"غزّة حجر الزاوية" لجوني منصور.. القضية الفلسطينية بعد 7 أكتوبر
ليس ما بعد السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023 مثل ما قبله. كثيراً ما ترِد هذه العبارة للإشارة إلى التحوُّلات الكبيرة التي أحدثتها عملية "طوفان الأقصى"، وما تبعها من حرب إبادة جماعية يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزّة منذ أكثر من سبعة أشهر، ليس في فلسطين والمنطقة فحسب؛ بل في العالَم بأسره.
هذه التحوُّلات لم تقف عند الجوانب السياسية والميدانية لكلّ ما له علاقة بـ القضية الفلسطينية، بل تعدّتها إلى المستويات الفكرية والمفاهيمية، والتي تجلّت في الكمّ الكبير ممّا أُنتج، خلال الأشهر السبعة الماضية، ولا يزال يُنتَج، من نقاشات وحوارات ومقابلات وأفكار انخرط فيها مفكّرون وأكاديميّون ومثقّفون وفنّانون وسياسيّون وعسكريون، عبر وشبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية.
في كتابه "غزّة: حجر الزاوية"، الذي يصدر قريباً عن "المؤسَّسة العربية للدراسات والنشر"، يُحاور المؤرّخ والأكاديمي الفلسطيني جوني منصور عدداً من كُتّاب تلك النصوص من وجهات نظر تاريخية وسياسية وفكرية، ليفتح باب مناقشة مستقبل القضية الفلسطينية "التي أرادت بعض الجهات أنْ تلفظ أنفاسها، وإذ بغزّة تُعيدها إلى الواجهة"، وفق تعبيره، مثلما يفتح الباب على "أهمّية بل ضرورة إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني".
ويلفت جوني منصور، في الكتاب الذي قدّم له المؤرّخ إيلان بابيه، إلى تشكُّل "قاموس مفاهيمي لمصطلحات وتعريفات قديمة-جديدة، أثارت المزيد من الحوارات السياسية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية"، مضيفاً أنّ "غزّة التي تواجه حرباً غير مسبوقة في التاريخ البشري تُحدث التغيير آنيّاً ومستقبلياً، ويبدو واضحاً أنّ تحوُّلات جذرية مُتوقَّع حصولها".
من جهته، يُشير الكاتب الفلسطيني عادل سالم، في كلمة الغلاف، إلى أنّ الكتاب يُضيء على "توجُّهات سياسية متباينة حول غزّة، ويحاور أفكاراً وطروحات مختلفة، تُشغل فكر وسلوك حكومات وسياسيّين ومفكّرين وشعوب، بأسلوب يأخذ بعين الاعتبار أهمّية الجوانب التاريخية المرافقة للقضية الفلسطينية منذ قرن ونيّف".
ويصف سالم السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023 بالمحطّة المفصلية في تاريخ الفلسطينيّين؛ إذ كشف عن جملة من الحقائق من بينها إمكانية هزيمة المشروع الصهيوني إذا امتلكت الشعوب زمام أمرها، وحجم التأييد العالمي للقضية الفلسطينية والردّ على المجازر الوحشية التي أقدمت عليها "إسرائيل" ضدّ الشعب الفلسطيني في غزّة وتدمير بنيتها التحتية، وانقسام العالم العربي بين مطبّعين ومتصهينين يدعمون الاحتلال علناً، وبين مناصرين لفلسطين وشعبها السائر نحو حرّيته، إضافةً إلى حجم المشاريع الاستعمارية التي تعمل "إسرائيل" على تحقيقها في المنطقة، مضيفاً، في هذا السياق، أنّ المجازر التي ترتكبها إنّما تهدف لتفريغ غزّة من سكّانها ضمن مشروع اقتلاعي يتّسق مع الفكر الاستعماري الصهيوإسرائيلي.
يُذكَر أنّ جوني منصور مؤرّخ ومحاضر في موضوع التاريخ، من مواليد عام 1960 في حيفا بفلسطين المحتلّة، حيث يقيم اليوم. صدر له العديد من الكتب والدراسات من بينها: "رؤية معاصرة لحياة وأعمال المطران غريغوريوس حجّار" (1984)، و"شوارع حيفا العربية" (1989) و"أسماء ومصطلحات في تاريخ العرب والشرق الأوسط الحديث" (1990)، و"مسافة بين دولتين" (2004)، و"الاستيطان الإسرائيلي" (2005)، و"الخط الحديدي الحجازي" (2008)، و"إسرائيل الأخرى، نظرة من الداخل" (2009)، و"معجم الأعلام والمصطلحات الصهيونية والإسرائيلية" (2009)، و"المؤسّسة العسكرية في إسرائيل" (2010)، و"خارطة حيفا العربية" (2014)، و"حيفا الكلمة التي صارت مدينة" (2015)، و"يوم الأرض" (2016)، بالإضافة إلى العديد من المقالات والبحوث التاريخية المُحَكّمة.
مشاركة الخبر: "غزّة حجر الزاوية" لجوني منصور.. القضية الفلسطينية بعد 7 أكتوبر على وسائل التواصل من نيوز فور مي