د. العطوي: المعرفة مجال رحب للبحث ولا تعريف موحدًا لها

قال الكاتب والأديب الدكتور مسعد العطوي: إن الإنسانية الشمولية تُطلَق على الجنس البشري بكافة خصائصه، وأن هذا المصطلح من الإنسانية هو الذي يحمل العقل، والغرائز البشرية والأحاسيس أي ما خلقها الله لكل فرد من البشر أي ما تشترك فيه البشرية عامة أو قل الغرائز التي تعمل بأمر الله ثم يوظفها العقل كيف يشاء بحسب بث خزائنه المعرفية وقدراته ووعيه بالبصر وبصيرته والسمع وإدراكه ومن ثم تتفاوت نتائج تحصيله.

وأضاف العطوي في تغريده له عبر x: الإنسانية القيمية هي التي تحمل القيم والسلوكيات والوجدان الموجه من الروح والتي تستقي بالإيمان المتزايد بالمعارف الربانية والقيمية الأخلاقية فرع من الإنسانية العامة، وهو خاص بتفاعل البشر مع أخيه الإنسان ومع الطبيعة عامة، ومن علم القيم وعلم الأخلاق والسلوكيات وهي التي تتفاعل مع الذات والغير في الأحوال الحرجة لتعينه على تجاوزها.

‏وأضاف الدكتور مسعد: هناك الإنسانية المعرفية: وهي التي تُدرك الأشياء بالبرهان والتجارب وتحمل الوعي وتتعلم المعرفية العلمية والمنطقية والمنهجية وتستنبط التجارب والأعمال وتستنتج الحقائق.

ويكشف الباحث عن ماهية المعرفة وتفاعلها مع الإنسان وإنسانيته، الأمر الذي صير المعرفة متعالقة مع سائر مفاهيم الإنسانية‏ (المعرفة هي الإدراك، وفهم الحقائق من خلال التفكير المجرّد، أو من خلال اكتساب المعلومة عبر التجارب أو الخبرات، أو التأمّل في مكنونات الأمور، أو التأمّل في الذات، أو الإطّلاع على تجربة الآخر وقراءة استنتاجاته، وترتبط المعرفة بالبديهة، وكشف المجهول، والتطورات التقنية. 

وعن مفهوم المعرفة أبان قائلاً: لغةً هي من العُرف مضاد النكر، والعرفان مضادّ للجهل، كما وردت المعرفة والعرفان بمعنى العلم بالأمر والسكون له، واستخدمها الزمخشري بمعنى المجازاة وذلك في قوله: لأعرفن لك ما صنعت، بمعنى لأجازيك به، واستخدمت كلمة المعرفة للدلالة على الشيء العالي والطيب، كأن يقال هذا الإنسان غرُّ المعرفة أي تطيب معرفته. 

والمعرفة تحصل بعد العدم، ويكون العدم بسبب الجهل بالأمر أو نسيانه واختفائه من الذهن، وبالمعرفة يكمن تمييز الشيء عما يشبهه أو يختلط به.ويشير العطوي إلى أن مفهوم المعرفة اصطلاحاً هي العلم بذات الشيء وتفصيله عما سواه، والمعرفة تستخدم للدلالة عما تمّ الوصول إليه بتدبير وتفكير، وتستخدم في الدلالة على الأمر الذي تدرك آثاره لا ذاته، كأن يقال: عرفت الله، ويرى أكثر الجمهور أنّ أصل المعرفة يحصل ضرورياً وفطرياً، ويمكن أن يحتاج إلى الاستدلال والتمعّن به، بينما يرى بعضهم أنّها مكتسبة، ولا يمكن وقوعها ضرورةً لارتفاع الكلفة.

‏ويقول العطوي: في حقيقة الأمر لا يوجد تعريف واحد وموحد للمعرفة، باعتبار أن هذا العلم “علم المعرفة” لا يزال محل بحث وتطوير من قبل الخبراء، والمعرفة غريزة في تكوين الإنسان ومحورها الأول هو العقل فهل العقل يغوص ليصل إلى البرهان أم أنه يبصر ويتبصر بدرجات متفاوته؟ وكل هذه لها أثرها على إنسانية الإنسان فأي ثقافة ثقل وزنها؛ فهي بمثابة نداء الاستهواء لصاحبها؛ فإذا الدرس الإيماني تكاثف والوعي به والقناعة العقلية تعالت درجاتها بالمعارف؛ فإن صاحبها يستلهم المعرفة والوعي بها، وتتشكل في مسيرة حياته، وكذلك إذا هيمن التأمل والبرهان والاستنتاج، فإن العقلية تهيمن، وإذا صبغ الإنسان نفسه بالغفلة؛ فتمر عليه الأشياء مرّ السراب، وتارة مرّ السحاب. وقد ذكر الله هذه المراحل في آياته (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا) فالبرهان وعاؤه العقل، ثم تأتي المعرفة التي يحتويها القرآن، ثم تأتي البركة والقبول من الله؛ فيجعل العقل يتأملها ويعي بها ثم يمنحه نتيجتها وتكون بركة العمل للجميع إذا أراد الله، لكن الله منح المسلم فضائل خاصة فقال بعد الآية الأولى مباشرة (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا).

‏ومنها حاول المثقفون الذين تمازجت ثقافتهم أن يقاربوا بين مفهوم المعرفة الإنسانية: تقول خولة مقراني من مقال تاريخي تحليلي: ‏(جاءت فكرة أنسنة المعرفة كوسيلة للاعتراف بالقيمة والأهمية الخاصة للإنسان في عملية المعرفة والعلم. من أجل التركيز على البعد الإنساني والروحي والثقافي للإنسان في عملية توليد وفهم العلوم، والتأكيد على أن الإنسان ليس مجرد مستهلك للمعرفة أو أداة في عملية البحث والتطوير، بل هو الفاعل الرئيس الذي يمنح المعرفة قيمتها واتجاهها، ويتم ذلك من خلال التركيز على القيم والأخلاق الإنسانية، والاعتراف بأن للإنسان بعدا روحيا وثقافيا يجب أن يؤخذ في الاعتبار في عملية المعرفة) ونحن لما نقرأ في الكتب السماوية نجد الإنسانية تشع من خلال قراءتها وأحاديث الرسل والأنبياء عليهم السلام ولما نستقرئ ونتأمل في الآيات القرآنية نذهل من كثافة المعاني الإنسانية.

مشاركة الخبر: د. العطوي: المعرفة مجال رحب للبحث ولا تعريف موحدًا لها على وسائل التواصل من نيوز فور مي