مبادرات تطوعية لمساندة أهالي غزة خلال حرب الإبادة
تدفع الأوضاع المجتمعية والنفسية والصحية السيئة في قطاع غزة العديد من الشبان الفلسطينيين إلى تنظيم فعاليات ومبادرات من شأنها التخفيف من قسوة الواقع الذي تسبب فيه العدوان الإسرائيلي المتواصل، وتتزامن تلك المبادرات التطوعية مع واقع صعب فرضه العدوان الذي تسبب باستشهاد وفقدان وإصابة أكثر من مائة ألف فلسطيني، وتدمير أكثر من 72% من الوحدات السكنية، علاوة على إغلاق المعابر ومنع دخول المواد المعيشية الأساسية.
يتفاعل المعلم والمبادر المجتمعي مهند أبو حزيمة مع عدد من الأطفال عبر مجموعة من الأنشطة الحركية التي تعتمد على التعليم النشط، والذي يحاول الدمج بين الأنشطة التعليمية والحركية، في مسعى لإبقاء الأطفال على تواصل مع العملية التعليمية، ولكن بطابع ترفيهي يخفف من وطأة أوضاعهم النفسية الصعبة بسبب طول أمد الحرب.
يقول أبو حزيمة لـ "العربي الجديد" إنه أطلق مبادرة "نحن نحب القراءة" بعد التوقف الكامل للعملية التعليمية بسبب الحرب، وتهدف المبادرة إلى تعزيز مهارة القراءة والكتابة والحساب لدى الأطفال من خلال آلية "التعلم باللعب"، مع توظيف الفنون والموسيقى والأنشطة الحركية والتنشيطية والترفيهية.
ويلفت إلى أن "الأنشطة التي تتضمنها المبادرة تستهدف الأطفال من ست إلى 15 سنة، وتبدأ بدائرة الإحماء التي تتضمن أنشطة حركية وأنشطة التفريغ النفسي، والأغاني الفلسطينية والطفولية، يليه نشاط المطالعة الحرة، والذي يتم من خلاله عرض القصص على الأطفال الذين يقومون باختيار العنوان، وبعد الانتهاء من القراءة، يتبادل الأطفال الحديث عن القصة".
وتتضمن الأنشطة "عباءة الخبير"، وهو نشاط درامي يسمح للأطفال بكتابة قصص من وحي خيالهم يعبرون فيها عن الأفكار التي تدور بعقولهم، خاصة في ظل انشغال الأهالي بالأحداث التي يتسبب فيها العدوان، إلى جانب حالة النزوح المتواصلة. ويبين أبو حزيمة أن "الأنشطة التطوعية تتعرض كغيرها من الفعاليات إلى معيقات، من أبرزها حالة النزوح المتواصل بسبب التهديدات الإسرائيلية المتلاحقة، وقد اضطررنا للنزوح من مدينة رفح، والتي شهدت ميلاد فكرة المبادرة، نحو مركز إيواء في مدينة خانيونس".
مبادرات تعليمية وترفيهية تقاوم آلة الحرب الإسرائيلية
يهتم المتطوع الفلسطيني يحيى الشوبكي بالتنسيق مع الأهالي لتجميع الأطفال للمشاركة في الأنشطة التفاعلية، ويوضح أن المبادرة بعد انتقالها من رفح إلى خانيونس، شهدت إقبالاً يتراوح بين 50 إلى 60 طفلاً، لكن تواصل أنشطتها بشكل يومي أوصل العدد إلى قرابة 120 طفلا. مضيفاً لـ "العربي الجديد"، أن "محاولات الاحتلال تدمير العملية التعليمية واضحة، إذ استهدف المناهج التعليمية قبل الحرب، وكان يعمل على تحريفها، واستهدف خلال الحرب نحو 75% من المدارس. الإرادة الفلسطينية أقوى من إرادة الاحتلال، وتم تخصيص العديد من الخيام في مراكز اللجوء لمواصلة التعليم".
وتستهدف بعض المبادرات الجانب الصحي، إذ يقوم أطباء وممرضون بزيارة المرضى والجرحى في بيوتهم وخيامهم في ظل حالة الشلل شبه التام في المنظومة الصحية بفعل طول أمد الحرب.
يقدم الطبيب الفلسطيني أيهم مسعود خدماته بالمجان للجرحى والمرضى النازحين، ويقول بعد زيارته عدداً من المرضى داخل خيام المنطقة الغربية لمدينة دير البلح، إن الأجواء الحارة تزيد من صعوبة العيش داخل الخيام، وإنه بدأ نشاطه قبل ثلاثة أشهر بالتزامن مع نزوحه الرابع، إذ انتقل من مدينة غزة نحو المنطقة الوسطى، ثم إلى رفح جنوباً، ورجع إلى مدينة دير البلح بفعل التهديد الإسرائيلي ببدء العملية العسكرية في رفح.
يؤكد مسعود: "بدأت المبادرة انطلاقاً من واجبي الوطني والإنساني تجاه أبناء شعبي الذين يعانون في ظل سوء الواقع الصحي من جراء الاستهداف الإسرائيلي للمستشفيات والمراكز الصحية وسيارات الإسعاف، وإغلاق المعابر، ومنع دخول الوقود والأدوية والمستهلكات الطبية".
وتتعدد أشكال ومهام المبادرات التطوعية، فتسعى المبادرات التعليمية إلى الحفاظ على استمرار رحلة الأطفال التعليمية في ظل توقف المدارس، أو تحولها إلى مراكز إيواء، بينما تسعى المبادرات الإنسانية والإغاثية إلى توفير بعض مقومات الحياة الأساسية في ظل النقص الحاد بالمساعدات الإنسانية، فيما يتجه البعض إلى زراعة بذور الخضروات الأساسية في محاولة لتوفيرها بعد قصف الطائرات الحربية للأراضي الزراعية، وإفساد المواسم الزراعية.
ويسعى عدد من المتطوعين إلى تنفيذ فعاليات ترفيهية داخل مراكز الإيواء وأماكن تجمع الخيام للترفيه عن الأطفال في ظل تردي أوضاعهم النفسية بسبب معايشتهم تفاصيل الحرب، إلى جانب عدد من المبادرات الفنية الخاصة بالتفريغ النفسي عبر الموسيقى والرسم.
مشاركة الخبر: مبادرات تطوعية لمساندة أهالي غزة خلال حرب الإبادة على وسائل التواصل من نيوز فور مي