«ضي الزمالك» ينير صيف القاهرة بمختارات العرب
عبر حراك فني متنامٍ، وتأطير المشهد الفني الثري الذي يصدح بشروحات دينامية متفردة، انبرى أتيلية العرب للثقافة والفنون" ضي الزمالك"ليشكل منصة إقليمية للتنوير الفني، وعرض الطاقات الإبداعية والتجارب الشمولية الثرية المحفزة للتغيير، لتوفير البيئة الداعمة والمناخ المواتي الذي يبني جسور التواصل والشراكات العربية والتكامل الإيجابي، لتعزيز التواصل وتبادل الخبرات والأفكار وتسليط الضوء على مسيرة الفنانين وتعميق تجربتهم الفنية، لتحفيز مجتمع إبداعي مثمر، روافعه الإفادة من الممكنات الثقافية والخبرات الاحترافية الفنية.
بهمة نهضوية وعافية إبداعية وعزيمة صلدة، واستراتيجي مستقبلي وثقل فكري وثقافي وكاريزما، عكف "هشام قنديل" بشغف على تنظيم وإدارة وحشد المعارض الفنية المتخصصة ذات الثقل النوعي والثقافي والفني، لرواد الفن البصري المصريين والعرب، ودعم المواهب الواعدة الشابة والتجارب الجادة، والانحياز الداعم للإبداع، ليمتلك بذلك دورا راديكاليا مؤثر في المشهد الفني، وطموح إداري فطن لتنشيط الإبداع، وشحذ طرق التعبير والأفكار الفنية المستحدثة، وتجهيز الندوات والأمسيات الفكرية لنثر الوعي والذائقة البصرية.
وفي المحتفى الفني "مختارات العرب" أنار "ضي الزمالك" بأطروحات فنية اتسمت بالتنوع وشق روافد ترتمي لعلاقة ترابطية بين الفنان ومجتمعه وثقافته ومعالجاته التقنية والفكرية، بما يتوازى وأيديولوجيا العصر، وتدليل على قدرات الفنان الاستكشافية، وتعضيد الفهم المنضبط لطرق تناول الوسائط، لإبراز المعنى الدلالي للفكرة. ليحتفي العرض بتجارب فاعلة راسمه لبانوراما المشهد البصري في مصر والعرب، في حواريه بين رؤى وأفكار متعددة عربية جنبا الى جنب، بما يعرض المنهجيات الفكرية والتقنية والتناوع الفلسفي والمنهجي، داخل نسيج فني مترابط.
حيث استرداف التقنيات والوسائط التي تعزز الفعل الإبداعي والسياقي داخل العمل، استعراض التصورات الإبداعية التصويرية والمجسمة لرواد عرب، ناقشت أطروحاتهم جم الموضوعات الاجتماعية والثقافية والفكرية، والتي توازت مع أدوار فاعلة، لتلمس صدى بصري يترسخ في الأذهان والوجدانية، فجاءت أطروحات الفنان "فاروق حسني" كعلامة فارقة في الفن المصري المعاصر، لتغذية وإثراء وتخصيب التيار التقدمي في الفن البصري، عبر مقترحات تعبيرية ومفاهيمية مغلفة بأفكار مستحدثة وتموضع (كتلي وخطي ومساحي) تناغمي، يعلي المشاعر وفعل التعبير النابض، والخيال المحلق والبداهة الحسية، التي تؤسس لبلاغة بصرية، أطرت المستويات العظمى من القيم الجمالية والتعبيرية والفلسفية داخل العمق التصويري.
وبنائيات الرائد الكبير ذي الحضور الصيروري الفنان "عبد الرحمن النشار" الأكاديمي والفنان الاستثنائي عبر مشروعه الفني الذي استلهم الأشكال ذات النظم العضوية في انتظام رياضي مديولي، كمنطلق للتعبير وأطروحات فنية دشنت لاسترداف التراث وعناصره ليس كمقتطف متحفي وإعادة صياغة فقط، وإنما بتوظيف واع لفلسفة العناصر حضاريا، ومدلولاتها الرمزية والتعبيرية لتصدير عمق فكري مشبع بأحاسيس ومشاعر خاصة، وترجمته بوسائط الفنان. وكذلك أعمال الفنان "السيد قنديل" والذي يمثل الفن لديه ركيزة، ومنبع لتفجير الطاقة الحيوية الخلاقة، والباعث للأفكار، وترويض طاقات اللون، لتأطير نبض حيوي، يرتقي إلى التصوف داخل أعماله والتحدث بأريحية صادقة، لتلمس الهيئة القصوى الخالصة الصارمة التي تصدر روح الشكل.
وامتلكت تصورات (عبدالله إدريس، محمد الطراوي، السيد سعد الدين) لعناصر وكتل لونية تجبر المتلقي على التعمق والاستغراق في مشهد درامي يكثف توجه الفنان نحو قدرات السرد البصري المرتبط بالمحتوى الفكري وطرق التعبير الشاعرية في التناول. وكذلك التنوع الفكري لدى الفنان "أحمد نوار" والذي اتسم بقدرات تفجير الغنائية اللونية المندفعة من مزاج فني خاص منحاز لتصدير الحداثي والمشهديات البصرية ذات الهوية والخصوصية والحس الوجداني. بجانب الخطابات البصرية للفنان "صلاح عناني" والتي ارتكلت لطرح تمثيل فاعل معادل للحقيقة ورفض الذهنية لصالح رومانسيه النزعة الذاتية والتعبيرية الجياشة، واستنطاق المكنونات ومخزون الذاكرة الحسية.
واتسمت العوالم الخاصة المفعمة (لحلمي التوني، جميل شفيق، عمر النجدي) بالتراكيب الأثيرية لعناصر لصيقه ببيئتهم، مع الاحتفاظ بهوية وهيبة الأفكار والتعبير، وتشخيص محتوى فلسفي موجز يعزز دينامية الخطوط والكتل، وكذلك أعمال الفنان "فهد الحجيلان" ذلك النموذج الصادق الجاد ذو الرصانة المكينة في تسطير لغة بصرية تحتفي بقيمه البيئه والإرث الكنيز وقيمه الساحرة عبر تأملية مغلفة بروحانية تتوازى مع رهافة الحس، والإفصاح عن ذلك بنقائيه وتلقائية غير معقدة تؤصل لتفرد وشاعرية وقدرة فكرية، تربط بين الحسي والموضوعي. وأعمال (سعد الكعبي، بلال مقلد، عبدالرحمن مغربي) والتي استندت لتجسيد الأشكال عبر عدد محسوب من الخطوط التي تخلو من الصخب، وسيكولوجي اللون، بما يعلي سحر الشرق ورونقه ودلالاته، والالتحاف بهوية وطنية خاصة.
وشروحات الفنان "عادل ثروت" التي اعتمدت على تحرير اللون من سياقاته الاتباعية وتوظيفه في أنساق ومدارات نقاء وصفاء وكثافة الصورة حسيا ووجدانيا، وتعبئة مناخ ودراما العمل بأجواء شرقية، تهيم مفرداته فيها عبر تجانس لوني، تعززه حداثة فكرية تصدر أساليب تحفز ردود فعل تواصلية مع الأنساق الفكرية للفنان. وإبداعات الرائد"عبدالله نواوي" الشاعر والفيلسوف اللوني الذي سعى لتلمس القوى التعبيرية للألوان وتوافق شداتها مع الإحساس الكامل بداخل الفنان، لينطلق في جرأة لآفاق رحبة، اصطبغ فيها اللون بقيم عاطفية، ليدشن لنفسه مسارا ومنحنى راديكاليا رفيعا في ريادة الفن البصري السعودي.
وكذلك التنظيمات البصرية (لشاكر المعداوي، وميرفت الشاذلي) والتي لن تخضع لقانون المنظر الطبيعي بأبعاده المنضبطة، لصالح التركيز البصري والفهم الفلسفي والانغماس في إرث كنيز وبيئة يصدح بها الفن والإبداع. هذا إلى جانب الكتل النحتية الرصينة (لآدم حنين، سعيد بدر، كمال عبيد، السيد عبده سليم، طارق الكومي) ذات الكثافات في الاختزال التجريبي والتركيز الرمزي والتعبيري، وتعميق المعنى الدلالي والفكري للمنحوتة، بموازين حداثية رافدها الهوية والذاتية والبيئة، عبر مبعث جمالي باطني، ومعراج يسمو بالذات لحقيقة الجمال وفكرته، اتساقا مع مقومات المجتمع المعاصر.
*الأستاذ بكلية التربية الفنية المساعد-جامعة حلوان
من أعمال عبدالله إدريس من أعمال فهد الحجيلان من أعمال عبدالله نواويمشاركة الخبر: «ضي الزمالك» ينير صيف القاهرة بمختارات العرب على وسائل التواصل من نيوز فور مي