ماذا سيقرر نتنياهو

ماذا سيقرّر نتنياهو؟

تم نشره منذُ 1 اسبوع،بتاريخ: 06-05-2024 م الساعة 02:54:09 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-2088017.html في : اخبار سياسية    بواسطة المصدر : العربي الجديد

في انتظار القرار بشأن صفقة تبادل المخطوفين بين إسرائيل وحركة حماس، تبدو إسرائيل في ضوء آخر زيارات المسؤولين الغربيين لتل أبيب، وتصريحات زعمائها السياسيين وقادتها العسكريين، وما تنشره صُحفها ومراكز الأبحاث فيها، أمامَ مرحلةٍ مصيريةٍ حاسمةٍ ستُحدّد مستقبلها في المنطقة. والقرار حالياً في يد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي عليه أن يختار بين القبول بالشروط الواردة في المقترح المصري لصفقة تبادل الأسرى، وبالتالي يُؤجّل عملية الاقتحام العسكري لرفح، أو رفض الصفقة وشنّ العملية التي كثر الحديث عنها على رفح، والتي في رأيه ستؤدي إلى "النصر المطلق"، وهي عملية إن جرت ستسبّب كارثة لأكثر من مليون فلسطيني موجودين حالياً هناك.
وإلى حين اتخاذ نتنياهو قراره، يبدو الجمهور الإسرائيلي واقعاً بين تيارين سياسيين مُتعارضين: اليمين القومي المُتطرّف، الذي يعتمد عليه الاتئلاف الحكومي، والذي يدعو إلى عدم وقف الحرب، وإلى اقتحام رفح مهما كان الثمن. ويتشكل دعاة هذا التيار من مناصري الأحزاب القومية المُتطرّفة من المتدينيين المُتشدّدين وجمهور المستوطنين، وبعض أعضاء حزب ليكود، وهؤلاء، بحسب أحدث استطلاع رأي نشرته أخيراً الصحف الإسرائيلية، توازي قوّتهم 50 مقعداً في الكنيست الإسرائيلي من مجموع 120 مقعداً. أمّا التيار المُعارض للعملية العسكرية في رفح، والمؤيّد لصفقة تبادل للأسرى، فيتألّف في الصعيد الشعبي من عائلات المخطوفين الإسرائيليين والمؤيّدين لها، ومن مناصري الاحتجاج ضدّ الانقلاب الدستوري، الذي سبق الحرب على غزّة، بالإضافة إلى أحزاب المعارضة الإسرائيلية من الوسط واليسار، التي بحسب الاستطلاع الأخير تبلغ قوتهم السياسية ستين مقعداً في الكنيست.

يخوض نتنياهو حرباً ضدّ كلّ الشعب الفلسطيني، وبصورة أساسية ضدّ فكرة دولة فلسطينية يمكن أن تشكّل إطاراً لتسوية سياسية ممكنة في "اليوم التالي" للحرب

ما يشوّش الصورة العامة لما يريده فعلاً الإسرائيليون اليوم، بعد مرور قرابة سبعة أشهر من الحرب، هو الدعاية التي تسوّقها الأبواق المُؤيّدة لنتنياهو، التي تحاول أن تصوّر مُعارِضي اجتياح رفح حفنة من الانهزاميين اليساريين الذين يعرّضون أمن إسرائيل للخطر. بالإضافة إلى الدور الذي يلعبه أنصار اليمين القومي المسياني، الذي لديه أجندة تختلف عن أجندة نتنياهو، فالهدف الحقيقي الذي يسعى له كلّ من زعيم حزب اليهودية الدينية، وزير المال بتسلئيل سموتريتش، وزعيم حزب قوة يهودية، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ليس القضاء على ما بقي من كتائب "حماس" في رفح فحسب، بل أيضاً، طرد كلّ الفلسطينيين خارج القطاع، وإعادة الاستيطان اليهودي في غزّة وبناء "غوش قطيف" من جديد، وإصلاح "الخطأ التاريخي" الذي ارتكبه رئيس الحكومة الإسرائيلية آرييل شارون في 2005،  بقراره الانفصال عن غزّة، بصورة أحادية، وتفكيكه المستوطنات اليهودية التي كانت هناك. هذا هو الحلم الحقيقي لهؤلاء، وهم لا يبالون بالثمن الذي يمكن أن تدفعه إسرائيل لتحقيق هذه الأحلام الوهمية المُدمّرة.
وفي الواقع، سياسة التخويف والتفريق والشرذمة، والتحريض على العرب والفلسطينيين، التي مارسها بنيامين نتنياهو طوال سنوات حكمه، بالإضافة إلى إدارته الحرب في غزّة، ليس بوصفها حرباً ضدّ "حماس" التي تجرّأت ووجهت صفعة موجعة إلى العنجيهة الإسرائيلية من خلال احتلالها المستوطنات في غلاف غزّة، بل هو يخوض حرباً ضدّ كلّ الشعب الفلسطيني، وبصورة أساسية ضدّ فكرة دولة فلسطينية يمكن أن تشكّل إطاراً لتسوية سياسية ممكنة في "اليوم التالي" للحرب، ذلك كله يجعل من حرب غزّة لا نهائية وبلا أفق، وهي تعبّر عن عجز نتنياهو الكامل عن إدراك استحالة القضاء على مشكلة الاحتلال الإسرائيلي، وحقّ الفلسطينيين في دولة مستقلّة، بواسطة القوّة العسكرية فقط.

اعتبار مهم في نظر نتنياهو هو المحافظة على قاعدته الشعبية التي هي يمينية معادية للفلسطينين عموماً، بعد سنوات من التضليل والتحريض والادّعاء

ومع ذلك، يمكن تصنيف أولويات نتنياهو في اتّخاذ قراره التاريخي المنتظر على النحو الآتي: بالدرجة الأولى مصيره السياسي والإرث الذي سيتركه وراءه: هل سيذكره التاريخ بوصفه رئيس الحكومة الذي شهدت إسرائيل في أيامه أكبر وأخطر اخفاق استخباراتي وعسكري، وخاض حرباً استمرّت أشهراً طويلة من دون أن يحقّق الأهداف المستحيلة التي وضعها لها، وسبّب أكبر أزمة في العلاقات مع أهمّ حليف استراتيجي لإسرائيل هو الولايات المتحدة، وسبّب عزلة دولية لإسرائيل؟ أم سيذكرُه التاريخ رئيساً للحكومة تمكّن من إنقاذ ماء وجه إسرائيل في المواجهة غير المتكافئة، التي يخوضها أكبر وأقوى جيش في المنطقة، ضدّ حركة عسكرية صغيرة نسبياً، تتحرّك في مساحة جغرافية ضيقة، بموارد وعتاد محدودين، من خلال التوصّل إلى صفقة تعيد المخطوفين وتشكّل مدخلاً للبحث عن حلّ سياسي للخروج من الحرب المدمّرة؟ 
الاعتبار الثاني المهم في نظره هو المحافظة على قاعدته الشعبية التي هي يمينية معادية للفلسطينين عموماً، بعد سنوات من التضليل والتحريض والادّعاء من نتنياهو بعدم وجود شريك فلسطيني للتفاوض معه، والمحاولات التي لا تنتهي لإضعاف السلطة الفلسطينية وزرع الفرقة بينها وبين "حماس". أصبحت هذه القاعدة اليمينية حالياً أكثر تطرّفاً، ويتخوّف نتنياهو من أن تستقطب الأحزاب القومية المُتطرّفة هذه القاعدة في الانتخابات المقبلة. وبهذه الطريقة، يكون نتنياهو قد حوّل إيتمار بن غفير، الذي كان قبل تبنّي نتنياهو له، شخصية هامشية مثيرة للجدل وذات ماضٍ جنائي، إلى زعيم قومي يقود تياراً من اليهود المسيانيين الذين يحلمون ببناء الهيكل الثالث وطرد الفلسطينيين. أليس هو من قال محتجّاً على العدد الكبير من الأسرى الفلسطينيين بعد حرب غزّة: "ألم يكن من المُمكن تخفيض عددهم بقتل بعضهم؟".

رهان نتنياهو على أنّ موقف الإدارة الأميركية الحالي الداعي إلى القبول بالصفقة وعدم دخول رفح سيتبدّل بعد أشهر معدودة

ها هو نتنياهو يحصد شرّ ما زرعه، وها هو قد أصبح أسيراً في يد اليمين القومي الذي يريد إطالة أمد الحرب. هناك أولوية أخرى، هي التهرب من المساءلة والتحقيق بشأن مسؤوليته عن الإخفاق الإسرائيلي في 7 أكتوبر. لكن نتنياهو يعرف جيّداً الثمن السياسي والاقتصادي لإطالة أمد الحرب من خلال رفض صفقة تبادل للمخطوفين، فهو يعي ما يعانيه الاقتصاد الإسرائيلي من ارتفاع عجزالميزانية، الذي أدّى إلى خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، وأزمة الارتفاع في غلاء المعيشة، وتخصيص موارد الدولة للمجهود الحربي، والحاجة إلى إعادة إعمار المستوطنات التي دُمّرت جرّاء هجوم 7 أكتوبر، ودعم سكان المستوطنات الذين أُجلوا عنها بالقرب من الحدود مع لبنان، وهو مدرك لتبعات هجرة الشركات الناشئة جراء الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، وكذلك هجرة الأطباء ورجال الأعمال، وهروب الاستثمارات الأجنبية لانعدام الاستقرار الأمني والتهديدات بتوسّع القتال إلى حرب شاملة. 
 بالطبع، هناك رهان نتنياهو على أنّ موقف الإدارة الأميركية الحالي الداعي إلى القبول بالصفقة وعدم دخول رفح سيتبدّل بعد أشهر معدودة، لأنّها ستنشغل بالمعركة الرئاسية، ولن تكون مُتفرّغة لمعالجة حرب غزّة، وربما يأمل نتنياهو أيضاً عودة ترامب إلى البيت الأبيض لتغيير التوجّهات الأميركية، رغم عدم ثقته بمزاجية ترامب، الذي يحقد عليه لأنّه هنأ بايدن، بينما كان ترامب يخوض معركةً للتشكيك في نتائج الانتخابات.
يعلم نتنياهو أنّ ما هو مطروح اليوم يتجاوز كثيراً مصالحه السياسية الضيّقة، ورغبته في التمسك بمنصبه، وأي قرار يتّخذه في الأيام المقبلة ستكون له تداعيات كبيرة على إسرائيل بالدرجة الأولى، وسيكون الاختبار الأخير لزعامته السياسية.

مشاركة الخبر: ماذا سيقرّر نتنياهو؟ على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

تشكيل الأهلي أمام الترجي التونسي في دوري أبطال أفريقيا

تشكيل الأهلي أمام الترجي التونسي في دوري أبطال أفريقيا

منذُ 21 دقائق

أعلن مارسيل كولر المدير الفني للأهلي تشكيل الفريق لمباراة الترجي في ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا والمقرر لها العاشرة...

أبو عبيدة في تصريحات جديدة نتنياهو يفضل أن يقتل جنوده

أبو عبيدة في تصريحات جديدة نتنياهو يفضل أن يقتل جنوده

منذُ 22 دقائق

أكد الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة أن قيادة العدو تزج بجنودها في أزقة غزة ليعودوا في نعوش من أجل البحث عن...

أسعار الفضة تصل إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من 10 أعوام

أسعار الفضة تصل إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من 10 أعوام

منذُ 22 دقائق

أغلقت الفضة تعاملات الجمعة مرتفعة بنسبة 65 بالمئة عند 3149 دولارا...

شتوتغارت يضرب برباعية وينتزع وصافة الدوري الألماني من بايرن ميونيخ

شتوتغارت يضرب برباعية وينتزع وصافة الدوري الألماني من بايرن ميونيخ

منذُ 22 دقائق

انتزع فريق شتوتغارت المركز الثاني في الدوري الألماني لكرة القدم من بايرن ميونيخ عقب فوزه على بوروسيا مونشنغلادباخ...

نتائج مبشرة لبروتين مبتكر يمكن أن يصبح بديلا للسكر
نتائج مبشرة لبروتين مبتكر يمكن أن يصبح بديلا للسكر
منذُ 22 دقائق

ابتكر علماء تكنولوجيا حيوية الروس بروتينا حلوا يسمى برازين يمكن أن يحل محل السكر في المنتجات التقليدية مستقبلا وهو الآن ...

بعد انتقاده أبناء حفتر ما تداعيات اختطاف برلماني ليبي في شرق البلاد
بعد انتقاده أبناء حفتر ما تداعيات اختطاف برلماني ليبي في شرق البلاد
منذُ 22 دقائق

أثارت حادثة اختطاف عضو مجلس النواب الليبي عن بنغازي إبراهيم الدرسي من منزله ردود فعل محلية ودولية وتساؤلات حول مصيره...

widgets إقراء أيضاً من العربي الجديد

داني أولمو يعود إلى دائرة اهتمام ريال مدريد
اليونيفيل إصابة جندي حفظ سلام الليلة الماضية بعد تعرض دورية تابعة لنا لهجوم من قبل مجموعة شباب في بلدة الطيبة جنوبي لبنان
مخيم النصيرات الأهالي يخشون تدميره واحتلاله وتقسيم قطاع غزة
تركيا تزيد وارداتها من القمح الروسي للتصنيع وإعادة التصدير