غزة الشهيدة تحرر العالم من الخوف

غزّة الشهيدة تحرّر العالم من الخوف

تم نشره منذُ 2 اسبوع،بتاريخ: 01-05-2024 م الساعة 02:57:08 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-2083920.html في : اخبار سياسية    بواسطة المصدر : العربي الجديد

العالم اليوم أمام تحوّل كبير، عنوانه الحرية، وسببه غزّة، المحاصرة والمحتلة والمدمّرة، غزة الشهيدة هي التي تصنع هذا التحوّل التاريخي الكبير، فما تشهده الجامعات في العالم من حراك طلابي غير مسبوق، وما يقابله من قمع مبالغ فيه، وأيضاً غير مسبوق، كلها علامات على هذا التحوّل الكبير في مسار التاريخ الذي نراه يُصنع أمام أعيننا، ويعود فيه الفضل إلى صلابة مقاومة غزّة وصمود أهلها وتضحياتهم الكبيرة سبعة أشهر أخرجت العالم من صمته، وحرّرته من خوفه. فما نشهده اليوم سقوط مدوٍّ لجدار الخوف السميك في الغرب الذي بنته الصهيونية وغذّته بأساطيرها، حتى حولته إلى "عجلٍ" يتودّد الكلّ إليه ويسعى إلى عبادته.

لقد بات سقوط الصنم وشيكاً كما كتبت الكندية من أصل يهودي، نعومي كلاين، في مقالها أخيراً في "الغارديان"، عندما تشبّه الصهيونية بعجل السامري الذي سحر الناس حتى نسوا ما هو أسمى وأرقى. وفي حالتنا اليوم، لا شيء أسمى من القيم التي كاد العالم ينساها حتى جاء الحراك الطلابي المبارك، بفضل تضحيات غزّة الشهيدة، ليعيد إليها وهجها وكونيّتها، فمظاهرات الطلاب التي تُشعل اليوم جامعات العالم، والقمع الذي تتعرّض له أفرغا تهمة "معاداة السامية" من كل معنى، وعندما تسقط هذه التهمة التي بنت عليها إسرائيل والصهيونية عقيدتها للتحكّم في العالم، فسوف يسقط الصنم وتتحرّر العقول في الغرب من الخوف من انتقاد إسرائيل والصهيونية.

إظهار التعاطف من الفلسطينيين أصبح جريمة في دول غربية عديدة

قبل سبعة أشهر فقط، كان السكوت عن إدانة حركة حماس، أو انتقاد سياسات إسرائيل، وانتقاد الصهيونية التي كانت، حتى الأمس القريب، تعدّ حركة عنصرية بحسب لوائح الأمم المتحدة، كلها مبرّرات شرعية لإسكات كل الأصوات المناصرة للفلسطينيين وعزلهم داخل مجتمعاتهم، واتّهامهم بالتهم الجاهزة "الإشادة بالإرهاب" أو "معاداة السامية"، ولا يهمّ حتى لو أدّى ذلك إلى تأليب الرأي العام ضدهم، وشيطنتهم، وفسح المجال أمام انتشار خطابات الكراهية والعنصرية و"الإسلاموفوبيا".

ما زالت أجواء القمع هذه لم تسقط كلياً في كل الدول الغربية، وما نشهده اليوم من قمع للأصوات المؤيدة للفلسطينيين هي محاولة لإنقاذ الهيكل قبل سقوطه النهائي. ومن هنا هذا المستوى من القمع والترهيب غير المسبوق لم يشهده الغرب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لإسكات كل الأصوات التي ترفض الصمت. أما بشاعة الجريمة التي ترتكبها الصهيونية يومياً في غزّة. إلى درجة أصبح بعض الكتاب الغربيين يتحدّثون عن عودة "الماكارثية" التي باتت تتمدّد يومياً من أميركا إلى فرنسا وألمانيا وبريطانيا، تنتصب في كل مكان لإسكات كل الأصوات المزعجة التي تخشى من حالة الاندحار الذي يتّجه نحوه العالم الذي سمح بظهور همجية العصور البالية وسط قلب الحضارة المعاصرة. بسبب هذا النوع الجديد من "المكارثية"، أصبح مجرّد التعبير عن التضامن مع الفلسطينيين، سواء عن طريق الكتابة أم التعبير الشفاهي أم التظاهر في الشارع يودّي إلى التحقيق، وربما الاعتقال والمحاكمة، فإظهار التعاطف من الفلسطينيين أصبح جريمة في دول غربية عديدة، بما فيها أميركا التي تعدّ قائدة الدول الحرّة، وفرنسا التي كانت توصف بأنها أرض ميثاق حقوق الإنسان، وهذا وحده كفيل بأن يجعل الشعوب الغربية تنتبه إلى الخطر الذي بات يهدّد إحدى أهم الحرّيات الأساسية التي قامت عليها مجتمعاتها.

أثبتت المقولة التي سادت عندما بدأت الحرب على غزّة ومفادها بأن "غزّة حرّة والعالم محتل" اليوم صحتها

ولذلك، أصبحت التظاهرات اليوم تتخذ بعداً أكبر من التضامن مع فلسطين والتنديد بالجرائم ضد المدنيين، إلى الدفاع عن حرية التعبير، لأن القمع الذي واجهت به أميركا مظاهرات الطلاب أشعرهم بأن المستهدف هو حرّيتهم في التعبير وفي التظاهر والاحتجاج. والشيء نفسه في فرنسا، فمنع التظاهرات والتحقيق مع السياسيين معارضي توجّهات الحكومة الفرنسية في مساندتها اللامشروطة إسرائيل، جعل الكاتب الفرنسي، إدوي بلينيل، مدير الموقع المستقل "ميديا بارت" ومؤسسه، يتحدّث في مقال له عن "سياسة الخوف" التي تريد أن تحبس المجتمعات الغربية في حاضر أبدي بدأ وانتهى يوم 7 أكتوبر، تاريخ مجرّد بلا سبب وبلا سياق، وكأن التاريخ بدأ عند ذلك اليوم، تماماً كما فعلت أميركا مع يوم 9 سبتمبر الذي حوّلته إلى تاريخ مخيف لا أحد يُسمح له أن يفكّر بحرية بشأن أسبابه ونتائجه الكارثية على العالم. لذلك يرى بلينيل أن التظاهر اليوم من أجل فلسطين في فرنسا مشروع "ولو لإنقاذ هذا المبدأ الديمقراطي فقط المتمثل في حرية الفكر والحق في النقد. إنها ليست مسألة إنسانية فقط، في مواجهة الاستشهاد الذي لا يُحصى في غزّة، بل إنها مسألة سياسية، في مواجهة الخطر الاستبدادي هنا في فرنسا. وبعيداً عن خلافاتها واختلافاتها، ينبغي لجميع القوى التي تدّعي أنها ديمقراطية حيّة وتعدّدية أن تطالب بالصوت نفسه، متّحدة وحازمة، بالتعبير عن هذا التضامن بحرية".

جو الخوف الذي ساد بعد أحداث 11 سبتمبر في أميركا، وخوّل لدول وحكومات سلطوية عديدة سن قوانين تحدّ من الحريات بل تقمعها باسم محاربة الإرهاب، هو الجو السائد اليوم في العالم، حيث يُشهِر قادة إسرائيل الساديون ولوبياتهم في العالم تهمة "معاداة السادية" في وجه كل صوت يحتج على جرائمهم البشعة في غزّة. نحن أمام إعادة صناعة "سياسة خوف"، بقدر ما تمثل تهديداً فعلياً لأهم القيم الإنسانية المشتركة، فهي تعبر عن الفشل والضعف الذي يعتري أصحاب القوة العمياء في تل أبيب وواشنطن وغيرها من عواصم العالم الغربي المساندة لإسرائيل. وفي المقابل، فالتجاوزات والقمع الذي ترتكبه السلطات في هذه الدول الغربية ضد مواطنيها المحتجّين على سياساتها تجاه إسرائيل، فضلاً عن جو الرعب الذي ما زال سائداً في دولةٍ مثل ألمانيا مصابة برُهاب "ذنب المحرقة"، ضد من يخالف هذه السلطات الرأي في موقفها من الحرب على غزّة، لا يهدّد أصحاب الآراء المساندة للفلسطينيين فقط، وإنما يهدّد مستقبل الديمقراطية الغربية، ويقوّض إحدى أهم الأسس التي تقوم عليها، وهي قيمة حرّية الرأي والتعبير، وهذا ما يدفع اليوم الشعوب إلى التحرّك من أجل استعادة حرّيتها أولاً، فالمقولة التي سادت عندما بدأت الحرب على غزّة ومفادها بأن "غزّة حرّة والعالم محتلّ"، أثبتت اليوم صحتها، وعندما يتحرّر العالم غداً سيكون ذلك بفضل غزّة العزّة، وهذا أجمل تكريم سيذكره التاريخ لأبطال غزّة وشهدائها.

مشاركة الخبر: غزّة الشهيدة تحرّر العالم من الخوف على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

وزير المالية  نعمل على سرعة ضخ سيولة نقدية للمصدرين لمواجهة التحديات الراهنة

وزير المالية نعمل على سرعة ضخ سيولة نقدية للمصدرين لمواجهة التحديات ا...

منذُ 10 دقائق

أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية أننا نعمل على سرعة ضخ سيولة نقدية للمصدرين تنفيذا للتوجيهات الرئاسية بدعم القطاعات...

وزير التربية والتعليم يلتقى بوزير الدولة للمدارس بالمملكة المتحدة

وزير التربية والتعليم يلتقى بوزير الدولة للمدارس بالمملكة المتحدة

منذُ 10 دقائق

التقى الدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني بالسيد داميان هيندز وزير الدولة للمدارس بالمملكة المتحدة...

وزير البترول يؤكد أهمية الجهود الاستباقية لتحديث البنية الأساسية وتطويرها

وزير البترول يؤكد أهمية الجهود الاستباقية لتحديث البنية الأساسية وتطوي...

منذُ 10 دقائق

أكد المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية على أهمية الجهود الاستباقية لتحديث البنية الأساسية وتطويرها فى...

التضامن تعلن مغادرة أول أفواج حجاج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة 29 مايو الجاري

التضامن تعلن مغادرة أول أفواج حجاج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدس...

منذُ 10 دقائق

أعلنت السيدة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي مغادرة أول أفواج حجاج الجمعيات الأهلية إلي الأراضي المقدسة إيذانا...

شهداء وجرحى مع تواصل اجتياح رفح وقصف إسرائيلي وسط البريج
شهداء وجرحى مع تواصل اجتياح رفح وقصف إسرائيلي وسط البريج
منذُ 11 دقائق

تواصلت مجازر الاحتلال الإسرائيلي في أنحاء متفرقة بقطاع غزة جراء العدوان المستمر للشهر الثامن على التوالي واستشهد وأصيب ...

قرار مدعي عام الجنائية الدولية عن عدالة مختلة في عالم فاسد
قرار مدعي عام الجنائية الدولية عن عدالة مختلة في عالم فاسد
منذُ 11 دقائق

ساري عرابي يكتب النقد الموجه لبعض مضامين قرار كريم خان لا يعني الغفلة عن التحول المهم نحو ملاحقة إسرائيل التي بات حماتها ...

widgets إقراء أيضاً من العربي الجديد

مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية يضع منصبه في مهب الرياح الأميركية
10 نجوم ساهموا في عودة ليفربول إلى منصات التتويج في حقبة كلوب
النظام السوري يعلن إصابة أسماء الأسد بسرطان الدم
بنزيمة يشكك بالمشروع الرياضي السعودي ويخطط للرحيل عن الاتحاد