الأكثر أهمية في وضع السياسات في العالم سوف يرشدهم جميعا إلى طريق الائتمان الأكثر مرونة بدءا من يونيو/حزيران. وكان هذا بمثابة محور توقعه بنك الاحتياطي الفيدرالي بفارغ الصبر في جميع أنحاء العالم، خاصة بين الاقتصادات الأصغر حجما المثقلة بالديون والتي تتمتع بقدرة محدودة على التحكم في تكاليف الاقتراض الخاصة بها أو احتواء التقلبات المدمرة في عملاتها.

ومنذ ذلك الحين، دخلت على خط التحليل مجموعة من البيانات الاقتصادية الأميركية غير الودية لطموح هذا الإجماع، حيث تغيّرت لهجة مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الذين جعلوا العالم قبل أربعة أسابيع يتوقع سلسلة من التخفيضات في أسعار الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية هذا العام. وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك جون ويليامز خلال فعالية على هامش اجتماعات الربيع: "بالتأكيد لا أشعر بضرورة خفض أسعار الفائدة" نظرا لقوة الاقتصاد، وأعتقد في نهاية المطاف أن أسعار الفائدة يجب أن تكون أقل في مرحلة ما، لكن توقيت ذلك يحركه الاقتصاد".

وكان ويليامز، وهو نائب رئيس اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التي تحدد أسعار الفائدة في البنك المركزي الأميركي، آخر مسؤول أصبح فجأة شديد الحساسية بشأن التحول إلى خفض أسعار الفائدة بعد أن أظهرت البيانات أن الاقتصاد الأميركي يسير بوتيرة سريعة غير متوقعة خلال الأشهر الأولى من العام.

وحث مسؤولو صندوق النقد الدولي البنوك المركزية الآسيوية على الالتزام بسياساتها الخاصة وتجنب إغراء ربط قراراتها السياسية بشكل وثيق للغاية مع التحركات المتوقعة من بنك الاحتياطي الفيدرالي. وفي هذا السياق، قال مدير إدارة آسيا والمحيط الهادئ في صندوق النقد الدولي، كريشنا سرينيفاسان، خلال مؤتمر صحافي حول توقعات المنطقة: "إذا اتبعت البنوك المركزية مجلس الاحتياطي الفيدرالي من كثب، فقد تؤدي إلى تقويض استقرار الأسعار في بلدانها".

ويبدو أن البنك المركزي الأوروبي عازم على الاستجابة لهذه النصيحة والمضي قدما في خططه الخاصة لخفض أسعار الفائدة لأول مرة في يونيو، بغض النظر عن إحجام بنك الاحتياطي الفيدرالي. وفي هذا ا لمجال، قال محافظ بنك البرتغال  ماريو سينتينو لرويترز: "نحن بحاجة إلى إدراك ذلك وإدارة السياسة النقدية وفقا لبيانات منطقة اليورو، وإذا كان ذلك يعني أننا بحاجة إلى خفض أسعار الفائدة قبل الولايات المتحدة، فليكن." وفي الوقت نفسه، تحدث وزير المالية الباكستاني محمد أورنجزيب بنبرة متفائلة حتى بينما كان يتابع المحادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج قرض جديد من المتوقع أن تبلغ قيمته 6 مليارات دولار على الأقل.

وقال أورنجزيب لرويترز: "يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى اتخاذ القرار بناء على ما يراه في مسار التضخم في الولايات المتحدة، لكن بشكل عام في جميع أنحاء العالم، تتطلع معظم البنوك المركزية لبدء خفض أسعار الفائدة. وربما ثمة ضغوط على المدى القصير، لكن هل أعتبرها مصدر قلق كبير على المدى المتوسط؟ الجواب هو: لا".

(رويترز، العربي الجديد)

مشاركة الخبر: خفض الفائدة الأميركية يقلق المشاركين في اجتماعات صندوق النقد الدولي على وسائل التواصل من نيوز فور مي