الجزائر: تكفل بإعادة جثامين المتوفين في الخارج
حسمت الحكومة الجزائرية جدلاً أثير أخيراً حول الصعوبات التقنية والمالية التي تمنع نقل جثامين الجزائريين المتوفين في الخارج، وقررت الالتزام بتطبيق بند يتضمنه قانون الموازنة منذ عام 2023، ويسمح بأن تتكفل الدولة بنفقات نقل الجثامين الى الجزائر، بغض النظر عن الأوضاع الاجتماعية لعائلاتهم وقدراتها المادية.
في عام 2014، اقترح النائب نور الدين بلمداح، الذي ينشط في شؤون الجالية الجزائرية في إسبانيا، مشروع قانون يسمح بنقل جثامين الجزائريين المتوفين في الخارج على نفقة الدولة. ويوضح في حديث لـ"العربي الجديد": "هدف مشروع القانون حينها إلى وقف حرق جثامين الجزائريين في الخارج أو دفنهم في مقابر مسيحية جماعية بسبب عدم توفر المال لنقلهم. وكانت الجالية الجزائرية تضطر إلى جمع أموال لتغطية تكاليف نقل جثامين المتوفين الذين ينتمون إلى عائلات معوزة، لذا منح القانون الذي أقرّ سلطة تقدير التكفل من عدمه للقنصل".
ومع تحسّن الأوضاع المالية لخزينة الدولة الجزائرية، اقترح نواب معنيون بشؤون الجاليات في الخارج إضافة مادة في موازنة عام 2023 تسمح بتغطية نفقات نقل كل الجثامين على نفقة الدولة، أكانت عائلته قادرة أو غير قادرة.
ويشيد خالد لعوبي، وهو مغترب جزائري يقيم في فرنسا، بقرار الدولة المساعدة والتكفل بنقل كل جثامين المتوفين، وقال: "في أغسطس/ آب الماضي، نقلت الخطوط الجوية الجزائرية، بتكليف من القنصلية في باريس، جثمان صهري إلى الجزائر، بعدما طلبت منا جواز سفر المتوفى ووثيقة الطبيب التي تسمح بنقل الجثمان، إضافة إلى شهادة الوفاة والعنوان في الجزائر. وكانت المبادرة جيدة، وسمحت لنا باستخدام أموال نفقات النقل لشراء التذاكر الخاصة بنا لمرافقة الجثمان إلى الجزائر، التي كانت أسعارها مرتفعة، وتجاوزت 850 دولاراً ذهاباً وإياباً للشخص الواحد".
لكن قنصليات جزائرية أخرى لم تطبق قرار التكفل بنفقات نقل الجثامين. وكانت بعضها تُطالب العائلات بتقديم وثيقة تثبت عدم قدرتها على صرف النفقات اللازمة لنقل الجثمان الى الجزائر، ما أثار بعض الجدل ومشكلات نقلت تفاصيلها تقارير إعلامية إلى جانب تصريحات متضاربة لمسؤولين ومعنيين بالقضية. وخلق ذلك حالة من اللبس في شأن كيفية تطبيق قرار نقل الجثامين، إذ كانت قنصليات تتكفل فقط بنقل جثامين المتوفين من العائلات التي لا تملك الإمكانات المادية لتغطية كل نفقات نقل الجثامين، ما يضطر عائلات إلى دفع نفقات لصالح وكالات حفظ الجثامين قبل نقلها للدفن في الجزائر.
ودفع ذلك وزارة الخارجية الجزائرية الى توجيه أوامر جديدة الى كل المصالح القنصلية في الخارج بـ"التكفل بتكاليف نقل جثامين الجزائريين المتوفين بالخارج على عاتق الدولة الجزائرية، تنفيذاً لأحكام المادة 72 من قانون المالية لعام 2023". وهكذا، بات التكفل بنفقات كل المتوفين على عاتق الدولة بدلاً من التدابير السابقة التي كانت تحصر عملية التكفل بفئة المعوزين، أو العائلات التي تثبت امتلاكها إمكانيات تمويل ضعيفة لإنجاز عملية النقل".
وأكدت وزارة الخارجية أن "كل المتوفين من الرعايا الجزائريين المقيمين أو غير المقيمين، وبينهم أولئك الموجودون في أوضاع غير قانونية، تشملهم عملية تكفل الدولة بتغطية تكاليف نقل الجثامين، بغض النظر عن الأوضاع المالية لعائلاتهم. وتغطي العملية تكاليف النقل البري داخل بلد الوفاة والنقل الجوي إلى الجزائر، وأيضاً تكاليف الإجراءات الأولية مثل غسل الجثمان ووضعه في النعش والمصاريف الإدارية والرسوم. والقرار يندرج في إطار تحسين خدمات الممثليات الدبلوماسية والقنصليات، ودعم أفراد الجالية الوطنية بالخارج في ما يتعلق بملف نقل جثامين الجزائريين المتوفين في الخارج".
وباتت القنصليات الجزائرية في البلد المعني تلتزم بدفع مبلغ 2100 دولار حدّاً أقصى من أموال صندوق تضامن الجالية الذي أنشئ في أغسطس/ آب 2023، لتغطية تكاليف تولي وكالات الدفن وتنظيم جنازات المسلمين كل الإجراءات الضرورية لتوفير سيارة إسعاف لنقل جثمان المتوفى إلى المطار، وتنفيذ التدابير اللازمة في المطار.
ويقول النائب الذي يمثل الجالية الجزائرية في فرنسا عبد الوهاب يعقوبي، لـ"العربي الجديد": "اقترح نواب في الجالية إقرار المادة 72 في قانون الموازنة التي تسمح بأن تدفع الخزينة العامة مصاريف إعادة جثمان كل مواطن جزائري يتوفى خارج تراب الوطن، بغض النظر عن ظروف عائلته. وجرى تعميم القرار قبل بضعة أسابيع في كل المراكز الدبلوماسية وقنصليات الجزائر في الخارج".
مشاركة الخبر: الجزائر: تكفل بإعادة جثامين المتوفين في الخارج على وسائل التواصل من نيوز فور مي