انتخابات أميركا "تنقذ" نفط إيران من عقوبات جديدة
يبدو أن استمالة الناخبين الأميركيين ستدفع الرئيس جو بايدن على الأرجح لعدم اتخاذ إجراءات صارمة بحق فرض عقوبات جديدة على النفط الإيراني، إذ تخشى إدارته انعكاس ذلك على أسعار الوقود، التي شهدت بالأساس ارتفاعاً خلال العام الجاري بفعل توترات الشرق الأوسط، بينما لم يبق سوى أشهر معدودة على موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وأقر مجلس النواب الأميركي، يوم السبت، عقوبات على صادرات النفط الإيرانية بعد الضربة التي وجهتها إيران لإسرائيل رداً على قصف قنصليتها في دمشق مطلع الشهر الجاري، وينتظر أن يصوت مجلس الشيوخ على القرار في وقت لاحق، ثم يعرض على الرئيس الأميركي بعد ذلك لإقراره.
وتعِد الولايات المتحدة، نظرياً على الأقل، بتعزيز القيود على صادرات إيران من النفط الخام من خلال توسيع نطاقها لتشمل الموانئ والسفن والمصافي الأجنبية التي تشارك قصداً في التجارة. لكن محللي سوق النفط يقولون إن بايدن سيتردد في اتخاذ أي إجراءات قد تزيد سعر النفط الخام أو البنزين الذي يشتريه السائقون الأميركيون من محطات الوقود. ويُرجح أن يستفيد الرئيس من سلطة الإعفاءات المضمنة في العقوبات ويتجنب التنفيذ الصارم.
يعكس الوضع نسبياً ما واجهته إدارة بايدن مع روسيا وحربها على أوكرانيا. وعلى الرغم من أن البيت الأبيض فرض عقوبات على روسيا، إلا أنه حاول الحد من إيرادات البلاد، مع السماح باستمرارية تدفق صادراتها النفطية، حتى لا يضغط على الإمدادات العالمية ويؤجج التضخم، وهو اعتبار محلي مهم بالنسبة لبايدن في عام الانتخابات. كذلك سمحت الإدارة بتدفق النفط الفنزويلي، الأسبوع الماضي، رغم تجدد العقوبات التي تستهدف الرئيس نيكولاس مادورو.
وقال جيم لوسير، العضو المنتدب لدى "كابيتال ألفا بارتنرز"، وهي مجموعة بحثية مقرها واشنطن لوكالة بلومبيرغ الأميركية، أمس الثلاثاء، إن "متداولي النفط لا يكترثون لأنهم يعلمون أن بايدن سيوقع بالتأكيد على أي إعفاءات ضرورية للحفاظ على تدفق النفط الإيراني إلى السوق، تماماً كما يحافظ على تدفق البراميل الروسية إليها".
تعد سوق النفط حساسة بشكل خاص حالياً لاحتمالية فرض قيود إضافية. فقد تجاوزت أسعار خام برنت 92 دولاراً للبرميل في بداية إبريل/ نيسان الجاري، وهو أعلى مستوى منذ ستة أشهر تقريباً، وسط طلب عالمي قوي وخفض مستمر للإنتاج من جانب منظمة "أوبك" وحلفائه، وذلك قبل أن تتراجع مطلع الأسبوع الجاري إلى ما دون 90 دولاراً للبرمميل.
لكن إذا نُفذت العقوبات الجديدة وفرضت، فإنها قادرة على زيادة الأسعار العالمية بما يصل إلى 8.4 دولارات إضافية، حسب شركة "كلير فيو إنرجي بارتنرز"، وهي شركة استشارية مقرها واشنطن.
هذه الأخبار ستكون سيئة بالنسبة لبايدن، الذي استغل بالفعل الاحتياطي النفطي الاستراتيجي للبلاد بعد ارتفاع تكلفة الوقود المحلي في 2022. وبينما لا تزال أسعار البنزين في الولايات المتحدة بعيدة بعض الشيء عن المستويات التي شوهدت آنذاك، إلا أنها بالفعل ارتفعت هذا العام مع اقتراب موسم ذروة القيادة.
تقضي العقوبات الجديدة بمكافحة شراء الصين للنفط الإيراني الخاضع للعقوبات. ويجري إرسال 80% تقريباً من صادرات النفط الإيرانية البالغة نحو 1.5 مليون برميل يومياً إلى مصافي التكرير المستقلة الصغيرة في الصين المعروفة باسم "أباريق الشاي"، وفقاً لتقرير صادر عن لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الأميركي.
وقال فرناندو فيريرا، مدير خدمات المخاطر الجيوسياسية في مجموعة "رابيدان إنرجي غروب" إن هناك "مخاطر جديدة" من احتمال استهداف العقوبات الموانئ والسفن والمصافي التي تشارك في الشحن والمعالجة والمعاملات الأخرى المتعلقة بالنفط الإيراني. وأضاف أنه "من غير المرجح أن ينفذوا (الإدارة الأميركية) هذا الأمر بحماسة".
ومع ذلك، ربما يصبح من الصعب على بايدن الدفاع عن الإعفاءات من العقوبات إذا انخرطت إيران ووكلاؤها في مزيد من الهجمات المباشرة تجاه إسرائيل. وقال كيفن بوك، المدير الإداري لـ"كلير فيو إنرجي بارتنرز"، وهي شركة استشارية مقرها واشنطن، إن "استخدام الإعفاءات إذا واصلت إيران عدوانها الإقليمي قد يكون مدمراً سياسياً مثله كمثل ارتفاع أسعار البنزين".
مشاركة الخبر: انتخابات أميركا "تنقذ" نفط إيران من عقوبات جديدة على وسائل التواصل من نيوز فور مي