بلغت سن الفلسفة لم أعد أتحير من السلوك والمواقف

بلغت سن الفلسفة.. لم أعد أتحير من السلوك والمواقف

تم نشره منذُ 2 اسبوع،بتاريخ: 02-05-2024 م الساعة 06:01:46 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-2085321.html في : اخبار محلية    بواسطة المصدر : هورايزونس
كتب: د. قاسم المحبشي

الخمسون سن الفلسفة كما إن الأربعين سن النبوية بحسب ما درجت عليه العادة اليونانية والعربية؛ وها أنا هنا والآن أقر وأعترف لأول مرة بحياتي أنّي وقد بلغت سن الفلسفة لم أعد أتحير واتعجب لردود أفعال ومواقف وسلوك الأشخاص الذين اعرفهم من العالم الواقعي أو الذين عرفتهم في العالم الافتراضي؛ من النوع الاجتماع طبعا! بل اعترف بانني تمكنت اخيرا من خض دبية المعارف التي تراكمت في (نافوخي) على مدى الخمسين العام التي مضت منذ الصف الأول الابتدائي وحتى حصولي على أرفع درجة علمية أكاديمية ( الأستاذية) بروفيسورا وما قبلها وما بعدها من تغذية راجعة في خضم الحياة التي خضتها ومكنتني من فهم وتفسير أي موقف أو ردة فعل مهما كان معقدا أو غريب الأطوار وذلك بردها إلى مستويات التفسير والفهم الأساسية للكائنات ؛ وهي المستوي الفيزيائي فكل الكائنات الموجودة في هذا العالم تنطبق عليها قوانين الفيزياء بما في ذلك الرسل والأنبياء والمستوى الكيمائي فكل الكائنات في هذا الكون تنطبق عليها قوانين الكيمياوية بما في ذلك الجمادات والنباتات والحيوانات والمستوى البيولوجي فكل الكائنات الحية الأرضية تنطبق على قوانين الحياة ولديها الاعضاء ذاتها ووظائفها الحيوية التي لا تكون حية إلا بها فلا فرق هنا بين كل الاحياء وفي مستوى حاجات الحياة الأساسية لا أحد يمكنه تجاوز هرم إبراهام ماسو بما في ذلك الرسل والأنبياء والحاجات هي:

1- الحاجات الفسيولوجية Physiological needs مثل الجوع، والعطش، وتجنب الألم، والجنس، وغيرها من الحاجات التي تخدم البقاء البيولوجي بشكل مباشر.
2- حاجات الأمان Safety needs وتشمل مجموعة من الحاجات المتصلة بالحفاظ على الحالة الراهنة، وضمان نوع من النظام والأمان المادي والمعنوي مثل الحاجة إلى الإحساس بالأمن.. والثبات.. والنظام.. والحماية.. والاعتماد على مصدر مشبع للحاجات. وضغط مثل هذه الحاجات يمكن أن يتبدى في شكل مخاوف مثل الخوف من المجهول.. من الغموض… من الفوضى واختلاط الأمور أو الخوف من فقدان التحكم في الظروف المحيطة. وماسلو يرى أن هناك ميلا عاما إلى المبالغة في تقدير هذه الحاجات.. وأن النسبة الغالبة من الناس يبدو أنهم غير قادرين على تجاوز هذا المستوى من الحاجات والدوافع.
3- حاجات الحب والانتماء Love & Belonging needs وتشمل مجموعة من الحاجات ذات التوجه الاجتماعي مثل الحاجة إلى علاقة حميمة مع شخص آخر الحاجة إلى أن يكون الإنسان عضوا في جماعة منظمة.. الحاجة إلى بيئة أو إطار اجتماعي يحس فيه الإنسان بالألفة مثل العائلة أو الحي أو الأشكال المختلفة من الأنظمة والنشاطات الاجتماعية.
(أ) المستوى الأدنى أو مستوى الحب الناشئ عن النقصDeficit or D-love وفيه يبحث الإنسان عن صحبة أو علاقة تخلصه من توتر الوحدة وتساهم في إشباع حاجاته الأساسية الأخرى مثل الراحة والأمان والجنس….. الخ.
(ب) المستوى الأعلى أو مستوى الكينونة Being or B-love وفيه يقيم الإنسان علاقة خالصة مع آخر كشخص مستقل… كوجود آخر يحبه لذاته دون رغبة في استعماله أو تغييره لصالح احتياجاته هو.

4 – حاجات التقدير Esteem needs هذا النوع من الحاجات كما يراه ماسلو له جانبان:
(أ) جانب متعلق باحترام النفس.. أو الإحساس الداخلي بالقيمة الذاتية.
(ب) والآخر متعلق بالحاجة إلى اكتساب الاحترام والتقدير من الخارج… ويشمل الحاجة إلى اكتساب احترام الآخرين.. السمعة الحسنة.. النجاح والوضع الاجتماعي المرموق.. الشهرة.. المجد… الخ. وماسلو يرى أنه بتطور السن والنضج الشخصي يصبح الجانب الأول أكثر قيمة وأهمية للإنسان من الجانب الثاني.
5- حاجات تحقيق الذات Self-actualization والحاجات العليا Metaneeds تحت عنوان تحقيق الذات يصف ماسلو مجموعة من الحاجات أو الدوافع العليا التي لا يصل إليها الإنسان إلا بعد تحقيق إشباع كاف لما يسبقها من الحاجات الأدنى. وتحقيق الذات هنا يشير إلى حاجة الإنسان إلى استخدام كل قدراته ومواهبه وتحقيق كل إمكاناته الكامنة وتنميتها إلى أقصى مدى يمكن أن تصل إليه. وهذا التحقيق للذات لا يجب أن يفهم في حدود الحاجة إلى تحقيق أقصى قدرة أو مهارة أو نجاح بالمعنى الشخصي المحدود.. وإنما هو يشمل تحقيق حاجة الذات إلى السعي نحو قيم وغايات عليا مثل الكشف عن الحقيقة.. وخلق الجمال.. وتحقيق النظام.. وتأكيد العدل.. الخ.

وهكذا هو الكائن الوحيد الذي يقول (أنا)
أنت أي إنسان تجده يشترك مع غيره من الناس في كثير من الأفعال. ويشترك معهم بكل شيء ويختلف عنه بكثير من الأشياء. الحالة الأولى هي موضوع العلوم الاجتماعية والثقافية والحالة الثانية هي موضوع علم الأحياء والعلوم المتاخمة والحالة الثالثة هو موضوع علم النفس والعلوم النفسية وكل فعل يتضمن فاعلين اجتماعية، ويسمى الفعل اجتماعيًا حينما يحدث بين فاعلين أو أكثر هي: ميكروسوسيولوجية وماكروسوسيولوجية صغيرة وكبيرة. وكل فعل اجتماعي يتضمن علاقة اجتماعية، وحينما تتكرر تلك العلاقة تتشكل في بنية أو أطار أو مؤسسية. وحينما تزاوج آدام وحواء لأول مرة تكونت الأسرة النووية وبتكرار التزاوج بين الفاعلين الاجتماعيين عبر الألف السنين واستمرارها تكونت البنى الاجتماعية؛ بنية الأسرة والقرابة والعشيرة والقبيلة والقومية والأمة والإنسانية الأممية اليوم. وبنية المؤسسة التعليمية إذ تحول فعل الدراسة والتدريس إلى علاقة ببن الطالب والمعلم وبتكرار تلك العلاقة تحولت إلى مؤسسة؛ الروضة والمدرسة والجامعة وكل مؤسسات التعليم والتربية التي لا يمكن لها أن تستمر وتدوم إلا باستمرار الفاعلين والعلاقة. والدين مؤسسة تكونت عبر فعل العبادة بين العابد والمعبود بكل اشكالها وأنماطها وبتكرر ذلك الفعل كل يوم وعبر الأجيال منذ الألف السنين بقيت واستمرت المؤسسات الدينية حول العالم . خذ أي ظاهرة أجتماعية وانظر اليه من زاوية نظر منهجية تكاملية ستجدها لا تخرج عن ذلك السياق العام. وبما أن المجتمع حالة متغيرة ومتحولة من حال إلى حال ولا تدوم في نقطة متجمدة فقد ميز علماء الاجتماع وأولهم أوغست كونت بين حالتين للظاهرة الاجتماعية؛ الحالة الديناميكية الحركية والحالة الاستاتيكية الثابتة نسبيًا. وتؤكد نظرية الثقافة على أهمية التعددية الثقافية كمعطى جوهري وحيوي للحياة الإنسانية، اذ أن الفرد في المجتمع يتفق مع بعض الناس في كل النواحي كما يتفق مع بعض الناس في نواح أخرى، ولا يتفق مع أي من الناس في نواح ثالثة.وتهتم علوم البيولوجيا والفسيولوجيا بدراسة الجانب الأول، كما تهتم علوم النفس بدراسة الجانب الثالث، اما الجانب الثاني فيشكل مجال اهتمام ودراسة علوم الاجتماع والانتروبولوجيا والجغرافي والدراسات الثقافية والفلسفة. ولما كان الإنسان هو الموضوع المحوري لكل تلك العلوم بوصفها مجموعة متواشجة من العلاقات الاجتماعية فمن المهم أن تتكامل جميع العلوم في دراسته إذ لا يمكن لدراسة الفلسفة أن يفهم الكائن بدون فهم علم النفس ولا يمكن لعالم النفس أن يفهم الإنسان صحيح  وهذا هو ما يفسر الارتباط العضوي بين الفلسفة وعلم النفس فمعظم الفلاسفة الكبار منذ الفكر الشرقي القديم مرورا باليونان وحتى الآن لم يقفلوا النظر إلى النفس البشرية ومدراتها الميتافيزيقية وكثير من عالما النفس يعدوا فلاسفة ومنهم فرويد وجان بياجية ولانج واريك فروم ولاكان وإبراهام ماسو وغيرهم.
فالإنسان هو الموضوع المحوري لكل العلوم، وجوده ووعيه ومشاعره وافعاله وتفاعلاته وعلاقاته وقيمه ورموزه وهناك مداخل نظرية كثيره لقراءة سلوك الكائن الاجتماعي وردود افعاله ومن تجربتي المتواضعة في الدراسات الإنسانية والاجتماعية، منذ تخصصي في قسم الفلسفة وعلم الاجتماع بكلية التربية العليا بجامعة عدن، مرورا بالماجستير في الفلسفة الوجودية والدكتوراه في فلسفة التاريخ والحضارة بجامعة بغداد والقراءات المصاحبة في النظريات الاجتماعية ومنها نظرية العلاقات الاجتماعية عند كارل ماركس ونظرية الفاعل والفعل الاجتماعي عند ماكس فيبر والنظرية الوظيفية عند أبن خلدون وأميل دوركايم والنظرية البنائية عند جان بياجيه ونظرية التفاعلية الرمزية عند جورج هربرت ميد ونظرية الفعل الانعكاسي عند بيير بورديو وغير ذلك من النظريات المستلهمة من العلوم المتاخمة في الفلسفة وعلم النفس والسياسية تبين لي أن الحياة الاجتماعية تقوم وتتشكل الجماعات والمجتمعات البشرية وتنمو وتستمر وتستقر وتزدهر في سياق اجتماعي تاريخي ثقافي علائقي تفاعلي يتكون من أربعة انساق أساسية؛ (فاعل، فعل، علاقة ، بنية) وما ينجم عنها من مظاهر وظواهر وأشكال ورموز وقيم وتمثلات يعاد صياغتها وبناؤها باستمرار في خضم عملية ممارسة الفاعلون الاجتماعيون لحياتهم المتعينة ماديا ومعنويا واقعيا وافتراضيا بمختلف صيغ وصور وأنماط تمظهراتها العلائقية ؛ بين أنا _ أنت ، ذات _ أخر _ نحن _ هم وغير ذلك من اشكال العلاقات الاجتماعية المتغيرة باستمرار والتي لا تدوم على حال من الأحوال وتجلياتها المختلفة والتي بدونها يصعب الحديث عن الظاهرة الاجتماعية بوصفها ظاهرة قابلة للرؤية والدراسة والفهم. والإنسان يشترك مع غيره من الناس في كثير من الأفعال. ويشترك معهم بكل شيء ويختلف عنه بكثير من الأشياء. الحالة الأولى هي موضوع العلوم الاجتماعية والثقافية والحالة الثانية هي موضوع علم الأحياء والعلوم المتاخمة والحالة الثالثة هو موضوع علم النفس والعلوم النفسية وكل فعل يتضمن فاعلين اجتماعية، ويسمى الفعل اجتماعيًا حينما يحدث بين فاعلين أو أكثر هي: ميكروسوسيولوجية وماكروسوسيولوجية صغيرة وكبيرة. وكل فعل اجتماعي يتضمن علاقة اجتماعية، وحينما تتكرر تلك العلاقة تتشكل في بنية أو أطار أو مؤسسية. وحينما تزاوج آدام وحواء لأول مرة تكونت الأسرة النووية وبتكرار التزاوج بين الفاعلين والفاعلات الاجتماعيات عبر الألف السنين واستمرارها تكونت البنى الاجتماعية؛ بنية الأسرة والقرابة والعشيرة والقبيلة والقومية والأمة والإنسانية الأممية اليوم. والتعليم فعل تحول إلى علاقة ببن الطالب والمعلم وبتكرار تلك العلاقة تحولت إلى مؤسسة؛ الروضة والمدرسة والجامعة وكل مؤسسات التعليم والتربية التي لا يمكن لها أن تستمر وتدوم إلا باستمرار الفاعلين والعلاقة. والدين مؤسسة تكونت عبر فعل العبادة بكل اشكالها وأنماطها. خذ أي ظاهرة أجتماعية وانظر اليه من زاوية نظر منهجية تكاملية ستجدها لا تخرج عن ذلك السياق العام. وبما أن المجتمع حالة متغيرة ومتحولة من حال إلى حال ولا تدوم في نقطة متجمدة فقد ميز علماء الاجتماع وأولهم أوغست كونت بين حالتين للظاهرة الاجتماعية؛ الحالة الديناميكية الحركية والحالة الاستاتيكية الثابتة نسبيًا. فلا وجود فعل اجتماعي بدون فاعل اجتماعي ولا وجود لعلاقة اجتماعية بدون تفاعل بين الفاعلين الاجتماعيين وهذا التفاعل الاجتماعي والعلاقة التي يقيمها عبر التكرار المستمر تشكل بنية مؤسسية شبه ثابت في سياقي التفاعلية الرمزية. فالتزاوج بين ذكور البشر وأناثهم ينجب بنية القرابة التي هي العائلة وعبر الاستمرار الدائم لهذه العلاقة تدوم البنية وهكذا هي سائر المؤسسات الاجتماعية فالمدرسة علاقة بين المعلم والمتعلم والجامعة علاقة بين الطالب والأستاذ فاذا كف التلاميذ عن الذهاب إلى المدرسة انتهت المؤسسة. وإذا كف الناس عن التزاوج الشرعي انتهت الأسرة وإذا كف الناس عن التقاضي في المحكمة انتهت مؤسسة العدالة واذا كف الناس عن الرقص والغناء والفرح إنتهت المؤسسات الفنية. وإذا كف الناس عن الالتزام بالدستور والقانون انتهت المؤسسة السياسية وإذا كف الناس عن اتباع قواعد المرور إنتهت المدينة والمدنية. وتلك هي خلاصة نظرية التفاعلية الرمزية( فاعل، فعل، علاقة، بنية) هذا هو المجتمع ولا شيء خلف الستار.
وتلك هي خلاصة التجربة التاريخية التي تتميز بها الكائنات البشرية بعد أن تحولت من الحالة الطبيعية إلى الثقافة إذ إن كلمة ثقافة تطلق مجازاً على الجهد المبذول في سبيل تحسين العلوم والفنون وتنمية القدرات الفكرية ومواهب العقل والذكاء” وهي بهذا المعنى تتميز بجملة من السمات والوظائف منها:
1 – التهيؤ: كما هو الحال في التربية البدنية التي تهتم ليس بتمرين عضو معين من أعضاء الجسم الإنساني ففي رياضة كرة القدم لا يقتصر التمرين على القدمين أو الرأس فقط بل تهتم بتمرين وتهيئة الجسم كله وإكسابه اللياقة اللازمة للنشاط والطاقة والحيوية والحركة والاستدارة بمرونة ورشاقة. وهذا ينطبق على كل أنواع الفنون الرياضية من الفروسية إلى السباحة وكذلك هو الأمر مع تنمية وتأهل الذكاءات المتعددة في ذات الناشئة؟ ( الذكاء الوجداني والذكاء المنطقي الرياضي والذكاء الاجتماعي والذكاء البصري والذكاء الايقاعي الموسيقي والذكاء اللغوي والذكاء العضلي والذكاء الوجودي) ففي ذات كل إنسان طيف واسع من المواهب والقدرات المتعددة التي تستدعي التأهيل والتنمية. وتلك هي وظيفة الثقافة في بوصفها الراسمال الذي يبقى بعد نسيان كل شيءٍ! فالثقافة بوصفها استراتيجية للتنمية العقلانية المستدامة، تمنح الأفراد القدرة على استعمال جميع المعارف والمهارات المكتسبة لمجابهة الأوضاع المختلفة وحل المشكلات الجديدة؛ أي (الذكاء العاطفي) إذ (هي ما يبقى بعد نسيان كل شيء) والثقافة بهذا المعنى هي تجسيد لمفهوم الهابيتوس عند بيبر بورديو بوصفها نسقا من الاستعدادات المُكتسبة بالتربية والممارسة الاجتماعية التي تحدد سلوك الفرد ونظرته إلى نفسه وإلى الآخرين والحياة و الكون، وهو أشبه ما يكون بطبع الفرد أو بالعقلية التي تسود في الجماعة، لتشكل منطق رؤيتها للكون والعالم. ووفقاً لهذا التصور، يعد «الهابيتوس» جوهر الشخصية والبنية الذهنية المولدة للسلوك والنظر والعمل، وهو في جوهره نتاج لعملية استبطان مستمرة ودائمة لشروط الحياة ومعطياتها عبر مختلف مراحل لوجود، بالنسبة للفرد والمجتمع. والتربية الفلسفية العقلانية السليمة لا تهتم بتنمية وتأهيل ملكة واحدة من ملكات الذات الإنسانية بل تهتم بتنمية وتفعيل كل الملكات والمواهب والقدرات الكامنة في ذات الأطفال إي تكمن مهمتها الأساسية في الإفراج في كل طالب وطالبة عما يحول دون أن يكون ذاته/ ذاتها الإنسانية الناضجة، وفي أن تخوله أن يحقق ذاته بحسب خصائصه الفردية وقدراته واهتماماته ومواهبه الشخصية العميقة التي تختزنها ذاته/ ذاتها في أعماقها وكل ما تحتاجه هو منحه الفرصة والحريّة الكافية للتعبير عنها وتنميتها، وعندما نبلغ أعمق ما في الذوات  الفردية للناشئة فإن ذلك العمق هو بذات هو ما سوف يكون بنائيا خلاقا وناميا وجديرا بالقيمة والتربية والتنمية نحو الأفضل نفعاً وعدلا وجمالا وخيرا وكمالاً. وحينها تستطيع الجامعة أن تحقق مثلها الأعلى في تنمية وتنوير العقول إذ أن المثل الأعلى للجامعة لا يتمثل في منح الطلاب المعرفة بقدر ما يتمثل في منحهم القدرة على فهم واستخدام المعرفة التي اكتسبوها في سنوات حياتهم العشرين الأولى وبذلك تكون وظيفتها الجوهرية – الجامعة – هي العمل على تحويل معرفة الأولاد والبنات؛ التلميذات إذ تمنح الفتيان والفتيات القدرة على استعمال جميع المعارف والمهارات المكتسبة لمجابهة الأوضاع المختلفة وحل المشكلات الجديدة؛ أي تمنحهم (الذكاء العقلي والعاطفي) وتشكل ثقافتهم المستقبلية. بوصفها جوهر الشخصية والبنية الذهنية المولدة للسلوك والنظر والعمل.

-2 الاستيعاب؛ بمعنى استخدام المعرفة وتجريبها ذاتيا؛ لأن المرء لا يستطيع أن يتصرف بمعرفة ما إلا عندما يستوعبها ويجسدها في لغته وذهنه وخبراته وتجاربه الاجتماعية. فكل معرفة غير مستوعبة من الفاعلين الاجتماعيين تظل بالنسبة لهم خارجية وغريبة ومستبعدة من حياتهم. فالمعرفة لا تتحول إلى ثقافة إلا إذ توطنت في البنية الثقافية للمجتمع المتعين وصارت نسقًا أصيلًا في تفكيرهم وسلوكهم.
-3 الشمول؛ بمعنى القدرة على الربط العميق بين المعارف المستوعبة والموضوعات والقضايا التي تبدو متباعدة، والنظر إليها برؤية كلية قادرة على الجمع بين أجزاءها في نسق فكري ثقافي منطقي واضح ومقنع.
-4 الحكم؛ بمعنى القدرة على التجرد والتجريد الذي يعني في العلم (الحلم) وفي الفن (الذوق) وفي الأخلاق (الضمير) وفي الحياة (الفهم) ذلك هو هدف وغاية كل تعليم وتعلم، فإذا كان التعليم يعلم المعرفة فإن التعلم يعلم الفهم وبدون أن يفهم الناس المعرفة التي يدعون امتلاكها تظل معرفتهم بلا قيمة ولا جدوى. والعلم هو أن تعرف كل شيء عن شيء محدد ومتخصص في علم من العلوم بينما الثقافة هي أن تفهم شيء عن كل شيء تعرفه وهذا هو كل ما يمكن انتظاره من الثقافة، وبدون هذا الـ(كل) لا وجود لشيء جدير بالقيمة والاعتبار. لاشك بأن هناك علاقة عضوية بين العلم والثقافة، فالهدف الأساسي من التعليم والتربية هو خلق الإنسان السوي الحر القادر على مواجهة مشكلات مجتمعه وعصره بروح ايجابية وسعة أفق عقلانية مرنة وخلاقة تمنحه القدرة اللازمة على التعاطي الفعال مع واقعه وهويته وتاريخ مجتمعه وقيمه و تراثه في سياق حاضره و تحدياته المتغيرة باستمرار بما يجعله قادر على بناء مركب ثقافي علمي إنساني عقلاني جديد يمزج بين أصالة الماضي وحيوية الحاضر واستشراف المستقبل. وبذلك تكون الثقافة في جوهرها الإنساني التاريخي الإبداعي بوصفها ذلك الكل المركب الذي يشكل تفكيرنا وخيالنا وسلوكنا وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا وهي فضلا عن ذلك أداة لنقل السلوك ومصدر دينامي للتغيير والإبداع والحرية وتهيئة فرص الابتكار والمنافسات والمبادرات الفردية، وهي مصدر للطاقة والإلهام والتنوع والاختلاف والشعور بالهوية والانتماء ومن المعروف أن إي فعل أو سلوك إذا ما  تكرار يصير عادة وإذا ما ترسخت العادة صارت ثقافة! فلماذا لم يتحول العلم والتعليم في المجتمعات العربية الإسلامية إلى ثقافة؟ ربما كان جواب هذا السؤال يكمن في غياب تدريس الفلسفة للأطفال. 
تلك هي الخلاصة التي فهمتها من دراسة العلوم الاجتماعية والإنسانية بعيون فلسفية
ومن لديه إضافة أو تعديل فلا يبخل علينا.

The post بلغت سن الفلسفة.. لم أعد أتحير من السلوك والمواقف appeared first on بيس هورايزونس.

مشاركة الخبر: بلغت سن الفلسفة.. لم أعد أتحير من السلوك والمواقف على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

مقاتلة للاحتلال تقصف منزلا بمخيم جنين واستشهاد مقاوم شاهد

مقاتلة للاحتلال تقصف منزلا بمخيم جنين واستشهاد مقاوم شاهد

منذُ 18 دقائق

دمرت مقاتلة للاحتلال منزلا في مخيم جنين في عملية استهدفت اغتيال مقاوم في كتيبة...

تحقيق مثير يكشف المعتدين على طلاب الجامعات المؤيدين لفلسطين بأمريكا شاهد

تحقيق مثير يكشف المعتدين على طلاب الجامعات المؤيدين لفلسطين بأمريكا شا...

منذُ 18 دقائق

كشفت تحقيق صحفي عن هويات عدد من المعتدين على طلبة الجامعات المعتصمين في...

بعد مسيرة دامت 8 سنوات المصري النني يعلن رحيله عن أرسنال

بعد مسيرة دامت 8 سنوات المصري النني يعلن رحيله عن أرسنال

منذُ 18 دقائق

أعلن النجم الدولي المصري محمد النني رحيله عن فريق أرسنال الإنجليزي لكرة القدم نهاية الموسم الحالي بعد مسيرة امتدت 8...

انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين

انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين

منذُ 24 دقائق

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي خطر الانهيار والإفلاس بشكل ملح وسط أزمة سيولة خانقة وتداعيات كارثية...

استحملت اللى مفيش جبل يستحمله نجمة مسلسل جعفر العمدة جورى بكر تعلن انفصالها
استحملت اللى مفيش جبل يستحمله نجمة مسلسل جعفر العمدة جورى بكر تعلن انف...
منذُ 28 دقائق

أعلنت الفنانة المصرية جوري بكر انفصالها عن زوجها للمرة الثانية خلال عام وذلك عبر صفحتها الشخصية على موقع إنستجرام ونشرت ...

الهلال يرفض السقوط والنصر يخدش كبرياء البطل
الهلال يرفض السقوط والنصر يخدش كبرياء البطل
منذُ 29 دقائق

رفض الهلال التعرض لأول خسارة في الدوري السعودي للمحترفين هذا الموسم بعدما خطف تعادلا قاتلا من غريمه ومضيفه النصر 11 على...

widgets إقراء أيضاً من هورايزونس

همسة يا شركة سبأفون
الماجستير بامتياز للباحثة نجلاء عبدالرحمن عبدالله أبو طالب من كلية الحاسبات والمعلوماتية بجامعة ذمار
بازار رائدات الأعمال في الشمايتين جنوب تعز
البلاد